شرق أوسط جديد.. إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بقيادة السعودية وتركيا
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
سلط الباحث في العلاقات الدولية، سلمان رافي شيخ، الضوء على تشكل ملامح عالم متعدد الأقطاب وتأثيره على سياسات الدول في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن صفقة تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، والاتفاق الذي توسطت فيه روسيا بين السعودية وسوريا، يعطيان لمحة عن الديناميكيات المتغيرة للجغرافيا السياسية العالمية والتحالفات الإقليمية.
وذكر شيخ، في تحليل نشره بموقع "نيو إيسترن أوتلوك" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الصين وروسيا تحتاجان الشرق الأوسط إلى جانبهما ليكونا قادرين على تحدي النظام الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بشكل فعال، لافتا إلى أن الأشهر القليلة الماضية شهدت بعض النجاح في هذا الصدد، إذ لم تعد العديد من دول المنطقة تابعة لإملاءات الولايات المتحدة، وبعضها يتحدى الولايات المتحدة، مثل السعودية، ويسعى للحصول على تنازلات منها، مثل تركيا، فضلا عن وجود دول في صراع دائم مع واشنطن منذ سنوات عديدة، مثل إيران.
غير أن ما يحدث في الشرق الأوسط ليس مجرد نتيجة للنفوذ الصيني والروسي، إذ يرتبط الكثير منه بالسياسات المحددة لبلدان المنطقة وحسابات إعادة الإستراتيجية الخاصة بها، استجابة للسياسات العالمية، حسبما يرى شيخ، الذي ضرب مثالا بالاحتضان الأخير بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وأوضح أن أنقرة انتقلت من موقع المعارض القوي لبن سلمان، بعد جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، إلى المفوض لمحاكمة المتهمين إلى الرياض، ما يُظهر تحول شامل في العلاقات الثنائية بين البلدين.
ومع اقتراب انتهاء الحروب في ليبيا واليمن وسوريا، ومع انتهاء حمى "الربيع العربي''، بات لدى كل من أنقرة والرياض أسباب لإنهاء فترة العداء، التي استمرت بين 2010 و2020، وإعادة تشكيل العلاقات بينهما، بما يتناسب مع الواقع الإقليمي والعالمي الجديد.
اقرأ أيضاً
البريكس.. قوة جديدة مع تصور نظام عالمي متعدد الأقطاب
وفي العقد الماضي، اتبعت تركيا سياسة خارجية سعت إلى جعل أنقرة زعيمة للعالم الإسلامي، لكنها اليوم بعيدة كل البعد عن تحقيق هذا الهدف، في ظل اقتصاد يعاني من معدل تضخم يزيد عن 60% وفقدان عملتها لكثير من قيمتها عدة مرات.
وفي الوقت نفسه، تتعرض تركيا للكثير من الضغوط الجيوسياسية من دول شرق البحر المتوسط، ومن الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتسهيل عضوية السويد.
ومن ناحية أخرى، تعمل السعودية على تنويع علاقاتها في أعقاب تضاؤل علاقاتها مع الولايات المتحدة، ويصب سعيها لزيادة قدرتها العسكرية وتطوير نهج عسكري مستقل في صميم صفقاتها الدفاعية الأخيرة مع تركيا، وبالتالي، فإن المصلحة المتبادلة تقرب بين الخصمين السياسيين والأيديولوجيين السابقين.
تعاون دفاعي
وفي السياق، أعربت السعودية وتركيا عن "تصميمهما" على تعزيز التعاون والتنسيق في الصناعات الدفاعية، وتفعيل اتفاقياتهما "بما يخدم ويحقق المصالح المشتركة للبلدين ويسهم في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم "، بحسب بيان مشترك صدر في 19 يوليو/تموز الماضي.
وفي الوقت نفسه، جددت تركيا علاقاتها مع الإمارات، خلال زيارة أردوغان الأخيرة، ووقعت الدولتان صفقات تجارية بقيمة 50 مليار دولار أمريكي.
