تنافسية  أى منتج فى أي سوق عالمية تعتمد بالدرجة الأولى على  السعر والجودة ، ولا تستطيع أى  دولة الحصول  على حصة سوقية فى  أسواق  التصدير إلا  إذا  كانت  منتجاتها  المصدرة تتمتع   بجودة عالية مع  سعر تنافسى  جيد، وكل  الحكومات  فى كل  دول  العالم تلعب  دورًا محوريا  ورئيسًا فى  هذه  المعادلة حيث  تقوم   بتقديم حوافز مالية  وضريبية  لكل  القطاعات الصناعية  لديها   التى  تقوم   بالتصدير   حتى  تمكنها  من  المنافسه  و الحصول  على  حصة سوقيه كبيره   فى  أسواق   التصدير  العالمية  مما   يساهم   فى  زيادة  معدلات  النمو  الإقتصادى  بشكل   عام   فى  هذه  البلدان ،  وبالتالى  جذب الاستثمارات مع  التوسع   فى   التصنيع  والإنتاج والتصدير ،  وما  نقوله معلوم  بالضروره فى  علم  الاقتصاد  كبديهيات  علم  المنطق.


إذا  نظرت  إلى  الولايات   المتحده  الأمريكيه  الأكبر   إنتاجا واستهلاكا فى  العالم  ستجدها   تدعم   مزارعيها وصناعها  ومصدريها  فى  كل  الصناعات  التى  تتمتع  فيها   بميزات  تنافسية  بدءً  من   قطن   البيما   وإنتهاء   بصناعة   الصلب ،   وتتخذ   كل  الإجراءات   الحمائية   التى  تحمى  هذه  الصناعات   من  كل  الممارسات  التجارية  الضارة  التى   أدانتها   قوانين   منظمة  التجاره العالمية مثل   الإغراق   والإحتكار وغيرهما  .


** 
التسعير  غير  التنافسى..قطاع  النسيج نموذجا

تسببت  العديد  من    العوامل  الجيوسياسبة  المتقلبة  والمتصاعده   فى   أحداثها   بصوره  مرعبة   بدايةً  من   إندلاع   وباء  كورونا   مع   بدايات    عام  2019  مروراً بالحرب  الروسية  الأوكرانيه  ، والحرب  التجارية  بين  القطبين   الأعظم فى العالم  وهما   الولايات  المتحدة الأمريكية والصين  ، وإنتهاءً   بالحرب   على  غزه  وغيرها  فى  إختلال  سلاسل   التوريد وتعرض   الصناعه   فى  العديد  من  دول  العالم   ومنها    مصر  إلى   معوقات   وتهديدات   كبيره ، واستطاعت  غالبية   إقتصاديات   العالم   الخروج   من  أزماتها   المالية   بعد  أن  أدارت   حكومات   هذه   الدول   أزمتها  المالية والاقتصادية   بحنكه   وإحترافية   شديده  ، والمدهش    أن   هذه   الدول   قدمت  لصناعها  ومنتجيها   ومصدريها   حزم   من  الحوافز   والتسهيلات والدعم  والمسانده    لكى   تنافس   فى  أسواق   التصدير  من  جديد ،  اما   فى الحاله  فى  مصر   فقد  شهد   الإقتصاد   المحلى  أزمه   عنيفه   جدا   خاصة  على  مستوى  سعر  الصرف  ،  وارتفاع   معدلات   التضخم   بشكل  غير  مسبوق   منذ   بدء   الخليقه   إلى   الآن   ، وواكب   إرتفاع   معدلات   التضخم  محليا،   إرتفاع   أسعار  الخامات بالبورصات   العالمية   مما   أدى   إلى  إرتفاع   تكاليف   التشغيل  والإنتاج   على  مستوى  كل  الصناعات   المصرية  دون  إستثناء ،  وحدوث   خلل   كبير   فى  الهياكل  التمويلية    فى   العديد  من  الصناعات  .إذا   نظرنا  إلى  صناعة   الغزل  والمتسوجات  والمفروشات  المنزلية    واتخذناها   نموذجا   للوقوف   على  المعوقات   الكبيره   التى  تواجهها    هذه   الصناعه   المركبة  العتيقه  التى  كانت   مصر   أحد  روادها    على  مدار  التاريخ  فنستطيع أن  نؤكد  على  عدة  حقائق  هى :
اولا :
رغم  الظروف  العالمية  شديدة  الصعوبه  فقد  إستطاعت   المصانع   المصدره  فى قطاع  الغزل والنسيج والمفروشات   تصدير   منتجات  مصرية  خالصه  قيمتها  1.664  مليار  دولار  عام 2022 ، وكان  نصيب  قطاع الغزل  والمنسوجات  من  هذه  الصادرات  65% ، وكان  نصيب  قطاع  المفروشات  المنزلية  35%  ،  مع  الإشاره   إلى  أن  صادرات  قطاع  الغزل والمنسوجات  عام  2019 كانت  لا  تتجاوز  863 مليون  دولار   ،  والمفروشات  المنزلية 501 مليون  دولار   وهو  ما  يعنى   أن   صادرات   هذا   القطاع   قادره   على النمو  بشكل  متسارع   ولكن   إذا  عملت  وأنتجت  وصدرت   فى  بيئة  صحية   وحوافز   داعمه   ومشجعه .


