تحدٍّ على تيك توك يدفع عشرات المراهقات في كوسوفو إلى تشويه أنفسهنّ
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
عندما ردّت المفتشة المدرسية في كوسوفو إراندا كومنوفا باجي على اتصال إحدى الأمهات بها، في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، ظنّت أن عليها حل مشكلة عادية، ولم يخطر ببالها أن عشرات من المراهقات في بلدتها يشوهن أنفسهن للمشاركة في تحدٍّ على منصة التواصل الاجتماعي "تيك توك".
وقالت مفتشة غجاكوفا التي يبلغ عدد سكانها 80 ألفا لوكالة الصحافة الفرنسية: "اتصلت بي إحدى الأمهات لتخبرني أن ابنتها، وهي تلميذة في الصف الخامس، عمدت إلى تشويه نفسها مع صديقاتها أثناء مشاركتها في تحدٍ على تيك توك".
وما كان من المفتشة إلا أن طلبت فورا من جميع المعلمين والمسؤولين التربويين وعلماء النفس المدرسيين التحقيق في الأمر. فتبيّن لهم وجود 22 حالة إيذاء للنفس في غضون أسابيع قليلة بين الفتيات المراهقات في البلدة، أولاها تعود إلى كانون الثاني/يناير.
واضافت كومنوفا باجي: "اعتقدنا للوهلة أنهن جرحن أيديهنّ طوعا بأدوات حادة. ولكن بعد الفحوص الطبية، أدركنا أن بعض الفتيات أصبن بعشرات الجروح في كل أجزاء أجسامهن". وأحدثت هذه الظاهرة صدمة كبيرة في بلدة غجاكوفا.
واشارت كومنوفا باجي إلى أنها "لم تكن مجرّد صدمة للوسط التعليمي (…) بل زلزالا بالنسبة للجميع".
الصحة النفسيةوبَنَت منصة "تيك توك" التي تُعَدُّ من شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في العالم ويبلغ عدد مستخدميها مليارا ونصف مليار، جزءا من نجاحها على "التحديات"، وهي حملات تدعو المستخدمين إلى إنشاء مقاطع فيديو تستنسخ شيئا ما، كنكتة أو أغنية أو رقصة.
وأفادت والدة إحدى الضحايا بأن أطفالا لا تتجاوز أعمارهم تسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع فيديو على "تيك توك".
وشرحت هذه الأم التي طلبت الاكتفاء بالإشارة إليها بالحرفين الأولين من اسمها إ.ز أن الأمر "أشبه بلعبة للفتيات اللواتي تراوح أعمارهنّ بين تسعة أعوام و17 عاما، ويُعِدن إنتاج ما يرينه على تيك توك".
وقالت هذه المرأة التي التقطت ابنتها صورا لكل واحد من جروحها: "لقد أصبح هذا الأمر أسوأ كابوس بالنسبة لي".
وهي رفضت، مثل الآباء الآخرين، ذكر اسمها. أما السلطات المحلية فمنعت الكشف عن هوية الضحايا وجميعهن من القاصرات.
وتحظر منصة "تيك توك" رسميا مقاطع الفيديو التي تروج لإيذاء النفس أو الانتحار.
إلاّ أن الخبراء والباحثين والأطباء وأولياء الأمور لا ينفكّون يحذرون منذ سنوات من تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية لمستخدميها، وخصوصا الشباب. ومن أبرز المخاطر المعروفة الإدمان والتحرش وعدم تقدير الذات.
وفي عام 2023، دعا كبير المسؤولين الطبيين في الولايات المتحدة فيفيك مورثي الحكومة الأميركية إلى اتخاذ تدابير لحماية الشباب الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي.
المنعوكتب الدكتور مورثي في مذكرة رسمية: "إننا نواجه أزمة صحة نفسية وطنية تؤثر على الشباب، ووسائل التواصل الاجتماعي عامل رئيسي، وهو عامل يجب علينا معالجته بشكل عاجل".
وفي غجاكوفا، افاد الأشخاص الذين تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية بأن نسبة كبيرة من الضحايا وجدن في تشويه أنفسهن وسيلة لتجاوز حزنهن، فيما ارادت أخريات اختبار مقاومتهن للألم.
وقال بيسفورت كراسنيكي (45 عاما)، وهو مدير شركة وأب لثلاثة أطفال "من الصعب جدا علينا أن نتقبل أن بناتنا ألحَقْن الأذى بأنفسهن طوعا".
أما مصففة الشعر البالغة 32 عاماً كيندريسا هوتي فرأت أنها "ليست مجرد مشكلة، إنها أكثر من ذلك". وأضافت "أطفالي ما زالوا صغارا، ولست معنية بشكل مباشر، لكن مخاوفنا تتزايد كلما كبر أطفالنا".
ولمكافحة هذه الظاهرة، أطلق القطاع التعليمي مبادرات جديدة لتنبيه الطلاب إلى مخاطر الشبكات الاجتماعية.
ورأت عالمة النفس ميرفت أزيري أن أعمال التشويه الذاتي هذه مرتبطة حتما "بالقدرة على استخدام الشبكات الاجتماعية من دون أية رقابة، حتى عندما يكون الأطفال في المدرسة أو مع الأسرة".
وأكد الناطق باسم مكتب المدعي العام درين دومي لوكالة فرانس برس أن السلطات القضائية في كوسوفو نظرت في القضية وفتحت تحقيقا. وأضاف أن الشرطة مخولة "اتخاذ كافة الإجراءات" لتبيان ملابسات هذه القضية.
لكن البعض رأى أن الحل الوحيد يكمن ببساطة في حظر التطبيق.
