خبير عسكري: تكثيف حزب الله هجماته يضع جيش الاحتلال في حالة تأهب دائمة
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن زيادة حزب الله اللبناني من كثافة وحدة هجماته تضع جيش الاحتلال الإسرائيلي في حالة تأهب دائمة.
وفي وقت سابق، أعلن حزب الله اللبناني تنفيذه هجمات عدة على مواقع ومستوطنات للاحتلال، من بينها قصفه برشقة صاروخية مستوطنة كريات شمونة، وشنه هجوما بمسيرات انقضاضية على تجمع لعسكريين في مارون الراس.
وفي تحليل للمشهد العسكري، أشار حنا إلى أن حزب الله مع زيادته لكثافة هجماته في إطار مواجهته مع جيش الاحتلال، استهدف قاعدة تل نوف الجوية، وهي إحدى أقدم القواعد العسكرية في إسرائيل.
وأوضح أن هذه القاعدة، التي تضم الوحدة 669 المختصة بإجلاء المصابين من الجنود الإسرائيليين، تشكل استهدافا جديدا بنمط مختلف عن المواجهات المعتادة على الحدود.
وأشار العميد حنا إلى أن وتيرة الهجمات وتصاعدها، خاصة مع استخدام حزب الله لصواريخ بعيدة المدى ومسيرات انقضاضية في مناطق إستراتيجية مثل مارون الراس، تعكس مستوى متقدما من الجهوزية اللوجستية وتوفر المعدات لدى الحزب.
ويبدو أن هذا التصعيد يضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب دائمة، ما يضاعف التحديات الأمنية على الحدود الشمالية.
وأضاف حنا أن إسرائيل باتت تستنفر قواتها في الجليل، خاصة في المناطق التي تشهد تصاعدا في الاشتباكات، حيث يرصد الجيش أهدافا جوية متتالية وصواريخ منطلقة من الأراضي اللبنانية، وهذا يجعل السكان في حالة نزوح متكرر إلى الملاجئ.
استمرار التصعيدكما لفت إلى أن هذا الوضع أصبح معتادا لدى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لكن القلق يتصاعد مع استمرار التصعيد على طول الخط الأزرق.
وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعلنت دوي صفارات الإنذار اليوم الجمعة في أكثر من 50 مدينة ومستوطنة من شمال إسرائيل حتى وسطها، للمرة الثالثة منذ صباح اليوم، وأشارت إلى تحذيرات من اختراق مسيّرة الأجواء في القطاع الشرقي للحدود مع لبنان.
وأكد العميد حنا أن الجيش الإسرائيلي يسعى لفرض سيطرته على المناطق الحدودية عبر تعزيز وجوده في مناطق حساسة مثل كفر كلا والعديسة، لكن محاولات التوغل تواجه مقاومة من "حزب الله".
وأشار إلى أن حزب الله يحاول إبطاء تقدم الجيش الإسرائيلي من خلال توجيه ضربات باستخدام أسلحة بعيدة المدى، ما يمنع الآليات الثقيلة من التوغل في عمق الأراضي اللبنانية.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يتكبد خسائر كبيرة في المعدات الثقيلة حتى الآن، فإن التكلفة البشرية قد ترتفع بشكل كبير إذا قرر التقدم إلى القرى القريبة من الخط الأزرق.
وأسفرت حرب الاحتلال الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3102 قتيل و13 ألفا و819 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر/أيلول الماضي، وفق رصد الأناضول لأحدث البيانات الرسمية اللبنانية المعلنة حتى مساء أمس الخميس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی حزب الله فی حالة إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل هي خيمة دائمة؟
هل كان الفلسطيني، ابن الحضارة الأولى، باني أول مدينة في التاريخ، أريحا، قبل عشرة آلاف عام، بأنه سيعود إلى الخيمة، متنقلا بين منفى آخر، طلبا بما تجود عليه الأمم من "طحين وسردين"؟ هل كان في بال أبناء مدن فلسطين وحواضرها وقراها بأنهم سيعودون الى البدايات على يد غزاة وصفهم الشاعر سميح القاسم، بأنهم غزاة لا يقرؤون؟ ولكن، لأن السؤال ليس خبريا، بل إنشائيا، فلسنا بحاجة للإجابة عن هل بنعم أو لا، فإن ثمة إجابة أكثر بلاغة تمثلت بما بناه اللاجئون فيما تبقى لهم من حيّز، وفي كل فضاء وجدوه فرصة للبناء. لقد حمل اللاجئون طقوسهم، ومن ضمن ما حملوا في تنقلهم: الزراعة، فلا تكاد عيونهم ترى الأرض البور، حتى تتحول الى بساتين، فيا لجهل الغزاة وحمقهم حينما أرادوا تغييب الشعب الفلسطيني الشامي الكنعاني فازداد حضورا.
في معرض "طين وحديد"، الذي يصور عبر الرسومات والفيديو المصاحب، في مركز خليل السكاكيني برام الله، تطور الأشكال المعمارية- العمرانية، للفلسطينيين الشاميين، فإن للكبار ممن اختبر تلك البيوت المشيدة، وللصغار الذين وجدوها تراثا، فرصة لتأمل هندسة البناء حسب تطور الزمن، وحسب ممكنات البيئة بتأثير المناخ، والجغرافية وتيسر عناصر البناء، من البناء التقليدي الى البناء الحديث، أسوة بكل الوسائل المعيشية التي مرّت بالتطورات التكنولوجية، وصولا لما هو رقمي لم يكن على البال.
