نور يكسر عتمة الإبادة.. الغزي حمد يصلح ألواح طاقة شمسية
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
تواصل إسرائيل تدمير مظاهر الحياة وقطع أسبابها في أرجاء قطاع غزة، قتلا وتجويعا وتهجيرا ونسفا للمنازل، وبالمقابل يستمر أهالي القطاع المحاصر في اجتراح البدائل ومواجهة آلة السحق الإسرائيلية.
ومع حجم الدمار الهائل الذي لم يسلم منه شارع أو زقاق في قطاع غزة، يبحث الغزيون عن أي بدائل تعينهم على البقاء، فابتكروا حلولا جزئية لأزماتهم المتلاحقة، بما فيها أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي أدخلت البلاد في أزمات إنسانية وبيئية حادة.
وسط هذه الحالة المأساوية التي خلقتها تل أبيب، برزت الطاقة الشمسية كحل ضروري للفلسطينيين في غزة، لكن القصف الإسرائيلي المستمر ألحق أضرارا كبيرة بألواح الطاقة الشمسية.
وفي محاولة للتخفيف من ذلك، يحاول الشاب محمد حمد (30 عاما) ما أمكنه ذلك تفعيل ألواح الطاقة الشمسية المتضررة بفعل الغارات والهجمات الإسرائيلية المتواصلة ضمن حرب الإبادة.
حلول مبتكرةيمتلك الشاب حمد خبرة 12 عاما في مجال الكهرباء، وقد خصص معظم وقته لإصلاح الألواح الشمسية المتضررة في خان يونس جنوبي قطاع غزة، عملا بالقول المأثور: "أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام".
يقول الشاب حمد إن الكهرباء هي مهنته ومجال شغفه، وإن ما يقوم به حاليا من صيانة الألواح الشمسية في ظل الإبادة الإسرائيلية أصبح أكثر من مجرد عمل، "إنه واجب تجاه أهلي في قطاع غزة".
وبفضل مهارته وابتكاراته، استطاع محمد إصلاح عدد كبير من الألواح التالفة، في ظل نقص الأدوات والمعدات اللازمة، حيث اعتمد على حلول مبتكرة.
استطاع محمد إصلاح عدد كبير من الألواح التالفة معتمدا على حلول مبتكرة (الأناضول)وبشأن تحديات عمله، يضيف الشاب المكافح إنه "بسبب الحصار الإسرائيلي نفتقر إلى القصدير الضروري للصيانة، فبتّ أقوم بتجميعه من الألواح التالفة وتذويبه لإعادة استخدامه، كما نواجه نقصا في مكاوي القصدير وساعات الفحص".
ومصرا على عمله رغم التحديات السابقة، يؤكد أنه مع كل ذلك لن يسمح لتلك التحديات أن توقفه عن القيام بعمله وواجبه تجاه أهله المنكوبين الذين يحلمون ببريق ضوء وسط هذا الظلام القاتم.
ولم يقف محمد عند حدود الحلول التقليدية، بل لجأ إلى إستراتيجيات غير مألوفة لإصلاح الألواح الشمسية المتضررة.
فعندما يكون اللوح متضررا بشكل كبير، يقص الجزء المتضرر للاستفادة من الجزء الصالح، وبالتالي تقليل قدرته التشغيلية بحيث يستعمل للاستخدامات الأساسية كشحن الهواتف والإضاءة.
ويشرح ذلك قائلا: إذا كان اللوح بقدرة 320 وات، أحيانا أقوم بإجراء عملية صيانة بإزالة الجزء المتضرر وتحويله إلى 150 وات، بما يبقي المواطنين قادرين على الاستفادة منه بشكل جزئي، رغم انخفاض كفاءته بنسبة تتراوح بين 50% و70%.
وبفضل قدرته على الابتكار، تمكن محمد من تشغيل الألواح الشمسية المتاحة، حتى إن كانت بقدرة متوسطة أو ضعيفة، وهو ما وفر على العائلات التي لا تملك خيارات أخرى الكثير من الأعباء المالية الناجمة عن شحن الأجهزة في أماكن بعيدة عن منازلهم.