وأعلنت أنقرة أنها تتوقع استثمارات أجنبية بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي من دول الخليج، مع استثمارات إضافية تصل إلى 30 مليار دولار أمريكي متوقعة على مدى فترة أطول في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع في تركيا.
مع تركيز السعودية نفسها على إعادة تقديم نفسها، من كونها الداعية الرئيسي للوهابية في جميع أنحاء العالم إلى أن تصبح مركزًا حديثًا للعالم الإسلامي، مع احتلال الإسلام نفسه مقعدًا خلفيًا، فهي حريصة على الحد من مشاركتها المباشرة في النزاعات بشكل كبير.
ويتجلى ذلك بشكل واضح في اليمن، حيث تراجعت الحرب إلى حد كبير، رغم أن البلد لا يزال بعيدًا عن السلام.
اقرأ أيضاً
الانكفاء الأمريكي… يقود لنظام متعدد الأقطاب!
وفي هذا السياق، تركت الصفقة بين السعودية وإيران تأثيرًا حاسمًا على حالة الحرب، وفي الوقت نفسه تحرز السعودية تقدمًا دبلوماسيًا تجاه المتمردين الحوثيين.
ورغم أن الرياض لم تحقق أي نجاح ذي مغزى بعد، فلا أحد ينكر أن نهج الرياض تجاه اليمن يتغير وأنها حريصة على الخروج من هذا الصراع بكرامة، بحسب شيخ.
حالة الحرب
ويلف الباحث في العلاقات الدولي إلى سببين لخروج الرياض من حالة الحرب، الأول هو أن الدعم الأمريكي لم يعد متاحًا، والثاني هو تسبب الحرب في خسائر فادحة بموارد المملكة المالية، ما يؤثر على تطوير بنيتها التحتية في إطار تحويل نفسها إلى "دبي جديدة".
ولا يعني أي من هذا أن الشرق الأوسط آخذ في التوحد ككتلة على غرار الاتحاد الأوروبي أو رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، فالشرق الأوسط "بعيد كل البعد عن ذلك"، حسبما يرى شيخ، "لكن التطورات التي شهدناها أو سنشهدها، بما في ذلك زيادة التعاون الدفاعي بين دول مثل السعودية وتركيا، تشير إلى تحول دقيق نحو مثل هذا الاحتمال في المستقبل" حسب قوله.
ولكي تظهر مثل هذه الكتلة، يجب أن تختفي خطوط الصدع الإقليمية، مثل الانقسام الأيديولوجي الذي يفصل بين تركيا والسعودية وإيران وقطر، ورغم أن هذه الخطوط لم تختف، إلا أن دول المنطقة تعلمت تجاوزها لتطوير العلاقات بطرق مفيدة، كما فعلت الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية.
ويرى شيخ أن دول الشرق الأوسط لديها فرصة لفعل الشيء نفسه في أعقاب خروج الولايات المتحدة من المنطقة، وإمكانية عقد تحالفات متنوعة مع القوى العظمى، والإرادة لتحويل اقتصاداتها السياسية بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
والأهم من ذلك، أنه كلما زاد تركيز الشرق الأوسط على تحييد خطوط الصدع الداخلية، زاد تعزيزه لسياسات عالم متعدد الأقطاب.
ويشير شيخ إلى أن فرص دول المنطقة في الظهور والبقاء كمركز قوة مرتبطة بهذا العالم متعدد الأقطاب، إذ ستبقى لاعباً صغيراً غير قادر على التأثير، ضمن عالم أحادي القطب تهيمن عليه الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
كيف يمكن لدول الخليج فرض نفسها كفاعل دولي في عالم متعدد الأقطاب؟
المصدر | سلمان رافي شيخ/نيو إيسترن أوتلوك - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إيران روسيا الشرق الأوسط عالم متعدد الأقطاب الولایات المتحدة الشرق الأوسط إلى أن
إقرأ أيضاً:
كوارث طبيعية وشيكة تهدد الولايات المتحدة
#سواليف
تواجه #الولايات_المتحدة تهديدات بكوارث طبيعية وشيكة، تشمل #زلازل مدمرة و #أعاصير كارثية وثورانا بركانيا هائلا، قد يتسبب في #دمار_واسع النطاق وفقدان آلاف الأرواح.
