الثورة نت/..
نظمّت الهيئة النسائية في محافظة حجة وقفات تضامنية مع الشعبين الفلسطيني واللبناني تحت شعار “مع غزة ولبنان .. جهوزية واستنفار ضد قوى الاستكبار”.

وباركت المشاركات في وقفات بقارة وبني مجمل وبني الشماخ في المفتاح، عمليات القوات المسلحة في عمق الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما باركت الملاحم البطولية التي يسطرها الأبطال لبنان وفلسطين وتكبيدهم خسائر فادحة في صفوف الكيان الصهيوني الغاصب .

. مؤكدات استمرار الدعم والإسناد لفلسطين ولبنان حتى طرد الأعداء من الأراضي العربية.

وأكد بيان صادر عن الوقفات، استمرار الوقوف إلى جانب المقاومة الباسلة والشعبين الفلسطيني واللبناني .. مشيرًا إلى أن أهل الحكمة والإيمان لن يتركوا خط الجهاد في سبيل الله وخط القرآن والتضحية والعزة والكرامة والانتصار.

وخاطب البيان المجاهدين في فلسطين ولبنان بالقول :”أنتم لستم وحدكم ونحن معكم حتى النصر مهما كانت التحديات والتهديدات والأخطار حتى يتحقق وعد الله الصادق بالنصر لعباده المؤمنين”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

حلم الاحتلال الإمبراطوري .. ابتلاع غزة ولبنان وسوريا وشرق الأردن / تفاصيل

#سواليف

بعد ” #طوفان_الأقصى ” والفشل الذريع الذي مني به #جيش_الاحتلال الإسرائيلي على يد حركة #المقاومة الإسلامية ( #حماس ) في هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جاء الانتقام في شكلِ #حرب_إبادة شنتها إسرائيل على قطاع #غزة بغية تحويله إلى حطام وسعيا لتدفيع كل من يقطن في القطاع المحاصر كُلفة تتجاوز حدود التوقع.

وقتها، أطلق حزب الله اللبناني موجات قصف متواصلة من جنوب لبنان على الحدود الشمالية لدولة الاحتلال، وعرّف الحزب تحرّكه ذاك بكونه جهد إسنادي للمقاومة في غزة.

في تلك الأثناء، ساد توجه عام داخل أوساط مختلفة من المجتمع الإسرائيلي، وتعالت أصوات بعض السياسيين ورؤساء البلديات المحلية في مستوطنات الشمال، مُطالبين بغزو #الجنوب_اللبناني واحتلاله، انتقاما مفاده خسارة الأرض ثمنا للمقاومة.

مقالات ذات صلة مجلس الإفتاء يحدد قيمة زكاة الفطر 2025/03/02

وتزامنا مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء حملته البرية على الجنوب اللبناني في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت جماعة “استيقظ أيها الشمال” الاستيطانية المتطرفة حملة إعلانية تروج لبيع عقارات جديدة في جنوب لبنان، فيها منازل بحمامات سباحة و”إطلالات رائعة” مقابل مبلغ زهيد يُعادل 80 ألف دولار. وفوق الصور المُتخيَّلة للعقارات التي لم تبنَ بَعْد، كُتب الآتي: “ألا تحلمون بامتلاك منزل واسع يطل على جبال لبنان الثلجية في أرض أجدادنا؟”

وفقا للدكتور جيمس دورسي، الزميل بكلية راجاراتنام للدراسات الدولية بسنغافورة، فإن هذا المنطق الانتقامي أصبح أكثر شيوعا في المجتمع الإسرائيلي، ويحمل في طياته دلالات خطِرة، لا سيما في ظل الدعوات المتصاعدة لاستيطان غزة والاستيلاء على مزيد من الأراضي السورية المحاذية للجولان المحتل، وتسريع عملية الاستيطان التي تجري على قدم وساق في الضفة الغربية تمهيدا لضمها كاملا.

قد تظن أن هذه المزاعم الرامية إلى توسيع حدود الدولة الصهيونية على حساب الأراضي العربية المجاورة وليدة الأحداث الجارية، لكنها في الحقيقة قديمة قِدَم المشروع الصهيوني ذاته، وقد أقرتها وثائق هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال منذ فترة مبكرة من عمر الدولة الصهيونية، مشيرة إلى أن “حرب 1948 لم تنتهِ، وأنَّها لم تكن سوى جولة واحدة من سلسلة جولاتٍ من الحروب التي على إسرائيل الاستعداد لها بغية استكمال تحرير البلاد وتوسيع حدودها في جميع الاتجاهات”.

ولتحقيق هذا الهدف وضعت إسرائيل العديد من المخططات، لعل واحدا من أبرزها هو ما يعرف بـ”مخطط نفو”، هو بحث شامل أجراه جيش الاحتلال عام 1953 بغية “التأسيس لفكر عسكري إسرائيلي تجري وفقه إعادة تشكيل حدود إسرائيل في جميع الاتجاهات”.

