إسلاميو المغرب في الحكم والمعارضة تحت المجهر استعدادا لمؤتمرهم الوطني
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
بدأ حزب العدالة والتنمية المغربي استعداداته لعقد مؤتمره الوطني التاسع، وأطلق حراكا داخليا لتقييم أدائه وتجديد هياكله بعد التحديات التي واجهها في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد التراجع الملحوظ في نتائج الانتخابات الأخيرة.
وفي خطوة لافتة ضمن تحضيراته للمؤتمر، نظم الحزب ندوة تشاورية دعا فيها سياسيين وخبراء مستقلين، لفتح باب النقاش أمام مختلف الآراء والاستفادة من رؤى متعددة لتعزيز دوره السياسي.
ويبدو أن الهدف من هذه الندوة، التي حضرها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، هو استقطاب وجهات نظر موضوعية حول الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المغرب، مما قد يساعد الحزب في رسم استراتيجيات جديدة تتماشى مع تطلعات المواطنين وتحديات المرحلة.
عبد الإله بنكيران.. الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
وقد اعتبر الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العادي التاسع للحزب أن تنظيم اللجنة لندوة "حزب العدالة والتنمية.. حصيلة التجربة وأسئلة المستقبل"، محطة أساسية من خلالها يحضر الحزب لمؤتمره المقبل، ويضع تجربته أمام المهتمين والأكاديميين من أجل التقييم والتعديل واستشراف المستقبل.
إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العادي التاسع
وأكد الأزمي في كلمة له خلال فعاليات ندوة نظمها الحزب السبت الماضي بالرباط، أن هذه المحطة سبقتها محطات داخلية وطنية وجهوية أطرتهما كفاءات داخل الحزب بنفس تشاركي لتقييم مسار الحزب في ثلاثين سنة، بما في هذا المسار من نجاحات وكذلك صعوبات وتحديات أو حتى إخفاقات.
وأضاف أن الحزب بصدد الإعداد لمساطر المؤتمر والنظام الأساسي، واللجنة التحضيرية في صلب الموضوع وتشتغل على وثيقتين أساسيتين الأولى البرنامج العام للحزب أو الورقة المذهبية والوثيقة الثانية هي الأطروحة السياسية للحزب باعتبارها جوابا على السياق الوطني السياسي وما يفرضه من تحديات ورهانات ويستلزم من إجابات وتموقعات، وكل هذا سيتم وضعه للنقاش والتدقيق بأعين خارجية من طرف باحثين وأكادميين من خارج الحزب.
أسئلة الشرعية والعلاقة بالدعوي في تجربة العدالة والتنمية
وضمن فعاليات المؤتمر قال عبد الله ساعف، السياسي والأكاديمي ورئيس مركز الأبحاث والدراسات في العلوم الاجتماعية، بأن حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه إلى الآن وجد نفسه في تحدي الإجابة عن سؤال، هل يجب أن ينكب على حماية الدعوة كوظيفة أساسية له؟ أم هو مطالب بالانخراط في بلورة تصور سياسي ينطلق من الدعوة.
وأضاف الوزير السابق للتربية الوطنية في حكومة التناوب، أن من بين الأسئلة المطروحة أيضا على الحزب، هل هو حزب يمارس الصراع السياسي كبقية الأحزاب؟
عبد الله ساعف.. رئيس مركز الأبحاث والدراسات في العلوم الاجتماعية
وأشار إلى أن هذه الأسئلة أنتجت تضاربا داخل الحزب بحكم ما أسماه تعدد "النشآت" بصيغة الجمع، وتعدد مسارات مؤسسيه وقيادييه، فمنهم من انطلق من تجربة الشبيبة الإسلامية ومنهم من انطلق من جمعيات أخرى كالتي أسست لتجربة رابطة المستقبل الإسلامي وبعد ذلك حركة التوحيد والإصلاح. كما ساهم تعدد الأجيال وتعدد المكونات داخل الحزب إلى هذا التضارب وتباين الأصوات داخله.
هذا التمايز في الرؤى أو المواقف لم يخلق حسب ساعف، حالة تقاطب حاد كما وقع في تجارب أخرى، ولكن تم احتواؤه ضمن ديمقراطية مؤسساتية تعتبر نموذجية.