ثانياً:
تواجه   هذه  الصناعه  الوطنية  الضخمه   منافسه   سعرية  وكمية شرسه  من  دول  أخرى  منتجه  ومصدره  مثل  لمغرب  وتركيا  فى  قطاع  النسيج  ،  او دول  جنوب  شرق  آسيا  خاصة  الهند وباكستان فى  قطاع  المفروشات   المنزلية ، وحكومات  الدول  المنافسه   تدعمهم   وتساندهم   بكل  ما  أوتيت  من  قوه  ، إذا  نظرنا   إلى  قطاع  النسيج   سنجد   دولة  المغرب   تتدخل   وتتخذ   إجراءات   حمائية   قاسية   ضد  الدول  الأخرى   المنافسه  بهدف   حماية   صناعتها   وصناعها   المغاربه بدليل   أنها   فرضت  مؤخرا    رسوم  حمائية   على  صادرات   مصر   من  السجاد  الميكانيكى مع   ملاحظة   أن   مصر  أصبحت  تعد  أكبر  منتج   ومصدر   للسجاد  الميكانيكى  فى العالم  بفضل  وجود  عملاق   وطنى بنسبة 100 %    فى  الصناعه  يوجد  على أرض  مصر  إسمه   مجموعة  النساجون  الشرقيون ،  ولا   تكف   تركيا   عن  إغراق السوق  المحلى المصرى  بمنتجاتها   من  السجاد  . وإذا  نظرنا   إلى   قطاع  المفروشات   سنجد  دول  جنوب  شرق  آسيا  التى   كانت  أقل   من  مصر   بكثير   فى  الصناعه  ولكنها  إنطلقت   بسرعة   الصاروخ  فى  الإنتاج  والتصدير  واصبحت  هذه  الدول  خاصة  الهند وباكستان  وبنجلاديش  تصدر   فى  قطاع  المفروشات   بأرقام   تكاد  تعادل   قيمة  صادرات   مصر  الإجمالية ، وما   يؤلمك   ويدهشك   أن  دول   مثل   الهند  وباكستان   تصنع   وتصدر   منتجاتها   لدول  كثيره   وعلى رأسها  الولايات  المتحده  الأمريكية  بأقطان  مصرية   خالصه ،  حيث  تشتري  القطن  المصرى  من  سماسره  محليون  وعالميون  بأسعار  رخيصة  ، ثم  تقوم   ببيع   هذه   المنتجات    المصنوعه  من  القطن  المصرى    بأسعار   تنافسية   مدهشه  فى  أسواق  التصدير  مما  ساهم  فى  إنخفاض  حصص   مصر  التصديرية   فى  أسواق   التصدير

