عاد الجمهوريون، وبطلهم المتوج لفترة رئاسية ثانية.
للمرة الثانية فقط في تاريخ الولايات المتحدة، يعود رئيس سابق لتولي الرئاسة مجدداً.الفيل، رمز الحزب الجمهوري، يعود إلى الساحة، بعدما أُبعد أربع سنوات عن البيت الأبيض، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، ليحقق حدثاً لم يتكرر منذ نحو 130 عاماً، وكفى بذلك شهيداً.
السؤال الذي يطرح نفسه، كيف سيتعامل العالم مع الفيل؟
لكل حقبةٍ لاعبيها ومحركيها الذين غيروا مجرى التاريخ، للأحسن أو للأسوأ، والرئيس المنتخب هو رجل أعمال، فهل يعني ذلك بأنه سيتعامل مع الشعوب الأخرى بمبدأ "Let’s make a deal"؟
إذا افترضنا صحة العبارة فقد نرى عقد اتفاقيات دولية كبرى، بعضها ثنائية واتفاقيات أخرى متعددة الأطراف تقودها الولايات المتحدة وتسعى أن تحقق حلم "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ترامب ينحدر من أصول ألمانية، ولد وتربى في أمريكا بفلسفة الأسرة الألمانية، ومن عاش بقرب الألمان يكتشف في أمثالهم وحِكمهم أنهم يشتركون كشعب في الوصول إلى نفس المعنى، ومن الطبيعي أن يستخدم الألماني أمثاله للتعبير عن اعتقاده وإيمانه في أحاديثه، وكأن المثل يُرشدهم في حياتهم، وأحد الأمثلة الالمانية شائعة الذكر هي "دع ما تصنع يداك يتحدث عنك".
يخشى الكثيرون بأن ترامب سيركز على تصفية حساباته الداخلية، وفي حملته الانتخابية كان يردد بأنه سيُحاسب ويُقيل من ليس جديراً بإنجاز المهمة الموكلة إليه، وكان يركز على أنه خلال فترته الأولى لم تنشب أية حروب، وهو من قرر إرجاع الجنود الأمريكيين من أفغانستان، ولكن الخروج المهين للقوات الأمريكية حدث في عهد الرئيس بايدن.
في حال اعتمدت الأربع سنوات القادمة على مبدأ "Let’s make a deal"، سيكون هناك رابحين كُثر، ولكن الاتفاقيات والصفقات قد تكون انتقائية، أو مشروطة، والسيناريو الأسوأ هو أن يُعاد إحياء فكر "إن لم تكن معنا فأنت ضدنا".
إذا قبلت الإدارة الجمهورية بفكرة تعدد الأقطاب، فقد تسير الأمور بسهولة. ولكن إذا تصاعدت وتيرة الحرب بين أمريكا والصين، فسيتأثر الجميع بنسب متفاوتة. ولن يكون من المستغرب أن تفرض الولايات المتحدة ضرائب تصل إلى 100% على الصناعات الصينية.
في الصفحة الأولى من استراتيجية الأمن الوطني الأمريكية التي أعلنها البيت الأبيض في عام 2022، تركز الاستراتيجية بشكل خاص على الصين وتوضح رؤيتها تجاهها، وهي كالتالي:
"بالنسبة للمنافسة على مستقبل العالم، ترى حكومة الولايات المتحدة خطورة التحدي مع الصين، فالصين لديها النية والقدرة على إعادة تشكيل النظام الدولي ليميل إلى العالمية، من أجل مصالحها".
انتشار الصناعات الصينية وتزايدها مع كل دول العالم قد يعوض خسارة الشركات الصينية من السوق الأمريكي الهائل، والصين تسعى للعالمية ونرى ذلك جلياً من خلال مشاهدتنا للإعلانات التجارية للعلامات الصينية في أكبر وأشهر البطولات العالمية، ليس ذلك فحسب بل تتعمد الشركات الصينية أن تعلن باللغة الصينية في مباريات دوري أبطال الأندية الأوروبية وغيرها، وإن لم تكن تتحدث اللغة الصينية فأنت لست ضمن الجمهور المستهدف أساساً، فعندما يصل جمهورك إلى مليار ونصف يحق لك ما لا يحق لغيرك.