في الجنوب مثلا، دعا المخطط احتلال شبه جزيرة #سيناء، كما دعا للسيطرة على #الضفة_الغربية و #شرق_الأردن وجعل حدود إسرائيل الشرقية تصل إلى الصحراء السورية، وكذلك احتلال جانبَي خليج العقبة. وفي الشمال، نص المخطط على الاحتلال إسرائيل لمناطق حوران والجولان وقمة جبل الشيخ وجنوب لبنان حتى مصبّ نهر الليطاني. وبالنظر إلى أن المناطق التي طالب مخطط “نفو” إسرائيل باحتلالها مأهولة بالعرب، فقد أشارت الخطة إلى ضرورة طرد أغلبية السكان من هذه المناطق للحفاظ على “الطابع اليهودي لإسرائيل”.


“استيقظ أيها الشمال”

وفي هذا السياق تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في يونيو/حزيران الماضي مقطعا مُصوَّرا أثار جدلا واسعا، يحوي مستوطنا إسرائيليا يقرأ مع ابنه كتابا للأطفال بعنوان “ألون ولبنان”. ويحكي الكتاب قصة صبي يدعى ألون يعيش في إحدى مستوطنات الشمال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية، لكن الصبي الصغير لا يعشق المناظر الطبيعية الخلابة للجنوب اللبناني فحسب، بل يعتقد أن لبنان جزءٌ من أرض إسرائيل الموعودة.

واللافت بخصوص هذا الكتاب ما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية من أن مؤلفه، المُحاضِر في جامعة آرييل الإسرائيلية، هو عاموس عزاريا مؤسس حركة “أوري تسافون”، الداعية لاستيطان الجنوب اللبناني، والتي مولت تكاليف نشر وإصدار الكتاب بالكامل بدعوى غرس بذور الشوق إلى لبنان في نفوس الأطفال الصغار.

جاءت هذه الأخبار توازيا مع حملة “رسائل تهديدية” وصلت في الشهور الماضية إلى سكان الجنوب اللبناني، تأمرهم بالنزوح وإخلاء أراضيهم ومنازلهم كي يستوطنها اليهود، إذ هبطت من السماء عشرات البالونات والمُسيّرات تحمل رسائل باللغتين العربية والعبرية، جاء فيها: “احذروا! هذه أرض إسرائيلية ملك لليهود، وعليكم إخلاؤها فورا”، وهي واحدة من حيل حركة “أوري تسافون”، ويعني اسمها باللغة العربية “استيقظ أيها الشمال”، وهي حركة استيطانية إسرائيلية متطرفة تأسست في مارس/آذار 2024.

بدأت الحركة بأعضاء لا يتجاوزون العشرات، إلا أنها تمكنت في غضون أشهر من بناء مجتمع رقمي كامل عبر موقعها الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي والواتساب، مما ساهم في استقطاب أعضاء جدد في وقتٍ قياسي، حتى بلغ عددهم أخيرا داخل المجتمع الإسرائيلي نحو 3000 عضو.

وانطلاقا من هذا المجتمع الافتراضي، سعت الحركة نحو تعزيز وجودها على الأرض بنشاطات كثيرة، منها المظاهرات والخروج في مسيرات نحو الجنوب اللبناني، وتمويل حملة إعلانية لنشر الملصقات الداعية لاستيطان جنوب لبنان في الأماكن العامة بكل أنحاء إسرائيل، بما فيها ملاجئ الحرب التي احتمى بها النازحون من مستوطنات الشمال.

لم تتوقف حيل “أوري تسافون” أو “استيقظ أيها الشمال” عند هذا الحد، بل نشرت الحركة على موقعها الرسمي خريطة تضم مواقع 300 مستوطنة وهمية، استبدلوا فيها الأسماء العربية للقرى والبلدات اللبنانية بأسماء عبرية ذات دلالة توراتية، وهو أسلوب قديم تناوله الباحث الفلسطيني أحمد الدبش في دراسته التي نشرت في العدد 83 من مجلة “قضايا إسرائيلية” الصادرة عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ويشير الدبش إلى أن هذا الأسلوب اتبعته الدولة الصهيونية لطمس التاريخ وتهويد القرى والأحياء الفلسطينية بعد نكبة عام 1948، ويهدف إلى استئصال الذاكرة العربية من المواقع الجغرافية واستبدالها بهوية مزيفة لصبغ المكان بطابع قومي يهودي مرتبط بالسرديات التوراتية والتاريخ العبري المُتخيل للأراضي المحتلة.

رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لم تتعرقل طموحات هذه الحركة المتطرفة، فبعد شهر واحد من توقف الاعتداء، أقامت الحركة مظاهرة في غابة حانيتا الواقعة في الجليل تحت شعار “تمرير الشعلة لمستوطني لبنان الجديد” بحسب ما نقلت صحيفة جيروزاليم بوست.

وفي الشهر ذاته ادعى أعضاء “استيقظ أيها الشمال” أنهم عبروا الحدود ونصبوا الخيام وزرعوا الأشجار وكوَّنوا ما يشبه البؤرة الاستيطانية داخل الأراضي اللبنانية وفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل. وقد نفى جيش الاحتلال هذه المزاعم، وأكَّد أن الحركة لم تغادر أرض فلسطين المحتلة قط، وأنها أقامت المخيم قرب مستوطنة حدودية إسرائيلية، لكن أعضاء الحركة أكَّدوا عبورهم الحدود اللبنانية ودخولهم البلدات الحدودية التي لا يزال يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقد روَّجت حركة “أوري تسافون” لأهدافها عبر مجموعة بيانات نشرتها على صفحاتها الإلكترونية، وجاء فيها الخطاب الدعائي الذي يخفي الرغبات التوسعية والاستعمارية الشرهة وراء قناع مراوغ يدعي حماية الأمن القومي الإسرائيلي وضمان أمن وسلامة مستوطنات الشمال من صواريخ حزب الله، معتبرين الغزو والاحتلال وبناء المستوطنات على أنقاض القرى والبلدات اللبنانية ضرورة أمنية لإسرائيل، وهي حجج تلقى رواجا كبيرا داخل المجتمع الإسرائيلي وفقا للكاتب الإسرائيلي عكيفا إلدار، الذي صرَّح لمجلة “جُوويش كارَنْتس” بأن الأمن هو الذريعة التي تستخدمها الحركات الاستيطانية سلاحا للتأثير في الجماهير وإقناعهم بأن ما يفعلونه يصب في النهاية لأجل هدف أسمى هو “حماية إسرائيل”.

أما الهدف الثاني فهو الثأر من حركات المقاومة، فقد صرح أعضاء “أوري تسافون” أكثر من مرة بأن الفلسطينيين والعرب عليهم أن يدفعوا ثمن المقاومة غاليا، ومثلما خسرت كثير من الدول العربية أراضيها لصالح إسرائيل عقب حرب 1967، التي توسعت فيها حدود الدولة الصهيونية أربعة أضعاف بعد الاستيلاء على غزة والضفة الغربية والجولان وسيناء؛ على لبنان أن يخسر هو الآخر أراضيه لصالح الاستيطان اليهودي، إذ أن الاستيلاء على الأراضي هو الشكل الوحيد المقبول للنصر المطلق الذي يرغبون في تحقيقه، وهي تصريحات وصفها موقع “ذا كرادل” بأنها دعوة صريحة للتطهير العرقي في لبنان على غرار ما تفعله إسرائيل في غزة والضفة الغربية.

وتستند الحركة في مبرراتها إلى مجموعة من الروايات والسرديات التوراتية، منها اسمها الذي اقتبسته من سطر شعري جاء ضمن سفر “نشيد الأناشيد” أو “أناشيد سليمان”، ويقول “استيقظي يا ريح الشمال”، إلا أن هذا النص الديني -وفقا لتعليقات رواد التواصل الاجتماعي- قد اقتطع من سياقه وتحوَّل إلى شعارٍ دعائي لحرب إبادة جماعية ثانية في الجنوب اللبناني.

وهناك أيضا الرؤى المسيحانية اليهودية، وهي أفكار دينية يهودية تؤمن بضرورة السيطرة على الأراضي التي تقع في نطاق الحدود التوراتية لأرض إسرائيل أو إسرائيل الكبرى كما يسمونها، من أجل التعجيل بمجيء بيشوع (الاسم العبري ليسوع) باعتباره المسيح (المسيا) الموعود والمنقذ والمخلص في الكتب العبرية المقدسة، والذي سوف يأتي في آخر العالم ليخلص شعبه إسرائيل.

ولهذا السبب تدعي هذه الحركة أحقيتها في قطاع غزة والجنوب اللبناني وكامل هضبة الجولان، باعتبارها جزءا من الأرض التي منحهم الله إياها في الكتب المقدسة اليهودية، ومن ثمَّ لا يجوز تركها للأجانب وهم أصحاب الأرض.

تتوافق الأيديولوجيا الفكرية لحركة أوري تسافون مع الآراء الدينية الأصولية التي يروج لها الحاخام اليهودي إسحاق غينسِنبرغ، التي تعتبر أن الاحتلال عمل فداء إلهي، وبناء المستوطنات وقتل وترويع السكان الأصليين طريقة لتحقيق إرادة الله. وقد عبَّر جينسِنبرغ عن أفكاره الراديكالية في رسالة نشرها في سبتمبر/أيلول الماضي وعرضتها صحيفة جيروساليم بوست، داعيا إلى غزو واحتلال الجنوب اللبناني وطرد سكانه وتتويج هذا النصر ببناء مستوطنة يهودية.

إلا أن البُعد الأخطر في أفكار ومعتقدات غينسِنبرغ يكمن في نفوذه الكبير كرجل دين يهودي في أوساط المتدينين المتشددين في المجتمع الإسرائيلي، مما استدعى من موتّي إنباري، الباحث في الأصولية اليهودية وأستاذ الدين بجامعة نورث كارولاينا، أن يتناول شخصية غينسِنبرغ في أطروحته لرسالة الدكتوراه بوصفه من أكثر الحاخامات تأثيرا في إسرائيل.

