بريطانيا.. جراحة ثورية تعيد الأمل لضعاف النظر
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
أصبح بإمكان المرضى الذين يعانون من ضعف النظر الحصول على "رؤية خارقة"، بفضل أول عملية جراحية مخصصة للعين تعمل على إنشاء نسخة رقمية ثلاثية الأبعاد لعين المريض، وتصميم العدسة المناسبة لها، وفق احتياجات كل شخص.
يمكن لهذه التقنية الثورية، التي يتم إجراؤها لأول مرة في المملكة المتحدة، أن تحقق نتائج غير مسبوقة لآلاف المرضى، الذين يعانون من ضعف النظر، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
واستغرق تطوير هذه التقنية نحو 20 عاماً، وفقاً لجراح العيون ديفيد آلامبي، معتبراً أنها قفزة كبيرة إلى الأمام، لأنها تسمح بإجراء الجراحة افتراضياً، وقبل تطبيقها العملي على العين، والتأكد من النجاح تماماً.
تفاصيل التقنيةتتم هذه الجراحة من خلال إجراء الأطباء استنساخاً رقمياً، أطلقوا عليه "آي فاتار" Eyevatar ، بحيث يتناسب مع الضعف الذي يعاني منه المريض، ثم يختبرون النسخة الرقمية ليتمكنوا من توفير قدرة النظر فائقة القوة للمريض، عندها يجرون الجراحة فعلياً على عينيه.
تبلغ تكلفة هذه العملية حالياً 8250 دولاراً، وتوفر قدرة على استعادة النظر بمعدل 20/20، أو رؤية حتى فوق طبيعية في بعض الحالات.
تعزير الرؤية الليلية
خلال التجارب العملية، حققت 50% الاختبارات رؤية بنسبة 20/12.5، ما يعني قدرة المريض على رؤية أشياء تبعد 6.09 أمتار بوضوع، بينما الآخرون يرونها واضحة على مسافة 3.81 أمتار.
وسجل حوالى 8% من المُختبرين معدل 20/10، أو ما يُعرف بـ "الرؤية المثالية"، والتي لا تحققها في الطبيعة البشرية إلا 1% من الناس.
كما أشارت النتائج المخبرية إلى أن هذه التقنية قد تعزز الرؤية الليلية، وهو أمر لم يسبق له مثيل في جراحة العيون بالليزر من قبل.
نتائج إيجابية على 6 مرضى
كشف طبيب العيون ديفيد ألامبي، الذي أجرى العملية على 6 مرضى كنوع من الاختبارات الأولية أن النتائج أثبتت قدرة هذه التقنية على تحقيق مسار متطور جداً في جراحات العيون التصحيحية.
وذكر أن مديرة الاتصالات ريبيكا هاكورث (50 عاماً)، كانت من أوائل من خضعوا لاختبار هذه التقنية، بعد حاجتها الضرورية إلى نظارات القراءة لوضوح رؤية النص.
وتوقع نجاح الجراحة بشكل كبير، بعدما عالج عينها اليمنى باستخدام التقنية التصحيحة الحديثة، بينما تركت عينها اليسرى دون تصحيح، من أجل إجراء مقارنة في الرؤية المختلطة، وتحديد مسافة واضحة للقراءة دون نظارات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الصحة هذه التقنیة
إقرأ أيضاً:
الاستثمار لمواجهة الأزمات في المؤسَّسات
د. نازك حامد الهاشمي
في ظل الأزمات المتتابعة التي يشهدها العالم، أصبح من الضروري على الباحثين والمفكرين في مختلف المجالات الفهم والتحليل المستمر للظواهر المتنوعة في ميادين شتى، مثل العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى العلوم الطبيعية. وازداد التركيز على مفهوم المرونة كمنهجٍ رئيسي لتوجيه التفكير حول كيفية التعامل مع الأزمات والتعافي منها، إضافة إلى تعزيز القدرة على الوقاية من الأزمات المحتملة في المستقبل. ووفقاً للأدبيات الاقتصادية، يتفق الاقتصاديون على مفهوم "المرونة الاقتصادية" على أنه يعبر عن قدرة الاقتصاد على الصمود في مواجهة المخاطر والضغوط، والتكيف معها، ثم التعافي منها. وتُعتبر المرونة أداةً أساسيةً لفهم قدرة الأنظمة الاقتصادية على مواجهة الأزمات المالية وتقلبات الأسواق والصدمات الخارجية، بما في ذلك الأزمات الاقتصادية العالمية والكوارث الطبيعية والتحولات السياسية وإدارة المخاطر الاقتصادية.
