صدور كتاب مسألة الدولة: أطروحة في الفلسفة والنظرية والسياقات لعزمي بشارة
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب مسألة الدولة: أطروحة في الفلسفة والنظرية والسياقات، وهو من تأليف الدكتور عزمي بشارة. يتضمن الكتاب أحد عشر فصلًا تتمحور موضوعاتها حول فلسفة الدولة الحديثة ونظريتها ونشأتها، والعقد الاجتماعي في الدول، وفلسفة القانون الهيغلية في ما يخص الدولة والنقد الماركسي لها، ونقد النقد الماركسي، وأسباب تهافت النظريات التي توقعت زوال الدولة، والدولة كعقيدة (كارل شميت)، والعلاقة بين سيادة الدولة الحديثة والمواطَنة، ومسألة شرعية الدولة (ماكس ڤيبر ودوركايم وغيرهما)، والتفريق بين مفهومَي “الدولة” و”نظام الحكم”، إضافة إلى بحث تحول القومية إلى أمة داخل الدول.
الكتاب في الفلسفة والنظرية السياسية، وهو يتداخل بصورة مقصودة مع العلوم السياسية وعلم الاجتماع والقانون والتاريخ. ويحاول بشارة تكريسَ نظرة مختلفة في هذا الشأن، طارحًا تحديَ صياغةِ مفهومٍ نقدي إنساني للدولة يأخذ في الاعتبار المفاهيم السابقة والانتقادات التي وجهت إلى مفهوم الدولة في الفلسفتان الأخلاقية والسياسية، وعلوم السياسة، والاجتماع، والقانون، وذلك من منطلقات جماعاتية أو ليبرالية أو ماركسية. كما يستعرض آثار العولمة ومرحلة ما بعد الدولة. ويشمل المفهوم الذي يطوره بشارة فهما جديدا لمسألة السيادة يشمل المواطنة وهي عنده من أهم مكونات الدولة المعاصرة التي افتقرت إليها التعريفات السابقة، كما يشمل التوتر المطلوب في نظره بين المفهوم والواقع في إدراك الإنسان المعاصر.
يمكن اعتبار هذا الكتاب مُكمّلًا لكتاب المجتمع المدني (1996)، بوصف الدولة، كما ورد فيه، شرط المجتمع المدني، وكما ناقش بشارة في هذا الكتاب، بإن الدولة القوية بمؤسساتها وشرعيتها هي شرط المجتمع القوي، منتقدًا مقولة إن في مقابل المجتمع الضعيف هناك دولة قوية، أو في مقابل المجتمع القوي هناك دولة ضعيفة. ويمكن اعتبار هذا الكتاب مُكمّلًا أيضًا لكتاب الدين والعلمانية في سياق تاريخي (2013-2015)، حيث يجد القارئ في الجزء الثاني من ذلك الكتاب فصلين طويلين حول الدولة ونشوء فكر الدولة في نهاية العصر الوسيط وبداية عصر النهضة في أوروبا، ولكتاب المسألة العربية (2007) الذي ميّز بشارة في أحد فصوله بين الأمة والقومية. وأخيرًا، يُمكن أن يعتبره القارئ مُكمّلًا لكتاب بشارة الأخير حول الانتقال الديمقراطي وإشكالياته (2020)، حيث كرر في ذلك البحث أن رسوخَ الدولة شرطٌ لنجاح الانتقال الديمقراطي، وأنه لا يمكن الوصول إلى تعدّدية ديمقراطية إلّا تحت سقف الدولة القادرة على تأطيرها؛ لأن التعددية الديمقراطية في ظل شروخ اجتماعية عميقة وشرعية تجعل الدولة هشّة، وتؤدي إلى انحلال عقدها، وليس إلى نشوء نظام ديمقراطي تعدّدي. هو إذًا مشروع فكري واحد. وإضافةً إلى الإسهام النظري، قد يفيد هذا الكتاب بتقديم مصدر للباحثين والطلاب، لأنه يُقدّم عرضًا معقولًا لنظريات الدولة الحديثة وفلسفتها وإشكالياتها.
يقول بشارة في مقدمة كتاب مسألة الدولة إن الشرارة الأولى لهذا العمل انقدحت في ذهنه إثر إلقائه محاضرة “الدولة والأمة ونظام الحكم: التداخل والتمايز” في الدورة الثامنة لـ “مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية” في عام 2021، التي آثر عدم نشرها رغبةً في توسيعها إلى عمل نظري يسد ثغرة معرفية عن “الدولة” ونظرياتها لا تزال شاخصة ولم يتكفّل بردمها ما كتبه في الفصلين آنفي الذكر في الدين والعلمانية والفصل حول شرط الدولة في الانتقال الديمقراطي في الانتقال الديمقراطي وإشكالياته. ويضيف أن إلحاح وضْع كتاب في مسألة الدولة في العالم العربي انضم إلى أهمية ضرورة توضيح مسائل المواطنة، والسيادة، والشرعية، والأخلاق العمومية، وبخاصة مسائل تطوير تعريف الدولة ودلالة شمول المواطنة فيه، والعلاقة بين السيادة والشرعية والمواطنة، والعلاقة بين الأمة والقومية، والتمييز بين الدولة ونظام الحكم، إضافة إلى مراجعة التنظير الغربي بشأن الدولة من منظور مختلف.
