د. إسلام عبد الرؤوف يكتب: ترامب الذي كان .. لماذا صوت مسلموا أمريكا لترامب؟
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
من إيجابيات وصول ترامب للبيت الأبيض هذه المرة أن الجالية العربية والمسلمة في أمريكا، سوف يتم الاستماع إليها مستقبلاً بعدما كانت كمًا مهملًا، وصوتًا مضمونًا. فالمسلمون والعرب تحولوا في نظر الإدارة الأمريكية من مشكلة وعبء يجب التخلص منه، إلى شريك وداعم يجب التواصل معه، فقد أعطوا ترامب وعدًا بالتصويت له إذا أعطاهم وعودًا محددة، أهمها وقف الحرب في غزة، ومحاربة الإسلاموفوبيا في الإعلام الأمريكي، وإشراك بعض المسلمين في الإدارة الجديدة، والوقوف صد المناهج الدراسية المضادة للقيم الدينية، وتعهد ترامب بذلك، وبالفعل كانوا سببًا في فوزه بولاية ميتشيجن المتأرجحة والتي أعطت صوتها لبايدن الانتخابات الماضية.
رغم أن شخصية ترامب مثيرة للجدل وخارجة عن السياق السياسي التقليدي، الأمر الذي يسبب قلق وترقب في أروقة الإدارة الأمريكية العميقة وغيرها، إلا أنه في نظر من صوتوا له قائد قوي وشجاع وعفوي، وشخصيته النرجسية تلك تجعله أكثر عندًا وحرصًا على الوفاء بوعوده أمام الناخبين مهما كلفه ذلك.
ترامب في الغالب ليس رجل عقيدة ومبدأ، وإنما رجل "صفقات"، وهو لا يخجل من تقديم نفسه بهذه الصفة، ولو رأى أن مصلحته مع المسلمين ممكن أن يفعل أي شيء لممالأتهم، وقد فعلها من قبل عندما رفع الإنجيل وأقسم عليه أمام الكنيسة المجاورة للبيت الأبيض وأمام عدسات المصورين، وكأنه رجل متدين، ليغازل الإنجيليين ويكسب تأييدهم، وقد فُضح في أحد اللقاءات سأله فيه مذيع عن أكثر آية يفضلها في الإنجيل، فرد "هذه مسألة شخصية لا أحب الحديث فيها" ويبدو أنه لا يحفظ شيئًا من الإنجيل، القضية بالنسبة له صفقات وقتيه، وليست بالعمق الأيدولوجي والفلسفي الذي قد يظنه البعض.
هو هو من لعب من قبل على وتر الإرهاب والإسلاموفوبيا لأنه كان كارتًا رابحًا وخطابًا رائجًا في الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، أو بعبارة أخرى بضاعة وجد من يشتريها من الأمريكيين المائلين للخوف أو القلق من الإسلام والمسلمين،وهذا الموضوع قديم حديث ويتجدد مع حوادث العنف المنسوبة للإسلام، وربما نفصل أكثر في هذا لاحقًا، أما الآن فالوضع تغير، وخطابه تغير معه، لإنه في الغالب ليس مؤمنًا بأيدولوجية محددة، بل مؤمن بكل يمكن به تحقيق “الانتصار” على خصومه.
نظريتنا بأن “كلهم أسوء من بعض” في رأيي ليست فعَّالة، السياسة هي “فن الممكن”، وهي مسألة فيها تدافع شدًا وجذبًا لتحقيق المصلحة، أو لنكون أكثر دقة “المصلحة الممكنة”.
بكل حال من الأحوال لن يكون هناك أسوء من السنوات الأربع التي مرت لأسباب تتعلق بمصلحة أمريكا نفسها، وليس رحمة بنا ولا تعاطفًا مع قضايانا. وأفضل ما يمكن فعله هو أن ننتظر لنرى ما سيحدث نحن كمسلمين وعرب خارج الولايات المتحدة الأمريكية، أما عن مسلمي وعرب أمريكا، فليس أمامهم سوى تأكيد تواجدهم وتأثيرهم، فقد بدأ عهد جديد بالنسبة لهم يجب أن يستثمروه بقوة، ويزيدوا من مساحة مشاركتهم السياسية، فغير مقبول أن يكون في الكونجرس الأمريكي فقط عضوان مسلمان، ثم نشتكي أن خطاب نتانياهو الأخير في الكونجرس حاز تصفيقًا حادًا عقب كل جملة كما لو كانت تغني "أم كلثوم" في دار الأوبرا!
