قال الشيخ الدكتور صلاح البدير؛ إمام وخطيب المسجد النبوي،  إنه يجب على المغتاب التوبة، وأن يقلع عنها ويندم على فعله، ويعزم على ألا يعود إليها.

كيفية التوبة من الغيبة

وأوضح “ البدير” خلال خطبة الجمعة الأولى في جمادي الأول اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه ولا يشترط إعلام مَن اغتابه ولا التحلل منه، ولا طلب البراءة من غيبته على الصحيح من قولي العلماء، لأن في إعلامه إدخالاً غم عليه.

وأضاف:  وقد ينتج عن إخباره خصامٌ أو نفرة أو تقاطع أو تهاجر أو إيذاؤه أو تحزينه وتكديره، منوهًا بأن دأب الصالحين المشفقين من العذاب وسوء الحساب، فلا يستغيبون أحدًا، ولا يُمَكِّنُون أحدًا يستغيب بحضرتهم .

وتابع: لما في الغيبة من ذميم العاقبة واستجلاب الضغائن وإفساد الإخاء، منوهًا بأن الغيبة ذِكْرُ الْعَيْب بِظَهرِ الْغَيْبِ، والغِيبة أن تذكُر أخاك بما يَشِينه، وتَعِيبه بما فيه، لما  رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ"، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ"،  قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ.

واستطرد:  قَالَ: "إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ" أخرجه مسلم، محذرًا من مجالس المغتابين واستحلال ما حرم الله تعالى، ومجاملة الأقران والرّفاق في الغيبة والاستطالة في أعراض الناس، فالواجب على مَن سمع غيبة مسلم أن يردها.

وأردف:  وأن يزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام والنصيحة تنحى عنه وفارق مجلسه، مذكراً بوصية يزيد بن المهلب؛ لابنه: "وإياك وشتم الأعراض، فإن الحرّ لا يرضيه من عرضه عوض"، فقد كان السلف إذا عدّدوا مآثر رجلٍ صالحٍ وأثنوا عليه قالوا عنه فيما قالوا "لم يُسمع في مجلسه غيبة".

النهي الشدِيدِ 

 وأفاد بأن  من علامة العقل وطهارة النفس وقوة الإيمان التحفظ في المنطق ومَن صَلُحَ جنانه صَلُحَ لسانه، والتنزه من الغيبة، والتحرُّز من سماعها والرضا بها، مشيرًا إلى أن الغيبة إدام اللئام ومرعى الآثام.

وبين النهي الشدِيدِ والزَّجْرُ الْأَكِيدُ عن الغيبة ، فقد قال تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)، أَيْ: كَمَا تَكْرَهُونَ هَذَا طَبْعًا، فَاكْرَهُوا ذَاكَ شَرْعًا.

ودلل بما ورد في الحديث قول عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِي -صلى الله عليه وسلم-: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا -تَعْنِي قَصِيرَةً- فَقَالَ: "لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ" قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَاناً، فَقَالَ: "مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَاناً وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا" أخرجه أبوداود والترمذي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي الدكتور صلاح البدير خطبة الجمعة من المسجد النبوي

إقرأ أيضاً:

الأطفال يسألون وشيخ الأزهر يجيب .. هل ما يحدث للمسلمين غضب من الله؟

اتاح جناح الأزهر الشريف، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الجزء الثانى من كتاب "الأطفال يسألون الإمام" لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذى يتاح للجمهور بجناح الأزهر بـ معرض الكتاب.

ويتضمن الكتاب، أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا، ظنًّا منهم أنَّ تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة، ويطلبون منهم التوقف عن ذلك، جاءت فكرة هذا الكتاب الذي جمع فيه أسئلة الأطفال ليجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه ليرشدهم، ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربويَّة لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار، والإجابة عنها بعقل متفتح؛ بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور في الحياة.

وأجاب شيخ الأزهر عن عدد من أسئلة الأطفال في هذا الكتاب وهذه الأسئلة والإجابات كما يلي :

هل ما يحدث للمسلمين من هزائم غَضَب من الله علينا ؟ ولو كان كذلك ماذا نفعل حتى يرضى الله عنا وينصرنا ؟

أبنائي وبناتي .. سبق أن قررنا أن الله تعالى وعد رسله وعباده المؤمنين بالنصر في الدنيا والآخرة، فقال عز وجل : ﴿إِنَّا لَننْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر : ٥١] ، وما يحدث للمسلمين الآن لا يلزم أن يكون غضبا من الله تعالى، لا سيما وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : يُوشِكُ الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكَلَةُ إلى قصعتها ، فقال قائل : ومِن قِلَّةٍ نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل" ، ، ولينزِعَنَّ اللهُ مِن صُدُورِ عَدُوِّكم المهابة منكم، وليقذفن الله قلوبكم الوَهْنَ ... ).