العلاقة مع الإطار الجمعوي
ساعف طرح إشكالا آخر بخصوص أداء العدالة والتنمية يتعلق بعلاقته مع الشكل الجمعوي، هل الحزب فرع يغطي الجانب السياسي للجمعية أي حركة التوحيد والإصلاح، وأن هذه الأخيرة تتولى بقية المجالات.
وأوضح المتحدث ذاته أنه في الحالة المغربية، المعتاد أن الأحزاب هي من يخلق الجمعيات، لكن حزب العدالة والتنمية حسبه يعتبر حالة فريدة، حيث أن الجمعية هي من خلقت الحزب، وبهذا الخصوص طرح إشكالية التمايز بين الدعوي والسياسي، وهو سؤال مطروح حتى داخل الحزب.
ورغم أن الحزب اختار التمايز، فإن ذلك، حسب ساعف، لم يمنع من حدوث التداخل، فمشاكل الشأن الديني انعكست على السياسي، وهذا واقع إلى حدود اليوم في قضايا التعليم والتطبيع والحريات العامة وغيرها.
بالمقابل رصد ساعف أن حركة التوحيد والإصلاح في المرحلة الأخيرة، بدأت تبتعد عن الحزب وربما وصلت إلى حدود تجميد العلاقة معه، وهو عنصر جزئي لتفسير نتائج انتخابات 2021، مما يطرح على الحزب في المرحلة المقبلة، هل سيتم تثبيت هذا الفصل وتعميقه أم لا؟
حسم أسئلة المشروعية
في أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 و16 أيار / مايو 2003 أعطيت للدولة إمكانية تحجيم الحزب وبالتبع نزع الشرعية عنه، وجاء تأسيس الأصالة والمعاصرة لقيادة هذه التوجه وبداية المواجهة مع الحزب.
لكن الذي وقع حسب ساعف، أن هذه اللحظة تم فيها تأكيد المشروعية المجتمعية للحزب وتم تثبيت شرعية الحزب في المشهد السياسي، ثم جاءت أحداث الربيع العربي ورغم انه لم ينزل كحزب للشارع، إلا أن ذلك ساهم في تثبيت الحزب في المشهد السياسي وحسمت معه أسئلة المشروعية بشكل نهائي.
ورغم ذلك، لاحظ المتحدث أن الحزب يكاد يكون غائبا في المؤسسات باستثناء البرلمان، فهو غائب في التعيينات في مناصب الولاة والعمال والكتاب العامين للوزارات، وفي المؤسسات العمومية والدستورية، بمعنى أنه رغم تثبيت المشروعية والوصول إلى رئاسة الحكومة طبقا للدستور يبقى الحزب حزبا لا يشبه الأحزاب الأخرى التي أُدمجت في النسق السياسي.
قوة ذاتية وسياق مساعد
وأكد ساعف أن الحزب يتمتع بقوة ذاتية وبناء تنظيمي متماسك وبديمقراطية داخلية، لكنه استفاد أيضا مما أسماه "حظا"، ويتعلق الأمر، ببعض أخطاء السلطة وضعف المنافسين وكذلك أداء حزب الأصالة والمعاصرة الذي لم يوفق في المواجهة التي فتحها مع الحزب بالإضافة إلى السياق الإقليمي والمد الذي عرفه الإقليم لقوى مشابهة أو تتقاسم مع الحزب التصورات أو المرجعية في تونس ومصر وغيرها.
لكن اليوم الخريطة المجتمعية تغيرت وحتى التنظيمات تغيرت وبعضها أصبح شاردا والقوى المجتمعية التي تغذي الأحزاب السياسية تغيرت أيضا، مما يجعل الأفق حسب ساعف مفتوحا أمام جميع الاحتمالات.
تحدي السياق
من جهتها قالت سلوى الزرهوني أستاذة العلوم السياسية، أن أكبر تحدٍ لحزب العدالة والتنمية، والأحزاب السياسية عموما هو الالتزام بالديمقراطية في هذا السياق المتسم بالعودة القوية للاستبداد والسلطوية.
سلوى الزرهوني أستاذة العلوم السياسية
وأضافت أستاذة العلوم السياسية، أن السياق الذي شارك فيه الحزب كان سياق الانفتاح السياسي، لكن اليوم وفي كل المنطقة وفي العالم هناك سياق تراجعي، وهناك تغليب للتنمية على الديمقراطية، وهناك سردية تقول أن التنمية الديمقراطية تنحصر في ضمان الحريات الفردية بشكل عام.
