«بوتين» يرسم ملامح النظام العالمي الجديد وعلاقته مع زعمائه
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، رؤيته للنظام العالمي الجديد ومستقبل علاقة روسيا مع دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وسبل حل الملفات الساخنة، وذلك في حوار مطول أمام الدورة العشرين لمنتدى “فالداي” بسوتشي.
وحول الانتخابات الأميركية، قال بوتين، “لا أوهام لدى موسكو في أن العلاقات مع واشنطن ستحلِّق نحو السماء الآن، لكن ما يعد به دونالد ترامب يثير اهتمام موسكو بانتظار الأفعال”.
وأضاف، “ما هو الأفق الواقعي للعلاقات الروسية – الأميركية في عهد ترامب؟ وعد الأخير مراراً بأنه سيضع حداً سريعاً للحرب في أوكرانيا، لكن العبرة بالنسبة لروسية تبقى في التطبيق”
وما يتعلق بالأوضاع على الساحة الدولية، فقدم بوتين قراءةً هادئةً لإحدى أخطر المراحل التي يمرًّ بها العالم. النظام العالمي السابق انتهى إلى غير رجعة، وتتحدد الآن ملامح النظام الجديد، ومخاطر الصدام تبقى عاليةً بسبب رفض الغرب تقبُّلَ الآخر.
وقال بوتين: “أحاول ألا أفسد أي شيء، فقط أقوم بتحسين كل الأمور. لكن الظروف اليوم غريبة للغاية، وماذا يمكنني أن أقول، إنهم يتركون بصماتهم على كل شيء. كانت بيني وبين (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون علاقات جيدة، لكنها الآن سيئة”.
وأضاف: “تحدثت أيضا مع (المستشار الألماني أولاف) شولتس، ولكن في مرحلة ما قرر أن هذا ليس ضروريا. وقلت حسنا، إذا كان هذا ليس ضروريا فهو غير مهم”.
وقال: “إنه (عن المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر) شخص محترم ومنطقي للغاية. لا يوجد الكثير مثله، يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في أوروبا، ولكن ليس هناك الكثير، يمكنكن عدهم على أصابع اليد، يد واحدة ستكون كافية”.
وأشار إلى أن شرودر، على سبيل المثال، كان ضد التدخل الأمريكي في العراق، الأمر الذي أثار استياء الأمريكيين. بالإضافة إلى ذلك، وفقا للرئيس، تصرف المستشار السابق دائما لصالح ألمانيا، على الرغم من أن هذا كان يهدد حياته السياسية.
وبشأن الصراع في الشرق الأوسط، قال بوتين: “لدينا أفكارنا الخاصة بشأن هذا الأمر… بشكل عام، قد يكون هناك ضوء يلوح في نهاية النفق”.
وشدد الرئيس الروسي على أن الوضع في الشرق الأوسط صعب، وقال: “ترى روسيا أن من الضروري تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إسرائيل وفلسطين، وهذه ليست سياسة انتهازية إزاء الوضع، فهذا هو الموقف التقليدي منذ زمن الاتحاد السوفييتي، وقد واصلت روسيا السير في هذا المسار”.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن جميع أطراف الصراع في الشرق الأوسط لا يريدون المواجهة ويفكرون في التوصل إلى نوع من الاتفاق.
وقال: “لدي شعور بأن جميع المشاركين تقريبا اليوم في هذه العملية الصعبة، جميعهم.. على الأقل لا يريدون مزيدا من التطور نحو المواجهة، ولكن على العكس من ذلك، يفكرون في كيفية التوصل إلى بعض الاتفاقات.. ونحن نعمل على ذلك”.
روسيا تدرك مسؤوليتها تجاه العالم كونها قوة نووية
وشدد بوتين خلال حديثه في الجلسة العامة لمنتدى “فالداي” الدولي للحوار، على أنه يجب على الجانب الآخر أن يكون صادقا، مع أخذ جميع جوانب العلاقة في الاعتبار.
وقال: “اليوم هذه مسألة صعبة، بل أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل 20 إلى 30 سنة، لكننا نفهم مسؤوليتنا كدولة، من حيث قدراتها وعدد حاملات الرؤوس الحربية ونوعية الأسلحة الحديثة، نحن نتفهم كل هذا، وبشكل عام نحن مستعدون لهذا الحوار، لكن على الجانب الآخر أن يتعامل مع هذا الأمر بأمانة، مع أخذ جميع جوانب علاقتنا في الاعتبار”.
