الاستشراق الجديد أداة للهيمنة على المجتمعات وإخضاعها
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
ويعرف الاستشراق بأنه علم دراسة الشرق، وتطلق كلمة مستشرق على كل غربي يشتغل بدراسة الشرق كله. ويعود تاريخ الاستشراق إلى الحروب الصليبية، والتي رافقتها دعايات كنسية تعمق من العدائية ضد الإسلام.
ومنذ منتصف القرن العشرين، ظهرت مدارس استشراقية أخرى عرفت بالاستشراق الجديد، وهو توجه لا يمثل قطيعة مع ما يعرف بالاستشراق الكلاسيكي.
وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، بدأ ساسة غربيون يتبنون خطاب المستشرقين الجدد، كان أبرزهم الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، الذي تحدث حينها "عن الحرب الصليبية على الإرهاب" ورئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
غير أن خطاب المستشرقين الجدد تجلى بصورة واضحة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي عمل حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض على شيطنة الإسلام والمسلمين.
وحسب أستاذ علم اللغة بجامعة المنوفية، خالد فهمي -في حديثه لبرنامج "موازين"- فقد كانت هناك محاولات أوروبية وغربية مبكرة لفهم الإسلام باعتباره عدوا، مؤكدا أن ما يعرف بالاستشراق الكلاسيكي كان يدور في فلك خدمة الكنيسة والاستعمار. أما الاستشراق الجديد "فهو وريث لتركة ضخمة للغاية من الاستشراق القديم، وهو نسخة حاول الغرب أن يخدعنا بها من خلال إعادة التسمية".
وجاء الاستشراق الجديد عبر أمثلة أميركية يحددها فهمي في مؤسسة "راند" البحثية التي تأسست عام 1948 و"مؤسسة جيمس بيكر" و"مؤسسة نيكسون" حيث ترتبط أسماء هذه المؤسسات بزعماء سياسيين إمبرياليين بالدرجة الأولى، كما يقول أستاذ اللغة العربية.
كما أن عددا من مؤسسي ومنظري السياسات الخارجية الأميركية في حقب ما بعد انتشار الاستشراق المتجدد كانوا أبناء بررة لمؤسسات الاستشراق الكلاسيكي، مثل وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس، وهي واحدة من أعضاء مجلس أمناء "مؤسسة راند".
وبشأن الانتقادات التي توجه للاستشراق الجديد، يرى هلال الحجري رئيس قسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس (سابقا) أن الاستشراق الجديد ليس أقل موضوعية من سابقه، بدليل أن كتاب المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد " الاستشراق" نتج عنه وعي جديد بالدراسات الشرقية، وهناك باحثون في معظم الجامعات الغربية يتبنون نظرة سعيد ويدافعون عن الشرق.
أداة للسياسة الأميركية الإسرائيليةوأشار الحجري إلى أن بعض المستشرقين من خارج الدوائر الأكاديمية، وارتبطوا بالساسة وبالإدارات الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط، والنماذج التي انتقدها المفكر الفلسطيني الأميركي وكانت في معظمها لا تنتمي للمجالات الأدبية والأكاديمية، بل كانوا ضباطا وساسة.
وعن موقف الاستشراق الجديد من العالم الإسلامي، يؤكد أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر محمد مختار الشنقيطي -لبرنامج "موازين"- أن الاستشراق كانت بذرته دينية في العصور الوسطى وبدايات عصر النهضة، ثم تحول إلى ما يشبه الدراسات التراثية واللغوية التي لم تكن بعيدة عن المشاريع الاستعمارية.
أما الاستشراق الجديد -الذي بدأ منتصف القرن العشرين- فيهتم بالدراسات الاجتماعية والإستراتيجية، وهو أقرب التصاقا بالعنصر السياسي وأبعد عن الأكاديمي، وأشار الشنقيطي إلى أن الأميركيين هم من دفعوا ووقفوا وراء الاستشراق الجديد.