وكشفت المتحدثة، أن هذا السياق ليس فقط نتيجة سلوك الأنظمة، ولكن هناك أدبيات تركز على دور الفاعلين الدوليين في دعم الأنظمة السلطوية وهو سياق جد معقد بالنسبة للديمقراطية ككل.
والرهان الذي تطرحه الأستاذة على الحزب، هو النجاح في إدماج الديمقراطية كقيم ومبادئ حاكمة وعدم الارتهان فقط للديمقراطية المسطرية.
التحديات الداخلية للحزب
وبعد أن أقرت الزرهوني بأن الحزب لديه ديمقراطية داخلية وهذا شيء جد مهم، دعت إلى تجاوز البعد المسطري، وضمان حرية الأفراد وحسن تدبير الاختلاف، واستعارت في هذا الصدد مفهوم الفضاء العام عند هابرماس، معتبرة أن تنظيم هذه الندوة واللقاءات الداخلية التي سبقتها يندرج في هذا الإطار.
أما محمد الطوزي، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، فقد طرح تحدي تدبير حزب العدالة والتنمية لإشكالية العلاقة بين الإيديولوجي والسياسي، باعتبار أن الكفاءات التي يتطلبها موقع الخطاب أو الدعوة ليست هي الكفاءات التي يتطلبها موقع التدبير، وهذه الإشكالية مطروحة على جميع الأحزاب التي لها خلفية إيديولوجية.
محمد الطوزي، أستاذ وباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية
وأضاف الطوزي، أن التدبير يساهم في توسيع دائرة المنتمين لأن الحزب يكون في موقع القوة، والإقبال عليه يكون واسعا، مما يطرح إشكالا يتعلق بتدبير مرور المنتمين من مرحلة "مناضل" إلى مرحلة "مدبر"، ذلك أن الوقت لن يكون كافيا لتنميط الملتحقين، ولذلك يقوم الحزب بتغليب عنصر الكفاءة والنجاعة على عامل النضال أو الصلاح، مما يفتح الباب لأصحاب المصالح أو الراغبين في تحقيقها.
كما توقف الباحث عند إشكال تدبير تعاقب الأجيال فالحزب فيه أربعة أجيال، ابتدأت بجيل التأسيس ووصلت الآن إلى جيل التواصل الاجتماعي، وفي ذات السياق أوضح أن الحزب سيواجه إشكالية تدبير مخلفات المنطق الإيديولوجي القائم على الصواب والخطأ والحلال والحرام، ما يدفع إلى صدامات بين القناعات المختلفة.
كما لفت إلى إشكال مواكبة الموقع التدبيري بمواصلة الإنتاج الفكري الإيديولوجي، وهو ما لم يقع أو كان ضعيفا بالنسبة للمتحدث، لأن الإنتاج الإيديولوجي كان من المفترض أن يتم بالفاعلين في الدائرة الدعوية وكان الأمر صعبا بالنسبة للحزب، مع ملاحظة أن مرحلة السبعينات والثمانينات كانت قوية في الانتاج الفكري في حين اليوم تراجع هذا الأمر بشكل عام.
مقاربة الحزب كحزب إسلامي
على هذا المستوى يرى الطوزي، أن تجربة الحزب بقيت مبصومة بتعدد مرجعياته ومسارات أعضائه وكان هناك توافقا على نقط على مستوى الحركي ولم يتم الحسم في بقية النقط، مشيرا إلى التباينات التي تقع في بعض الأحيان في مواقف بعض قيادات الحزب لاختلاف مساراتها وتنوعها.
ولم يخف الطوزي قناعته بأن الحزب عكس ما يشاع عنه، لاعلاقة له بحركة الإخوان المسلمين، رغم النهل من الثقافة المشتركة بينهما .
وانتقد الباحث تغليب الحزب منطق الديمقراطية المسطرية وليس الفلسفية باعتبار أن الحقيقة نسبية، كما انتقد عدم نجاح الحزب من المرور من حزب ذي مرجعية إسلامية إلى حزب محافظ، ليس بمعنى حزب غير حداثي ولكن محافظ حداثي.