ينتمي غينسِنبرغ إلى دوائر حركة “حباد” الحسيدية، أكبر منظمة يهودية أرثوذوكسية في العالم، وقد تتلمذ على يديه شباب من المستوطنين يُعرَفون إعلاميا باسم “شبيبة التلال”، وهي جماعة استيطانية متطرفة لها توجُّهات عنيفة تأسست عام 1998، وتربَّى أعضاؤها منذ نعومة أظافرهم على أحلام “إسرائيل الكبرى”، ولأجل تحقيق هذا الهدف أقاموا بؤر استيطانية أعلى تلال الضفة الغربية، واستخدموها بعد ذلك مركزا يُغِيرون منه على القرى والبلدات الفلسطينية المجاورة، ويقتلون ويحرقون المنازل والممتلكات، لإجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم ومنازلهم، مما جعل إنباري يصف طريقة تفكير غينسِنبرغ وأتباعه بأنها تشبه “عقلية داعش والقاعدة”.

وقد قال إنباري في حواره مع صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، إن التيار اليهودي الأصولي بعدما نجح في استغلال الصهيونية العلمانية لخدمة مشروعه الاستيطاني وإقامة دولة إسرائيل، انقلب عليها أخيرا للمضي قدما في تنفيذ مخطط إقامة دولة دينية توراتية على كامل أرض “إسرائيل الكبرى”، وهو مخطط يدفعهم إلى السيطرة على المحاكم وإخضاع الجيش لتوجهاتهم.

المطامع الصهيونية في لبنان

تصف التقارير الإخبارية حركة “أوري تسافون” الاستيطانية بأنها مجرد حركة هامشية لا وزن لها على المستوى السياسي في المجتمع الإسرائيلي، وهو رأي تختلف معه أستاذة التاريخ بجامعة فرجينيا الأميركية ناتاشا روث-رولاند، التي صرحت لمجلة “جُوويش كارِنْتس” بأن هناك سجلا حافلا بحركات الاستيطان الإسرائيلية التي بدأت هامشية بلا ثقل حقيقي، لكنها تمكنت في غضون عقود من بناء وتوسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة.

وأكبر مثال على ذلك مستوطنات مدينة الخليل الفلسطينية، التي تأسست بجهود جماعات استيطانية هامشية ومتطرفة، كما أن أغلب البؤر الاستيطانية التي بدأت بصورة غير شرعية أُعترف بها بأثرٍ رجعي في الأخير بعدما نجحت الجماعات الاستيطانية في الالتفاف على القانون وإجبار الحكومة الإسرائيلية على تقديم التنازلات، ولهذا السبب لا يجب الاستهانة بأفكار “أوري تسافون”.

في هذا السياق، قالت جماعة “استيقظ أيها الشمال” إن النموذج الاستيطاني الذي تسعى لتطبيقه في جنوب لبنان لن يكون شبيها بنموذج الاستيطان في الضفة الغربية، بل أقرب إلى نموذج استيطان مرتفعات الجولان السورية، التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وتمكنت من تصفية السكان السوريين منها، ثم حازت اعترافا أميركيا بسيادتها عليها عام 2019، وهو ما مثل نموذجا ذهبيا للاستيطان.

أما الضفة الغربية، فهي نموذج يعاني كثيرا من المشكلات الجيوسياسية، أهمها وجود كتلة سكانية فلسطينية هائلة، وهو سيناريو يرغب الإسرائيليون في تفادي تكراره بتنفيذ مخطط تهجير الجنوب اللبناني.

يطمح قادة “أوري تسافون” إلى تطبيق سياسة الأمر الواقع داخل لبنان، وهي إستراتيجية إحلالية توسعية يقف القانون فيها عاجزا أمام الوضع المتجسد على الأرض، وهم يُعوِّلون في ذلك على أمثلة معاصرة للإفلات من القانون في مسألة البت في المستوطنات الجديدة داخل الضفة الغربية؛ إذ اعترفت المحاكم الإسرائيلية العليا في النهاية بالمستوطنات الجديدة تحت مسميات عدة أهمها “الدواعي الأمنية”، وهي حجة سيلجأ إليها أعضاء الحركة لتسوية وضعهم القانوني فيما بعد. ويرى أعضاء الحركة أن التصريحات الأخيرة الطامحة لإعادة استيطان غزة وضم الضفة الغربية فرصة سانحة للمضي قدما في مخططهم الاستيطاني تجاه لبنان.

يقول الباحث والدكتور الفلسطيني أسعد عبد الرحمن إن الحركة الصهيونية لا ترفع الشعارات الجوفاء، بل تسعى بإصرار وطموح لتجسيد أفكارها على أرض الواقع بالمثابرة واستغلال الفرص المتاحة، بصرف النظر عن الأوضاع الراهنة، التي تتغير بتغيُّر الظروف والمعطيات، تماما مثل حدودِ دولتهم على الخريطة. وقد أشار الدكتور جيمس دورسي إلى الأمر نفسه في مقاله سابق الذكر: “في إسرائيل، أوهام اليوم هي سياسة الغد وواقع المستقبل”.

