رغم التشكيك العلمي بـإل كيه 99″.. هل ستسهم في خفض فواتير الكهرباء؟
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
لايزال الجدل قائمًا منذ شهر يوليو/ تموز الماضي حينما أعلن فريق من الباحثين الكوريين، بشكل مفاجئ، تمكنهم من ابتكار مادة موصّلة فائقة في درجة حرارة الغرفة، سميت "إل كيه 99" (LK99).
والموصّلات الفائقة هي مواد قادرة على توصيل التيار الكهربائي دون مقاومة تذكر، وهي ليست مثل الأسلاك النحاسية التي تسخن كلما مرّرتِ التيار الكهربائي، وتهدر على إثره قدرا لا بأس به من الطاقة.
كما أن لهذه المواد خواص طاردة للمجال المغناطيسي، مما يجعلها مناسبة بشكل ممتاز لبناء القطارات فائقة السرعة وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي ومصادمات الجسيمات ومفاعلات الاندماج النووي.
لكن دخول المواد إلى حالة التوصيل الفائق كان، دائمًا، يتطلب درجات حرارة منخفضة جدا تقترب في بعض الأحيان إلى الصفر المطلق (حوالي 273 تحت الصفر)، أو ضغط قوي جدًا، وبالتالي كانت تلك المواد غير عملية بشكل كاف للاستخدام اليومي، ولذلك كان إنتاج موصل فائق في ظروف الغرفة الطبيعية دائمًا، بمثابة حلم بالنسبة للعلماء في نطاق فيزياء المواد المكثفة.
وللموصلية الفائقة في درجة حرارة الغرفة ستمتلك تطبيقات كثيرة في حياتنا، ليس أقلها الأسلاك التي تنقل الكهرباء إلى بيتك، وهي التي يمكن أن تخفض بشكل جذري من فاتورة الكهرباء الخاصة بك.
نشر الباحثون فيديو يظهر فيه تأثير مايسنر، وهو قدرة المادة فائقة التوصيل على طرد المجال المغناطيسي (ساينس كاست) تشكيك منذ البدايةوكان الفريق البحثي من كوريا الجنوبية قد أصدر بداية من 22 يوليو/ تموز الماضي ورقتين بحثيتين يشرح فيهما آلية عمل مادة "إل كيه 99" – وهي مركب من الرصاص والنحاس والفسفور والأكسجين – وذلك في إحدى منصات النشر الإلكتروني التي لا تخضع لمراجعة الأقران (أي الفحص من قبل متخصصين في نفس النطاق).
وإلى جانب ذلك، نشر الباحثون فيديو يظهر فيه تأثير "مايسنر"، وهو قدرة المادة فائقة التوصيل على طرد المجال المغناطيسي، مما يجعل المغانط تطفو أعلى المواد فائقة التوصيل.
لكن الفيزيائي بجامعة ماريلاند بالولايات المتحدة ريتشارد غرين، علق على ذلك لمنصة "فيزيكس ورلد" قائلًا إنه في حين أن فيديو تأثير "مايسنر" يبدو مثيرًا للإعجاب من الوهلة الأولى، لكن الموصلية الفائقة ليست الظاهرة الوحيدة التي يمكن أن تسبب ارتفاع الأجسام. أما دوغلاس ناتلسون من جامعة رايس بالولايات المتحدة، فقد سلط الضوء على بعض التناقضات الواضحة في بيانات الورقتين عن الخصائص المغناطيسية.
وقالت سوزانا سبيلر، الباحثة في جامعة أكسفورد التي عملت على مواد فائقة التوصيل لأكثر من 20 عامًا لوكالة فرانس برس، إن التجارب التي تعلن في فيديو على "تويتر" لن تحل محل العملية العلمية القياسية لفحص العمل والتحقق منه.
لا نتائج إلى الآنوالواقع أن عدد من الفرق البحثية كان قد بدأ فعلا في محاولات لإعادة التجربة التي أجراها الباحثان الكوريان، لكن بحسب سابينة هوسنفلدير، وهي زميلة باحثة في معهد فرانكفورت للدراسات المتقدمة، فإن النتائج الأولية لمحاولات تلك الفرق البحثية تميل إلى عدم تأكيد ادعاء الباحثين الكوريين.
