يعمل عدد من الأشخاص في أعمال دفن الموتى في ربوع مصر المحروسة، وهولاء يتحصلون على أجور قليلة من أهل الموتى عند دفن موتاهم، ويعانون من ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية، كونهم محرومون من أي غطاء تأمين سواء اجتماعي أو صحي.

يطلق على من يقوم بدفن الموتى أو الجثث بـ«التُربي» وهو الذي يقوم باعداد بالمقابر سواء صغيرة المساحة الجبانة» أو كبيرة المساحة «الأحواش»، أو من يقومون بإعداد مقابر اللحد التي يتم دفن الجثث فيها تحت الأرض، وتبدأ أعمالهم بالحفر وتجهيز المقبرة لاستقبال جثث الموتى وفك الأكفان؛ انتهاءً بأعمال التغطية والغلق.

والدفن باللحد عبارة عن حفرة يتم حفرها تحت الأرض، أو في أحد جوانب القبر تجاه القبلة، ويتم وضع الميت فيها على جنبه الأيمن وبعد ذلك يتم التغطية بالطوب اللبن أو بالرمال.

 

وبين هذا وذاك من أعمال الدفن، يقول ماهر سلامة، إنه يعمل في مهنة تكفين ودفن الموتى لأكثر من 35 عاما، وأنه ورث المهنة من والده رحمه الله، ويقوم حاليًا بتعليم أحد أبناؤه ليرثها هو الآخر منه، كون أن هذه المهنه عطية ومنحة من الله، ويأخذ الثواب والأجر الرباني بعد الانتهاء من عمله، وأنهم يعملون في مهنة تتماشى مع مقولة «إكرام الميت دفنه».

 وأشار سلامة إلى أنهم يواجهون صعوبات في عملهم عند دفن الموتى، سواء في درجات الحرارة العالية في فصل الصيف أو في أجواء الباردة جدًا في فصل الشتاء، فضلًا عن تعرضهم لأمراض عضوية في العظام والعمود الفقري والرقبة من أعمال الحفر وحملهم الجثث ذات الأوزان الكبيرة لحظة دخول القبر، وأمراض نفسية تنتابهم من أهوال هذه المهنة، لافتا إلى أنه يعمل في مقابر المشهد الحسيني التابع لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، والممتد على مساحة تزيد عن 35 فدان.

وأوضح محمد جلال، أن مقابر المشهد الحسيني من أكبر المقابر الموجودة في محافظة الشرقية ومحافظات شرق الدلتا، كونها تضم أكثر من 50 ألف مقبرة في مكان واحد، يقوم عليهم عدد لا يتعد 5 أشخاص فقط هم «التُربية» الذين يقومون بأعمال الحفر ودفن الموتى، مؤكدًا بأنهم بدون عمل رسمي، وأنهم افنوا حياتهم في هذه المهنة والتي يتحصلون منها على أموال قليلة من أهالي الموتى؛ رغم الظروف الحياتية الصعبة التي يواجهونها جراء عملهم هذا؛ من مشقة في العمل وإجراءات قانونية تتحتم عليهم الحصول على تصاريح الدفن قبل البدء في أعمال دفن أي ميت، واستخراج الجثث خلال فترة التحلل بمعرفة مسؤولي النيابة العامة ورجال القانون، فضلاً عن أمانة «حراسة الجثث» من أي إختراق أو تعدي من اللصوص، أو زوار الليل من أصحاب السوابق ومدمني المخدرات.

وقدم المهندس محمد المصري الخبير بالشؤون المحلية عضو مجلس محلي سابق بالشرقية؛ اقتراحًا بضم هولاء العمال المتخصصين في دفن وتكفين الموتى على وظائف حكومية ثابتة، كونهم يمثلون الحكومة في عملهم، كما هو الحال في وظائف العمد وشيخ البلد، وصرف رواتب شهرية لهم، بحيث لا يتركون للتسول أو وقوفهم بشكل غير لائق أمام أهل الميت كما يحدث في الوقت الحالي.