لقد ازداد الاهتمام بمفهوم المرونة واستخداماته بشكل كبير نتيجة الأزمات العالمية المتتابعة مثل الأزمة المالية في 1997 والأزمة الاقتصادية في 2008 وأخيراً جائحة كوفيد-19 التي أثرت سلباً على مختلف المجالات الصحية والاقتصادية. وغدت المرونة أولوية للدول كوسيلة لمواجهة الأزمات المتعددة وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، خاصة بعد أن أدركت الكثير من الدول أن الاعتماد على الحلول الخارجية لم يعد كافياً للتعامل مع الأزمات أو تقليل المخاطر، مما دفعها إلى التفكير في بناء أنظمة متكاملة لتعزيز المرونة في جميع المجالات وتقوية قدرة المجتمعات على مواجهة الأزمات باستمرارية من الداخل. وأصبح مفهوم المرونة أساسياً في إدارة شؤون الدولة وتحقيق التنمية المستدامة ليس فقط في أوقات الأزمات بل حتى في الظروف العادية. كذلك تستند قدرة أي نظام – سواءً أكان دولة أو مؤسسة أو حتى فرداً – على مواجهة الأزمات إلى ثلاث ركائز أساسية تبدأ بامتصاص صدمة الأزمة من خلال اتخاذ إجراءات سريعة لاستعادة الوضع الطبيعي، ثم تأتي مرحلة التكيف التي تشمل اتخاذ تدابير لتقليل المخاطر المستقبلية المرتبطة بالأزمة، وفي النهاية يتم تعديل استجابة النظام لتجنب تكرار المشكلة في المستقبل. ويتطلب بناء هذه المرونة تعاوناً مكثفاً بين الجهات الحكومية وغير الحكومية. فعلى مستوى الدول، يُعد تطوير مختلف أشكال رأس المال – الاجتماعي والاقتصادي والبشري والسياسي – بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية واستغلال الموارد الطبيعية أمراً أساسياً لتحقيق هذه القدرات. ويمكن تحقيق المرونة على مستوى المؤسسات الخاصة عبر تبني استراتيجيات تركز على تطوير خطط طوارئ فعالة للاستجابة السريعة للأزمات المحتملة، كما يُعد تنويع الموارد والاعتماد على أكثر من مصدر للتوريد أو السوق عنصراً حيوياً في تقليل المخاطر الناتجة عن الأزمات. ويسهم الاستثمار في التكنولوجيا في تحسين الكفاءة التشغيلية للمؤسسات، مما يعزز مرونتها في مواجهة التحديات المفاجئة. كما يدعم تدريب الموظفين على إدارة الأزمات وتطوير مهاراتهم التكيفية قدرة المؤسسة على التكيف، بينما يعمل بناء شراكات مع جهات خارجية، مثل الشركات والمنظمات غير الحكومية، على تعزيز استجابتها للأزمات. وفي القطاع الخاص، تُعد القدرة على التكيف مع التغيرات في السوق أساساً لاستدامة المؤسسات؛ حيث يجب على أصحاب الأعمال مراقبة المتغيرات البيئية وتكييف استراتيجياتهم وفقاً للمتطلبات المستجدة، إضافةً إلى بناء علاقات قوية مع العملاء والموردين. كذلك، يُعتبر التعلم المستمر وتطوير المهارات خطواتٍ ضرورية لتحسين اتخاذ القرارات الفعالة لمواجهة تحديات المستقبل.