ورغم انتهاء رحلة الكتاب بطباعته ونشره، يؤكد بشارة أن موضوعاته سوف تبقى مثارًا لمزيد من البحث زمانًا، وستظل رفيقة أعمال الباحثين والدارسين، نتيجة تشعبها وتعقدها.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: هذا الکتاب الدولة فی ا الکتاب
إقرأ أيضاً:
في عامها الثالث وقف الحرب وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي
بقلم : تاج السر عثمان
١
تدخل الحرب اللعينة في السودان عامها الثالث ، مع تزايد القلق الدولي لمآسيها والدعوة لوقفها وتوصيل المساعدات الإنسانية، كما في مؤتمر لندن الجاري حاليا الذي استبعد طرفي الحرب، ودعوة أمريكا والسعودية طرفي الحرب للعودة لمنبر جدة، بعد انسحاب الدعم السريع من الخرطوم، كما رشح في اتفاق مع الدعم السريع للعودة للتفاوض، لكن نكص الجيش عن الاتفاق مما أدي لتصاعد. نيران الحرب، كما. يحدث في حصار الفاشر ومجازر معسكر رمرم، اضافة لضغوط الإسلامويين على البرهان لاستمرار الحرب واطالة أمدها مما يهدد بتمزيق وحدة البلاد بتحويلها لحرب قبلية واثنية يمتد لهيبها إلى المنطقة باسرها، كما في خطر تكوين الحكومة الموازية في مناطق الدعم السريع، وتعديل الدستور من البرهان لفرض حكم عسكري اسلاموي ديكتاتوري، مما يكرس انقسام البلاد.
فضلا عن مخططهم لتوسيع قاعدة التمكين والسيطرة علي الأجهزة الأمنية والنظامية والخدمة المدنية، وعلى النقابات وربطها بالدولة، كما في المنشور الذي أصدره المسجل حول النقابات، وتكرار تجربة هيمنة الإسلامويين على النقابات والاتحادات كما في قانون نقابة المنشأة، التي فشلت وأسقطها شعبنا في ثورة ديسمبر. إضافة للمجازر التي تقوم بها كتائب الإسلامويين كما في قطع الرؤوس وبقر للبطون، و استهداف الناشطين السياسيين ولجان المقاومة وفي لجان الخدمات والتكايا "، و" "فبركة" التهم بالتعاون مع الدعم السريع، علما بأنهم هم الذين صنعوا الدعم السريع ومكنوا له في الأرض عسكريا وإقتصاديا، واعطانه جبل عامر للذهب، فهم الذين يتحملون مسؤولية الدعم السريع مع جرائمهم المشتركة معه كما في الابادة الجماعية في دارفور ومجزرة فض الاعتصام وانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١.
٢
اضافة لتصاعد نيران الحرب واستمرار جرائم الابادة الجماعية التي يمارسها طرفا الحرب كما يحدث الان في مخيم زمزم ،َ الفاشر وامدرمان. الخ، وتهديد الدعم السريع باجتياح الشمالية، والتصريحات من الجيش بمحو دارفور في حالة الهجوم على الشمالية، اضافة لمواصلة تدمير البنيات التحتية، كما حدث في ضرب محطة مروي للكهرباء مما أدي لانقطاع الكهرباء عن اغلب ولايات السودان، مع تزايد مآسي الحرب التي بسببها بلغ عدد النازحين ١٢ مليون شخص داخل وخارج البلاد، اضافة لآلاف القتلى والمفقودين، و٢٥ مليون سوداني مهددين بنقص الغذاء، والتهجير القسري وما يتبعه من نهب الأراضي الزراعية والمعادن والممتلكات، والمآسي إلانسانية، اضافة للقمع الوحشي والتعذيب حتى الموت للمعتقلين السياسيين ولجان المقاومة والناشطين في لجان الخدمات في سجون طرفي الحرب ، والمحاولة السافرة لظهور المؤتمر الوطني في الحياة السياسية ومخاطبة مجرمي الحرب مثل: احمد هارون و البشير لاجتماعه ، مما يؤكد ان هدف الحرب تصفية الثورة، وإعادة التمكين للإسلامويين مرة أخرى، الأمر الذي وجد رفضا وَاستنكارا شديدا من الثوار و الجماهير. إضافة لخطر السير في التسوية التي تعيد الشراكة مع العسكر والدعم السريع، وإنتاج الأزمة والحرب مرة أخرى، كما في اتفاق "المنامة "، الذي وقع عليه الجيش والدعم السريع.
٣
إضافة للصراع الدولي لنهب الموارد بين المحاور الداعمة لطرفي الحرب، وشن الحروب من أجل ذلك كما في الحرب الروسية - الاوكرانية التي اتضح انها حرب على الموارد كما في مطالبة ترامب تعويض خسائر الحرب التي تقارب ٥٠٠ مليار دولار بثروة المعادن الاوكرانية، وحرب غزة. التي برز هدفها تهجير سكانها و نهب ثرواتها وتحويلها لاستثمار أمريكي كما صرح ترامب، فضلا عن هدف نهب ثروات وموانئ وأراضي السودان.
٤
مع دخول الحرب عامها الثالث، فلنشدد النضال الجماهيري في الداخل والخارج لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة ، واستلهام الدروس السابقة بالخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية وتنفيذ المواثيق التي يتم الاتفاق عليها ، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وتفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي واستدامة الديمقراطية، والعض بالنواجذ على ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، الذي يبدأ بقيام نظام ديمقراطي مستدام، وتنمية متوازنة، و سلام عادل وشامل، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم، وضمان السيادة الوطنية، وحماية ثروات البلاد، وإنجاز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة .
alsirbabo@yahoo.co.uk