نحل نادر يعرقل مشروعاً لـ"ميتا" بمليارات الدولارات
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
واجهت خطط شركة "ميتا" الطموحة لبناء مركز بيانات جديد للذكاء الاصطناعي عقبة غير متوقعة تمثلت في مخلوق صغير ولكن بالغ الأهمية، وهو النحل النادر.
جاء هذا التحدي بينما كانت شركة التكنولوجيا العملاقة، بقيادة مارك زوكربيرغ، تعمل على تأمين صفقة مع مشغل محطة طاقة نووية لتشغيل منشأة جديدة مخصصة لمشاريع الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، وفقاً لموقع "إنترستينغ إنجينيرينغ"، أوقفت المخاوف البيئية المتعلقة بهذا النحل النادر المشروع، حيث تم العثور على النحل في الأرض المخصصة لمركز بيانات "ميتا"، مما تسبب في الكثير من التعقيد، كما ورد في اجتماع الشركة.
وهذه العقبة هي أحدث مثال على المخاوف البيئية التي تتقاطع مع المشاريع التكنولوجية العالية، خاصة وأن شركات التكنولوجيا تسعى إلى مصادر طاقة صديقة للبيئة ومستدامة لتشغيل الذكاء الاصطناعي، وهو قطاع ذو احتياجات طاقة هائلة.
ويحتاج الذكاء الاصطناعي إلى الوقود للبحث عن مصادر طاقة خالية من الكربون، وكان مركز البيانات المخطط له جزءاً من استراتيجية Meta لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي.
ومثل عمالقة التكنولوجيا الآخرين، تسعى Meta بنشاط إلى مصادر طاقة خالية من الكربون لدعم البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والتي تتطلب طاقة أكبر بكثير من مراكز البيانات التقليدية، وظهرت الطاقة النووية كمرشح قوي لهذا الغرض، حيث تقدم حل طاقة محايد للكربون، ومع ذلك، تواجه Meta نقصاً حاداً في سعة مركز البيانات لتلبية الطلبات المتزايدة.
وأشارت سوزان لي، المديرة المالية لشركة Meta، خلال مكالمة أرباح حديثة: "تتجاوز احتياجاتنا من أجهزة الكمبيوتر سعة مركز البيانات المتاحة لدينا الآن، إن التأخير الناجم عن القضايا البيئية لا يؤدي إلا إلى تعميق هذه الفجوة".
إن فريق زوكربيرغ ليس وحده في التطلع نحو الطاقة النووية، فمع نمو الحاجة إلى مصادر الطاقة المستدامة، تكتسب الطاقة النووية الاهتمام، وخاصة بين شركات التكنولوجيا التي تسعى إلى خيارات طاقة موثوقة، ففي الآونة الأخيرة، لجأت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الطاقة النووية لتغذية مشاريع الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة، وفي حين واجهت الطاقة النووية انتقادات في الولايات المتحدة، فإن احتياجات الذكاء الاصطناعي العالية من الطاقة قد تعيدها إلى التركيز.
وتلجأ شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الطاقة النووية لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، وقعت شركة مايكروسوفت مؤخراً صفقة تاريخية مع شركة كونستليشن إنرجي لإعادة تشغيل محطة ثري مايل آيلاند النووية في بنسلفانيا.
وتعهدت شركة التكنولوجيا العملاقة بشراء الطاقة من المحطة لمدة عقدين من الزمن، وتخطط كونستليشن لاستثمار 1.6 مليار دولار في إحيائها.
كما تهدف شركة أمازون، وهي شركة منافسة أخرى لشركة ميتا، إلى الاستفادة من الطاقة النووية ولكنها واجهت تحديات تنظيمية، إذ رفضت لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية اقتراح أمازون للحصول على المزيد من الطاقة من كونستليشن، على الرغم من أن أمازون لا تزال لديها خطط لاستكشاف مفاعلات صغيرة معيارية، وهي تقنية نووية متطورة.
ولقد حصلت غوغل بالفعل على مفاعلاتها المعيارية الخاصة من خلال اتفاقية حديثة مع Kairos Power، والتي ستوفر ما بين ستة وسبعة مفاعلات معيارية خصيصاً لاحتياجات البيانات المتزايدة لشركة غوغل.
وتستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي، وخاصة الكبيرة منها مثل GPT-3، كميات هائلة من الطاقة، يمكن أن يعادل تدريب هذه النماذج استهلاك الطاقة لـ130 منزلًا أمريكياً، ويمكن أن يستخدم موجه الذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 10 أضعاف الطاقة من البحث العادي على الإنترنت.
واستثمرت ميتا ما يقدر بـ 9.2 مليار دولار في توسيع الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الخوادم ومراكز البيانات والبنية الأساسية للشبكة في الربع الثالث فقط، و قال زوكربيرغ للموظفين إنه لولا مشكلة النحل، لكانت Meta أول شركة تكنولوجيا كبرى تزود مركز الذكاء الاصطناعي بالطاقة النووية، وفقًا لما ذكرته صحيفة فاينانشال تايمز.
وانتكاسة ميتا مع النحل المهدد بالانقراض تؤكد على التوازن الحاسم بين الحفاظ على البيئة والابتكار في مجال الطاقة المستدامة، وتوجد في الولايات المتحدة العديد من أنواع النحل المهددة بالانقراض، لذا فإن حماية الموائل أمر بالغ الأهمية مع نمو الصناعات، وهذا يوضح كيف يجب على شركات التكنولوجيا الموازنة بين أهداف الطاقة الخضراء والعناية بالبيئة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ميتا شرکات التکنولوجیا الذکاء الاصطناعی الطاقة النوویة من الطاقة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي الشامل.. الوحش الحقيقي!
مؤيد الزعبي
صحيحٌ أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في كل المجالات تقريبًا فأحدها يكتب نصًا وآخر يرسم صورة أو يصمم تصميمًا أو يصنع فيديو أو حتى يؤلف موسيقى ويقلد فنانًا أو يحاورك ويسمعك كما لو كان طبيبًا أو صديقًا أو يدافع عن حقوقك كما لو كان محاميًا.
وهناك أدوات تتشكل على هيئة روبوتات وسيارات وثلاجات وهواتف وأجهزة مختلفة، كل هذا جميل ومذهل ولكن طالما أن كل هذه الأدوات لم تتجسد في نظام واحد شامل فالوحش الحقيقي لم يظهر بعد، فتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي لو كان نظامًا متكاملًا يرسم ويكتب ويعزف ويحمل ويبني ويصنع ليس كل واحد على حدة إنما كيان واحد متكامل، وقتها سيكون الوحش قد خرج وظهر للعلن، وعندما أقول لك كلمة "وحش" لا أقصد أبدًا المعنى السلبي؛ بل أعني أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح كالوحش قادرة على القيام بكل شيء نجده اليوم صعبًا أو مستحيلًا.
كل ما نراه اليوم من تطورات في عالم الذكاء الاصطناعي مازالت متفرقة، فما يصنعه شات جي بي تي وشبيهاته من أنظمة التوليد اللغوي ما هي إلا كلمات وأفكار يولدها، لم يحرك بها ذراعًا آلية ليبتكر ويصنع، ولم يمسك ريشة فنان ويبدأ بالرسم، إنما يرسم إلكترونيًا ويكتب إلكترونيًا، وحتى لو سألته كيف بالإمكان أن تصنع طائرة مسيرة كمثال سيقدم لك الطريقة لكنه لن يذهب للمعمل أو المصنع ويصنعها بنفسه، ولو تحدثت معه عن كيفية بناء مفاعل نووي بطريقة مبتكرة وصديقة للبيئة سيقدم لك إجابة شافية ووافية ولكنه لا يملك السلطة ولا حتى الأذرع لتنفيذ فكرته، فهو مجرد مولد للكلمات والرسومات والصور، ولهذا أخبرتك أن الوحش مل يظهر بعد، فتخيل عندما تصبح هذه الأدوات عبارة عن عقول وأذرع وأرجل وأنظمة متكاملة حينها ستكون قادرة على كتابة فكرتها وتضع خطتها ولديها أذرع تنفذ ما في عقولها.