محمد: أشعر بالفخر لأنني أساعد الناس على تجاوز هذه الأزمة أو التخفيف من حدتها (الأناضول) جهود أخرىلم تقتصر جهود محمد على تقديم خدمات الصيانة فقط، بل حرص أيضا على تعليم الزبائن كيفية استخدام الألواح المتضررة بطرق آمنة، حفاظا على سلامتهم وسلامة أجهزتهم الكهربائية.
ومعبرا عن اعتزازه بصنيعه، ووقوفه إلى جانب المنكوبين في القطاع، يقول حمد إنه رغم التحديات، أشعر بالفخر لأنني أساعد الناس على تجاوز هذه الأزمة أو التخفيف من حدتها، فكل لوح أقوم بإصلاحه، أعلم أنني أخفف من معاناة أسرة بأكملها.
ويقف محمد أمام ورشته الصغيرة التي أقامها داخل خيمة صغيرة في منطقة المواصي غرب خان يونس، وهو يشرح لأحد الزبائن طريقة تشغيل اللوح الشمسي، حتى بقدرة أقل، ليستفيد منه بأقصى درجة ممكنة.
وتوقفت محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة بشكل كامل عن العمل، بسبب نفاد الوقود واستمرار الإبادة الإسرائيلية، مما تسبب بكارثة إنسانية على جميع الصعد الحيوية الأساسية، كالقطاع الصحي الذي يحتاج إلى مصدر مستمر للكهرباء.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الألواح الشمسیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
غزة تنفض عن نفسها رماد الإبادة الصهيونية بعد أن طالت كل مناحي الحياة
يمانيون../
بعد مماطلة صهيونية، دخل اتفاق “وقف إطلاق النار” في قطاع غزة، اليوم الأحد، حيز التنفيذ، بعد 15 شهرا من حرب الإبادة التي خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
فعند الساعة الثامنة والنصف صباح يوم الـ19 من يناير 2025، كان المشهد في قطاع غزة مُغايراً، حيث عمت الاحتفالات والابتهاجات الشوارع ومخيمات النزوح مع دخول وقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة حيز التنفيذ.
ولكن هذه الاحتفالات عكرتها خروقات العدو الصهيوني حتى بعد دخول وقت التهدئة سويعات في مناطق متفرقة من القطاع، أفضت إلى استشهاد 23 مواطناً فلسطينياً وإصابة العشرات ممن كانوا يعدون الثواني للحظة انقشاع شبح الإبادة.
ورصد المركز الفلسطيني للإعلام، انطلاق العديد من المركبات في شوارع مدن قطاع غزة، مُطلقين العنان لأبواقها احتفاء بوقف الإبادة، فيما علت تكبيرات مآذن المساجد بما في ذلك تلك المدمرة.
وأطلق مواطنون فلسطينيون الرصاص والألعاب النارية بكثافة، ابتهاجاً بوقف حرب الإبادة، واحتفاء بنصر المقاومة وفشل العدو الصهيوني بتحقيق أي من أهدافه المُعلنة، وعلى رأسها القضاء على المقاومة.
وفي أزقة مخيمات النزوح المنتشرة في جميع أنحاء قطاع غزة، شرع مواطنون بتوزيع الحلوى على الأطفال الذين أنهكتهم الحرب نفسياً وأذاب الجوع شحوم أجسادهم الصغيرة، وكانوا أكثر من دفع ثمن الإبادة من دمائهم وأطرافهم، ليعلنوا بكل صراحة أن اليوم يوم عيد ولهم الحق في الاحتفال بكل الطرق رغم بشاعة وهول ما تعرضوا له.
من جانب آخر، بدأ مواطنون فلسطينيون بتفكيك خيامهم والتحرك إلى أماكن سكنهم، رافعين إشارات النصر وأعلام فلسطين فوق أنقاض الأحياء السكنية المدمرة.. كما علت الأغاني الثورية من قلب مخيمات النزوح تعبيراً عن حالة الابتهاج والفرح، والتحدي، في مشهد ينبض عزة وفخارا.