تدبير الإكراهات
اعترف الطوزي أن موقع التدبير يفرض مجموعة من الإكراهات للحصول على التوافقات الممكنة، فبالتالي الحزب كان مرغما على اجتراح بعض الاختيارات الاقتصادية “النيوليبرالية”، وهذا ما جعل الحزب يؤدي الثمن سنة 2021.
الخليفة: اختيارات حزب العدالة والتنمية كلها كانت صائبة
أما امحمد الخليفة، السياسي والوزير السابق، فقد شدد على أن الزمن أكد أن كل اختيارات حزب العدالة والتنمية كانت صائبة، حيث اختار أن يبني أطروحته على الإسلام في صيغة تجديدية وأنه لا يمكن أن يعيش إلا في ظل ديمقراطية ملكية وأيضا على أساس النقد البناء وأن يدافع على الوطن في أبنائه وشخوصه وحدوده.
امحمد الخليفة.. سياسي ووزير سابق
وأضاف الخليفة، الذي كان يتحدث ضمن فعاليات الندوة التي نظمتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية حول “حصيلة الحزب وأسئلة المستقبل، اليوم السبت 2 نونبر بالرباط، أن الحزب اختار المساهمة في تربية المواطن على مبادئ أساسية قائمة على الإسلام، وأن يبنى تفكيرهم على قيم الإسلام الخالدة وعلى الصدق والتجديد وقداسة المال العام وكان حزبا أيضا منفتحا على التكنولوجيا الحديثة وعلى العلوم، مشيدا بديمقراطيته باعتبارها أساسا لقيامه واستمراريته وحفظا وصونا لاستقلالية قراراته.
عمر قصير ونجاحات كبيرة
واعتبر الخليفة أن الحزب عاش زمنا قصيرا، لكن ذلك الزمن لا يقاس بما تحقق أو ما حصل عليه من مكتسبات وحققه من نجاحات.
ففي سنة 2011 ومع 20 فبراير، أكد الحزب رسميا إيمانه بالنظام الملكي كنظام راسخ، وكان أول حزب في تاريخ المغرب يحصل على 107 مقاعد داخل البرلمان ثم بعد ذلك 125 مقعد، رغم أنه لم يسبق له المشاركة في الحكومة، وكان أداؤه مبهرا في الفترتين الحكومتين وبالتالي الحزب استطاع على مستوى الأداء الحكومي أن يبلور أفكاره وأن ينفذ بعضها في مختلف المجالات وهذا مهم لحزب لم يمارس الحكم، ولو لم يحقق فقط غير إصلاح المقاصة لكان كافيا، فقد كانت كل الحكومات المتعاقبة تهاب مجرد التفكير في معالجة اختلالات الصندوق. وأن الإصلاح الذي قام به الحزب استطاع به صون التوازنات المالية للدولة وفتح المجال لتحقيق المكتسبات الاجتماعية المختلفة وكذلك البنيات التحتية.
حزب لم يتغير
وأوضح القيادي الاستقلالي السابق، أن حزب العدالة والتنمية لم يتغير أبدا في مبادئه سواء داخل الحكومة أو خارجها وبقي وفيا لها مشيرا إلى قضية اللغة العربية، والقاسم الانتخابي والقنب الهندي، واتفاق التطبيع ومدونة الأسرة وغيرها.
وقد تفاعل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، الذي واكب فعاليات الندوة، مع الآراء التي طرحت في الندوة، وقدم موجزا مكثفا من تاريخ حزب العدالة والتنمية وانتقاله من جماعة دينية متزمتة إلى حزب سياسي يواكب تطورات العصر من دون التخلي عن المرجعية الإسلامية، من مفهوم واقعي.
وكانت ملاحظته حول تحدي القيادات الجديدة للحزب، أكد بنكيران أن هذه مسألة يحسمها المؤتمر بأدواته الديمقراطية الشفافة..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير المغربي استعداداته مؤتمره المغرب مؤتمر سياسة اسلاميون استعدادات تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لحزب العدالة والتنمیة حزب العدالة والتنمیة اللجنة التحضیریة العلوم السیاسیة داخل الحزب أن الحزب الحزب فی أن هذه فی هذا حزب فی
إقرأ أيضاً:
مجموعة غلاكسي إس 25 تحت المجهر.. ترقيات جديدة أم مجرد إعادة تدوير؟
لا يتوقف السباق بين عمالقة الهواتف الذكية، وسامسونغ تواصل سعيها الحثيث لتجاوز آبل وتعزيز مكانتها في القمة. ومع سلسلة غلاكسي "إس 25″، تراهن الشركة على تقديم تحسينات تلبي تطلعات المستخدمين وتضع معايير جديدة في الأداء والتصميم.