وقدم المصري عبر مؤسسة الوفد الإعلامية؛ اقتراحًا بخصم «قطع» جنيهان شهريًا من راتب كل مواطن له دخل يعمل في القطاع العام أو الخاص أو العمل الحر، لتوفير دخل ثابت لهولاء العمال، وتوفير وسائل أمان مناسبة من الجهات المعنية والأمنية بالمشاركة مع جهاز الخدمة بالمقابر، من غرفة بالمقابر تضم تليفون أرضي، ومغسلة، تكون متاحة طوال الـ 24 ساعة خدمة تحت الطلب، وتجميل المنظر العام للمقابر حتى يظهر بمظهر لائق.

وضم اقتراح المصري؛ دفع المواطنين الراغبين في أعمال الترميم وهدم المقابر رسوم هندسية محددة، بحيث لا يتم أعمال الإحلال والتجديد بالمقابر إلا بموافقة الجهات المسئولية من رئاسة الحي أو القرية أو المركز التابع لها للمقابر الإدارة الهندسية، مع توفير سيارة «نقل الموتى» تتبع وزارة الصحة ولا تعمل إلا لهذا الغرض وهو نقل الميت من مكان لآخر بدون مقابل.

ونوه إلى أن اقتراحه يتطلب تشريع أو قانون بخصم ٢ جنيه شهريا من كل موظف أو أي شخص له دخل رسمي، حتى يعود هذه المبالغ على المواطنين بعد مفارقتهم الحياه، ويخفف العبء عن كاهل ذويهم، وفي ذات الوقت سوف يعود على الدولة بمبالغ تتعدى المائة مليون جنية تقريبًا شهريًا، تقوم الدولة بصرفها على أعمال إكرام الموتى بشكل عام.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بالطوب اللبن اجتماعية واقتصادية درجات الحرارة بدون مقابل مخدرات محافظة الشرقية وزارة الصحة المخدرات شرق الدلتا محافظات العمود الفقري مؤسسة الوفد القطاع العام مصر المحروسة القبلة رجال القانون الحرارة العالية المشهد الحسيني بلبيس دفن الموتى دفن الموتى

إقرأ أيضاً:

التكامل الجيلي

بقلم : د. سنان السعدي ..