وقال بوتين في الجلسة العامة لمنتدى “فالداي” الدولي للحوار في موسكو: “تقولون أني أتغاضى عن مخاطبة شريحة واسعة من الجمهور الغربي في أوروبا.. أعتقد أنه من غير الصواب أن أتوجه مباشرة لسكان تلك البلدان التي يعادينا مسؤولها ويمتنعون عن سماع أي وجهات نظر منا أو حتى حوارنا.. هم يضيقون الخناق على بعض وسائل الإعلام لديهم على الرغم من تصريحاتهم بحرية الكلمة هناك.. هم لا يسمحون لصحفيينا بالعمل لا في أوروبا ولا في الولايات المتحدة ويخلقون العديد من الصعوبات والعراقيل.. بإمكانكم أن تسألوا مارغريتا (سيمونيان رئيسة تحرير شبكة RT) عن الصعوبات والعوائق التي يضعونها أمام صحفيي الشبكة”.
وأضاف، “على الرغم من أنه ليس لدينا في الخارج سوى نقطة ارتكاز واحدة هي RT، ومع ذلك يهابها الغرب ويسعى لإغلاقها” ومنعها من العمل على أراضيه”.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في 4 سبتمبر فرض عقوبات على رئيسة تحرير RT سيمونيان، ونائبيها أنطون أنيسيموف، وإليزافيتا برودسكايا.
وشملت العقوبات أيضا نائب رئيس خدمة البث الإخباري أندريه كياشكو، ورئيس قسم مشاريع الإعلام الرقمي قسطنطين كلاشينكوف، وخبيرة مشاريع الإعلام الرقمي يلينا أفاناسييفا.
ويعد منتدى “فالداي” الدولي للحوار عبارة عن جمعية تضم كبار الخبراء الأجانب والروس في مجال العلوم السياسية والاقتصاد والتاريخ والعلاقات الدولية.
تم إنشاء المنتدى في سبتمبر 2004 بمبادرة من وكالة “ريا نوفوستي”، ومجلس السياسة الخارجية والدفاع، ومجلتي “روسيا في الشؤون العالمية” و”ملف روسيا”، ويعود اسم النادي إلى موقع المؤتمر الأول الذي انعقد في مدينة فيليكي نوفغورود بالقرب من بحيرة فالداي.
ويعتبر منتدى “فالداي” واحدة من منصات التفاعل الرائدة في العالم بين اهل النخبة الفكرية والسياسية الروسية والدولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الصراع في الشرق الاوسط بوتين روسيا منتدى فالداي
إقرأ أيضاً:
"نيويورك تايمز": تقارب ترامب مع بوتين يعكس أجيالا من السياسة الأمريكية ويُنهي عزلة روسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أن تقارب الرئيس دونالد ترامب الملحوظ نحو نظيره الروسي فلاديمير بوتين كان كفيلًا بعكس أجيالًا من سنوات السياسة الأمريكية تجاه الكرملين وربما يكتب النهاية للعزلة الدولية على موسكو.
وقالت الصحيفة، في سياق تحليل إخباري، إن ترامب أوضح، مع بدء محادثات السلام في المملكة العربية السعودية، أن أيام عزل روسيا قد انتهت وأشار إلى أن أوكرانيا هي المسئولة عن غزوها.
وأضافت الصحيفة أن الغرب لطالما واجه الشرق، لأكثر من عقد من الزمان، وأُطلق على أخر هذه المواجهات بشكل واسع النطاق اسم الحرب الباردة الجديدة، ولكن مع عودة ترامب إلى منصبه، أعطت أمريكا الانطباع بأنها قد تتحول إلى الجانب الآخر.
وحتى مع جلوس المفاوضين الأمريكيين والروس معًا أمس الثلاثاء لأول مرة منذ العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، أشار ترامب إلى أنه على استعداد للتخلي عن حلفاء أمريكا من أجل إقامة تحالف مشترك مع بوتين.
وبالنسبة لترامب، فإن روسيا ليست مسئولة عن الحرب التي دمرت جارتها. وبدلًا من ذلك، أشار إلى أن أوكرانيا هي المسئولة عن الغزو الروسي لأراضيها.. وأعتبرت "نيويورك تايمز" أن الاستماع إلى حديث ترامب مع الصحفيين أمس الثلاثاء حول هذا الصراع كان أشبه بالاستماع إلى نسخة من الواقع لا يمكن التعرف عليها على أرض الواقع في أوكرانيا ومن المؤكد أنها لم تصدر عن أي رئيس أمريكي آخر من أي حزب.
