من البرلمان... الراشدي يدعو إلى تعاون المؤسسات لمكافحة الفساد ويؤكد استمرار "الوضع غير المُرضي"
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
من جديد، دق بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها، ناقوس الخطر بخصوص وضع الفساد في المغرب، وهذه المرة من تحت قبة البرلمان، بمناسبة تقديم الميزانية الفرعية للهيئة برسم العام المقبل.
وقال الراشدي اليوم الجمعة، في مجلس النواب، إن المؤشرات المتوفرة تؤكد على استمرار الوضع غير المرضي لمستوى تفشي الفساد في بلادنا.
وشدد المتحدث على أن هناك « شبه ركود منذ إدراج المغرب في مؤشرات الفساد العالمية، قبل عقدين، إذ أن تنقيطه لم يرتق إلا بنقطة واحدة، وعرف تراجعا في ترتيبه ».
وتحدث الراشدي عن وجود تحديات جوهرية تشمل ضعف التنسيق بين الجهات المعنية وتجزئة التدخلات، مما يؤثر على كفاءة الاستراتيجية وفعاليتها، مشيرا إلى أن هناك عدة عوامل تعرقل التنمية، مثل التفاوت في توزيع الثروات، ضعف الثقة، سوء استغلال السلطة، وتفشي الرشوة في بعض القطاعات.
ودعا رئيس الهيئة إلى إطلاق عملية تشاورية واسعة النطاق، مع جميع السلطات والجهات المعنية من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، بالإضافة إلى الانفتاح على المشاريع التي قامت بها مختلف الأطراف والهيئات المعنية.
كما حث الراشدي على تجميع ودمج مختلف الآراء والمساهمات في إطار تفاعلي، مع الحرص على الانسجام وتقوية المكاسب.
وبخصوص برامج الهيئة لعام 2024، قال المتحدث، إن النسبة العامة للإنجاز حتى 31 أكتوبر الماضي، بلغت 68.5 في المائة.
كلمات دلالية الفساد، الراشديالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الفساد الراشدي
إقرأ أيضاً:
الشفافية الإدارية.. من الشعارات إلى الممارسات
عبدالعزيز بن حمدان بن حمود الإسماعيلي **
في زمن تتسارع فيه جهود التطوير المؤسسي وتتعالى فيه التطلعات نحو تحسين جودة الأداء الحكومي تبرز الشفافية الإدارية كقيمة محورية لا يمكن الاستغناء عنها لا سيما في ظل التوجه الوطني الحازم نحو تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040".
إنَّ الشفافية ليست مجرد مصطلح يُدرج في التقارير والخطط الاستراتيجية؛ بل هي ممارسة يومية تتجلى في وضوح القرارات وسهولة الوصول إلى المعلومات ووضوح آليات المساءلة إنها تعني أن يعرف المواطن أين تُصرف الموارد وكيف تُتخذ القرارات وما مدى التزام المؤسسات بأدوارها ومسؤولياتها.
ومع أنَّ الخطاب الرسمي في السلطنة يؤكد على أهمية الشفافية إلّا أن الممارسة على أرض الواقع لا تزال تُواجه بعض التحديات فثقافة الخوف من النقد وغياب النظم المؤسسية التي تضمن الإفصاح والمساءلة تضعف من فرص ترسيخ الشفافية كقيمة إدارية حقيقية.
في هذا السياق تلعب وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" دورًا محوريًا، ليس فقط في رصد تنفيذ البرامج والمبادرات الوطنية؛ بل أيضًا في ترسيخ معايير الحوكمة والشفافية في أداء الجهات المعنية ولعل التقارير التي تصدرها الوحدة والمنصات الإعلامية التي تديرها واللقاءات الدورية مع مختلف الجهات تعكس وعيًا متقدمًا بأهمية هذا الدور.
وفي الإطار نفسه تؤدي أجهزة الرقابة في سلطنة عُمان، وفي مقدمتها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة دورًا استراتيجيًا في تعزيز الشفافية من منظور إداري؛ إذ تسهم هذه الأجهزة في تقييم الأداء المؤسسي ورصد كفاءة استخدام الموارد وتحسين الإجراءات الإدارية مما يُعزز ثقافة الإفصاح والالتزام داخل المؤسسات ويأتي ذلك في سياق نهج وطني يرتكز على الحكم الرشيد والمساءلة والشفافية كقيم أساسية للإدارة العُمانية الحديثة وهو ما أكسب السلطنة سمعة مرموقة على المستويين الإقليمي والدولي.
ومن الأمثلة الجديرة بالتوقف عندها والإشادة بها ما يقوم به الادعاء العام من جهود في مجال الشفافية المؤسسية؛ إذ يعقد مؤتمرًا سنويًا يُسلّط فيه الضوء على أبرز مؤشرات الأداء وعدد القضايا وآليات المعالجة والإجراءات الوقائية. والمميز في هذا النموذج أن المؤتمر يُعقد بحضور المواطنين وممثلي وسائل الإعلام على الملأ ويكون برئاسة سعادة المدعي العام شخصيًا مما يعكس التزامًا حقيقيًا بالإفصاح ويُجسد الشفافية كشراكة بين المؤسسة والمجتمع، هذا النهج التفاعلي الذي يتبناه الادعاء العام لا يُعزز الثقة فقط؛ بل يرفع مستوى الوعي القانوني والرقابي، ويجب أن يكون نموذجًا يُحتذى به في بقية مؤسسات الدولة لتتحول الشفافية من تقارير مغلقة إلى حوارات مفتوحة مع الجمهور وقد بدأت بعض الجهات الحكومية الأخرى تنتهج هذا الأسلوب من خلال عقد مؤتمرات مُماثلة تتبنى ثقافة الإفصاح والشفافية.
إلّا أنَّ الوصول إلى "الشفافية الكاملة" يتطلب أكثر من أدوات وتقنيات؛ حيث إنه يتطلب ثقافة تنظيمية تؤمن بأنَّ الشفافية قوة وليست ضعفًا وأن الإفصاح عن التحديات هو أول الطريق نحو التطوير.
إنَّنا بحاجة إلى مؤسسات تُدرك أن الشفافية ليست عبئًا؛ بل فرصة لبناء الثقة مع المواطن، وتحقيق الكفاءة وتحفيز التنافسية الإيجابية بين الجهات. وعلينا أن نتجاوز مرحلة "الشفافية كشعار"، إلى مرحلة "الشفافية كسلوك"، وهي مسؤولية تبدأ من القيادات الإدارية العليا، وتنتقل عبر جميع المستويات.
ختامًا.. إذا أردنا لمؤسساتنا أن تكون جديرة بثقة المجتمع فعلينا أن نُكرّس الشفافية كجزء من هوية الإدارة في المؤسسات العُمانية الحديثة فالمجتمعات لا تنهض بالشعارات، بل بالممارسات اليومية التي تعكس القيم التي تؤمن بها.
** باحث دكتوراة في الإدارة العامة والتخطيط الاستراتيجي