وقالت إ.ز "على الدولة حظر تيك توك (…)، فهذا التطبيق ينشر كل شيء، حتى المحتويات الأشدّ خطورة!".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التواصل الاجتماعی تیک توک
إقرأ أيضاً:
«المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي؛ كلمة محافظي مجموعة الدول الأفريقية لدى البنك، وذلك خلال اجتماع المجموعة مع أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي. جاء ذلك خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والمنعقدة بواشنطن حتى 26 أبريل الجاري.
التحديات التي تواجه أفريقيا
وفي كلمتها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا، وهي ضرورة ضمان وجود مسارات رئيسية لخلق فرص العمل وتجهيز القوى العاملة بالمهارات اللازمة التي تتطلبها السوق، لافتة إلى أن نحو ثلث الأفراد في سن العمل الذين لا يمتلكون وظائف يعيشون في أفريقيا.
وقالت «المشاط»، إنه بالرغم من الجهود التي تقوم بها مجموعة البنك الدولي لخلق فرص عمل، إلا أننا بحاجة لحجم أكبر من تلك الوظائف بما يتناسب مع التحديات الحالية، ولذلك، نحث مجموعة البنك الدولي على تعزيز أجندة الوظائف والتحول الاقتصادي من خلال بعض المسارات الحيوية، ومنها تمويل البنية التحتية المادية والرقمية، من خلال تقديم مجموعة البنك دعم إضافي في بناء وتجديد وتوسيع وتحديث السكك الحديدية، والطرق، والجسور، والموانئ والمطارات، وأنظمة إمداد المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وشبكات الكهرباء، أنظمة الري وغيرها من البنى التحتية في مجال التكنولوجيا الزراعية، وشبكات الاتصالات الرقمية وخدمات الإنترنت، المنصات، الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ومراكز الابتكار التي ستفتح الفرص في قطاعات التكنولوجيا والخدمات.
أهمية تمويل التصنيع المحليكما أشارت "المشاط" إلى أهمية تمويل التصنيع المحلي، مطالبة كذلك بدعم مجموعة البنك الدولي لتطوير مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية، وتعزيز الصناعات المحلية مثل المنسوجات، والإلكترونيات، والكيماويات، وكذلك المصانع الخاصة بمكونات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، والتوربينات الهوائية والمائية، وأنظمة القياس.
وأكدت أن تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة تمثل كذلك فرصة رئيسية، فمن الممكن أن يقوم البنك أيضًا بدعم تلك الأنشطة، خاصة في القطاعات الاستخراجية، الزراعية، والطاقة لمعالجة المواد الخام محلياً للحفاظ على القيمة المحلية؛ وكذلك في مجالات السياحة البيئية وإدارة النفايات لتوليد فرص العمل مع الحفاظ على الأهداف البيئية، هذا فضلًا عن أهمية تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومبادرات ريادة الأعمال في أفريقيا، والتي يمكن دعمها من خلال الدعم المالي، والائتمان الميسر، والمصادر التمويلية البديلة (مثل رأس المال الاستثماري) التي يمكن أن تساعد الشركات على توسيع فرص العمل، وتمكين رواد الأعمال الأفارقة الشباب من الحصول على الأدوات اللازمة لبدء وتطوير أعمالهم الخاصة.
تقرير "مستقبل الوظائف 2025"وحول تقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يسلط الضوء على التركيز المشترك على المهارات المعتمدة على التكنولوجيا والقدرات البشرية؛ قالت "المشاط" إنه من المهم أن تكون تدخلات مجموعة البنك الدولي في مجال رأس المال البشري متعددة القطاعات وفعالة في الاستفادة من نهج التعاون المتكامل داخل مجموعة البنك الدولي، من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحةً أنه بالنظر إلى أن خلق فرص العمل يتطلب قوة عاملة ماهرة، لذا من الضروري أن تقوم مجموعة البنك بتمويل برامج التدريب المهني والإرشاد لتمكين الأفراد والمجتمعات من تلبية احتياجات الصناعة، مما سيحول الوظائف غير الرسمية إلى رسمية، ويعزز الديناميكية الاقتصادية.
وأوضحت "المشاط"، أنه من الضروري معالجة الحاجة إلى جمع وتحليل بيانات دقيقة وقوية لدعم اتخاذ القرارات السياسية والتنموية، مطالبة مجموعة البنك الدولي بتسريع تنفيذ وتقديم البيانات والتحليلات الجديدة ضمن "جدول أعمال المعرفة" لمواكبة التطورات الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية. ولفتت إلى أنه استنادًا إلى تحليل مجموعة البنك الدولي نفسه، يجب أن نأخذ في الاعتبار نتائج تقرير التنمية العالمية لعام 2023 حول "المهاجرين، واللاجئين، والمجتمعات" للتأكيد على الحاجة إلى إدارة فعالة للهجرة الاقتصادية للمساعدة في موازنة التباينات السكانية وضمان التنمية المستدامة.
وفي ختام كلمتها؛ أكدت "المشاط"، أن نجاح هذه المسارات يتطلب التعاون القوي، معربة عن تأييد مجموعة محافظي الدول الأفريقية استمرار تعاون مجموعة البنك الدولي مع "مختبر استثمارات القطاع الخاص" و"المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف" لتطوير وتنفيذ الأدوات المبتكرة وأدوات تقليل المخاطر، مع ضمان تحديثات منتظمة وتواصل شفاف، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات والفرص للتعاون والتكامل من خلال منصات التمويل المشتركة الحالية والجديدة.