ويؤدي الاستثمار بمختلف أشكاله دوراً محورياً في تخفيف آثار الأزمات، حيث يعزز القدرات المجتمعية والاقتصادية على المواجهة واستعادة الاستقرار. ويمكن للاستثمار في بنية تحتية مقاومة للكوارث تحسين استعداد الدول لمواجهة الكوارث الطبيعية؛ ففي إندونيسيا على سبيل المثال، أُعيد تصميم العديد من الجسور لتحمل الزلازل القوية، مما قلل من الأضرار وسرّع عملية التعافي. كذلك يتيح الاستثمار في التكنولوجيا والبيانات للدول والمؤسسات جمع وتحليل المعلومات لتعزيز التنبؤ والتخطيط للطوارئ، كما حدث في بنغلاديش، حيث أُنشئت أنظمة إنذار مبكر تحذر السكان من الفيضانات المتكررة، ما أسهم في إنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر. ويعتبر الاستثمار في رأس المال البشري عنصراً أساسياً في الاستجابة للكوارث؛ فقد دُرّبت المجتمعات المحلية في الفلبين على التعامل مع الأعاصير، مما عزز من قدرتها على البقاء والتصرف بفعالية. وفي إثيوبيا، دعمت ممارسات الزراعة المستدامة مرونة النظام الغذائي، مما خفف من تأثير الجفاف وضمن استمرارية إمدادات الغذاء للمجتمعات. وتبرز بوضوح جميع هذه الأمثلة التي ذكرناها أهمية الاستثمار المستدام والمتنوع في تعزيز مرونة المجتمعات وقدرتها على التكيف مع الأزمات المتنوعة.
ويُعَدُّ تطوير رأس المال البشري والاستثمار في البنية التحتية من الركائز الأساسية لتعزيز القدرة على الصمود أمام الكوارث والأزمات، سواءً على مستوى المؤسسات أو المجتمعات. فبينما يُسهم تدريب الموظفين على اتخاذ قرارات فعّالة وتنظيم تدريبات دورية لمحاكاة الطوارئ في ضمان استمرارية الخدمات، يُعزز الاستثمار من إدارة الأزمات لحماية سمعة المؤسسات من خلال فرق علاقات عامة مدربة، ويضمن تواصلاً فعالاً مع العملاء والشركاء بما يعزز الثقة المشتركة. وعلى مستوى المجتمعات، فإن تطوير بنية تحتية مقاومة للكوارث وتدريب الشباب على مواجهة التحديات يعززان الاستعداد الوطني ويقللان من آثار الكوارث. وتُظهر هذه الاستراتيجيات أن الاستثمار المتنوع يُمكّن المؤسسات والمجتمعات من مواجهة الأزمات بمرونة وتكيف، كما أن الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص تؤدي دوراً أساسياً في تحقيق استقرار مستدام.
أما على نطاق الدول، فإن إعداد خطط وطنية شاملة لمواجهة الكوارث، مع إشراك المجتمعات المحلية يُسهم في تعزيز الاستعداد والمرونة. ويشمل ذلك تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، ودعم الاقتصاد المحلي بتركيز على تلبية الاحتياجات الضرورية. ويُعتبر الاستثمار في التعليم والتدريب المهني ضرورياً لإعداد الشباب بمهارات تُمكِّنهم من إعادة بناء المجتمعات بعد حدوث الأزمات، مما يعزز استدامة المجتمعات وقدرتها على التكيف مع التحديات المستجدة.
لا شك في أن البلدان المتضررة من النزاعات تحتاج إلى استراتيجيات استثمارية تعزز من قدرتها على الصمود، مما يسهم في تحسين جودة الحياة وتحقيق الاستقرار. ويعتمد نجاح هذه الجهود على التعاون الفعّال بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لضمان تنفيذ الاستراتيجيات بكفاءة. ولدعم السكان المتأثرين بالأزمات، تعد الاستراتيجيات التي تركز على الدعم النفسي والاجتماعي من الأمور الأساسية اللازمة لتعزيز قدرة الأفراد على التعافي والتكيف. ويشمل ذلك تنظيم برامج توعية بالصحة النفسية وتشجيع الأفراد على طلب المساعدة، عبر ورش عمل وأنشطة تنمي مهارات التأقلم. كما أن تقوية الروابط المجتمعية عبر مجموعات دعم محلية وفعاليات تُعزز الشعور بالانتماء وتُسهم في بناء مجتمعات متماسكة تساند أفرادها في مواجهة التحديات.
وفيما يخص السودان، فينبغي إدراك الحاجة الماسة لمثل تلك المبادرات من أجل توفير الدعم النفسي والاجتماعي وتعزيز فرص العمل في معالجة الآثار الممتدة للنزاعات. ومن شأن ذلك مساعدة السكان على تجاوز التحديات وبناء مجتمعات قادرة على الصمود. كما أنها تعزز من قدرة الأفراد على التكيف والعودة إلى الحياة الطبيعية.
nazikelhashmi@hotmail.com