ثالثا : 
تحدد    كل  الشركات  المنتجه    والمصدره  فى  قطاع  المنسوجات  والغزل والمفروشات   ميزانياتها   ، وخططها   البيعية   والتصديريه  وفقا   لتدفقاتها   النقدية بالدرجه  الأولى، ومجموعة  الحوافز   الضريبية  والمسانده   التصديرية التى  تحظى  بها  من  جانب الحكومه مع  عدم  إغفال  أن  صادرات  هذه  الشركات   هى  من  أهم  روافد   الدخل  للنقد  الأجنبى  بجانب  السياحه  ، وتحويلات  المصريين فى الخارج  ، والعائد من قناة  السويس والخدمات   اللوجستية   المصاحبة  لها ، والعائد  من  صادرات  البترول   -  إن  وجدت .وبناء على  المعطيات  السابقه إستهدفت   هذه  الصناعه   زيادة صادراتها  على المدى  القصير   فى  عام  2025 بنحو   لا  يقل   عن 20% فى  قطاع  الغزل والمنسوجات  ، و15%  فى  قطاع  المفروشات  على  أن  تصل  القيمه  الإجمالية   لصادرات  القطاعين  عام  2025 إلى  أكثر  من 2.5 مليار   دولار  وهو  رقم   لم  يتحقق  من عام  2018 حيث  كان  لايتجاوز  1.4 مليار   دولار  ولكن   بعد  قيام   الحكومه   بتخفيض  نسب  دعم  الصادرات  لكل القطاعات   أصبح  من  الواضح   أن  المستهدف   تحقيقه  من  صادرات  الغزل والمنسوجات  والمفروشات   وهو 2.5 مليار  دولار   لن  يتحقق  لأن  المسانده   التصديريه  كانت تعطى  ميزه  للشركات  المصدره  وهى  انها   تجعلها   قادره   على  وضع  سعر  تنافسى   تستطيع   أن  تنافس  به  فى  أسواق  التصدير   وتحصل  على  حصه  سوقيه  من  هذه  الأسواق.

رابعا :

هناك  نقطه  غايه  فى الأهمية   وهى  ان  الشركات   الكبيره  التى تقوم  بالتصدير  تقوم   بإبرام   عقودها   التصديريه على  فترات  طويله ، وترتب  ميزانياتها   وفقا   للمسانده   التصديرية  التى  تحصل  عليها  من صندوق  مساندة  الصادرات  ، وتخفيض  المسانده   سيجعل  هذه  الشركات   تعيد  كل  حساباتها   ، وقد  تواجه  خطر  إلغاء   بعض  عقود   التصدير   لأن   العميل  المستورد   يهمه   بالدرجه  الأولى  السعر  الارخص مع  الجوده ، وإلغاء   العقود   هو   أخطر   ما  تواجهه   اى  شركه  تقوم  بالتصدير لأن  الشركه   هى  عباره   عن   " سمعه حسنه    " سواء   فى السوق   المحلى  أو  أسواق  التصدير


خامسا:
إن  تخفيض  المسانده  أو  عدم  صرفها  بشكل  دورى   منتظم  يتسبب   فى  عدم  إحتسابها ضمن  معادلة  التسعير ، وبالتالى  فقد العديد  من الفرص  التصديرية  لوجود  فوارق  سعرية  هائلة  بين  المنتج  المصرى  ونظيره  من  منتجات  الدول  الأخرى  المنافسه

