خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
المناطق_واس
أوصى إمام وخطيب الحرم المكي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل وذكره وعدم الاغترار بالحياة الدنيا.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام : إن من دأب المخلصين من عباد الله، ذوي البصائر النيرة، والعقول الراجحة، دوام الأخذ بأسباب السعادة، وكمال الحرص على سلوك مسالك الفوز وسبل النجاة، رغبةً منهم في حسن العاقبة وكرم المآل، وكثيرًا ما يعرض القرآن للمدح لهم، والثناء عليهم، بكريم خصالهم، وجميل صفاتهم، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾.
وبين فضيلته بعض أوصاف أولي الألباب ، وفي الطليعة منها: الوفاء بالعهد الذي قطعه المرء على نفسه، والالتزام بالأوامر والنواهي التي أمر الله بها أو نهى عنها، والوفاء بالعهد الذي بينه وبين الناس، من عقود ومعاملات، وأداء للأمانات، لا يخل به ولا ينكص عنه، وكذلك عدم النقض للميثاق الذي وثقه بالله، وأشهد على المضي فيه والاستمرار عليه، لا يحمله على عدم الوفاء أو على النكث به، إغراء المادة وبريقها، أو تلويح بالسراب الخادع؛ فعهد الله تعالى واجب الوفاء حتمًا، ونقض الميثاق خطيئة كبرى، تنذر بالهلكة وسوء المصير.
وأضاف أن من صفات أولي الألباب الحميدة، صلة الأرحام، والإحسان إليهم، والصبر على ما يصدر منهم من أذى، وما يبدر منهم من جفوة وملام، كما جاء في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صل الله عليه وسلم عن ربه: “قال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا اللهُ، وأنا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وشَقَقْتُ لها اسْمًا مِنَ اسْمِي، فمَنْ وصَلَها وصَلْتُهُ ، ومَنْ قَطَعَها قَطَعْتُهُ”. أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي في سننهما بإسناد صحيح، كذلك من صفات أولي الألباب الجليلة، الخشية من الله، ومخافة مقامه، والخوف من عذابه، ومن مناقشة الحساب يوم القيامة فإن “مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ”. كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا، وحري بمن كان على هذه الحال، أن يستمسك بالحق والهدى، ولا يميل عنهما، اتباعًا لهواه، فيكون ممن أثنى الله عليهم بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ﴾.
وواصل قائلا : من صفات أولي الألباب التي ينبغي أن يحرص المرء على التحلي بها، الصبر في مختلف دروبه، صبر على طاعة الله، وما يقتضيه من إخلاص وبذل جهد، وصبر عن معصيته سبحانه، وما يوجبه من لجم للنفس، وكبح لجماحها، وحجزها عن النزوات والهفوات، وصبر على أقدار الله المؤلمة، وما يستلزمه من رضا واحتساب وتسليم، والعباد يتفاوتون في ذلك؛ فمن كان أعظم صبرًا واحتسابًا، كان أجزل أجرًا وأكثر ثوابًا ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
وأفاد فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط أن من صفات أولي الألباب أيضًا، إقامة الصلاة المكتوبة، بحدودها ومواقيتها، وركوعها وسجودها وخشوعها، على الوجه الشرعي المرضي، الذي أمر به وبينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، دون إخلال بها، أو تشاغل عنها بصوارف الحياة ، وكذا الإنفاق مما آتاهم الله من رزق، على من يجب الإنفاق عليه، من أهل وولد وقرابات، وعلى من يندب الإنفاق فيه من أوجه البر، كالصدقة على البؤساء والمحرومين، أو والإسهام في مشروعات تنتفع بها الأمة، من بناء للمدراس، وإنشاء للمستشفيات، ودور للأيتام، وحفر للآبار، وتمهيد للطرق، وكافة الأعمال التطوعية، مما تنهض بها البلاد، وينتفع بها العباد، مع صدق النية وإخلاص القصد، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا، علاوة على درء السيئة بالحسنة، مقابلة للقبيح بالجميل، ومدافعة للشر بالخير، وللأذى بالإحسان، امتثالاً للأدب القرآني، الذي أدب الله به عباده في قوله عز اسمه: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
وأكد فضيلته أن المرء إذا ملك نفسه، وألزمها سلوك الجادة، وسار بها في سبيل النجاة وطريق السعادة، ونأى بها عن أسباب التهلكة، وجنبها مسالك البوار والخسران، فإنه يكون بهذا من أولي الألباب، الذين رفع الله قدرهم، وأعلى منزلتهم، وبين ما أعدَّ لهم في دار كرامته، ومستقر رحمته، من الجزاء الضافي والأجر الكريم، فقال عز من قائل: ﴿ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ .
وأفاد الشيخ الخياط أن على العكس من ذلك الفريق الصالح، والطائفة الراشدة، والفئة الفائزة، من كان على النقيض منهم في جميل صفاتهم، وكريم خلالهم، وهم الذين لا يوفون بعهد الله من بعد تأكيده وتغليظه وتوثيقه عليهم، بل يقابلونه بالنقض والإعراض، ويقطعون ما أمر سبحانه وتعالى بوصله من الإيمان والعمل الصالح وصلة الأرحام، ويفسدون في الأرض بالكفر والإثم والصد عن سبيل الله، فهؤلاء الذين توعدهم الله بالطرد والإبعاد من رحمته، مع ما أعدَّ لهم في نار جهنم يوم القيامة من سوء المصير، فقال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾. عياذًا بالله من ذلك ، حاثًا المسلمين على تقوى الله عز وجل والعمل على الأخذ بصفات أولي الألباب الأخيار، والحذر من صفات الفجار الأشرار، لتطب حياتهم، وتستقم أحوالهم، ونيل رضوان الله عز وجل.
كما
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: المسجد الحرام والمسجد النبوي المسجد الحرام
إقرأ أيضاً:
يتسحاق بريك .. هذا هو السبب الوحيد الذي دفع إسرائيل للاتفاق مع لبنان
سواليف
يؤكد الجنرال الإسرائيلي في الاحتياط، #يتسحاق_بريك، أن السبب الوحيد الذي دفع حكومة #نتنياهو وقيادة #الجيش إلى الذهاب نحو #الاتفاق مع #لبنان، هو عدم القدرة على إخضاع “حزب الله”، منبها أن استعمال سلاح البر، المستنزف أصلا، لوقت طويل في #القتال في #لبنان، أرغم المستويين السياسي والعسكري على اتخاذ القرار بعد الإدراك بأن استمرار #الحرب ستفكّك الشمال، وتجرّ #إسرائيل نحو #انهيار، فاختاروا “الاتفاق السياسي” وهو أهون الشرّين.
وضمن هذه المصارحة التي تنسف الرواية الرسمية، يضيف بريك أن الأكاذيب التي نشرها المستويان السياسي والعسكري أمام الإسرائيليين، والتي تعتمد أساساً على فكرة أن الجيش بات على أعتاب إخضاع “حزب الله” هي ما دفعتهم في نهاية المطاف للشرح لماذا يجب التوصل لترتيبات معناها عدم إخضاع التنظيم “الإرهابي”.
في مقال نشرته صحيفة “معاريف” يعلّق بريك الملقّب في إسرائيل بـ” #نبي_الغضب ” لتوقعه طوفان الأقصى، بالقول إن “القصة بدأت مع النجاح في تفجير أجهزة البيجر. وبعدها، كانت هناك نجاحات كبيرة، وبصورة خاصة لدى سلاح الجو، في اغتيال نصر الله والمحيطين به، والضربات الصعبة التي تم توجيهها إلى الأدوات القتالية وتسليح حزب الله”.
مقالات ذات صلة تنقلات بين مدراء المناطق في أمانة عمّان – أسماء 2024/12/01ويقول: “يفترض أن الجمهور يتذكر الاحتفالات وفرَح المستويَين السياسي والعسكري بهزيمة حزب الله، ومن ضمنهم الجنرالات المتقاعدون ومراسلو البلاط”. ويضيف: “ليس هذا فقط، بل اعتقدوا أن الجيش على بُعد خطوة من إخضاع الحزب نهائياً: نحن على عتبة إخضاع المنطقة برمتها، ولن نتوقف عن القتال حتى يتم تفكيك حزب الله ونزع سلاحه والتوقف عن كونه تنظيما إرهابيا. قال نتنياهو بصوته: لن ننسحب من لبنان حتى إخضاع حزب الله نهائيا. وقال قبل بضعة أشهر، إنه حتى لو توصلنا لترتيبات سياسية، وانسحبت قواتنا من لبنان، فلن نستطيع تجديد القتال، حتى لو خرق حزب الله الاتفاق لأننا لا نعيش وحدنا، والضغوط الدولية لن تسمح لنا بذلك. صدّق الإسرائيليون كل الأقوال المبالَغ فيها التي صدرت عن رئيس الحكومة، ونواب البرلمان، ووزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان، والتي أفادت بأننا سننتصر على حزب الله بعد قليل. هذا رغم أن رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأركان كانا يعرفان جيداً طوال الحرب، أن الجيش لا يملك القوة لإخضاع حزب الله. لقد صرّحا بهذه التصريحات الواهمة لخلق صورة إيجابية وصورة نصر في عيون الإسرائيليين، ولم تكن الحقيقة هي ما يقودهم. تصريحات هليفي ونتنياهو بشأن إخضاع حزب الله قريبا خلقت آمالا كبيرة لدى رؤساء السلطات المحلية وسكان الشمال بأن إخضاع الحزب القريب سيعيد لهم الأمان، وسيستطيعون العودة إلى بلداتهم وأرزاقهم”.