وتابعت الصحيفة أن القادة الأوكرانيين في منظور ترامب هم المسئولون عن الحرب لعدم موافقتهم على تسليم الأراضي لروسيا، وبالتالي، اقترح بأنهم لا يستحقون مقعدًا على الطاولة لمحادثات السلام التي بدأها للتو مع بوتين وقال: "كان ينبغي لك ألا تبدأها أبدًا. كان بإمكانك التوصل إلى صفقة"، موجهًا حديثة حول الحرب إلى قادة أوكرانيا.
وفي تصريحات اعلامية أدلى بها في منتجع مار إيه لاجو في فلوريدا، تابع ترامب:" لديك الآن قيادة تسببت في حرب لم يكن ينبغي لها أن تحدث أبدًا". وعلى النقيض من ذلك، لم ينطق ترامب، حسبما أبرزت الصحيفة، بكلمة واحدة توجه اللوم إلى بوتين أو على روسيا، التي هاجمت أوكرانيا أولًا في عام 2014 وخاضت حربًا ضيقة النطاق ضدها طوال السنوات الأربع من ولاية ترامب الأولى ثم غزتها بشكل كامل في 2022.
ومضت نيويورك تايمز تقول في تحليلها إن ترامب في خضم تنفيذ أحد أكثر التحولات المذهلة في السياسة الخارجية الأمريكية منذ أجيال، وهو تحول بمقدار 180 درجة سيجبر الأصدقاء والأعداء على إعادة ضبط أنفسهم بطرق أساسية. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، رأى موكب طويل من الرؤساء الأمريكيين أولًا الاتحاد السوفييتي ثم، بعد فترة وجيزة من انهياره، خليفته روسيا كقوة يجب الحذر منها، على أقل تقدير، ولكن يبدو أن ترامب ينظر إليها حاليًا باعتبارها متعاونة في مشاريع مشتركة مستقبلية.
وتساءلت الصحيفة: هل كان ترامب ينوي أن يفرض عقوبات على روسيا؟، وقالت: لقد أوضح ترامب أن الولايات المتحدة انتهت من عزل بوتين بسبب عدوانه غير المبرر ضد جار أضعف، وأراد، بدلًا من ذلك، إعادة قبول روسيا في النادي الدولي وجعلها واحدة من أفضل أصدقاء أمريكا.
تعليقًا على ذلك، قالت كوري شاك، مديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أمريكان إنتربرايز وكانت مساعدة الأمن القومي للرئيس الأسبق جورج دبليو بوش:" إنه انقلاب مخزٍ لثمانين عامًا من السياسة الخارجية الأمريكية".
وأضافت، في مقابلة أجرتها مع الصحيفة:"خلال الحرب الباردة، رفضت الولايات المتحدة إضفاء الشرعية على الغزو السوفييتي لدول البلطيق وأعطت الشجاعة للناس الذين يقاتلون من أجل حريتهم. الآن نحن نضفي الشرعية على العدوان لإنشاء منااطق نفوذ. كل رئيس أمريكي في السنوات الثمانين الماضية كان ليعارض بيان الرئيس ترامب".
أما في دائرة ترامب، فإن هذا التحول يعد تصحيحًا ضروريًا لسنوات من السياسة المضللة، ولكن هل هذا هو ما قد يحدث؟!.. وقالت الصحيفة- فيما يبدو إجابة على السؤال: إن ترامب وحلفاؤه يرون أن تكلفة الدفاع عن أوروبا مرتفعة للغاية بل وجاءت على حساب احتياجات أخرى. ومن هذا المنظور، فإن التوصل إلى نوع من التسوية مع موسكو من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بإعادة المزيد من القوات إلى الوطن أو تحويل موارد الأمن القومي نحو الصين، التي يعتبرونها "التهديد الأكبر"، كما قال وزير الخارجية ماركو روبيو الشهر الماضي.
وأوضحت أن ترامب لطالما نظر إلى بوتين باعتباره مواطنًا يحب بلده ولاعبًا قويًا و"ذكيًا للغاية" وأن جهده في ترهيب أوكرانيا وإجبارها على تقديم تنازلات إقليمية لم يكن أقل من "عبقرية تنبعث من رئيس ذكي". وفي نظره، فإن بوتين شخص يستحق الإعجاب والاحترام.