**

لا  نمو  بدون  صناعات متنوعه وقوية

إستطاعت  أوروبا   أن   تنهض  من كبواتها  بإنشاء   صناعات  قويه  متنوعه  فى  كل  القطاعات ، واستطاعت  الصين  ، والولايات  المتحده الأمريكية، ودول جنوب شرق  آسيا أن   تحتل  مكانه   كبيره   فى  حجم   التجاره   العالمية   بفضل  الصناعه ، وإذا  كنا   نبحث  عن  النمو  وإنعاش  الإقتصاد  المحلى  لابد   أن   نشجع   صناعاتنا  المحلية  وندعمها ونساندنها   بكل  ما  اوتينا  من قوه  خاصة  أننا   نمتلك  اهم   عوامل النجاح   وفى مقدمتها   الأمن  والإستقرار   الذى  يبحث  ويسأل  عنه  اى  مستثمر  فى اى  بلد  قبل  ان  يضخ  دولار واحد  ،  وشبكة  الطرق  الرائعه  ، والموانىء  والخدمات  اللوجستيه، بالإضافه  إلى  المهاره  الفائقه  للعامل  المصرى   فى حالة  تدريبه وتثقيفه والإهتمام  به ..إن  الصناعه  المصريه  فى  امس الحاجه إلى التمويل والمسانده ، والتسهيلات   الضريبية ، والإفراجات  الجمركية ووقت   أن  توفروا   لهم   كل  هذه  المساندات والحوافز   حاسبوهم  قبل   أن  تقتلوهم  !!

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المنتج المصرى الأسواق العالمية

إقرأ أيضاً:

خبير: وصول حجم الصادرات لـ40 مليار دولار يعكس استقرار القطاعات الاقتصادية

أكد محمد الكيلاني، الخبير الاقتصادي، أن وصول حجم الصادرات إلى 40 مليار دولار يُعد رقمًا مطمئنًا للغاية للدولة، سواء على مستوى القطاعات الاقتصادية المختلفة أو للمواطنين والأسواق الخارجية. 

أوضح الكيلاني ذلك خلال تصريحاته في برنامج "الخلاصة" المذاع عبر قناة "المحور"، أن هذا الإنجاز يعكس قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع التحديات الراهنة.

وأشار الكيلاني إلى أن التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك أزمة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، أثرت بشكل كبير على حركة الشحن الدولي، مما زاد من تكاليف الشحن وفرض تحديات على فتح أسواق جديدة والترويج للمنتجات التصديرية.

وأكد أن استمرار تلك التوترات يمثل ضغطًا على القطاعات التصديرية، إلا أن القدرة على تحقيق هذا الرقم تعكس نجاح الدولة في التعامل مع الأزمات وتوفير بيئة مستقرة نسبيًا للتصدير.

وختم الكيلاني بأن هذا الرقم يمنح ثقة كبيرة للمواطنين والمستثمرين في الاقتصاد المحلي، ويعزز من مكانة الدولة على الساحة الاقتصادية الدولية.

مقالات مشابهة

  • روسيا تحطم الأرقام القياسية في تصدير اللحوم في العام 2024
  • صادرات تركيا من الفلفل الأحمر تسجل 13 مليون و940 ألف دولار
  • مصر تحقق رقماً قياسياً في الصادرات تجاوز 4 مليارات دولار
  • صادرات مصر السلعية تتخطى 9 مليارات دولار والواردات أكثر من 23 مليار في الربع الأول
  • انخفاض صادرات العراق النفطية إلى الولايات المتحدة
  • شعبة الذهب تطلق استراتيجية طموحة لزيادة الصادرات بالتعاون مع «التمثيل التجاري»
  • تركيا تتفوق في التجارة الدولية: زيادة صادراتها بمليارات الدولارات إلى أبرز الأسواق
  • إعلان الدول العشر الأعلى زيادة في صادرات تركيا: أرقام مثيرة!
  • جمعية المصدرين: 40 مليار دولار صادرات لا تعكس كامل قدرة مصر التصديرية
  • خبير: وصول حجم الصادرات لـ40 مليار دولار يعكس استقرار القطاعات الاقتصادية