في عالم تتزايد فيه الضبابية الفكرية، يظهر التلاعب بالألفاظ كأحد أخطر الأسباب التي تهدد استقرار المجتمعات وتضعف الفهم الصحيح للمفاهيم الدينية والإنسانية. فالله سبحانه وتعالى، حينما خلق الإنسان، أراد له الخير والنفع من خلال الامتثال لأوامره والابتعاد عن نواهيه، لأن في ذلك صيانة للعباد والبلاد. لكن، ما يحدث اليوم هو أن اللغة نفسها تتعرض للاختطاف والتشويه، ليتحول الحلال إلى حرام والحرام إلى حلال، في ظل تلاعب لفظي يُفسد المعاني ويضيع الحقوق.

 

التلاعب بالألفاظ: خيانة اللغة وأساس فساد المجتمعات

وفي هذا السياق طرح الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك  سلسلة جديدة تسلط الضوء على "مراد الله من عباده"، ليبحث في قضية حساسة: التلاعب بالألفاظ، فيقول النبي ﷺ في حديثه الشهير: "إن ناسًا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها" [أخرجه الحاكم في المستدرك]. هذا الحديث لا يتوقف عند الحديث عن الخمر فقط، بل يكشف عن ظاهرة التلاعب بالألفاظ، التي تفتح الأبواب أمام ارتكاب المحرمات تحت مسميات تبدو مقبولة أو مشروعة.

وتابع: التلاعب بالألفاظ ليس مجرد لعبة لغوية، بل هو أداة لتشويه الحقائق، مما يؤدي إلى تضييع الأحكام الشرعية. اليوم، نجد أن الخمر قد تُسمى "مشروبات روحية"، والزنا يُطلق عليه "حرية شخصية"، مما يجعل البعض يظن أن تلك الأفعال لم تعد تخضع لأحكام الشريعة.

وأضاف: واللغة، كما يقرر علماء اللغة والفكر، هي أداة للتفاهم والتواصل. لها ثلاث وظائف أساسية: الوضع، وهو ربط الألفاظ بالمعاني، والاستعمال، وهو نقل تلك المعاني من المتكلم إلى السامع، والحمل، الذي يعني أن الألفاظ يجب أن تُحمل على معانيها الأصلية المتعارف عليها. وإذا ضاعت هذه الوظائف من خلال التلاعب بالألفاظ، فإن المعاني تضل الطريق وتتشوه المفاهيم.

ووضح: أنه لا شك أن الفكر الحديث، خاصة ما بعد الحداثي، قد أسس لهذه الظاهرة بتقديمه للأفكار التي تبرر التشويه اللغوي باعتباره جزءًا من حرية التعبير. ولكن، ما لا يمكن تجاهله هو أن تلاعب الألفاظ يؤدي في النهاية إلى فساد عميق في المجتمعات، حيث تُفقد القيم والأخلاق، وتصبح المفاهيم الدينية والقانونية عرضة للتشويه.

وانتهى جمعة إلى أنه في عالم اليوم، حيث تزداد محاولات تشويه المعاني وتحريف الكلمات، يبقى الواجب على الجميع أن يتمسكوا بصدق اللغة وأمانتها، حفاظًا على القيم والأحكام التي جاء بها الدين، ولأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر إلا بما فيه خير الإنسان، فإن التلاعب بالألفاظ لا يعكس إلا فسادًا يؤدي إلى تدمير الفرد والمجتمع على حد سواء.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة جمعة النبي

إقرأ أيضاً:

اتهامات التلاعب في أعداد رؤوس الأغنام تلاحق جمعية مهنية وبرلمانيون يتحدثون عن نفخ في الأرقام

زنقة 20 ا عبد الرحيم المسكاوي

تواجه الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز التي يرأسها رجل الأعمال عبد الرحمان مجدوبي موجة من الاتهامات بـ”التلاعب” في أرقام رؤوس الأغنام التي تعلن عنها.

وفي هذا السياق لمّح البرلماني عبد الصمد حيكر خلال استضافته ببرنامج “مباشرة معكم” الذي بث يوم أمس على القناة الثانية، إلى وجود فضيحة تتعلق بتضخيم الأرقام.

وفي تصريحاته الأخيرة، أكد حيكر أن الجمعية، التي تربطها شراكة مع وزارة الفلاحة، تقوم بالإعلان عن أرقام ضخمة لرؤوس الأغنام، وهو ما يترتب عليه الحصول على دعم مالي كبير.

وتطرق البرلماني إلى التباين بين الأرقام التي تقدمها الجمعية عن 20 مليون رأس غنم مقابل الأرقام الواقعية التي قد تكون أقل بكثير، مشيرًا إلى أن الدعم المخصص لـ 7 مليون رأس يختلف تمامًا عن الدعم المقدم بناءً على الرقم المبالغ فيه.

وفي خطوة أخرى، دعا النائب البرلماني رشيد حموني عن حزب التقدم والاشتراكية، في سؤال كتابي موجه لوزير الفلاحة أحمد البواري، إلى التحقيق في الشراكة بين الوزارة والجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز.

وأشار حموني إلى دور الجمعية الكبير في قطاع تربية الماشية، حيث تشرف على شبكة تضم آلاف المربين وتوزع الدعم العمومي على مربي الماشية. كما أبدى قلقه من تضخيم الأعداد للحصول على دعم مالي أكبر، ما قد يؤثر سلبًا على التخطيط الفلاحي.

وطالب حموني الوزارة بتوضيحات حول تفاصيل الشراكة بين الوزارة والجمعية، وكذلك حول إدارة الأموال العمومية، مؤكدًا على ضرورة التحقيق في هذه الادعاءات المتعلقة بتضخيم أعداد القطعان واختلالات توزيع الدعم.

ويتساءل الكثيرون الآن عن ما إذا كان سيتم الاستماع إلى رئيس الجمعية في هذا الصدد، لا سيما مع تزايد مطالبات التحقيق في إجراءات الشراكة بين الجمعية والوزارة والاستماع إلى في اللجنة التي سيشكلها البرلمان.

يذكر أنه راج إعلاميا في وقت سابق أن منخرطين بالجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز (ANOC)، وضعو شكاية على طاولة زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، بغية فتح تحقيق وبحث في شبهة اختلاس وتبديد المال العام وغياب الحكامة في تدبير شؤون الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، التي يرأسها عبد الرحمان المجدوبي، منذ 2017.

مقالات مشابهة

  • معرض يتناول تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمعات
  • استشاري علاقات أسرية: التغافل في الخطوبة يؤدي إلى توقعات زائفة بعد الزواج
  • اتهامات التلاعب في أعداد رؤوس الأغنام تلاحق جمعية مهنية وبرلمانيون يتحدثون عن نفخ في الأرقام
  • الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمعات محور معرض في باريس
  • الإمارات تقود العالم نحو استشراف المستقبل وتعزيز جاهزية المجتمعات في مواجهة الأزمات
  • معلومات الوزراء يستعرض أهمية الاستثمار في تعليم الفتيات لتحقيق النمو المستدام
  • فتح تحقيق في تسريبات CNSS ومصادر لا تستبعد التلاعب في وثائق منشورة على مواقع التواصل
  • خلال 24 ساعة.. ضبط 24 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء
  • بعد الحديث عن أسر جنود صينيين يقاتلون ضد أوكرانيا... بكين تنفي اتهامات كييف وتؤكد "لا أساس لها"
  • قبل الترويج في السوق السوداء.. ضبط أكثر من 16 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة