موسكو- نقاط عديدة ورسائل في أكثر من اتجاه تضمنها خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الجلسة العامة لنادي "فالداي" الدولي الذي اختتم أعماله أمس الخميس بمدينة سوتشي الروسية، حيث ذكر بوتين أن "نظاما عالميا جديدا تماما يتشكل أمام أعيننا"، وأن "البنية القديمة للعالم قد انتهت بلا رجعة، ويمكن للمرء أن يقول إنها انتهت بالفعل".

وأضاف في خطاب استمر لوقت متأخر من مساء الأمس أن "العالم المعاصر لا يمكن التنبؤ به، وإذا تم النظر إلى الوراء 20 عاما وتقييم حجم التغيير، فيمكن القول إن الـ20 عاما القادمة لن تكون أقل صعوبة بل أكثر".

وأشار إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا والصين تتحول ضد الدول الغربية التي فرضتها، وفي الوقت الذي تحد فيه أوروبا من المعروض من السلع الصينية، تعترف بأن روسيا لديها أرخص موارد الطاقة، والصين لديها أرخص السلع.

وأوضح بوتين في خطابه أن لدى روسيا أفكارها الخاصة لحل الصراع في الشرق الأوسط، وأنها "على اتصال دائم مع الجميع إن لم يكن كل يوم، فكل أسبوع"، لإيجاد ما يمكن أن يكون مقبولا للجميع، داعيا إلى الحد من معاناة الشعب الفلسطيني وإنهاء القتال.

وجدد موافقة بلاده على إجراء مفاوضات سلام مع أوكرانيا، ولكن "لا ينبغي أن تكون هذه هدنة لمدة نصف ساعة أو 6 أشهر، حتى تتمكن القوات الأوكرانية من إطلاق القذائف"، بل على أساس الحقائق الناشئة وعلى أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إسطنبول.

وأوضح أن اعتراف موسكو بحدود أوكرانيا لن يكون ممكنا إلا بعد أن تختار هذه الدولة الحياد، "وإلا فإنها ستكون دائما أداة في أيدي دول ثالثة" حسب تعبيره، ولفت إلى أن روسيا اعترفت دائما بحدود جمهوريات ما بعد الاتحاد السوفياتي في إطار الاتفاقيات التي وقعت بعد انهياره، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن أوكرانيا تحتفظ بوضع محايد، لكنها أرادت بعد ذلك الانضمام إلى الناتو.

"الأغلبية العالمية"

وفي تحليل لأبرز ما تضمنه خطاب الرئيس الروسي، اعتبر مراقبون روس أن الخطاب شكل رسالة سلام واستعداد للحوار والحل السياسي، وفي الوقت ذاته، عزم روسيا على مواصلة تحدي سياسة العقوبات والأحادية القطبية.

وبحسب الباحث في الشؤون الدولية دميتري كيم، فقد قدم بوتين إجابات شاملة على القضايا الأكثر تعقيدا على جدول أعمال العالم، والاستنتاج الرئيسي هو أن روسيا منفتحة على التعاون، ولن تكون هناك عودة إلى عالم أحادي القطب.

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر أن تصريحات بوتين بشأن استعداده للمفاوضات بشأن أوكرانيا تعد خطوة مهمة نحو السلام في هذا البلد، لكن علاقات حسن الجوار بين روسيا وأوكرانيا مستحيلة دون حياد كييف.

ووصف الخطاب بأنه أكد الأسس التي يجب أن يقوم عليها النظام العالمي الجديد، والتي يجب أن تقوم على الانفتاح والتفاعل والتعددية والحد الأقصى من تمثيل الدول، والأمن العالمي والعدالة للجميع والمساواة، ورغم أنه من المفهوم أن بعض الدول قد تكون أكبر وأقوى، فإن هذا لا ينبغي أن يؤدي إلى عقلية الغطرسة، وفي النظام العالمي الجديد، يجب أن يكون لكل دولة الحق في تقرير المصير.

ورأى أن الرسالة المتعلقة بالعلاقات الصينية الروسية كانت موجهة إلى واشنطن، ومفادها أن الوقت قد حان لكي تتوقف الولايات المتحدة عن كونها قوة مهيمنة، وتتحول إلى شريك لموسكو وبكين وإيجاد لغة مشتركة معهما، "كونهما تعبران عن مفهوم الأغلبية العالمية"، حسب وصفه.

خطاب بوتين أكد وجود تعاون متنامٍ ومتبادل المنفعة بين الدول الكبرى مثل روسيا والصين والهند (موقع نادي فالداي) دور واشنطن

من جهته، أشار الكاتب في الدراسات الدولية، ديمتري زلاتوبولسكي، إلى أهمية ما تضمنه خطاب الرئيس الروسي من وجهات نظر روسيا بشأن الأمن الأوراسي، ومن بينها أن موسكو وشركاءها في هذه المنطقة ليسوا مستعدين للعب لعبة محصلتها صفر، بل أصبح التعاون المتنامي والمتبادل المنفعة بين الدول الكبرى -روسيا والصين والهند- ملحوظا على نحو متزايد في السنوات الأخيرة.

وبرأيه، فإن إشارة بوتين إلى هذه الحيثية هي دعوة جديدة للانضمام إلى عملية بناء هيكل عالمي جديد في أوراسيا، وهو ما يختلف عن تصرفات الدول الغربية، التي أصبح التعاون في السنوات الأخيرة بالنسبة لها مرادفا لتوسع الكتل العسكرية.

وبخصوص العلاقات مع واشنطن بعد انتخاب دونالد ترامب، أوضح أنه من جهة بوتين، فقد أعرب عن أمله في استعادة علاقات روسيا مع الولايات المتحدة، ولكن الكرة من جهة أخرى قد باتت الآن في ملعب الإدارة الأميركية، لأن الكرملين لم يفسد العلاقات مع واشنطن ولم يفرض عقوبات، ولم يساهم في اندلاع صراع مسلح بالقرب من أراضيهم، كما فعلوا مع روسيا.

يذكر أن نادي "فالداي" الدولي للمناقشات تم إنشاؤه في عام 2004، وسمي نسبة لموقع المؤتمر الأول الذي انعقد بمدينة فيليكي نوفغورود، بالقرب من بحيرة فالداي.

وعلى مدار سنوات وجود النادي، شارك في أعماله أكثر من 9 آلاف خبير وباحث وسياسي وشخصيات عامة من جميع أنحاء العالم، وأصبحت المؤتمرات الإقليمية لنادي "فالداي" سواء الآسيوية أو الأفريقية أو في آسيا الوسطى أو الشرق أوسطية أو الروسية الصينية وغيرها تحظى باهتمام متزايد من جانب الخبراء الدوليين.

وتقام جلسات النادي في إطار منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي والمنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك، وفي عام 2024 أطلق نادي فالداي مشروعا جديدا للشباب يسمى "فالداي-الجيل الجديد" بهدف تشكيل منصة من الباحثين الشباب لإيجاد حلول جديدة للمشاكل الأكثر إلحاحا في السياسة الدولية والاقتصاد العالمي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

لمدة 90 يوماً.. ترامب يوقف الرسوم الجمركية على الدول التي لم ترد عليها 

 

الجديد برس|

 

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب -اليوم الأربعاء- إنه سمح بوقف مؤقت مدته 90 يوما، في إطار خطته للرسوم الجمركية، لكنه رفع كذلك نسبة الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% تسري على الفور، بعدما كانت 104%.

 

وأضاف ترامب أنه “أذن بتعليق لمدة 90 يومًا، وتخفيض كبير في التعرفة المتبادلة خلال هذه الفترة، بنسبة 10%، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ فورا”.

 

وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه قرر وقف الرسوم الجمركية المضادة 90 يوما عن الدول التي لم ترد على الرسوم الأميركية، في حين زاد الرسوم على الصين التي أعلنت مزيدا من الإجراءات الانتقامية.

 

وأقر ترامب بأن الناس يشعرون ببعض الخوف من الرسوم الجمركية، مجددا الإشارة إلى قناعته بإمكان التوصل إلى اتفاقيات تجارية مع العديد من الدول في نهاية المطاف، بما في ذلك الصين.

 

وقال: “الصين ترغب في إبرام اتفاق. لكنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك، الرئيس شي جين بينغ رجل معتز بنفسه، إنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك لكنهم سيجدون حلا”.