هي علاقة طبيعية بين البيت، وساكنيه، ذلك هو المكان والزمان، والحياة في منظوماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتلك هي البيئة الفلسطينية من غور وجبال وسهول وبرّ شرقي وبرّ غربي، وصحراء، التي جعلت سكان البلاد متوزعين على المدينة، والقرية، ومضارب البدو. لقد عاش معظم الفلسطينيين مزارعين، كأحفاد الكنعانيين، فيما عاش جزء مهم في المدن، أما البدو فكانوا يشكلون النسبة الصغرى، وهم تلك الفئة التي بقيت قريبة من طبيعتها في التنقل بحثا عن العشب والماء.
كان عماد حياة البدوي بيته "المنصوب"، من مواد بيئة، منها "شعر المواشي"، وما جادت به الطبيعة؛ فكان عمود الخيمة، وكانت الأوتاد. أما العمود فهو الرافع الأساسي "للشق" أي للخيمة، يتم دعمه ب “ركائز" هي مجموعة أعمدة أقصر من حيث الطول، لكن يظل العمود هو الأساس، فإن كان موجودا فمعنى ذلك بقاء الخيمة، أما إن تم تنزيله، فمعنى ذلك هو البدء في تنقل آخر، يمنح الشعراء قصائد قوامها ذكر الأطلال.
ما أثار تداعيات الذهن والروح هنا، في معرض "طين وحديد" هي المفارقة العمرانية، حينما وجد ساكنوا "الحجر" أنفسهم في العراء، وحيدين إلا من ظل شجر ربيع عام 1948، أو تجويفات "مغر" جمع مغارة، حتى حنّت الأمم عليهم بالخيم، جمع خيمة ليأووا إليها، ذلك الإيواء الصعب، الذي طيرت الخيم رياح شتاء ذلك العام وما تلاه من أعوام، وقلبتها، لتصبح السماء خيمة كبرى.
لقد ارتبطت الخيام، بمهجري عام 1948، ونازحي عام 1967، حيث ظن اللاجئون أنها آخر الخيام، لتستمر في ألم لآم العيش تحت الاحتلال، حيث أنه ما بعد عام 1967، حين أصبح فلسطينيو الضفة الغربية لنهر الأردن، وما سمي بقطاع غزة، تحت الاحتلال الإسرائيلي، قام الاحتلال بهدم عشرات الآلاف من البيوت كعقاب جماعي دفعا لهم للهجرة مرة ثالثة، ثم لتكون جريمة العصر في الحرب على غزة، حيث تم تدمير النسبة الكبرى من البيوت، في وقت صار تأمين خيمة إيواء معجزة، فصارت بيوتهم "تخفق الرياح فيها" كما وصفت ميسون الكلبية، باختلاف حين جعلت ريح غزة الأرواح بعثرة لما تبقى.
نقول ما قلنا دون الانتقاص من حياة البدوي وحضارته بالطبع، فذلك أمر آخر، طبيعيّ واختياري ونسق عيش، أحبته ميسون بإرادتها وفضلته على القصر المنيف.
على مدار النكبات بدءا بالأولى، فإن الطفل الذي ولد في التهجير عام 1948، صار سبعينيا، تنقل بين الكهف وظل الشجر والخيم، وبيوت الزينكو والصفيح، والطوب، والبيوت على تعدد أنواعها في أماكن اللجوء، فيما تم توريث كل هذا العذاب للأبناء والأحفاد، والذي صار يصعب تغييره في وقت حسم الاحتلال حكمه، بأن حياة المستوطنين مرتبطة بإبادة ما يمكن من فلسطينيين وبيوتهم وحتى الشجر.
وليس هذا وحسب، بل لم تكد دولة الاحتلال تتأسس حتى بدأ الحرب على الماشية.
يبدو ذلك غريبا ولا معقولا!
معروف ان اختيار البدو "للعنزة السوداء" أي للغنمة السوداء أو ما يطلق عليه بغنم السمار، قد تم بسبب قدرة تكيف غنم السمار في العيش على الحد الأدنى من الأعشاب، بما فيها الجافة، معطية ما يمكنها رغم فقر الكلأ، حليبا مقبولا، يشكل عمود غذاء البدو.
لقد أصدر الغزاة الجدد قانونا جعل العنزة السوداء عدوا لدولة الاحتلال عام 1950 بمبرر قضمها لوريقات الشجر غير الثمر الذي تم زراعته في القرى الفلسطينية المدمرة، لتغيير طبيعتها وبالتالي محوها، لضمان عدم عودة أصحابها لبيوتهم وأرضهم.
جميلة كانت تلك العنزة المشاغبة!
في "طين وحديد" ثمة دلالة على الاستمرار، حيث ما زال الفلسطينيون يبنون.
قبل أيام، لم يكد الغزيين يعودون الى شمال غزة، في تسونامي عجيب ضم مئات الآلاف منهم، حتى بدأ أصحاب البيوت بتمهيد ما تبقى من بيوت، مصرين على الترميم وإعادة بناء البيوت، وبشكل أكثر قوة وجمالا.
هذا ما سوف يوثقه فريق مشروع "طين وحديد"، بالتعاون مع زملائهم وزميلاتهم في قطاع غزة، لاستكمال مراحل جديدة من عناد شعبنا في التمسك بأرضه.