ولو كانت الهزيمة العسكرية دليلا على غضب الله تعالى لكان لازم ذلك أن يكون سبحانه قد غضب على النبي أحد وهو محال، قال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ : عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة : ١٠٠] ، وإنما الهزيمة نوع من ابتلاء الله تعالى لأمة الإسلام، قال عز وجل: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة : ١٥٥] ، ومن أهداف هذا الابتلاء ما أخبر به سبحانه وتعالى في قوله: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران : ١٤١] . صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم

ولكي نكون أهلا لنصر الله تعالى لا بد من الاعتصام بحبله المتين، والعودة إلى دينه القويم وإحياء قيم الإسلام وتعاليمه، والأخذ بكافة سبل القوة والعلم والتقدم، قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [ الحج : ٤٠] .

أي كما يدعو أكلة الطعام بعضهم بعضًا إلى أطباق الطعام التي يتناولون منها بلا مانع ولا منازع، فيأكلونها عفوا صفوا، فكذلك يأخذ أعداؤكم ما في أيديكم بلا تعب ينالهم، أو ضرر يلحقهم، أو بأس يمنعهم.

أنا طالبة أبلغ من العمر (١٤) عاما ، وأدرس في مدرسة أجنبية .. وفي أحد الدروس ناقشت معلمتنا الأجنبية حق الطفل في اختيار هويته الجنسية؛ بمعنى رغبة الصبي في أن يتحول إلى فتاة أو العكس، وعندما قلت في أثناء النقاش : إن هذا حرام، وصفني البعض بالرجعية والتخلف .. فكيف أرد عليهم ؟

إبنتي الحبيبة ...

اقتضت حكمة الله تعالى وحفاظا على الجنس البشري استمرارًا للعمران أن يجعل الخلق على نوعين : ذكر وأنثى، فقال جلت حكمته : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ﴾ [الحجرات: ١٣] ، وقال سبحانه: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾ [ النجم : ٤٥] .

ولا بد هنا أن نميز بين حالات اضطرابات الهوية الجنسية وبين التحول الجنسي :

أما حالات اضطرابات الهوية الجنسية فتكون أحيانًا مرضًا جينيا يدخل ضمن العلاج وطلب التداوي بعد تشخيص الأطباء الثقات، وتعرف تلك الحالات بتحويل النوع، ويتم عرضها على مجمع البحوث الإسلامية بواسطة نقابة الأطباء، حيث يتم الاطلاع على الحالة وتقييمها، فإن كانت تستحق الدراسة يتم تحويلها إلى اللجنة الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية أو هيئة كبار العلماء، ويتم بحثها ورفع تقرير بها؛ لكي يتم اتخاذ القرار فيها بالتعاون مع نقابة الأطباء.

أما التحول الجنسي الذي يتم بناءً على هوى الشخص واختياره دون مبرر طبي  فهذا من قبيل مخالفة الفطرة، وتغيير خلق الله، وله آثاره السلبية على الفرد والمجتمع، ونحن لنا توجيهاتنا الدينية وهويتنا الإسلامية والعربية وعاداتنا الخاصة واستقلالنا الثقافي، الذي يجعل هذه الأمور الوافدة علينا لا تناسبنا ولا يتقبلها مجتمعنا، ولا يسمى ذلك تخلفا ورجعية بل هو التزام وخصوصية والذي له حق الفتوى في مثل هذه الأمور بالحل والحرمة هم المتخصصون من العلماء والأطباء.

مقالات مشابهة

  • ذنوبي كثيرة كيف أرجع إلى الله؟.. الدكتور أيمن الحجار يجيب
  • قبل بدء شهر رمضان 2025.. خير الأعمال وأفضل العبادات
  • رئيس الجمهورية يستقبل خطيب المسجد الأقصى
  • هل يصح القول: الأديان السماوية؟
  • كيف نتوب من الغيبة والكلام السيئ؟.. أمين الفتوى يجيب
  • السيد القائد يحذر العدو الصهيوني من العودة الى التصعيد
  • عملت ذنب وعايز تتوب.. اعرف كيف تكون التوبة خالصة لله
  • حكم قول بلى بعد قراءة أليس الله بأحكم الحاكمين.. الإفتاء ترد
  • الأطفال يسألون وشيخ الأزهر يجيب .. هل ما يحدث للمسلمين غضب من الله؟
  • خطيب المسجد الأقصى يُشيد بدعم الجزائريين لأهل القدس