الطائرات لا تكفي
كما يقول بريك إنه الوحيد الذي كان قد قال في كل منصة إن الجيش لا يملك القدرة على تفكيك “حزب الله”، وما يقوم به المستويان السياسي والعسكري هو زرع الأوهام في أوساط الجمهور ونشر الأكاذيب ببرود، وأنه لا يمكن الانتصار في الحرب باستعمال الطائرات فقط، ولو تحققت نجاحات كبيرة في العمليات.
ويضيف: “بحسب ما هو معروف، حال القوات البرية سيئ على صعيد الاستنزاف والموارد البشرية، وأيضاً قطع الغيار، وعلى صعيد استعمال الأدوات القتالية المستنزفة قدراتها. لذلك، فإن الجيش لا يستطيع الدخول في مناورة برية في عُمق لبنان لإخضاع حزب الله المنتشر في طول لبنان وعرضه (مئات الكيلومترات). لو دخل الجيش إلى عُمق لبنان، بعد وقت قصير، لكان سيتوجب عليه إخلاء المناطق التي احتلها لأنه يحتاج إلى القوات بعد التقليصات الواسعة في سلاح البر خلال العشرين عاماً الماضية”.
وقال: “أضفت أيضاً أن الاتفاق السياسي، بوساطة أمريكية، هو الشيء الوحيد الذي سيسمح بالخروج من الفوضى وتهدئة المنطقة. وبعد هذا الاتفاق، سيكون لدينا الوقت لترميم الجيش عموما، وسلاح البر بشكل خاص؛ علينا أيضا ترميم الدولة وإعادة النازحين والمخطوفين إلى منازلهم”. منوهّا أن أقواله لم تؤثّر في عدد الأساطير والشعارات التي وزعها المستويان السياسي والعسكري بشأن “انتصارنا القريب” على “حزب الله”.
ويتابع بريك: “فقط بعد أن فهم المستويان السياسي والعسكري أنه لا يمكن الاستمرار في استعمال سلاح البر، المستنزف أصلا، لوقت طويل في القتال بلبنان، أُرغم الجيش والمستوى السياسي على اتخاذ القرار في نهاية المطاف بشأن إخراج الجيش من لبنان من دون إنجاز إخضاع العدو. ليس هذا فقط، بل إنهم لم يتخذوا القرار إلا بعد أن فهموا أن القتال يفكك الشمال، ويجرّ الدولة إلى الانهيار، فاختاروا الأقل سوءاً وهو الاتفاق السياسي”.
ويوضح: “رغم هذا كله، فإن المستويين السياسي والعسكري ما زالا ينشران مبررات مختلفة لوقف الحرب في لبنان بدلا من قول الحقيقة العارية بأن السبب الوحيد الذي دفعهم إلى الذهاب نحو الاتفاق هو عدم قدرة الجيش على إخضاع “حزب الله”.
وضمن هذه المصارحة التي تنسف الرواية الرسمية، يضيف بريك: “صرّح نتنياهو، المرة تلو الأخرى، بأن إخضاع حزب الله هو عنوان الحرب. وعاد وقال إن حزب الله هو النواة الصلبة لإيران في منطقتنا، وإذا فككناه، فلن يتوقف أحد في طريقنا. أُرغم نتنياهو على التنازل عن إخضاع العدو المركزي على حدودنا برمشة عين، والآن، يروي للجمهور قصصاً مختلفة تبرر سبب ذهابه إلى اتفاق سياسي؛ والسؤال المطروح هو: لماذا انقلب 180 درجة على تصريحاته السابقة؟ إن لم يقُل الحقيقة حتى الآن، فمن سيصدق شروحاته بشأن أسباب انسحاب الجيش من لبنان، والتي ذكرها مساء 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024؟”.
على هذا السؤال وتفسيرا لحالة الغضب والرفض الواسعين داخل إسرائيل على الاتفاق مع لبنان، يخلص بريك للقول: “كذب المستويان العسكري والسياسي على الإسرائيليين والعالم، بمساعدة أبواقهما الإعلامية التي احتفلت بالانتصارات، المرة تلو الأخرى، وقال هؤلاء إن الجيش الإسرائيلي يستطيع القيام بكل شيء، وسيجلب لهم الهدوء أعواماً طويلة، بعد إخضاع حزب الله، وصدّقهم الجمهور من كل قلبه. الآن، لا يريد الجمهور قبول التحول الذي حدث في القصة، بعد أن أدرك الحقيقة، ولا يريد الموافقة على اتفاق سياسي مختلف كلياً عن القصص التي رُويت له سابقاً”.