تستفيق مدينة بعلبك، إحدى رموز التراث التاريخي والثقافي في لبنان، كل يوم تقريبا على كوارث جديدة تطال تاريخها العريق. فقد شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة مدمّرة استهدفت مبنى المنشية التراثي، الملاصق للمعابد الرومانية مقابل فندق "بالميرا" الشهير.   حولت الغارة المبنى الذي صمد لأكثر من مئة عام إلى أنقاض ليُمحى بذلك أحد أبرز معالم الحقبة العثمانية في بعلبك.

وقد حصل التدمير بعد أيام فقط من غارة أخرى طالت السور الروماني للقلعة، الواقع قرب ثكنة غورو، ما أدى إلى انهيار نحو 30 مترًا منه.

تُمثّل هذه العمارة التي تنتمي إلى عصور تاريخية عريقة، تلاقياً حضارياً بين الحقبتين العثمانية والفرنسية، إذ يتجلى الطابق الأرضي تحفة من زمن الإمبراطورية العثمانية، بينما يتلألأ الطابق الثاني المطل على الشارع دليلاً على تأثير حقبة الانتداب الفرنسي.       هذا المبنى الأثري أنجزه الياس أسعد باشا مطلع عام 1920، وارتبطت به قصة حب، إذ كانت زوجته من عائلة ألّوف التي تنعم بجذور عميقة في أثير المدينة، وانشأه كأول مقهى توافد عليه الضباط الفرنسيون والبعثات الأجنبية التي كانت تزور بعلبك إبان مرحلة الانتداب.  
أما عن فندق "بالميرا"، المقابل لمبنى "المنشية"، فهو يشكل مَعلماً أثرياً مرت عليه شخصيات سياسية وفنية، ولم يكن ممكنا زيارة القلعة من دون أن نلقي نظرة على "بالميرا" الواقف أبداً شاهداً على تاريخ لبنان الذهبي وتاريخ بعلبك خصوصا.   وكما القلعة، التي طالتها آثار العدوان الإسرائيلي في جزء محدود منها، تضررت الغرفة الخاصة بالسيدة فيروز في فندق "بالميرا"، حيث تعرضت لأضرار مادية. فكانت غرفتها المفضلة تحمل رقم 26. وتطل على قلعة بعلبك، ويسودها الهدوء والسكينة، لكنها اختارت الإقامة في ملحق الفندق على أثر تجديده وتحديثه. وفي عام 2006 مكثت هناك نحو أسبوعين متتاليين. واليوم تعرف الغرفة التي نزلت فيها باسمها "غرفة فيروز".           كثيرة هي الأسماء التي اتخذت من "بالميرا" محطة أساسية لها أثناء زيارتها بعلبك. ومن بين تلك الشخصيات وديع الصافي، ونصري شمس الدين، ومارسيل خليفة، وصباح، والأخوان الرحباني، وفريد الأطرش، وأم كلثوم، ودريد لحام.   ومن الشخصيات التاريخية التي زارته الجنرال غورو في عام 1920، والقيصر الألماني وليام الثاني عام 1889، فمهد وقتها الطريق إلى بعثات أثرية لاستكشاف بعلبك التاريخ.   ومن زوار هذا الفندق أيضاً الممثلة الفرنسية فاني أردان، وهي كانت تمضي ساعات طويلة تحت شجرة التوت في حديقة الفندق، أما نينا سيمون فكانت مغرَمة بالطبيعة، وتمضي معظم وقتها مساءً تحت سماء بعلبك المضاءة بالنجوم.   أبقى أصحاب الفندق من آل الحسيني على معالم هذا المكان كما هو من دون خدش هويته. غرفه الـ27 لا تزال مفروشة بالأثاث نفسه الذي غمرها منذ افتتاحه، أما الملحق، الذي استُحدث فيه مؤخراً، ويضم 5 غرف جديدة، فجرى تصميمه ليتماشى مع المبنى القديم ولكنه يحمل بصمات الحداثة.
شهد الفندق أهم محطات الفن والفرح في بعلبك، وهو مع الوقت، تحوَّل إلى متحف صغير لما يحتوي عليه من قِطع أثرية ولوحات فنية نادرة بريشة أجانب ولبنانيين.   في إحدى أغنياتها في بعلبك، غنت فيروز وقالت لقلبها "بتروح كثير، بتغيب كثير، وبترجع ع دراج بعلبك".. قلبنا ملؤه أمل اليوم أن تنتهي الحرب وأن نعود الى أدراج بعلبك وأن يبقى لنا الأثر التاريخي العريق والنور الساطع من شمس مدينة الشمس.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی بعلبک

إقرأ أيضاً:

كانت شاهدة على جرائم إسرائيل في لبنان.. الصحافية نجلاء أبو جهجه في ذمة الله

  رحلت عن عالمنا اليوم، الصحافية نجلاء أبو جهجه بعد إصابتها بمرض كورونا وتعرضها للاتهاب حاد في الرئتين.     وأبو جهجه لها مسيرة نضاليّة في عالم الصحافة، حيث كانت تسعى لمتابعة الأحداث ومآسي الناس، كما أنها من الشاهدين على استهداف طائرة إسرائيليّة في قرية المنصوري- قضاء صور في عام 1996، لسيارة إسعاف كانت تقلّ عائلة مسالمة، فذهب ضحيّة الاعتداء نساء وأطفال أبرياء.

مقالات مشابهة

  • الأشقر: تدمير المنشية وبالميرا في بعلبك خسارة كبيرة للبنان
  • «التنمية الحضرية»: العشوائيات غير الآمنة كانت من أبرز التحديات التي واجهت الدولة
  • إسرائيل طالت إرث السيدة فيروز في بعلبك.. شاهدوا بالصورة ما فعله العدوان
  • البنية السياحية في بعلبك في مرمى الـ.ـعـ.ـدوان الاسرائيلي
  • الاحتلال يدمّر مبنى تاريخيا في بعلبك.. وحصيلة جديدة لأعداد الشهداء (شاهد)
  • كانت شاهدة على جرائم إسرائيل في لبنان.. الصحافية نجلاء أبو جهجه في ذمة الله
  • وزير الثقافة يوجه كتاباً مستعجلاً لأزولاي بعد استهداف مبنى المنشية: خسارة لا تُعوّض
  • غرفة المنشآت الفندقية: بورصة لندن فرصة لعرض المنتجات السياحية الجديدة بمصر
  • «الغرف السياحية» تحدد قيمة مشاركة الفنادق في «معرض هوليداي» بإيرلندا