معروفٌ أن الواقع السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية معقد وفيه كثير من القوى وكروت الضغط التي فهمها الطرف المعادي مبكرًا وأعد نفسه لوقت معلوم، واليوم يجني ثمار ذلك واضعًا ساقًا على أخرى، بينما نحن لم نخطط ولم نتجهز ليوم نحتاج فيه لكل صوت مؤثر يسند ويساند القضية من داخل البيت الأمريكي، البيت الذي يتحرك بعصا الضغط وجزرة المصلحة، فهل ما حدث بداية سياسية جديدة للمسلمين والعرب في أمريكا؟ هذا ما نأمله ونترقبه.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
أمريكيون عرب صوتوا لترامب يتململون من تعييناته
بعد أسبوع واحد فقط من فوزه بغالبية الأصوات في الكثير من كبريات المدن ذات الغالبية العربية في الولايات المتحدة، اختار الرئيس المنتخب دونالد ترامب مؤيدين مخلصين لإسرائيل، للمناصب الإدارية العليا في إدارته، بما في ذلك سفير إلى إسرائيل يدعي أنه "لا شيء اسمه شعب فلسطينيي".
كان لدينا خيار بين شخص يطلق النار عليك ويقتلك، وشخص يهددك بذلك
وكتب جوي كابيليتي في وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، أنه في الوقت نفسه لم يحصل المستشاران اللذان قادا عملية تواصل ترامب مع العرب الأمريكيين على أية مناصب في إدارته بعد.
وقد أثارت الاختيارات ردود فعل متباينة بين الأمريكيين العرب والمسلمين في ميشيغان، التي ذهبت لمصلحة ترامب إلى جانب كل الولايات الست الأخرى المتأرجحة.
وأشار البعض إلى دعم ترامب الطويل الأمد لإسرائيل، وقالوا إن تصويتهم ضد نائبة الرئيس كامالا هاريس لم يكن بالضرورة تأييداً له.
ويقول آخرون ممن أيدوه علناً، إنه سيكون صانع القرار النهائي في شأن السياسة، ويأملون أن يفي بوعده بتحقيق نهاية للصراعات في الشرق الأوسط.
Some Arab Americans who voted for @RealDonaldTrump are concerned about his picks for key positions
Reporting by @APhttps://t.co/i5aLSBCxF7#FlaPol pic.twitter.com/PBCo7TUbIX
ألبرت عباس، الزعيم الأميركي اللبناني الذي يمتلك شقيقه مطعم ديربورن بولاية ميشيغن، الذي زاره ترامب في الأيام الأخيرة من الحملة، وقف بجانب الرئيس السابق خلال تلك الزيارة وتحدث دعماً له.
الآن يقول عباس إنه "من المبكر جداً" الحكم على ترامب، و"علينا جميعاً أن نأخذ نفساً عميقاً، وأن نتراجع خطوة إلى الوراء ونسمح له بالقيام بالعمل الذي يتعين عليه القيام به لتحقيق هذا السلام".
وأضاف: "أريدكم فقط أن تفكروا في البديل"، في إشارة إلى تعامل الإدارة الحالية مع حرب إسرائيل في غزة وغزوها للبنان. وأضاف: "ماذا كنتم تتوقعون مني أو من الكثير من أفراد الجالية أن نفعل؟".
وإلى الوعد بالسلام في الشرق الأوسط، لم يقدم ترامب سوى القليل من التفاصيل الملموسة، حول كيفية خططه لتحقيق ذلك.
وطوال الحملة الانتخابية، كان مندوبو ترامب يركزون في كثير من الأحيان على انتقاد هاريس أكثر من تحديد أجندته. وأثارت صور الصراع – مع عشرات الآلاف من القتلى بشكل جماعي في غزة ولبنان – غضب الكثيرين في المجتمعات العربية والإسلامية في شأن دعم الرئيس جو بايدن وهاريس لإسرائيل.
وحض أمين هاشمي، وهو أمريكي باكستاني في ميشيغن صوت لترامب، الرئيس المقبل على البقاء وفياً لالتزاماته خلال حملته الانتخابية لتحقيق السلام.