وبموازاة الإبادة بغزة، صعّدت قوات العدو والمستوطنون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ما أسفر عن استشهاد 835 مواطنا وإصابة آلاف آخرين، وآلاف حالات الاعتقال، وتزايد عمليات هدم المنازل والمنشآت، والحواجز العسكرية التي تقطع أوصل المدن والبلدات والقرى.
وبحسب تقرير سابق نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، كان للعدوان الصهيوني، تداعيات على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تعمق الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية مع قرصنة حكومة العدو مزيد من أموال المقاصة الفلسطينية، وارتفعت نسبة البطالة مع تعطل آلاف العمال الذين كانوا يعملون داخل أراضي الـ48، وتراجع الأنشطة الاقتصادية في الضفة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بدأت قوات العدو، عدوانا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 46913 مواطنا على الأقل، بينهم 17,581 من الأطفال، وحوالي 12,048 من النساء، وإصابة أكثر من 110750 آخرين، في حين لا يزال نحو 11 ألف مفقود تحت الركام وفي الطرقات، ما أدى إلى انخفاض عدد سكان القطاع بمقدار ستة في المائة مع نهاية عام 2024.
وتسبب العدوان الصهيوأمريكي في تهجير أكثر من 85 في المائة من مواطني قطاع غزة أي ما يزيد على 1.93 مليون مواطن من أصل 2.2 مليون، من منازلهم بعد تدميرها، كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية العدوان.
ويعيش نحو 1.6 مليون من المواطنين القطاع حاليا في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية، وسط دمار هائل وغير مسبوق في البنى التحتية وممتلكات المواطنين، وتشير التقديرات الى أن أكثر من 80 في المائة من قطاع غزة مدمر.
وأظهر تقرير لوكالة “وفا” أن العدوان، حرم 788 ألف طالب في قطاع غزة من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم للعام الثاني على التوالي، بينهم أكثر من 58 ألفا كان يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي 2024-2025، فضلا عن 39 ألفاً ممن لم يتقدموا لامتحان الثانوية العامة.
ومنذ بدء العدوان وحتى نهاية سبتمبر 2024، دُمرت أكثر من 77 مدرسة حكومية بشكل كامل، فيما تعرضت 191 مدرسة للقصف والتخريب، منها 126 مدرسة حكومية، و65 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، ودُمر أكثر من 51 مبنى تابعا للجامعات بشكل كامل، و57 مبنى بشكل جزئي، وتعرضت أكثر من 20 جامعة لأضرار بالغة.
كما دمر العدو الصهيوني خلال عدوانه 815 مسجدا تدميرا كليا، و151 مسجدا بشكل جزئي، و19 مقبرة بشكل كامل، وانتهك قدسيتها من خلال الاعتداء عليها ونبش قبورها وإخراج الجثث، واستهدف ودمَّر ثلاث كنائس في مدينة غزة.
وهدم الاحتلال نحو 195 مبنىً تاريخيًّا يقع أغلبها في مدينة غزة، بشكل جزئي أو كامل، وتضررت تسعة مواقع تراثية وعشرة مساجد وكنائس تاريخية تشكّل جزءًا من ذاكرة القطاع، وتعمدت قوات العدو تدمير الميادين العامة وهدم النصب والأعمال الفنية فيها، إلى جانب تدمير 27 جدارية فنية في الأماكن العامة وعلى طول شاطئ بحر مدينة غزة.
وشهدت كافة الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة منذ بداية العدوان وحتى نهاية عام 2024 انهيارا تاما، ما أدى إلى انكماش حاد وغير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 82 في المائة، رافقه ارتفاع معدل البطالة إلى 80 في المائة.
