أثر الغيبة على القلب.. حل نهائي يحمي قلبك من ظلام النميمة
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق: “كان ينبهنا مشايخنا رحمهم الله تعالى قبل أن ينفرط العقد، وينهار الحال الذي نحن فيه إلى أن الاستماع إلى الغيبة، والنميمة، والكذب، والبهتان، والضجيج، واللغو يؤثر تأثيرًا قويًا في القلب".
حل نهائي يحمي قلبك من ظلام النميمةوتابع جمعة أنه من تأثيره أن يهون المنكر علينا، يعني نرى المنكر وكأنه شيء عادي، وقد كان -يعني هؤلاء الناس- لم يستمعوا، وأصبحنا الآن بين ضرورات؛ فإذا انعزلنا بالكلية عن المجتمع فيكون هذا هروب من مواطن المسئولية، وإذا بقينا وصبرنا على أذية الناس، وغيبتهم، ونميمتهم، وبهتانهم، وكذا إلى آخره فإن هذا يؤثر في القلب.
وأوضح جمعة أن المخرج من هذا هو ذكر الله؛، فإن نور الذكر يحمي من طَمْس الخنا –أي أن نور الذكر يمنع ظلام الفُحْشُ فِي الكَلاَمِ -،والذكر هو واجب الوقت فـ {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} لأن الذكر لا يحتاج إلى مؤنة، ولا يحتاج إلى وقت.
تفسير: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾
وأوضحت الإفتاء أن ضابط الغيبة المنهي عنها في الآية الكريمة هو ذكر المرء بِمَا فيه مما يَكْرَهُ في دينه أو دنياه أو أهله أو غير ذلك مما يتعلق به؛ سواء كان ذلك باللفظ أو بالإشارة أو الرمز، وإذا ذكره بما ليس فيه كان بهتانًا؛ وهي محرمة شرعًا، أما حديث الإنسان مع غيره بما يضيق به صدره ويصعب عليه تحمله -وهو ما يسمى بالتنفيس عن النفس أو الفضفضة-؛ فلا يدخل في معنى الغيبة المحرمة ما دام أنَّه من قبيل الاستشارة المنضبطة لغرض إيجاد الحلول وطلب النصيحة.
بيان حرمة الغيبة والأدلة على ذلكالأصل أن الغيبة مُحَرَّمة بالقرآن والسُّنَّة والإجماع، أما القرآن: فقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: 12].
قال الإمام الطبري: [حرَّم الله على المؤمن أن يغتاب المؤمن بشيء، كما حرَّم المَيْتة].
وقال أيضًا عند تفسيره للآية الكريمة في خطابه تعالى للمؤمنين منزِّلًا الحسيِّ منزلة المعنوي: [أيحبّ أحدكم أيها القوم أن يأكل لحم أخيه بعد مماته ميتًا، فإن لم تحبوا ذلك وكرهتموه؛ لأن الله حرَّم ذلك عليكم، فكذلك لا تحبوا أن تغتابوه في حياته، فاكرهوا غيبته حيًّا كما كرهتم لحمه ميتًا؛ فإن الله حرَّم غيبته حيًّا، كما حرَّم أكل لحمه ميتًا].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الغيبة النميمة والكذب والبهتان والضجيج
إقرأ أيضاً:
جمعة: الفوضى والإبداع بين المفاهيم الغربية والإسلامية
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، في استكماله للتأمل في الأفكار الواردة عن الفوضى والإبداع في الفكر الغربي، أن هذه المفاهيم تسلط الضوء على أزمة معرفية كبرى يعيشها العالم الإسلامي اليوم.
فبينما يعبر الغرب عن الفوضى بأنها مرحلة طبيعية من مراحل التطور الإنساني والإبداع المؤسسي، نرى أن الأمة الإسلامية تعاني من غياب القدرة على قراءة وتحليل هذه المفاهيم والمشاركة في إثراء الحوار العالمي حولها.
الفوضى: نظرة غربيةتناول جمعة ما طرحه الأب ديف فليمنج، الذي يرى أن الفوضى ليست معضلة يجب القضاء عليها، بل هي مصدر أساسي للإبداع والاستقرار طويل الأمد. وأشار إلى أن التحكم والسيطرة المفرطة قد تكون عدوًا للإبداع الإنساني.
كما تطرق إلى ما ذكرته جودي نيل وبوران بيريز في كتابهما "كيفية التكيف مع الفوضى"، حيث أكدا على أن الفوضى هي ظاهرة طبيعية تُفضي إلى نظم جديدة ومعاني مبتكرة، مشيرين إلى وجود نظام خفي يحكم البيئات العشوائية.
رؤية الإسلام للفوضىوأوضح جمعة أن هذه الطروحات الغربية تعكس أزمة فكرية داخل الحضارة الغربية، حيث يتم تقديم الفوضى كضرورة للتطوير، بينما الإسلام ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة.
فالفوضى في الإسلام ليست هدفًا أو أداة، بل هي حالة استثنائية تتطلب إصلاحًا وإعادة بناء ضمن إطار متوازن.
وأشار إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية وضعا القواعد التي تعين الإنسان على تنظيم حياته دون الوقوع في فوضى قاتلة أو نظام صارم يخنق الإبداع. فالقرآن يقول: "وكل شيء عنده بمقدار" [الرعد: 8]، مما يدل على أن التوازن هو الأساس في الكون والحياة الإنسانية.
الأزمة الفكرية في العالم الإسلاميوأضاف جمعة أن الأمة الإسلامية اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة بناء فكرها وفقًا لمصطلحاتها المستمدة من الكتاب والسنة، مؤكدًا أن ما ذكره أبو الحسن الندوي في كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" يعبر بوضوح عن هذا الواقع. فغياب المسلمين عن الساحة الفكرية أدى إلى ترك الساحة للأفكار الغربية التي قد تتناقض مع القيم الإسلامية.
وختم جمعة حديثه بأن الأمة الإسلامية تمتلك من التراث الفكري والحضاري ما يؤهلها للمشاركة بفعالية في الحوار العالمي حول القضايا الكبرى، شريطة أن تُعيد صياغة أفكارها بلغة العصر وتشارك بوعي ومعرفة، بعيدًا عن التبعية الفكرية أو الانغلاق.