وتأتي الإصدارات الثلاثة، "إس 25″ (S25) و"إس 25 بلس" (S25 Plus) و"إس 25 ألترا" (S25 Ultra)، بمواصفات مختلفة تناسب احتياجات متنوعة، مما يثير الفضول عن الفروقات الحقيقية بينها، وأي منها يقدم التجربة الأفضل للمستخدم.
الفرق بين غلاكسي "إس25″ و"إس25 بلس" و"إس25 ألترا".. ما الذي يميز كل هاتف؟خلال حدث "إنباكد" (Unpacked) الأخير، كشفت سامسونغ عن جميع التفاصيل المتعلقة بسلسلة غلاكسي "إس 25″، بما فيها الأسعار والمواصفات.
حيث يبدأ سعر غلاكسي "إس 25" من 799.99 دولارا، بينما يأتي "إس 25 بلس" بسعر 999.99 دولارا، في حين يبدأ سعر "إس 25 ألترا" من 1299.99 دولارا في تكوينه الأساسي.
لكن قبل اتخاذ قرار الشراء، لا بد أنك تتساءل: ما الجديد الذي تقدمه هذه السلسلة؟ دعونا نكتشف ذلك.
من حيث الشكل والحجم، لا يبدو أن غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" يختلفان كثيرا عن نظيريهما من الجيل السابق، مما يجعل من الصعب تمييزهما للوهلة الأولى.
إعلانلكن الأمر مختلف بعض الشيء مع "إس 25 ألترا" حيث يأتي بِزاويا مدوّرة طفيفا وحواف مستوية، ما يمنحه مظهرا أكثر انسجاما مع الهواتف الأصغر. إلى جانب ذلك يعدّ الطراز أنحف وأخف "ألترا" حتى الآن، وإن كان بفارق بسيط.
وكما هو متوقع لا يزال القلم "إس بن" (S Pen) حاضرا كميزة حصرية لـ"ألترا"، لكنه هذه المرة يأتي بدون الإيماءات وميزة الغالق من بعد.
أما من حيث المواد المستخدمة، فتؤكد سامسونغ أن الإطار المصنوع من الألمنيوم في غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" يحتوي على مكون واحد على الأقل معاد تدويره، بينما يكون كلا الهاتفين محاطين بطبقات من زجاج "كورنينغ غوريلا غلاس فيكتوس 2" (Corning Gorilla Glass Victus 2).
لكن النسخة "ألترا" تستخدم إطارا من التيتانيوم، وشاشة محميّة بزجاج "كورنينغ غوريلا آرمور 2" (Corning Gorilla Armor 2) وهي مادة مدعمة بالسيراميك يقال إنها أقوى من الزجاج المقسى التقليدي، إلى جانب ميزاتها المضادة للانعكاس والمُقاومة للخدوش. أما الجزء الخلفي، فلا يزال يعتمد على "فيكتوس 2" (Victus 2).
وبشأن جمالية التصميم، أعادت سامسونغ تصميم وحدات الكاميرا في الهواتف الثلاثة، حيث أضافت نتوءا أكثر سمكا لمنحها مظهرا أكثر جرأة.
كما توفر "إس 25″ و"إس 25 بلس" خيارات ألوان جديدة، منها الأزرق الجليدي، والأخضر النعناعي الجديد، لمساعدتهِما على التميز، إلى جانب اللونين الأزرق البحري (Navy) والفضي لمحبي الإطلالات الكلاسيكية.
إضافة إلى ذلك، ستكون هناك ثلاثة ألوان حصرية متاحة عبر موقع سامسونغ الرسمي، وهي الأسود، والأحمر، والذهبي الوردي.
أما الطراز "ألترا"، فيحصل على مجموعة خاصة من الألوان المصنوعة من التيتانيوم، والتي تشمل الأسود، والرمادي، وظلالا فضية من الأزرق والأبيض. كما يمكن لمن يطلب الهاتف عبر موقع سامسونغ الاختيار بين ألوان إضافية مثل الذهب الوردي، والأسود، والأخضر، مما يمنح المستخدمين المزيد من التخصيص والتميز.