والاستشراق الجديد بالولايات المتحدة، يضيف الشنقيطي "أداة من أدوات من السياسة الأميركية والإسرائيلية، وهو أقرب إلى مراكز دراسات إستراتيجية تدرس المجتمعات من أجل إخضاعها".
وبخصوص ما يسمى الاستشراق الإسرائيلي، يؤكد الشنقيطي أنه يمكن فصله عن الأميركي، بحكم التداخل بين النخب السياسية الأميركية والإسرائيلية، والأثر الكبير للمثقفين اليهود الأميركيين في الاستشراق الجديد، وقال إن ما لفت نظره هو الهوس الإسرائيلي بالتجربة الصليبية والخوف من تكرار نفس المصير.
ومن جهة أخرى، يشير الحجري -في مداخلته- إلى دور السينما والفن التشكيلي في تعزيز صورة نمطية سلبية عن العرب والمسلمين، ويقول إن الفن ارتبط بما أسماه الاستشراق السيئ، ومنذ الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 مارس الفن التشكيلي دورا مباشرا في تعزيز الإستراتيجية الاستعمارية.
وفي العصر الحديث، قامت السينما بدور سيئ واختزلت الأفلام التي أنتجتها هوليود صورة العربي بأنه إرهابي وتاجر عبيد، كما يوضح رئيس اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس.
8/11/2024المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
وزير الصحة الأميركي يروّج للتطعيم ضد الحصبة
تحدث وزير الصحة الأميركي روبرت كينيدي جونيور، الذي يوصف أنه مشكك في اللقاحات، الأحد لصالح التطعيم ضد الحصبة، مع انتشار هذا الوباء الشديد العدوى في جنوب غربي البلاد.
وتوفي طفل غير ملقّح في نهاية فبراير/شباط في ولاية تكساس، وهي أول وفاة منذ عقد بسبب هذا المرض.
وكان روبرت كينيدي جونيور الذي عُيّن أخيرا وزيرا للصحة، قد أدلى في الماضي بالعديد من التصريحات "المضللة" عن سلامة لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (الحميراء). كما قلّل من أهمية الوباء مؤكّدا أن هذه المواسم السنوية "ليست غير عادية".
لكنه كتب في مقال نشرت مقاطع منه محطة "فوكس نيوز" الأحد أنه "يشعر بقلق عميق إزاء تفشي مرض الحصبة في الآونة الأخيرة".
وأضاف "اللقاحات لا تحمي الأطفال من الحصبة فحسب، بل تساهم أيضا في المناعة الجماعية، ما يوفر حماية للأشخاص الذين لا يمكنهم تلقي اللقاح لأسباب طبية".
لكن "الحصول على اللقاح هو قرار شخصي"، وفق ما قال داعيا جميع الأهالي إلى "الحصول على الاستشارة لفهم خياراتهم من أجل الحصول على لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية".
ولفت إلى أنه طلب من الوكالة الصحية الفدرالية، من ضمنها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) توفير الدعم للسلطات الصحية في تكساس.
إعلانوواجهت "سي دي سي"، على غرار وكالات حكومية أخرى، خفضا في عدد الموظفين في الأسابيع الأخيرة كجزء من الإصلاح الشامل الذي ينفذه الرئيس دونالد ترامب للحكومة الفدرالية.
وقال روبرت كينيدي جونيور إن العاملين في مجال الصحة والمسؤولين ومختلف المجموعات مسؤولون عن "ضمان نشر معلومات دقيقة حول سلامة اللقاحات وفعاليتها" وجعل "اللقاحات في متناول كل من يريدها بسهولة".
ورفض الانتقادات التي تتهمه بمناهضة اللقاحات، مؤكّدا أن آراءه أسيء تفسيرها، وأصر على أنه يدافع عن سياسات "منطقية".
وحتى نهاية فبراير/شباط، تم الإبلاغ عن أكثر من 160 مصابا بالحصبة في أنحاء البلاد، معظمهم في شرق تكساس، وفق "سي دي سي".
وانخفضت معدلات التطعيم في الولايات المتحدة، خصوصا بسبب المعلومات المضللة عن اللقاحات.