ويضيف تقرير نشر في منصة "ساينس" مؤخرا أن شكوك العلماء تأتي مدفوعة بعدد من الحجج الوجيهة، فمثلا تمتلك ذرات الرصاص والنحاس هياكل إلكترونية متشابهة، لذا فإن استبدال ذرات النحاس ببعض ذرات الرصاص لا ينبغي أن يؤثر بشكل كبير على الخصائص الكهربائية للمادة.
إضافة إلى ذلك فقد اعتبر بعضهم أن هناك مصالح شخصية للباحثين الكوريين من ترويج ادعاءات يمكن أن تكون غير دقيقة، حيث إنهم يمتلكون شركة في سيول تختص بتصنيع المواد فائقة التوصيل، وإعلان مثل هذا يمكن أن يحسن من أوضاع أسهم الشركة حتى لو لم يكن صحيحًا.
لكن رغم تزايد الشكوك في الأمر خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلا أن الباحثين الستة قد بدؤوا بالفعل في إجراءات تحكيم الدراسة الخاصة بهم، وقرروا كذلك دعم كل الفرق البحثية التي تحاول تكرار تجاربهم للوصول إلى اتفاق نهائي في شأن هذه المادة.
ومن المتوقع بحلول شهر سبتمبر/ أيلول القادم أن يصل العلماء إلى استقرار فيما يتعلق بهذه المادة، فإذا كان الادعاء صحيحًا ستكون تلك جائزة نوبل مضمونة لا شك، لأن الموصلية الفائقة في درجة حرارة الغرفة ستمتلك تطبيقات كثيرة في حياتنا، ليس أقلها الأسلاك التي تنقل الكهرباء إلى بيتك، تلك التي يمكن أن تخفض، بشكل جذري، من فاتورة الكهرباء – كما ذكرنا سابقاً -.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
البحث العلمي :مفتاح النهضة وامل جامعة اليرموك في التقدم
#سواليف
#البحث_العلمي : #مفتاح_النهضة وامل #جامعة_اليرموك في التقدم
بقلم : ا . د محمد تركي بني سلامة
لا شك أن البحث العلمي يشكل الركيزة الأساسية لأي نهضة تنموية أو تطور معرفي. فهو المحرك الرئيسي الذي يدفع عجلة المجتمعات نحو التقدم والابتكار، والجسر الذي يصل الحاضر بالمستقبل، ويضمن استمرارية البناء والتنمية. في جامعاتنا، وعلى رأسها جامعة اليرموك، يُنظر إلى البحث العلمي كضرورة وطنية وأكاديمية، وليس كخيار ثانوي يمكن تجاوزه. ومع ذلك، تواجه الجامعة اليوم تحديات كبيرة في مجال البحث العلمي تستدعي وقفة جادة وإجراءات عملية لإعادة هيكلته وتعزيزه، خاصة بعدما أظهرت نتائج التقييم الذاتي الأخير ضعفًا واضحًا في الإنتاج البحثي في معظم الكليات. هذا الواقع المؤلم يدعو إلى التفكير في حلول مبتكرة تسهم في النهوض بواقع البحث العلمي وتواكب تطلعات الجامعة نحو مستقبل أفضل.
تشير نتائج التقييم الذاتي الذي أُجري في بداية العام الدراسي إلى ضعف ملموس في الإنتاج البحثي، وهو ضعف يؤثر سلبًا على تصنيف الجامعة ومكانتها الأكاديمية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. وعلى الرغم من أن هذا الوضع يدعو للقلق، إلا أنه يحمل في طياته فرصة ذهبية للنهوض مجددًا. فالاعتراف بالمشكلة يُعد الخطوة الأولى نحو الحل، وهو ما يتيح المجال لوضع سياسات مبتكرة وفعالة لتحفيز الباحثين، وبناء بيئة أكاديمية تدعم البحث العلمي بجميع أشكاله.