تشهد البلاد سنويا عواصف عاتية وحرائق غابات وزلازل، بلغت خسائرها في عام 2024 وحده 27 مليار دولار. لكن العلماء يحذرون منذ فترة طويلة من أن الأسوأ لم يأتِ بعد، إذ تؤكد الدراسات أن وقوع بعض الكوارث الكبرى أمر لا مفر منه.
“الزلزال الكبير” يهدد #كاليفورنيا
مقالات ذات صلةيتوقع أن يضرب الساحل الأمريكي الغربي زلزال هائل بقوة 8 درجات على مقياس ريختر، مصدره صدع سان أندرياس الممتد لمسافة 800 ميل في كاليفورنيا.
وتشير التقديرات إلى أن هذا الزلزال قد يؤدي إلى مقتل 1800 شخص، وإصابة 50 ألف آخرين، وخسائر اقتصادية تصل إلى 200 مليار دولار.
ويحذر الخبراء من أن احتمال وقوع هذا الزلزال خلال الثلاثين عاما القادمة مرتفع جدا، إذ تظهر الدراسات الجيولوجية أن مثل هذه الزلازل تحدث على طول الصدع كل 150 عاما، وكان آخرها قبل 167 عاما.
وعند وقوع “الزلزال الكبير”، ستبدأ الأرض بالاهتزاز العنيف في غضون 30 ثانية، لتصل قوة الاهتزازات إلى مستوى 9 في بعض المناطق، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار المباني وتدمير البنية التحتية بشكل كارثي.
إعصار دانييل: عاصفة غير مسبوقة
يتوقع العلماء أنه بحلول عام 2100، قد يضرب الولايات المتحدة إعصار فائق القوة من الفئة السادسة، وهو تصنيف جديد محتمل للأعاصير.
ويستند هذا السيناريو إلى كتاب “الفئة الخامسة: العواصف العاتية والمحيطات الدافئة التي تغذيها”، حيث يُتوقع أن تصل سرعة الرياح إلى 309 كم في الساعة، وترتفع مستويات المياه بأكثر من 7.6 أمتار.
ووفقا للمؤلف بورتر فوكس، فإن إعصار “دانييل” الافتراضي قد يضرب مدينة نيويورك مباشرة، ملحقا دمارا واسع النطاق بالبنية التحتية والجسور، ومغرقا مئات الأحياء بالمياه.
وتشير التقديرات إلى أن مثل هذا الإعصار قد يؤدي إلى وفاة أكثر من 42000 شخص وتشريد آلاف العائلات.
ثوران جبل رينييه: البركان الأكثر خطورة
يحذر علماء البراكين من أن ثوران جبل رينييه، الواقع في شمال غرب المحيط الهادئ، هو مسألة وقت فقط. ويعد هذا البركان الطبقي الضخم أخطر بركان في الولايات المتحدة، حيث يهدد أكثر من 90 ألف شخص، خاصة في مدن سياتل وتاكوما وياكيما.
ورغم أن جبل رينييه لم يشهد ثورانا كبيرا منذ أكثر من ألف عام، فإن الخبراء يراقبونه عن كثب، إذ يمكن أن يتسبب ثورانه في تدفقات طينية مدمرة، والتي قد تجرف مدنا بأكملها خلال دقائق.
ويعمل العلماء والمسؤولون على تعزيز أنظمة الرصد والاستجابة للطوارئ، إلا أن حجم الدمار المتوقع يجعل الاستعداد التام أمرا بالغ التعقيد.