لماذا يعتبر فوز ترامب ضرورة الأن؟| تحليل إخباري
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
أظهرت نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بولاية جديدة، مما أحدث صدى واسعاً داخل الولايات المتحدة وخارجها. لم يكن فوزه مجرد انتصار سياسي، بل كان أيضاً بمثابة إعلان عن رغبة شريحة واسعة من الشعب الأمريكي في إعادة تقييم سياسات البلاد، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأزمات الداخلية.
وجاءت هذه النتيجة بعد حملة شرسة اتسمت بالتحديات والمواجهات، ووسط انقسام سياسي حاد. كما أظهر فوز ترامب تصويتاً شعبياً يعكس التوجهات الجديدة في البلاد نحو القضايا التي يدافع عنها، مثل إنهاء النزاعات الخارجية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ومع إعلان فوزه، تعالت الآمال بتحقيق أجندة تركز على المصالح الأمريكية وتجنب المزيد من الصراعات، مما يضع الولايات المتحدة في موقف جديد على الساحة العالمية.
علي الصعيد العالمي، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، يشكل فوز ترامب فرصة حقيقية لإنهاء هذا الصراع الذي يؤثر سلبًا على الأمن العالمي وأسواق الطاقة والغذاء. وسبق أن أعلن ترامب أنه يمتلك خطة لإنهاء النزاع في غضون أسابيع. ونجاحه في تحقيق ذلك سيعني تخفيف الضغط على الأسواق العالمية، بما في ذلك سوق القمح الذي تأثر بشدة جراء النزاع. كما ستؤدي عودة الاستقرار إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية حول العالم، وبالتالي تخفيف أزمة القمح التي تهدد الأمن الغذائي في العديد من الدول.
كما يتوقع أن تتخذ إدارة ترامب موقفًا صارمًا تجاه بعض الدول في القارة الأفريقية، مثل إثيوبيا. عودة ترامب إلى الرئاسة تعني مزيدًا من الضغط على الحكومة الإثيوبية، ما قد يدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه بعض القضايا الهامة. ومن المنتظر أن تمارس إدارة ترامب ضغوطًا أقوى لحل هذه القضايا وعلي رأسها ضمان الحقوق المائية لمصر والسودان.
على الصعيد الداخلي، بالرغم من أن ترامب كان مثيرًا للجدل ومعارضًا لمؤسسات الدولة العميقة، إلا أن فوزه في انتخابات 2024 يعني نهاية إمكانية إعادة ترشحه مرة أخرى، كونه سيكون قد استنفد فترة ولايته الرئاسية. هذا الأمر يعد نقطة إيجابية بالنسبة للدولة العميقة، التي ستشعر بالارتياح لعدم قلقها من ترشح مستقبلي لترامب قد يزيد من التوترات الداخلية. بعبارة أخرى، فوز ترامب سيتيح للدولة العميقة فترة من الهدوء النسبي دون خوف من تكرار صدام مستقبلي معه.
ماذا لو كانت كامالا هاريس هي الفائزة؟ ففي هذا السيناريو الذي أصبح مجرد تخيلات غير حقيقية، كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى مرحلة من الاضطراب السياسي غير المسبوق في الولايات المتحدة.
من جانبه، كان يستطيع ترامب أن يتسبب في تأجيج الاحتجاجات وعدم الاستقرار طوال فترة رئاسة هاريس، ما يعطل الإدارة ويزيد من الانقسامات في البلاد. إذ كان متوقع أن يحشد ترامب قاعدته الجماهيرية للاعتراض على نتائج الانتخابات، وهو ما كان سيؤدي إلى مزيد من الفوضى، ويعمق حالة الانقسام بين الأمريكيين. لذلك، فإن فوزه الذب بات واقعًا من شأنه أن يجنب البلاد هذه الفوضى ويضع حدًا للاضطرابات التي قد تتسبب في تعطيل النظام السياسي الأمريكي.
وعليه، فإن فوز ترامب في انتخابات 2024 قد يمثل فرصة نادرة لإعادة الاستقرار إلى النظامين العالمي والمحلي على حد سواء. على الصعيد العالمي، قد يساهم فوزه في إنهاء النزاعات وحل أزمات الغذاء، بينما سيسهم على الصعيد الداخلي في تهدئة الصراعات السياسية وتقليل التوترات بين ترامب ومؤسسات الدولة. لذلك، يعتبر فوز ترامب ضرورة لتحقيق أهداف الاستقرار السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة بل في العالم أجمع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب فوز الأمريكية اثيوبيا غزة الولایات المتحدة فوز ترامب
إقرأ أيضاً:
العبرة لمن يعتبر
يمثّل إصدار الجنائية الدولية لقرار اعتقال كل من رئيس وزراء الكيان ووزير الحرب السابق، لحظة تاريخية، لم يكن يتوقعها أو ينتظرها بشكل مؤكد، لا قيادات الكيان ولا حتى كثير من المتتبعين، لاسيما بعد محاولات الضغط على المحكمة أمريكيّا، بدءا من الكونغرس وما مرّ على القضاة والمدّعي العامّ من تهديدات شخصية، وصلت إلى حد اتهامه بالتحرُّش، وهو الآن محل تحقيق.