وفي هذا الصدد، يشير دورسي إلى أن الدعاوى الصهيونية لاستيطان الجنوب اللبناني ليست حديثة، بل نادت بها من قبل جماعة “غوش إيمونيم”، وهي حركة استيطانية دينية متطرفة تأسست عام 1974، ودعت لإقامة بؤر استيطانية في أي مكان تعتبره جزءا من أرض إسرائيل الكبرى. فعقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، دعوا إلى بناء المستوطنات اليهودية في جنوب لبنان، قبل أن تُحَل الحركة رسميا عام 1988.

المثير للانتباه حقا أن دانييلا فايس، عرَّابة الاستيطان الإسرائيلي منذ عام 1967، وهي من أشهر زعماء حركة “غوش إيمونيم” في السبعينيات، لفتت الأنظار أخيرا بوصفها أحدَ المتحدثين في المؤتمر الافتراضي الأول الذي عقدته جماعة “استيقظ أيها الشمال” في يونيو/حزيران 2024، حيث ذهبت إلى تشجيع الأعضاء الجدد للحركة الناشئة على استيطان الجنوب اللبناني، وكأن التاريخ يعيد نفسه.

وكانت فايس، التي تشغل منصب المدير العام لحركة “نحالا” الاستيطانية، من الوجوه المألوفة أيضا في اجتماعات عائلات المستوطنين الذين تجمَّعوا لانتهاز فرصة الحرب على قطاع غزة والترويج لإعادة احتلاله واستيطانه، بدعوى أنه جزء من أرض الميعاد، وهي اجتماعات برزت في الوثائقي الاستقصائي “الخلاص المقدس” الذي حصد جائزة أفضل فيلم في الدورة السابعة لمهرجان “الجزيرة بلقان للأفلام الوثائقية”.

من بين المتحدثين البارزين في المؤتمر الافتراضي لاستيطان الجنوب اللبناني، ظهر حغاي بن أرتسي، أحد أعضاء الحركة وصهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي انتقد في كلمته الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000 بعد احتلال دام 18 عاما، قائلا إن أزمة الحدود الشمالية مع جنوب لبنان بدأت حينها، وقد رحب أعضاء الحركة بتلك التصريحات مقترحين استخدام قنابل النابالم في غزو لبنان وحرق تحصينات حزب الله.

ليست هذه الرؤى الداعية إلى توسيع الحدود الشمالية لإسرائيل حتى نهر الليطاني وليدة أحداث 7 أكتوبر، بل تعود جذورها إلى ما قبل نشأة الدولة الصهيونية نفسها، فقد ترددت أولا على لسان ديفيد بن غوريون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول، عندما صرح علانية عن رؤيته لمصير لبنان، داعيا لإقامة دويلة مسيحية صغيرة موالية لإسرائيل تقف حدودها عند نهر الليطاني، على أن تُضاف المناطق المقتطعة من الجنوب اللبناني إلى الحدود المتمددة للدولة الصهيونية، وهو مخطط حاول أرييل شارون تنفيذه عام 1982، تزامنا مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وقبل أن يتولى حتى منصب رئاسة الوزارة في إسرائيل.

اعتُبِر شارون حينها عرَّاب العلاقات اللبنانية الإسرائيلية، كما جمعته علاقة وطيدة بالرئيس اللبناني بشير الجميل، الذي وصل إلى كرسي الرئاسة بدعم إسرائيلي في أغسطس/آب 1982 واغتيل في غضون شهر واحد من توليه الرئاسة بعد موافقته على الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وهو هجوم كان من بين أهدافه إعادةُ تشكيل المشهد السياسي اللبناني بما يخدم المصالح الإسرائيلية. وقد وردت معلومات تفصيلية عن هذه المرحلة في شهادة الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج شاهد على العصر، الذي أذيع على شاشة الجزيرة عام 2009.

تهاوت الأوهام الصهيونية الداعية لاستعمار الجنوب اللبناني واستيطانه في الثمانينيات مثل قطع الدومينو إثر صعود قوة حزب الله، الذي أجبر قوات الاحتلال على الانسحاب من بيروت أولا، ثم من الجنوب اللبناني عام 2000، فسيطر حزب الله على الشريط الحدودي، وألقى الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصر الله من قرية بنت جبيل خطبة النصر الشهيرة التي قال فيها: “إن إسرائيل التي تملك أسلحة نووية وأقوى سلاح جو في المنطقة، هي أوهن من بيت العنكبوت”.
“سايكس بيكو” وتوسيع حدود إسرائيل

"جنوب لبنان هو في الواقع.. شمال إسرائيل" مايكل فرويند، نائب مدير الاتصالات السابق بحكومة نتنياهو

في مؤتمرهم الافتراضي الأول، ناقش أعضاء “أوري تسافون” إعادة ترسيم الحدود مع لبنان، وحاولوا البحث عن أدلة تربط إسرائيل تاريخيا بالأراضي اللبنانية، في محاولة بائسة لإعادة تأريخها كي تتفق مع السردية الصهيونية.
إعلان

فقد دعا مؤسس الحركة عاموس عزاريا إلى توسيع الحدود إلى نهر الليطاني، في حين قال إلياهو بن آشر، وهو عضو بالحركة، إن حدود إسرائيل الحالية “حدود استعمارية سخيفة”، وهي ادعاءات شجَّعها مايكل فرويند، نائب مدير الاتصالات السابق بحكومة نتنياهو، زاعما في مقالٍ بصحيفة “جيروزاليم بوست” أن منطقة الجنوب اللبناني في الحقيقة هي الجليل الشمالي وهي جزء مقتطع من أرض إسرائيل.