مقالات ذات صلة الاعلان عن النقاط المحتسبة للطلبة المتقدمين بطلبات المنح والقروض 2024/12/26من هذا المنطلق، لا بد من تبني مجموعة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى تحفيز الباحثين، وتجاوز العقبات التي تواجههم. أولاً، يجب تعديل التعليمات المتعلقة بحوافز البحث العلمي، مثل إلغاء السقف المحدد للمكافآت للباحث المنفرد، الأمر الذي سيسهم في الحد من ظاهرة “الراكب المجاني”، ويعزز إنتاج أبحاث ذات جودة عالية. ثانيًا، ينبغي تعديل معايير تصنيف الجامعات الدولية لتكون أكثر واقعية، عبر التركيز على الجامعات المصنفة ضمن أفضل 500 جامعة بدلاً من أفضل 350 جامعة، مع حذف الشروط المرهقة مثل “التعاون البحثي الدولي للمرة الثالثة”، التي تشكل عائقًا أمام العديد من الباحثين.
لا يمكن إغفال الجانب المالي كعامل رئيسي في تحفيز البحث العلمي. لذا، فإن زيادة المكافآت المالية، خاصة للأبحاث المنشورة من قبل أساتذة الكليات الإنسانية، يُعد ضرورة ملحة لتشجيع الإنتاج البحثي. كما ينبغي دعم رسوم النشر بشكل فوري عند قبول البحث، ورفع قيمتها لتتناسب مع تصنيفات المجلات. من المهم أيضًا زيادة قيمة المكافأة السنوية المخصصة للبحث العلمي للباحث الواحد لتصل إلى 10,000 دينار أردني، مع الأخذ في الاعتبار أن جزءًا كبيرًا من هذه المكافأة يُقتطع كضريبة دخل، مما يحد من الاستفادة المباشرة للباحثين. هذا الدعم المالي يعزز قدرة الباحثين على نشر أبحاثهم في مجلات عالمية مرموقة، مما ينعكس إيجابيًا على تصنيف الجامعة.
إن دعم المجلات الوطنية المصنفة عالميًا، مثل تلك المدرجة ضمن قاعدة بيانات “سكوبس”، هو خطوة ضرورية لتحفيز الإنتاج البحثي محليًا. بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع سياسات خاصة لدعم الباحثين في الكليات الإنسانية، التي تعاني نقصًا واضحًا في إنتاج الأبحاث مقارنة بالكليات العلمية. يمكن تحقيق ذلك من خلال تخصيص مكافآت إضافية وتشجيع النشر في الكتب والدوريات العالمية، مما يعزز مكانة الباحثين ويرفع من مستوى الإنتاج البحثي.
إلى جانب الدعم المالي، لا بد من وضع معايير واضحة وشفافة لتكريم الباحثين المتميزين، سواء كانوا أفرادًا أو مجموعات. يشمل ذلك تخصيص جوائز خاصة لأساتذة الشرف والباحثين الذين يسهمون في رفع مكانة الجامعة من خلال إنتاج أبحاث متميزة. كما ينبغي إشراك جميع أعضاء هيئة التدريس في مناقشة هذه السياسات، لضمان العدالة والشفافية، وإيجاد بيئة أكاديمية تدعم التميز والإبداع.
إن عام 2025 يجب أن يكون نقطة تحول في تاريخ جامعة اليرموك، عامًا تُرسي فيه أسس البحث العلمي على قواعد متينة، وتُعتمد فيه سياسات تحفيزية شاملة تحقق تطلعات الباحثين. إذا تم تبني هذه المقترحات، فإن الجامعة لن تكتفي بتعزيز مكانتها الأكاديمية فحسب، بل ستصبح نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، وسترسخ مكانتها كمؤسسة علمية رائدة.
إن تطوير البحث العلمي ليس ترفًا، بل ضرورة ملحة لبناء مستقبل أفضل. هذه المقترحات تمثل دعوة لإعادة التفكير في سياسات البحث العلمي الحالية، والعمل بروح الفريق الواحد للنهوض بجامعة اليرموك. فالبحث العلمي هو مفتاح النهضة وأداة التقدم، وعلينا جميعًا أن نكون جزءًا من هذا التحول الإيجابي. نسأل الله أن يوفق الجهود، وأن تبقى جامعة اليرموك منارة للعلم والمعرفة، وركيزة من ركائز الوطن.