كل هذا لم يمنع، من إصدار المذكرة، مما دفع رئيس وزراء الكيان إلى اعتبار هذا “اليوم أسود”، في تعليق له محشوّ بالغرور والاستكبار والرفض والوعيد، غير أن كل هذا لم يخفِ الخوف والوقع الزلزالي الذي أحدثه هذا القرار، لاسيما بعد ما أعلنت معظم الدول الموقعة على اتفاق روما المؤسسة لإنشاء المحكمة، أنها ستحترم قرار المحكمة الجنائية الدولية.
قرارٌ تاريخي قوي، حتى ولو لن يجد طريقه نحو التطبيق، لغياب آلية لذلك، ولرفض الولايات المتحدة للقرار ودفاعها عن الكيان بكل ما أوتيت من قوة حتى لدى المحاكم الدولية، التي تأخذ قراراتها من سيادة القانون الدولي وليس بقرارات سياسية.
بهذا المعنى، لن يكون رئيس وزراء الكيان ولا وزير دفاعه السابق، قادرين على التحرك والسفر إلا لدول قليلة جدا، منها الولايات المتحدة، هذا إذا احترمت الدول الأوربية هذا القرار ولم تخضع لضغوط آتية حتما من الإدارة الحالية وما تبقى من أيامها في البيت الأبيض، ولكن أكثر مع الإدارة القادمة التي ستعمل المستحيل من أجل الضغط لعدم التقيد وعدم تنفيذ قرار المحكمة الجنائية.
مع كل هذا، فإن صورة الكيان قد تضررت إلى حد لم يكن أحدٌ يتوقعه: سمعة ملطخة بالإجرام والإبادة والتشريد والتجويع والتقتيل العشوائي للأطفال والنساء والشيوخ والتهجير القسري للمدنيين، مع التهم التي قد يُفرج عنها لاحقا عندما تظهر قائمة أكبر وأطول من الطيّارين الصهاينة والضباط المنفذين لأوامر والوزراء والصحافيين الذي تورطوا في الإبادة قولا وعملا، قصفا وتحريضا موثقا بالصوت والصورة.
حدثٌ كبير لا يعادله إلا ما حدث في غزة والضفة منذ أزيد من 13 شهرا ثم في لبنان، من جرائم يندى لها جبلين الإنسانية.
مع ذلك، سيحاول الكيان التملص من القرار مدعوما ومشفوعا من الإدارة الأمريكية المقبلة والكونغرس، بالضغط على القضاة والمحكمة والدول الأوروبية التي أعلنت أنها ستعتقل المتهمين حال دخولهما أراضيها.
غير أن كل هذا لن يمحو هذا العار المخزي الذي لطخ الوجه النتن الوحشي للكيان، وسيبقى حدثا تاريخيا حتى وإن بدا لكثير من الدول الداعمة للكيان وللكيان نفسه أن “السحر قد انقلب على الساحر” على اعتبار أن المحكمة إنما أنشئت وفقط، ضد “شرار” القادة الدكتاتوريين في العالم الثالث وفي إفريقيا، كما صرح به بعض قادة الكيان، ولم يدركوا أنهم هم أول شرّ تجري إدانته في كتلة “الدول الديمقراطية” التي مارست أكبر الجرائم حتى قبل النازية، لم يقم بها أحدٌ من قادة العالم الثالث، لا في إفريقيا ولا في آسيا.
الجزائر، التي عبّرت عن دعمها وارتياحها لهذا القرار، ليس غريبا عنها موقفها هذا، فهي إحدى الدول الموقعة على اتفاق روما، وليست لها أيُّ علاقات مع الكيان وغير معنية عمليًّا بالقرار، لكنها بذلك ترسل إشارة إلى بعض الدول العربية الشقيقة والصديقة والمطبِّعة التي لم توقع على اتفاقية روما، والتي قد يكون بإمكانها استقبال المجرمين: أمر محرج لها في هذا الظروف، خاصة وأن الدول الأوروبية هددت المطلوبين بالاعتقال فور دخولهم إلى أراضيها، حتى عن طريق “ترانزيت”، والعبرة لمن يعتبر عربيًّا وعبريًّا.
الشروق الجزائرية