المثير للسخرية أن فرويند وصف الحدود اللبنانية الإسرائيلية الحالية بأنها من صنع المستعمر الأوروبي، الذي رسمها على الخرائط في غرفٍ مغلقة لتتوافق مع المصالح الاستعمارية، ناسيا أن تأسيس دولة إسرائيل تم بجرَّة قلم في الغرف نفسها، وفي وقتٍ لاحق للحدود المصطنعة التي يتحدث عنها، إذ رُسِمت الأخيرة في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، قبل عام كامل من وعد بلفور.

ورغم أن سايكس بيكو تعود إلى فترة تقسيم بريطانيا وفرنسا تركة الإمبراطورية العثمانية إثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، فإن الرؤى الخاصة بإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يتناسب مع المصالح الاستعمارية تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، وتحديدا عام 1840، عندما قاد المسؤول البريطاني هنري بالمرستون الدول الأوروبية لتقويض قوة دولة محمد علي في مصر والسودان والمشرق وجنوب الأناضول.

ويقول عن ذلك المفكر العربي منير شفيق، إن إستراتيجية بريطانيا اتجهت حينها إلى ضرورة غرس كيان عسكري غريب داخل المنطقة العربية، يحول بينها وبين تكرار تجربة “الدولة العربية الكبرى”، وقد توصلوا في نهاية المطاف إلى إمكانية إيكال المهمة لليهود عبر إرسالهم إلى فلسطين.

بمرور السنوات، ومع تحوُّل السيطرة الإمبريالية العالمية من بريطانيا وفرنسا إلى الولايات المتحدة، بدأت تتبلور أفكار جديدة خاصة بتقسيم منطقة الشرق الأوسط المُقسَّم سابقا فعلا، وقد تجلى هذا الأمر في تصورات برنارد لويس، المؤرخ والمستشرق الأميركي اليهودي، الذي وضع في السبعينيات حجر الأساس لأفكار إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وإعادة صياغته من جديد بدعوى أن معظم الدول فيه ذات حدود مُصطنعة، وذلك عن طريق الاستعداد لسلسلة من الصراعات الطائفية والعرقية في عدد من البلدان، وما يمكن أن يتبعها من انبثاق كيانات جديدة.
إعلان

وقد كشف عن أبرز مخططات التقسيم الجنرال الأميركي المتقاعد رالف بيترز، في مقالٍ نشره بالمجلة العسكرية الأميركية في يونيو/حزيران عام 2006، تحت عنوان “حدود الدم”، وادعى فيه أن الحدود الحالية للشرق الأوسط مجحفة في حق الأقليات، ودعا لإعادة ترسيمها استنادا إلى روابط الدم الطبيعية والعقيدة الدينية، الأمر الذي علق عليه المفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري في مقالٍ نُشر بموقع الجزيرة عام 2006 بعنوان “الشرق الأوسط الجديد في التصور الأميركي الصهيوني”، قائلا إن مخططات تقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات صغيرة إثنية ودينية، تعود إلى الرغبة في تطبيع الكيان الصهيوني القائم على أساس طائفي مع محيطه، بعدما غُرس غرسا داخل المنطقة العربية.

في الوقت ذاته، تتجه الإستراتيجية الغربية نحو تقسيم كتلة العالم العربي والإسلامي الموحد، وفقا للمسيري، حتى لا يشكل ثقلا عسكريا واقتصاديا وسياسيا ضد المطامع الأوروبية.

لقد دارت كل مخططات التقسيم في فلك واحد مع اختلافات طفيفة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما جاء في مخطط رالف بيترز عن تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، كردية في الشمال وشيعية في الجنوب وسنية في الوسط، كما تحدث بيترز عن تكوين ما يشبه “فاتيكان إسلامي” باقتطاع مكة والمدينة المنورة من كامل مساحة المملكة العربية السعودية، واعتبارهما معا دولة إسلامية مقدسة، بحيث يُضَم شمال المملكة إلى مساحة الأردن، وتُضاف الأجزاء المقتطعة من الجنوب إلى دولة اليمن.