يتفق الجميع ان هناك صراع ازلي بين الاجيال بسبب الاختلاف في التفكير وفي زخم الاندفاع بين الجيلين ففورة دماء الشباب تنعكس على سلوكياتهم في جميع مفاصل الحياة ومنها الحياة السياسية، على عكس من تجاوزوا مرحلة الشباب واصبحوا من المخضرمين في مجالات الحياة كافة، وهذا الاختلاف يبدأ من داخل الاسرة ومنها ينطلق الى المجتمع بشكل اوسع. حتى تبلور هذا الصراع وتحول الى سلوك اقصائي سياسي او ما يعرف بالازاحة الجيلية التي تهدف الى ازاحة الطبقة السياسية المخضرمة لصالح الجيل الشاب الذي يحاول دخول المعترك السياسي وبقوة منذ سنوات.
يعد التكامل الجيلي في العمل السياسي من وجهة نظر الصرح الوطني، من الركائز الأساسية لبناء مجتمعات متوازنة ومستدامة. فالتجارب التاريخية أثبتت أن العمل السياسي الذي يقصي جيلًا لصالح آخر يفقد توازنه ويبتعد عن تحقيق التنمية الشامل وعليه، فإن تعزيز التعاون والتكامل بين الأجيال المختلفة من الشيوخ ذوي الخبرة إلى الشباب الحاملين لطموحات التغيير يشكل ضرورة وطنية ومجتمعية.
تتجلى أهمية التكامل الجيلي من وجهة نظر الصرح الوطني في كونه القناة التي تربط بين الخبرة والحداثة، وبين الماضي والمستقبل. فالأجيال الأكبر تمتلك رصيداً من الخبرات والمعرفة السياسية المتراكمة، فيما يتميز الشباب بالحيوية، والقدرة على التفاعل مع أدوات العصر الرقمي، والجرأة في الطرح والمبادرة. وعندما يتم الجمع بين هذين البعدين في إطار تشاركي، تتحقق بيئة سياسية أكثر نضجاً وأبتكاراً. كذلك يعطي التكامل الجيلي مرونة في المواقف المتغيرة، ففي ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية السريعة، تحتاج الأنظمة السياسية إلى تبني سياسات قابلة للتعديل. فالتكامل الجيلي يمكن الحكومات من استيعاب مطالب جديدة دون انهيار البنية الأساسية، لاسيما نحن اليوم نخوض في عالم السياسة المتسم بالتغيير السريع والتنوع الفكري، لذا نحن نؤمن بالتكامل الجيلي كاستراتيجية حيوية لتعزيز التماسك والمرونة في العمل السياسي.
رغم هذه الأهمية، إلا أن الواقع السياسي العراقي يعاني من فجوة بين الأجيال. يعود ذلك إلى أسباب عدة، منها النزعة نحو احتكار القرار من قبل النخب القديمة، مما ولد ردة فعل معاكسة تمثلت في اندفاع بعض الشباب لإقصاء من سبقوهم بدعوى “تجديد الدماء”. مما سوف يؤدي بالنتيجة الى نشوب صراعات لا تخدم العملية السياسية، بل تؤدي إلى مزيد من التشرذم والضعف المؤسسي.
لتحقيق التكامل الجيلي، ينبغي اتخاذ خطوات عملية، منها: تأسيس منصات حوار بين الأجيال، لتبادل الرؤى وبناء جسور ثقة. تمكين الشباب عبر منحهم فرصًا حقيقية للمشاركة السياسية، وليس مجرد حضور رمزي. تشجيع القيادة التشاركية داخل الأحزاب والمؤسسات، بحيث تبنى القرارات بتوافق الآراء لا وفقاً لهرمية صارمة. تطوير نظم التعليم السياسي بما يشمل سرد تجارب الجيل السابق وتحليلها بعين نقدية، وتقديمها كمصدر إلهام لا كمسلمات يجب الاخذ بها.
الخلاصة :
يرى حزب الصرح الوطني إن بناء مستقبل سياسي مستقر وعادل لا يمكن أن يتم دون وعي عميق بأهمية التكامل الجيلي. فالسياسة ليست حكراً على جيل دون آخر، بل هي مشروع وطني جامع، لا يكتمل إلا بتعاون الجميع. ولذلك، فإن الرهان على التكامل بين الطاقات الشابة وحكمة الشيوخ ليس خياراً، بل هو الطريق الوحيد نحو التغيير المستدام والنهضة الحقيقية.

سنان السعدي

مقالات مشابهة

  • وزير النقل والخدمات اللوجستية: رؤية المملكة 2030‬ تواصل بدعم وتمكين من لدن القيادة تحقيق أهدافها الطموحة
  • التكامل الجيلي
  • طفلة المقابر ضحية مدمن المخدرات.. خرجت لإلقاء القمامة فوقعت في مواجهة مع مجهول
  • رئيس لجنة السجون ومستشار هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية فهد غثاية لـ” الثورة”:توجيهات السيد القائد كان لها الأثر الكبير في تحسين أوضاع السجون
  • اكتشاف عشرات الجثث بالقرب من معسكر كوالا غربي مالي
  • وزير الأوقاف يعتمد حركة تكليفات جديدة بخمس مديريات
  • وزير الأوقاف يعتمد حركة تكليفات جديدة بـ 5 مديريات
  • السمارة تدشّن رؤية استراتيجية جديدة لحماية وتثمين التراث الثقافي والطبيعي
  • نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على عالية الدويش
  • حتى المقابر يا ترامب..!!