إعلان التخزين والذاكرة العشوائية.. ما الجديد في غلاكسي "إس 25″؟تأتي سلسة سامسونغ غلاكسي "إس 25" بخيارات تخزين وذاكرة مشابهة إلى حد كبير للطرازات السابقة، مع تغيير ملحوظ يتمثل في أن جميع الطرازات الثلاثة تبدأ الآن بذاكرة عشوائية بسعة 12 غيغابايت.
ويتوفر الطراز الأساسي "إس 25" بخياري تخزين 128 غيغابايت أو 256 غيغابايت، في حين يبدأ "إس 25 بلس" بسعة 256 غيغابايت مع إمكانية الترقية إلى 512 غيغابايت.
أما "إس 25 ألترا"، فيحافظ على نفس خيارات "بلس"، لكنه يضيف خيارا بسعة واحد تيرابايت لمن يبحث عن أقصى سعة تخزين ممكنة.
تعتمد جميع هواتف غلاكسي "إس 25" على شريحة "سناب دراغون 8 إيليت" (Snapdragon Elite)، بغض النظر عن البلد الذي تشتري منه الجهاز، ما يعني تجربة أداء موحدة عالميا.
يستند المعالج إلى وحدة معالجة مركزية "أوريون" (Orion)، المشابهة لتلك المستخدمة في أحدث أجهزة الكمبيوتر المحمولة من "كوالكوم" (Qualcomm)، مما يعكس توجه الشركة نحو تقديم أداء أكثر قوة وكفاءة.
إضافة إلى ذلك، تُصنع الشريحة بتقنية ثلاث نانومتر، وتتميز بتصميم يضم نواتين رئيسيتين إلى جانب ست نوى أداء، إلى جانب وحدة معالجة عصبية "إكساغون" (Hexagon) مخصصة، قادرة على دعم قدرات الذكاء الاصطناعي متعددة الأنماط بسرعة أعلى بنسبة 40% مقارنة بشريحة "سناب دراغون 8 جين 3" (Snapdragon 8 Gen 3).
بفضل هذه التحسينات، يمكن تشغيل ميزات الذكاء الاصطناعي على الجهاز مباشرة، مثل التعديل التوليدي، دون الحاجة إلى إرسال البيانات إلى الخادم، مما يعزز الأداء ويقلل من زمن الاستجابة.
من حيث القوة الحاسوبية، تؤكد سامسونغ أن شريحة "سناب دراغون 8 إيليت" توفر أداءً أسرع لوحدة المعالجة المركزية بنسبة 37%، إلى جانب تحسين أداة وحدة معالجة الرسوميات بنسبة 30%، وهو ما ينعكس إيجابيا على تجربة الألعاب.
إعلانومع ذلك، لا يزال من المبكر الحكم على كيفية ترجمة هذه الأرقام إلى أداء فعلي في الاستخدام العملي.
هل التعديلات على الشاشة ستحدث فارقا كبيرا؟تظل شاشات "ديناميك أمولد" (Dynamic AMOLED) في هواتف غلاكسي "إس 25" قريبة إلى حد كبير من الجيل السابق، إذ لا تزال نسخة "إس 25" الأساسية مزودة بشاشة قياس 6.2 بوصات بدقة "فل إتش دي بلس" (Full HD Plus)، بينما يحتفظ "إس 25 بلس" بشاشة قياس 6.7 بوصات بدقة "كواد إتش دي بلس" (Quad HD Plus-QHD Plus).
أما "إس 25 ألترا"، فقد شهد تغييرا طفيفا، حيث أصبحت شاشته أكبر قليلا مقارنة بالعام الماضي، إذ يبلغ قياسها الآن 6.9 بوصات، أي بزيادة قدرها 0.1 بوصة، وذلك لتعويض الانحناء الطفيف في التصميم الجديد، مع الحفاظ على دقّة "كواد إتش دي بلس" (QHD Plus).
وبالرغم من هذه التعديلات، لا تزال الشاشات الثلاث تدعم معدل تحديث متغير يصل إلى 120 هرتز كحدّ أقصى.