وفي الضفة الغربية المحتلة، استشهد خلال فترة العدوان على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى نهاية عام 2024، نحو 835 مواطنا، بينهم 173 طفلا، وأصيب 6,450 آخرون، نتيجة لهجمات قوات العدو وقطعان المستوطنين.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، صعّدت إدارة سجون العدو الصهيوني من إجراءاتها بحق المعتقلين والمعتقلات وضاعفت الإجراءات القمعية من ضرب مبرح وإهانات تحط من كرامتهم، واستولت على منجزاتهم التي تحققت نتيجة سنوات طويلة من النضال في معتقلات الاحتلال، وقللت الطعام كما ونوعا، وحرمتهم من الزيارة، ومارست بحقهم شتى أنواع التعذيب والقهر والاذلال، الذي وصل إلى حد التحرش والاعتداء الجنسي على بعضهم.
ونفذت قوات العدو عمليات اعتقال طالت أكثر من 25 ألف مواطن منهم ما يقارب 14300 معتقل من الضفة الغربية بما فيها القدس، والآخرون من قطاع غزة.
ووثقت مؤسسات الأسرى، اعتقال 450 امرأة وفتاة وطالبة جامعية وأسيرة محررة، لا يزال يحتجز العدو منهن 89 داخل معتقلاته، فضلا عن اعتقال 1065 طفلا، وما يقارب 700 منهم منذ بدء عام 2024.
ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، ارتفعت وتيرة التضييقات على فلسطينيي الـ48 بالوسائل كافة من قمع حريات وتحريض وتهديد وملاحقة وتحقيق واعتقال وتنكيل.
وفي 19 يوليو 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية، فتوى حول التداعيات القضائية للممارسات الصهيونية وانعكاسها على الأراضي المحتلة، والذي أكد أنه يتوجب على “إسرائيل” وقف الاحتلال وإنهاء تواجدها غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولاحقا للفتوى، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024، بأغلبية الأصوات، قرارا يطالب بأن تنهي “إسرائيل” “وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة” خلال 12 شهرا.
ومن واشنطن إلى نيويورك، ولندن وباريس وروما وبرلين ومدريد وبروكسل وستوكهولم وأوسلو، والعشرات من عواصم ومدن العالم، نظمت الآلاف من التظاهرات والوقفات والفعاليات في الشوارع والميادين الرئيسية، وفي الجامعات والمدارس، للتنديد بحرب الإبادة التي يشنها العدو على الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر، ونصرة لفلسطين وقضيتها العادلة.
وفي تأكيد واضح على أن اليوم التالي للحرب هو قرار فلسطيني لا يستدعي الجدل بقدر ما يظهر فشل “إسرائيل” في إسقاط المقاومة ومزيتها السياسية.. شهدت غزة انتشار واسعاً الشرطة الفلسطينية في شوارع القطاع عقب إعلان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني.
وعُد انتشار الآلاف من عناصر الشرطة بمثابة خطوة بارزة في إعادة استقرار الوضع الداخلي، في مسعى لفرض النظام وحماية المدنيين بعد 15 من حرب الإبادة التي دفع فيها الفلسطينيون في قطاع ثمناً كبيراً لقاء صمودهم وإسقاط مشاريع التهجير والاستيطان وعودة احتلال غزة مجدداً.
وأثار انتشار قوى الأمن الفلسطينية بغزة حفيظة الصهاينة، الذين رأوا فيه رسالة ذات دلالات سياسية بالغة الأهمية من أن مشهد غزة قطعاً لن يكون دون حماس.
وأعاد العشرات من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي وكتاب الرأي نشر واحدة من صور اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى لمقاتلين من كتائب القسام وهم يسحلون جنديا من داخل دبابته في يوم العبور الكبير، وصورة أخرى للمقاومة وهي ترفع شارة النصر في غزة بعد إعلان وقف إطلاق النار، وأرفقوا الصورتين بتعليق كتب عليه “اليوم الأول للحرب.. واليوم التالي”.
ومنذ بدء حرب الإبادة بغزة، اغتال جيش العدو 723 من رجال شرطة وعناصر تأمين المساعدات، وفق آخر إحصائية نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة يوم 19 ديسمبر الماضي.
سبأ : مرزاح العسل