Some Arab Americans who voted for @RealDonaldTrump are concerned about his picks for key positions
Reporting by @APhttps://t.co/i5aLSBCxF7#FlaPol pic.twitter.com/PBCo7TUbIX
وقال: "أشعر بخيبة أمل ولكني لست متفاجئاً"، وحض ترامب على "الوفاء بالوعد الذي قطعه للأشخاص من أصل عربي في ميشيغن".
وأشار أولئك الذين لديهم مخاوف في أوساط الجالية، تحديداً إلى حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هاكابي، الذي تم ترشيحه ليكون سفير ترامب لدى إسرائيل. وقد رفض هاكابي باستمرار فكرة إقامة دولة فلسطينية في الأراضي التي استولت عليها إسرائيل، وأيد بقوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وعارض حل الدولتين، مدعياً أنه "لا يوجد حقاً شيء اسمه فلسطينيون" عاشوا في فلسطين قبل قيام إسرائيل.
في حين أثار هاكابي أكبر قدر من القلق بين أفراد المجتمع، تحدث أعضاء آخرون في حكومة ترامب بقوة لمصلحة إسرائيل لأنها تستهدف حماس بعد هجوم الحركة المسلحة في 7 أكتوبر 2023، والذي قتلت فيه 1200 إسرائيلي واحتجزت مئات آخرين كرهائن.
وقد عارض سناتور فلوريدا ماركو روبيو، المرشح لمنصب وزير الخارجية، وقف النار في الحرب، قائلاً إنه يريد من إسرائيل أن "تدمر كل عنصر من عناصر حماس يمكن أن تضع يدها عليه".
وقادت النائبة إليز ستيفانيك، التي اختارها ترامب لتكون سفيرته لدى الأمم المتحدة، استجواب رؤساء الجامعات حول معاداة السامية في الجامعات. كما عارضت تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي تشرف على المساعدات لغزة.
Some Arab Americans who voted for Trump are concerned about his picks for key positions https://t.co/CFcFOYTrkR
— Oneida Dispatch (@OneidaDispatch) November 19, 2024وكان الائتلاف اليهودي الجمهوري، الذي عمل لمصلحة ترامب في ميشيغن، صريحاً في دعمه للعديد من أعضاء الحكومة الذين اختارهم ترامب. ووصف المدير السياسي للائتلاف سام ماركستين، التشكيلة المقترحة بأنها "فريق الأحلام المؤيد لإسرائيل"، مضيفاً أن "الناس يشعرون بالدوار في شأن الاختيارات". وأشاد بسجل ترامب المؤيد لإسرائيل ووصفه بأنه "لا يعلى عليه".
وقال:"ولت أيام هذه المحاولة التافهة للحصول على الدعم في كلا المعسكرين في شأن هذه القضية... إن الطريق لتأمين المنطقة هو السلام من خلال القوة، وهذا يعني عدم وجود خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة".
من بين الأسباب، التي دفعت بعض الناخبين الأمريكيين العرب، إلى دعم ترامب، هو اعتقادهم بأن مؤيديه البارزين سيكونون أساسيين في الإدارة المقبلة.
وقاد مسعد بولس، رجل الأعمال اللبناني ووالد زوج تيفاني ابنة ترامب، الجهود المبذولة لإشراك الجالية العربية الأمريكية، وتنظيم عشرات الاجتماعات في جميع أنحاء ميشيغن ومناطق أخرى فيها عدد كبير من السكان العرب. كما شارك في بعض الجلسات ريتشارد غرينيل، القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية السابق، والذي كان يحظى باحترام كبير من قبل أولئك الذين التقوا به.
ولم يتم ترشيح بولس ولا غرينيل حتى الآن للإدارة المقبلة، على رغم أن غرينيل كان يعتبر في السابق وزيراً محتملاً للخارجية قبل اختيار روبيو.
وقال أسامة السبلاني، ناشر صحيفة عرب أمريكان نيوز ومقرها ديربورن، والتي رفضت تأييد مرشح في السباق الرئاسي: "توقع البعض أن يكون ترامب مختلفاً واعتقدوا أن مسعد سيلعب دوراً مهماً... لكن الناس الآن يأتون إلينا ويقولون: انظروا ماذا فعلتم...كان لدينا خيار بين شخص يطلق النار عليك ويقتلك، وشخص يهددك بذلك. كان علينا أن نعاقب الشخص الذي أطلق النار وقتلنا وقتذاك".