كاميرات جديدة متطورة.. تجربة تصوير ترتقي بالمنافسةتأتي هواتف غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" بكاميرات خلفية ثلاثية، تضم مستشعرا رئيسيا واسع الزاوية بدقة 50 ميغابكسلا، إلى جانب كاميرا فائقة الاتساع بدقة 12 ميغابكسلا، ومستشعرا تليفوتوغرافيا (Telephoto) بدقة 10 ميغابكسل.
في المقابل، يتميز غلاكسي "إس 25 ألترا" بأربع كاميرات خلفية، تتصدرها كاميرا رئيسية واسعة الزاوية بدقة 200 ميغابكسلا، إضافة إلى كاميرا جديدة فائقة الاتساع بدقة 50 ميغابكسلا تدعم وضع الماكرو (Macro mode)، ما يمثل ترقية ملحوظة مقارنة بمستشعر 12 ميغابكسلا في "إس 24 ألترا".
كما يضم مستشعرا تليفوتوغرافيا بدقة 50 ميغابكسلا مع زوم بصري بقدرة خمسة أضعاف (x5)، ومستشعرا آخر بدقة 12 ميغابكسلا يدعم زوم بقدرة ثلاثة أضعاف (x3). أما الكاميرا الأمامية، فلا تزال ثابتة عند 12 ميغابكسلا عبر جميع الطرازات.
على صعيد الفيديو، تدعم جميع طرازات غلاكسي "إس 25" تسجيل مقاطع بدقة "8 كي" (8K) بمعدل يصل إلى 30 إطارا في الثانية باستخدام المستشعرات الرئيسية ذات الزاوية الواسعة، فضلا عن دعم "4كي" (4k) بمعدل 60 إطارا في الثانية لجميع الكاميرات.
إعلانومع ذلك، يتميز "إس 25 ألترا" بقدرته على تسجيل "4 كي" (4k) بمعدل يصل إلى 120 إطارا في الثانية، مما يمنح المستخدمين تجربة تصوير سينمائية أكثر سلاسة.
ولتعزيز جودة المحتوى البصري، فعّلت سامسونغ تسجيل "إتش دي آر" (HDR) بدقة 10 بت افتراضيا على جميع هواتف السلسلة، مع الإبقاء على خيار ملف الألوان "لوغ" (Log Color Profile) لمنح المصورين مزيدا من المرونة في التدرج اللوني.
كما حصلت الكاميرات على تحسينات برمجية جديدة، من أبرزها ميزة "أوديو إريزر" (Audio Eraser)، التي ظهرت لأول مرة في هواتف "بيكسل" (Pixel)، والتي تتيح للمستخدمين عزل أصوات محددة، مثل الأصوات البشرية أو الموسيقى أو ضوضاء الرياح، مع إمكانية خفض بقية الأصوات أو كتمها تماما.
إضافة إلى ذلك، أضافت سامسونغ ميزة "فرتشول أبرتشور" (Vertual Aperture) جديدة في وضع "إكسبر راو" (Expert Raw)، مما يتيح تعديل عمق المجال بعد التقاط الصورة، إلى جانب مجموعة جديدة من الفلاتر المستوحاة من الأفلام الكلاسيكية.
أما ميزة "برو سكالر" (ProScaler) في "إس 25 بلس" و"إس 25 ألترا"، فتقول سامسونغ إنها تحسن جودة التكبير بنسبة 40% مقارنة بجهاز غلاكسي "إس 24″، مستندة إلى تحسين نسبة الإشارة إلى الضوضاء. ونظرا لأن هذه الميزة تتطلب دقة "كواد إتش دي بلس " (QHD Plus)، فإنها غير متوفرة في غلاكسي "إس 25" الأساسي.
هل بطارية غلاكسي "إس 25" عمرها أطول؟كما هو الحال مع سلسلة غلاكسي "إس 24″، تأتي هواتف غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" و"إس 25 ألترا" ببطاريات بسعات 4000 ملي أمبير و4900 ملي أمبير، و5000 ملي أمبير على التوالي.
ومع ذلك تؤكد سامسونغ أن هذه الأجهزة توفر أطول عمر للبطارية بين جميع هواتف غلاكسي حتى الآن، وذلك بفضل التحسينات الكبيرة في كفاءة كل من الأجهزة والبرمجيات.