وإذا ذهبت لأدوات تصنيع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي فصحيح أن نتائجها مذهلة ومتطورة فعندما تحول لك النص لفيديو، أو تقوم بتحويل فيديوهاتك لنماذج وأشكال غاية في الروعة إلا أنها حتى الآن لم تصبح نظامًا شاملًا قادرًا على إنشاء محتوى متكامل، وليست قادرة على إنشاء فيديو نستطيع القول بأنه احترافي من حيث الصورة والانيميشن والقصة والمؤثرات والنص، وبالطبع لم تصل قدرات الذكاء الاصطناعي لأن تصنع فيلمًا ولا حتى قصيرًا، فصحيح أن الأدوات موجودة بكل جانب على حدة إلا أنها غير شاملة في برنامج واحد، ولهذا تخيل عزيزي القارئ عندما تصبح هذه الأدوات متكاملة فحينها ستصنع لك فيلمًا سينمائيًا لو أردت، وربما لن تصنع لك ربما تصنع لنفسها وتصبح هي التي تدير قطاع المحتوى بأكمله، وسنجد حينها ذكاء اصطناعي قادر على كتابة سيناريو فيلم ويراجعه ويدققه ومن ثم يبدأ بتجهيزه وتنفيذه ونشره وترويجه دون أي تدخل منك، وربما نجدك تتفاوض معه لشراء حقوق بث أو استخدامه.
وكذلك الأمر في مسألة السيارات ذاتية القيادة، فنحن نجهز لسيارات تقود نفسها بنفسها وإلى الآن لم تكتمل الصيغة النهائية لهذه السيارة وحتى عندما تكتمل ستكون هذه السيارات ملكنا نحن البشر، ولكن ما أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تحركها وتنظم حركتها وتضع قوانينها وتطبقها على أرض الواقع حينها سنقول بأن هذا النظام لم يعد نظام ذكاء اصطناعي بل سيكون بمثابة وزارة للمواصلات والطرق، وكذلك الأمر عندما تصبح الربوتات هي الطبيب وأجهزة الفحص وهي نفسها المعامل والمختبرات وهي ذاتها من تعمل على تصنيع الأدوية وتقوم بتجريبها واختبارها، وأنا أتحدث أن يكون كل هذا ضمن نظام شامل متكامل، حينها سنجد الذكاء الاصطناعي وحشًا قادر على القضاء على الكثير من الأمراض وبنفس الوقت سيكون بمقدوره تحديد مصائرنا أو التأثير فيها فأنا أتحدث عن ذكاء اصطناعي شامل يدير بيوتنا وشوارعنا ومدننا ومكاتبنا وشركاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل شيء من حولنا.
ربما قد يصل لك عزيزي القارئ تصورًا بأن الذكاء الاصطناعي سيعمل مكان الحكومات في قادم الوقت وهو من سينفذ أعمالها بدلًا عنها، ولكن ماذا إن قلت لك أن الذكاء الاصطناعي الشامل سيكون قادرًا على إدارة ما هو أصعب من ملفات الحكومات أنفسها، سيكون قادرًا على إدارة حياتنا بأرضنا وسمائنا والدليل أننا نصنع اليوم أدوات ذكاء اصطناعي متفرقة تقوم بمهام هنا وهناك وقد شاهدنا العجب العجاب من قدراتها فكيف هو الحال لو كان النظام شامل.
لا أجد الأمر سيئًا أو مخيفًا؛ بل إنني على يقين بأن الذكاء الاصطناعي سيقدم لنا حلولًا لمشاكل لم نستطع نحن البشر القيام بها، خصوصًا وأننا على مفترق طرق من أمور كثيرة تهدد حياتنا؛ كالحروب والنزاعات وقضايا البيئة وانتشار الأمراض وعدم المساواة والتفاوت في معيشة الشعوب، كل هذا سيجد له الذكاء الاصطناعي تصريفًا ربما شاملًا، لكن كل ذلك مرهون بكيفية بنائه وتأسيسه وبرمجته، وهذا هو دورنا كبشر من الآن وصاعدًا، حتى نضمن تواجدنا في عالم الذكاء الاصطناعي الشامل.
رابط مختصر