هل من الممكن تصور تفاهم بين أمريكا والصين؟
من يا ترى يستطيع التأثير على الرئيس ترامب ويقنعه بأن هذا السيناريو من الممكن تحقيقه؟
وماذا عن أوروبا؟
يرى البعض بأن أوروبا تعيش هذه الأيام في حالة هلع من السنوات الأربع القادمة، وهناك أصوات أوروبية كثيرة ترى بأن الخلاص سيبدأ بعدما تأتي قيادات سياسية شبيهه بجاك شيراك وأنجيلا ميركل.
اقتصادياً غالبية دول الاتحاد الأوروبي، 28 دولة، ركبت الباص الصيني منذ زمن، والاقتصاد الصيني متداخل ومتشارك مع اقتصادات دول العالم بشكل أوسع بكثير من الاقتصاد الأمريكي، وإذا افترضنا صحة هذا الحديث ماذا تبقى للولايات المتحدة؟
سألتُ ChatGPT: "إذا سأل الرئيس ترامب نفسه (كيف سيتذكرني التاريخ؟)، فكيف ستكون إجابته؟" وقبل أن يرتد إلي طرفي، أجابني أنه من المحتمل أن يؤكد على قيادته وإنجازاته وتأثيره الدائم. وقد يأمل أن يتم تذكره كرئيس تحويلي:
تعزيز الاقتصاد: غالباً ما يؤكد ترامب على الإنجازات الاقتصادية لإدارته، بما في ذلك التخفيضات الضريبية، ورفع القيود، ومعدلات البطالة المنخفضة تاريخياً قبل وباء كوفيد-19.
تحدي المؤسسة السياسية: لقد صاغ نفسه على أنه غريب تولى نخب واشنطن وعمل على الدعوة إلى السياسات الشعبوية وتعطيل المعايير السياسية التقليدية.
استعادة الفخر الأمريكي: كثيراً ما وصف ترامب بشعار "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، حيث وضع نفسه كبطل للاستثنائية الأمريكية والوطنية، مع التركيز على السيادة الوطنية والقوة العالمية.
اتخذ موقفاً صارماً بشأن الهجرة والقانون والنظام: سعى إلى تأمين الحدود الأمريكية وكان صريحاً في الدعوة إلى سياسات الهجرة الصارمة، والتي كان لها صدى لدى جزء كبير من قاعدته.
إعادة توجيه السياسة الخارجية: أدى نهج ترامب "أمريكا أولاً" إلى إعادة التفاوض على الصفقات التجارية، مثل USMCA، والتركيز على تحدي الصين في التجارة والنفوذ العالمي. وستكون أفعاله المتعلقة بكوريا الشمالية والشرق الأوسط، بما في ذلك اتفاقات أبراهام، نقاط تركيز أيضاً.
استقطاب الأمة: في حين أنه يريد التأكيد على إنجازاته، يعرف ترامب أيضاً أن رئاسته قسمت البلاد بشدة. قد ينظر إلى هذا على أنه علامة على أنه هز الوضع الراهن وواجه مقاومة شديدة بسبب التغييرات التي حاول تحقيقها.
في نهاية المطاف، من المرجح أن يرغب ترامب في أن يتم تذكره كزعيم وضع أمريكا أولاً، ودافع عن قيم اليمين، وغير مجرى التاريخ بطرق لا يمكن إلا لرئيس غير تقليدي تحقيقها. ومن المرجح أن يكون إرثه مزيجاً من الثناء والجدل، حيث يراه مؤيدوه كبطل ومنتقدوه كقوة مدمرة.
بانتظارنا سنوات أربع مليئة بالإثارة.. أصحى تغمض عينك.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية الولایات المتحدة على أنه
إقرأ أيضاً:
إيران ترد على دعوة أمريكا للتفاوض وتعلق على تهديدات ترامب
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تضغط لعقد محادثات نووية مباشرة مع إيران، في محاولة لتفكيك برنامجها النووي، وسط تصعيد عسكري أمريكي وإسرائيلي في المنطقة.
وبحسب مسؤولين أمريكيين، تسعى واشنطن إلى تجاوز الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحب منه ترامب عام 2018، عبر محادثات مباشرة مع طهران، في وقت تقترب فيه إيران من القدرة على إنتاج سلاح نووي خلال أسابيع قليلة.
و أبدت طهران انفتاحاً على وساطة لحوار غير مباشر، مع احتمال القبول بمحادثات مباشرة لاحقاً.
كما يأتي ذلك وسط تحذيرات من مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين بأن طهران تنتج يورانيوم مخصباً بكميات كافية لصنع قنبلة كل شهر تقريباً.
وكثفت واشنطن وجودها العسكري في الشرق الأوسط بنشر حاملات طائرات ومقاتلات "F-35"، وقاذفات "B-2"، بذريعة دعم الحملة ضد الحوثيين، بينما يرى مراقبون أن التحركات تستهدف إيران مباشرة.
ووفقاً لمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تهدف هذه المرة إلى القضاء على برنامج إيران النووي.
وفي سياق متصل، كثفت "إسرائيل" من ضرباتها ضد الدفاعات الجوية الإيرانية والفصائل التابعة لطهران، وهددت بتنفيذ ضربة عسكرية مباشرة ضد المنشآت النووية.
ويرى مراقبون أن ترامب يستغل الضغوط العسكرية والاقتصادية على إيران لدفعها إلى التفاوض، لكنه لم يستبعد الخيار العسكري، في حين تصر إيران على الاحتفاظ بحقها في تخصيب اليورانيوم وبرنامجها الصاروخي، محذرة من "رد قوي" إذا تعرضت لهجوم.
وفي حديثه مساء الخميس الماضي، صرّح ترامب للصحفيين بأنه من الأفضل إجراء محادثات مباشرة، وقال: "أعتقد أنها تسير بشكل أسرع، وستساعد على فهم الطرف الآخر بشكل أفضل بكثير، مقارنةً بالتعامل عبر وسطاء"، وأضاف: "أعلم يقيناً أنهم يرغبون في إجراء محادثات مباشرة".
والأسبوع الماضي، أبلغت القيادة الإيرانية ترامب بانفتاحها على محادثات غير مباشرة، تتوسط فيها دولة أخرى، وفقاً لمسؤولين إيرانيين.
ايران ترد
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم السبت، إن بلاده تريد الحوار مع الولايات المتحدة من موقف متساو، وألا يتم تهديدها من جهة ومطالبتها بالتفاوض من جهة أخرى، وذلك وفق ما ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال، الخميس، إنه يفضّل إجراء "مفاوضات مباشرة" مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق جديد حول برنامجها النووي.
وقال لصحافيين من الطائرة الرئاسية "اير فورس وان": "أظن أنه سيكون من الأفضل إجراء مفاوضات مباشرة، فالوتيرة تكون أسرع، ويمكنكم فهم المعسكر الآخر بشكل أفضل مما هي الحال وقت الاستعانة بوسطاء".
وقالت إيران أخيرا إنها منفتحة على مفاوضات غير مباشرة لا غير طالما لم تغيّر الولايات المتحدة موقفها من الجمهورية الإسلامية.
واعتبر ترامب أن "الحال ليست بالضرورة دوما كذلك. أظنّ أنهم قلقون، إنهم يشعرون بالضعف، وأنا لا أريدهم أن يكونوا على هذه الحال".
وصرّح "أظنّ أنهم يريدون إجراء مفاوضات مباشرة"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وكان ترامب قد سحب بلده من اتفاق دولي حول البرنامج النووي الإيراني سنة 2018 خلال ولايته الرئاسية الأولى، لكنه يؤكد اليوم أنه منفتح على الحوار.
وينصّ الاتفاق المبرم في 2015 على رفع بعض القيود عن إيران في مقابل الإشراف على نشاطاتها النووية.
ومنذ عقود، تشتبه البلدان الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في أن طهران تسعى إلى التزوّد بالسلاح النووي، في حين تنفي إيران هذه الاتهامات من جهتها، مؤكدة أن برنامجها النووي مصمّم لأغراض مدنية، لا سيما منها توليد الطاقة.
وكشف ترامب بعد شهر ونصف شهر من عودته إلى البيت الأبيض، أنه بعث برسالة إلى طهران ليعرض عليها مفاوضات، لكن مع التلويح بتدخل عسكري.
وأكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن تهديدات الولايات المتحدة "لن توصلها إلى أي مبتغى"، وشدّد وزير الخارجية عباس عراقجي من جهته على أن إيران لا ترغب في "التفاوض مباشرة" تحت الضغط.
وهدّد دونالد ترامب إيران الأحد بـ"القصف" إذا ما فشلت المفاوضات، متطرّقا إلى احتمال فرض رسوم جمركية جديدة.
وتأتي مبادرات الرئيس الأميركي إزاء إيران في وقت تبدو الجمهورية الإسلامية مضعفة إثر سلسلة من النكسات التي تكبّدتها في المنطقة منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل واندلاع الحرب في غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.