 

في السياق، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت -اليوم الأربعاء- إنه يعتقد أن إدارة ترامب يمكنها التوصل إلى اتفاقات بشأن الرسوم الجمركية مع حلفاء الولايات المتحدة.

 

يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه بيسنت لقيادة مفاوضات مع أكثر من 70 دولة خلال الأسابيع المقبلة، محذرا من أن التحركات للتقارب على نحو أوثق مع الصين قد تأتي بنتائج عكسية.

 

وقال بيسنت -خلال مؤتمر لجمعية المصرفيين الأميركيين في واشنطن- إنه سيضطلع بدور تفاوضي رئيسي في المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب.

 

 

وأضاف أنه على الرغم من الاضطرابات التي تشهدها الأسواق المالية “قالت الشركات -التي تحدثت معها عموما- والوافدون، وأعني الرؤساء التنفيذيين، الذين جاؤوا إلى وزارة الخزانة، إن الاقتصاد قوي للغاية”.

 

وتسببت الرسوم الجمركية المضادة التي فرضها ترامب، والتي يقول إنها تهدف إلى القضاء على العجز التجاري للولايات المتحدة مع كثير من البلدان، في قلب نظام التجارة العالمي رأسا على عقب، مما أثار مخاوف من حدوث ركود وأدى إلى خسارة شركات كبرى تريليونات الدولارات من قيمتها السوقية.

 

وشهدت الأسواق العالمية مزيدا من التراجع اليوم مع سريان الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها ترامب على البضائع الصينية بنسبة 104%، بينما أثارت موجة بيع حادة في السندات الأميركية مخاوف من هروب التمويل الأجنبي من الأصول الأميركية.

 

وقال بيسنت إن هناك اهتماما كبيرا بالتفاوض مع الولايات المتحدة لخفض الرسوم الجمركية، مشيرا إلى أن ترامب تحدث بالفعل مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية، وإن مسؤولين أميركيين سيلتقون وفدا من فيتنام اليوم.

 

وأضاف “أعتقد… أننا قد نتمكن في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق مع حلفائنا، ومع الدول الأخرى التي كانت… من الحلفاء العسكريين الجيدين، لكنها ليست من الحلفاء الاقتصاديين المثاليين. ومن ثم، يمكننا التعامل مع الصين وكأنها مجموعة”.

 

وأضاف أن الرسوم الجمركية المضادة الشاملة التي أعلنها ترامب الأسبوع الماضي تمثل سقفا للرسوم الجمركية إذا لم ترد الدول، لكن الصين لم تستجب لهذه النصيحة.

 

وتابع “في ما يتعلق بالتصعيد، لسوء الحظ، فإن أكبر مرتكبيه في النظام التجاري العالمي هو الصين، وهي الدولة الوحيدة التي قامت بالتصعيد”.

مقالات مشابهة

  • واشنطن: الدول التي امتنعت عن الرد على الرسوم بالمثل تلقت مكافأة
  • لمدة 90 يوماً.. ترامب يوقف الرسوم الجمركية على الدول التي لم ترد عليها 
  • بشروط واضحة.. ترامب يلوّح بفرصة تجارية نادرة
  • وزير الخزانة الأمريكي: واشنطن مستعدة للحوار مع أى دولة لم تتخذ إجراءات انتقامية
  • من بينها مصر والأردن .. ما هي الدول التي قررت السعودية وقف التأشيرات لها استعداداً لموسم الحج؟
  • العفو الدولية: عمليات الإعدام تسجل أعلى مستوياتها في عقد... من هي الدول التي تتصدر القائمة؟
  • خبراء أمميون: الممارسات “الإسرائيلية” تؤدي إلى مذبحة بحق الفلسطينيين
  • وسائل إعلام: بوتين شكر لوكاشينكو على ضبط المتفجرات المتجهة إلى روسيا
  • الرئيس البرتغالي يؤكد أهمية الجهود المشتركة مع الهند لتحقيق التعددية
  • خبراء اقتصاديون يؤكدون أن وضع صيغ تفاوضية سبيل لاستقرار الأسواق العالمية