ولم تسلم إيران من مخططات التقسيم، إذ دعا بيترز إلى اقتطاع أراضيها وتوزيعها على أذربيجان وكردستان الحرة والدولة الشيعية العربية، لتصبح إيران في نهاية المطاف مجرد بلد إثني فارسي صغير لا يشكل أي تهديدٍ للدولة الصهيونية، وهي رؤية تتوافق مع الأحلام الصهيونية التوسعية، التي تتطلع لإقامة دولة عبرية كبيرة ومتماسكة على أنقاض الدول المحيطة بها.
Israel’s Prime Minister Benjamin Netanyahu gestures towards a world map as he attends a question and answer event on Israel’s foreign policy at Chatham House in London, Britain, November 3, 2017. REUTERS/Toby Melville
بحسب المسيري، فإن فكرة التوسع ليست أمرا مستغربا على الفكر الصهيوني الذي نشأ وترعرع في البيئة الإمبريالية الغربية، حيث كان التوسُّع مطروحا في رؤى الرواد الصهاينة الأوائل، الذين أرادوا بناء “حضارة إسرائيلية” بحدِ السيف، تتجاوز حدود فلسطين التاريخية. (رويترز)
أين تتوقف حدود إسرائيل؟

في مؤتمرٍ صحفي عقد يوم 4 فبراير/شباط الجاري، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رغبة الولايات المتحدة في امتلاك قطاع غزة وتحويله إلى منتجع سياحي للأثرياء بحيث يصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”، مُشيرا إلى أنه سيعمل على تهجير الفلسطينيين من القطاع وإعادة توطينهم في دولٍ مجاورة.
إعلان

وقد عقبت صحيفة الغارديان البريطانية على الاقتراح في مقالٍ افتتاحي نشر بعد ثلاثة أيام قائلة، إنه يعيد إلى الأذهان عصر قوانين الغابة، حيث الوحوش الكبيرة جائعة وعلى البقية إما الإذعان أو الهرب.

وأشارت الغارديان إلى أن السعي لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ودعاوى التصفية العرقية في غزة من أجل امتلاك الولايات المتحدة لريفييرا على سواحل البحر المتوسط، ناهيك عن دعم الحكومة الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية تمهيدا لضمها في نهاية المطاف؛ كل هذه الخطوات تؤكد أن العقيدة التي يؤمن بها ترامب هي أن “القوة فوق الحق”، وأن النفعية والإكراه يحلان محل الدبلوماسية.

بعد المؤتمر ألمح بنيامين نتنياهو في تصريحاته لقناة “فوكس نيوز” الأميركية إلى أن المرحلة القادمة ستغير وجه الشرق الأوسط إلى الأبد، كما كشف ضمنيا عن أننا سنشهد مساعيَ توسُّعية للدولة الصهيونية بدعمٍ أميركي، بقوله، إن ترامب كان على حق عندما أشار إلى أن مساحة إسرائيل صغيرة جدا ولا يجب أن تبقى كذلك. لم تكن تلك هي الواقعة الأولى التي يذكر فيها نتنياهو رؤيته للشرق الأوسط الجديد الذي تمتد فيه حدود إسرائيل على كامل مساحة فلسطين التاريخية.

ففي سبتمبر/أيلول 2023، عرض نتنياهو خرائط تُظهِر الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة كجزء من إسرائيل، وذلك أثناء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

يُحيلنا هذا الأمر إلى المنحى الخطِر الذي اتخذه المشروع الاستيطاني الإسرائيلي منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، بعدما تشكلت الحكومة الائتلافية الأخيرة، وضمَّت مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة بشقيها العلماني والديني. وكان من أهم نتائج تشكل هذه الحكومة أنها قادت عملية “انقلاب صامت” برعاية نتنياهو، وفقًا لمحللين إسرائيليين، تمثلت في وضع خطة عمل تفصيلية لضم الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية.
إعلان

وقد أتت هذه الخطوات في سياق تطورات جيوسياسية تشهدها المنطقة، منها توغُّل قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي السورية عقب سقوط نظام الأسد، حيث احتُلت منطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين سوريا والجولان المحتل.

وقد كتبت الصحفية الاستقصائية إيلي بيري، في مقالٍ نشرته مجلة “972+” الإسرائيلية، أن أعضاء حركة “استيقظ أيها الشمال” شجعوا على استيطان جزء من الأراضي السورية مع الجنوب اللبناني، متسائلين عبر مجموعة واتساب خاصة بالحركة عما إذا كان ممكنا للإسرائيليين الاستثمار وشراء الأراضي هناك.

وقد أثارت تلك التطوُّرات تساؤلا عن النقطة التي يُفترض أن تتوقف عندها حدود دولة إسرائيل، مما دفع محللة الرأي العام الدولي والمستشارة الإستراتيجية داليا شيندلين إلى السؤال في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عما إذا كانت إسرائيل تسعى فعليا لبناء إمبراطورية في الشرق الأوسط على غرار إمبراطوريات العصور الوسطى، قائلة إنه أصبح من الصعب تجاهل الحديث عن بناء إمبراطورية إسرائيلية، خاصة في ظل اصطفاف المستوطنين الإسرائيليين للاستيلاء على غزة والجنوب اللبناني، واستعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي لقضاء وقت غير محدد في مرتفعات الجولان السورية.