أما بخصوص الشحن، فتعود خاصية الشحن السريع عبر "يو إس بي – سي" (USB-C) في الطرازات الثلاثة، لكنها الآن أيضا جاهزة لـ"كيو آي 2″ (Qi2).
إعلانورغم أن الأجهزة لا تحتوي على مغناطيسات مدمجة، كما هو الحال مع أحدث هواتف آبل، إلا أنها تدعم سرعات شحن لا سلكيّ تصل إلى 15 واتا عند الاقتران مع حافظات سامسونغ المغناطيسية المتوافقة مع "كيو آي 2″(Qi2). وهذا يعني أنه يمكنك الاستفادة من شواحن "كيو آي 2" المغناطيسية مع هواتف غلاكسي "إس 25".
لا يتعلق إطلاق غلاكسي "إس 25" بالعتاد فقط، بل يشكل أيضا فرصة لتقديم واجهة المستخدم 7 (One UI 7)، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الذكاء الاصطناعي المدمج في أندرويد 15. ورغم وجود العديد من التعديلات البصرية، فإن التحسين الأبرز يكمن في تعزيز دقة وتماسك ذكاء غلاكسي (Galaxy AI).
وفي هذا السياق، تقدم سامسونغ بالتعاون مع غوغل ميزات جديدة للذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط مع إطلاق غلاكسي "إس 25".
على سبيل المثال، سيكون "جيميني لايف" (Gemini Live) متاحا أولا على غلاكسي "إس 25″، قبل أن يصل لاحقا إلى غلاكسي "إس 24″ و"غوغل بيكسل 9" (Google Pixel 9).
ويعد "جيميني لايف" (Gemini Live) مساعدا ذكيا متكاملا، وقد أصبح المساعد الافتراضي عند الضغط المطول على زرّ الصفحة الرئيسية، بينما يظل "بيكس باي" (Bixby) متاحا كتطبيق منفصل.
أما من حيث الوظائف، يدعم "جيميني لايف" الأوامر بلغة طبيعية، سواء للمهام التوليدية أو الوظائف على الجهاز، كما يتيح للمستخدمين تزويده بالصور والملفات لتسهيل الطلبات. كما يمكنه التفاعل مع تطبيقات متعددة لتقديم تجربة أكثر تكاملا وسلاسة.
علاوة على ذلك، يمكن للمستخدمين الحصول على ملخصات يومية أكثر تخصيصا بفضل "ناو بريف" (Now Brief)، الذي يمكن الوصول إليه مباشرة من شريط "ناو" (Now) الجديد على شاشة القفل، والذي يشبه جزئيا الجزيرة الديناميكية (Dynamic Island) في آيفون.
إعلانكما يمكن ملاحظة تحسينات على قائمة "إيه آي سلكت" (AI Select) المعروفة سابقا باسم "سمارت سلكت" (Smart Select)، إلى جانب دعم 20 لغة للترجمة على الجهاز، وإمكانية نقل المكالمات مباشرة داخل تطبيق الاتصال.
ومن المتوقع أن تصل معظم هذه التغييرات إلى هواتف غلاكسي الرائدة السابقة، لكن مدى شموليتها لا يزال غير مؤكد حتى الآن.
بالنهاية، تبدو هواتف سامسونغ غلاكسي "إس 25" مألوفة إلى حد كبير. وبخلاف ترقية المعالج، فإن الفروق في الأجهزة تعتبر طفيفة مقارنة بالجيل السابق، بينما تظل التغييرات البرمجية هي التحديثات الأكثر أهمية هذا العام.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل تكفي هذه التحسينات لمنح سامسونغ التفوق وجذب المستخدمين للترقية؟
ربما يتبادر إلى ذهنك تعليق أندرو تيت، ملاكم الكيك بوكسينغ الأميركي، على إصدار آيفون 16 عندما كتب على منصة "إكس-تويتر سابقا" ساخرا: "من الأفضل أن أشتري جهاز آيفون الجديد، لقد أضافوا زرّا." فهل ينطبق الأمر ذاته على غلاكسي "إس 25″؟ وهل يمكن لهذه التحديثات الصغيرة أن تحدث فارقا؟ أم أن سامسونغ بحاجة إلى شيء أكبر لمنافسة آبل في المستقبل القريب؟.