وقد أشار المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري إلى تلك النزعة التوسُّعية في كتابه “مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي”، قائلا، إنها ليست أمرا مستغربا على الفكر الصهيوني الذي نشأ وترعرع في البيئة الإمبريالية الغربية، حيث كان التوسُّع مطروحا في رؤى الرواد الصهاينة الأوائل، الذين أرادوا بناء “حضارة إسرائيلية” بحدِ السيف، تتجاوز حدود فلسطين التاريخية.

فقد وضع زعيم الصهيونية الأول ثيودور هرتزل مساحة مبدئية لإقامة دولته اليهودية تبلغ نحو 70 ألف كيلومتر، وحدَّد موقعها على الخريطة بالأراضي التي تقع بين نهر النيل في مصر ونهر الفرات في العراق، وهي مزاعم تردَّدت على ألسنة رجال الدين من الحاخامات الصهاينة، وفقا للمسيري، الذين ادعوا أنها الحدود التوراتية لأرض الميعاد.
إعلان

وقد أشار الدكتور أسعد عبد الرحمن إلى الأمر نفسه في مقاله سابق الذكر، حين قال إن ديفيد تريتش، أحد الأعضاء البارزين في المؤتمر الصهيوني الخامس، دعا لاستعمار فلسطين والبلاد العربية المجاورة لها، ومنها “فلسطين المصرية”، وهو الاسم الذي أطلقه على العريش وسيناء في مصر. كما نادى البروفيسور أوتو واربورغ، الرئيس الأسبق للمنظمة الصهيونية، بضم منطقة شرق الأردن (المملكة الأردنية حاليا) إلى مساحة فلسطين الكبرى، التي استبدلوا اسمها بـ “إسرائيل الكبرى” في الوثائق التاريخية التالية.

يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري إن الحدود الجغرافية والتاريخية المتخيلة، التي وضعتها الدولة الصهيونية لنفسها، قابلة في حد ذاتها للتمدد والتوسع. وقد أشار هرتزل إلى ذلك في مذكراته حين قال: “كلما ازدادت أعداد المهاجرين، اتسعت رقعة الأرض”. هذا الفكر التوسعي يتوافق مع رؤية رجال الدين من الحاخامات، الذين قالوا إن الأرض المقدسة تنكمش إن هجرها سكانها من اليهود، وتتمدد بهجرتهم إليها، ويشير المسيري إلى أنهم شبَّهوا دولتهم الصهيونية الموعودة برقعة من جلد الإبل تنكمش بالجوع والعطش وتتمدد بالشبع والري.

هذه الرغبة في التوسع اللانهائي كانت واحدة من الدوافع وراء جعل إسرائيل دولة بلا دستور رسمي منذ إقامتها عام 1948، لأن صياغة دستور رسمي للبلاد، وفقا للمسيري، تتطلب ترسيما دقيقا للحدود، وهو أمر يقف عقبة أمام الأحلام التوسعية للكيان، ويعكِس فكرا متأصلا في الذهنية الصهيونية الداعية إلى بناء “إمبراطورية إسرائيلية”، تبتلع داخلها أجزاء من لبنان والأردن ومصر وسوريا والعراق والمملكة العربية السعودية، فضلا عن كامل مساحة فلسطين المحتلة.

وقد أشار المسيري في هذا السياق إلى ما قاله عضو الكنيست السابق والصحفي اليساري الإسرائيلي يوري أفنيري، عندما تنبأ أثناء قراءته لتاريخ الدولة العبرية بأن الشره الصهيوني للتوسع سيتخطى حدود “إسرائيل الكبرى” نفسها إذا سنحت الفرصة.

مقالات مشابهة

  • حلم الاحتلال الإمبراطوري .. ابتلاع غزة ولبنان وسوريا وشرق الأردن / تفاصيل
  • شاهد / مسلسل الأطفال الكيان المؤقت (1) - الجزء الثاني
  • سلامة الغذاء: 256 ألف طن رسالة غذائية مُصدرة.. والسودان ولبنان على رأس المستوردين
  • تأكيداً لاتفاقية جنيف..سويسرا تنظم مؤتمراً دولياً عن حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية
  • قائد الثورة يهنئ الأمة الإسلامية بشهر رمضان ويؤكد الوقوف إلى جانب الشعبين الفلسطيني واللبناني
  • وقفات احتجاجية في بلدات خربة غزالة وجباب والصورة بريف درعا رفضاً للتدخلات الإسرائيلية في الشأن السوري، وتأكيداً على وحدة البلاد
  • الهيئة النسائية بمحافظة الجوف تختتم ورشة تدريبية خاصة بالبرنامج الرمضاني
  • الهيئة النسائية بالجوف تختتم ورشة تأهيلية للبرنامج الرمضاني
  • أكلات رمضان 2025| من المطبخ المصري واللبناني والسعودي
  • حجة.. الهيئة النسائية تختتم ورشًا تأهيلية استعدادًا للبرنامج الرمضاني