دعا الرئيس جو بايدن حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي إلى واشنطن قبل أربعة أشهر فقط للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتحالفهم، وهو رمز لعصر الزعامة الأمريكية العالمية الذي كان يحتفى به ذات يوم باعتباره حجر الزاوية للديمقراطية وأفضل طريقة للحفاظ على السلام بين القوى العظمى.

وجاء في مقال للصحفي ديفيد سانغر، نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب لم يخف رغبته في الإشراف على تدمير هذا النظام العالمي، وفي ولايته الأولى لم يكن يعرف حقا كيف يفعل ذلك، وكانت تحركاته تواجه معارضة من قبل مؤسسة راسخة، لكن الآن أوضح أنه يمتلك المعرفة والدافع والخطة.



وأكد المقال أنه "إذا أوفى ترامب بوعود حملته، فسوف يتم استبدال عصر التجارة الحرة إلى حد كبير بالرسوم الجمركية، وهي "أجمل كلمة" في اللغة الإنجليزية كما يقول، دون الإشارة إلى حقيقة أن هذا النهج ساهم في الكساد العظيم".

وأوضح "لا يزال بعض الحلفاء الديمقراطيين يقعون تحت حماية المظلة النووية الأمريكية، لكن الأمر سيكون أكثر من مجرد نزوة للرئيس الجديد من أي التزامات بمعاهدة، وخلال الحملة، قال  ترامب إنه "سيشجع" روسيا "على فعل كل ما تريده" لأعضاء الناتو الذين لم يساهموا بما يكفي، حتى لو ظلت الولايات المتحدة، على الورق، أحد الأعضاء الرئيسيين في التحالف الأطلسي، فإن تأملات  ترامب العامة حول ما إذا كان سيفي بالتزامات المعاهدة التي وقعتها واشنطن في عام 1949 قد تكون كافية لتآكل المؤسسة من الداخل".


وعلاوة على ذلك، فإن المهمة الأمريكية التي أعلنها جورج بوش الإبن في تنصيبه الثاني، قبل ما يقرب من عقدين من الزمان، "للسعي إلى دعم نمو الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل دولة وثقافة"، قد انتهت رسميا الآن.

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، كان الرئيس بايدن يزعم أن ولاية ترامب الأولى كانت مجرد ومضة في التاريخ الأمريكي، وليس نقطة تحول، وفي أول اجتماع له مع أقرب حلفاء الأمة، أعلن أن "أميركا عادت"، ووعد باستعادة عالم يمكن الاعتماد فيه على الولايات المتحدة.

وفي رواية بايدن، أثبت هذه النقطة عندما حشدت أمريكا الغرب للوقوف في وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والاندفاع للدفاع عن أوكرانيا.

لكن الانتخابات أثبتت أن  ترامب ومرحلته في الحكم لم تكن شذوذا، فرؤيته "أمريكا أولا" ستحدد أن العصر يعتمد إلى حد كبير على كيفية مزج خطابه الانعزالي ورغبته الغريزية في أن يكون اللاعب المركزي في عصره.

ونقلت الصحيفة عن ال براندز، مؤرخ الحرب الباردة في جامعة جونز هوبكنز قوله: "خلال ولايته الأولى، تحدث ترامب غالبا وكأنه يريد الانتهاء من تقليد القيادة الأمريكية. غالبا ما تصرف وكأنه يعيد معايرته. ما يقلق العديد من حلفاء الولايات المتحدة هو الخوف من أن تكون الولاية الثانية هي النسخة الأكثر نقاء بدون تخفيف نبرة أمريكا أولا، مع كل العواقب المزعزعة للاستقرار التي قد تجلبها".

وأوضحت أن "الفارق الجوهري الذي يجسده  ترامب هو هذا: لقد نظر الرؤساء من هاري ترومان إلى  بايدن إلى حلفاء أمريكا إلى حد كبير باعتبارهم مضاعفا للقوة. أما ترامب فينظر  إلى هذه التحالفات باعتبارها عبئا وغالبا ما يعلن أنه لا يفهم لماذا تدافع الولايات المتحدة عن الدول التي تتحمل واشنطن عجزها التجاري. لقد أعلن في ولايته الأولى رفضه لمفهوم أن أوروبا كانت حصنا ضد الاتحاد السوفييتي، وفي وقت لاحق، روسيا. أو أن اليابان كانت حاملة الطائرات الأمريكية في المحيط الهادئ؛ أو أن كوريا الجنوبية هي المفتاح لاحتواء كوريا الشمالية".

وعندما غادر ترامب واشنطن في 20 كانون الثاني/ يناير 2021، في حالة من العار على ما يبدو، أعلن  بايدن على الفور أنه يستعيد الدور التقليدي لأمريكا، وتضمنت إنجازاته المميزة في الغالب توسيع خريطة التحالفات.
وفي العام الماضي، أوضح وزير خارجية بايدن، أنتوني بلينكن قائلا: "نبدأ بالمشكلة التي نحتاج إلى حلها ونعمل من هناك - تجميع مجموعة الشركاء ذات الحجم المناسب والشكل المناسب لمعالجتها". 

وكانت هناك شراكة جديدة بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة، قائمة على أسطول محتمل من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، لاحتواء الصين التوسعية وكان هناك حلف ناتو أكبر وإحياء العلاقات مع الفلبين والهند، وشراكة جديدة بين طوكيو وسيؤول، الحليفان الأمريكيان اللذان لا يتحدثان معا إلا لماما، ناهيك عن التخطيط لتدريبات عسكرية مشتركة.


وأضاف المقال "السؤال الآن، هو ما إذا كان  ترامب سيتكيف مع أي من هذه التغييرات، ويأخذها على أنها خاصة به، تماما كما حاول  بايدن - دون جدوى إلى حد كبير - توسيع اتفاقيات إبراهيم في الشرق الأوسط، وهو العنصر الوحيد في السياسة الخارجية لترامب الذي أشاد به مساعدوه أحيانا؟".

وذكر أنه "من المرجح أن يأتي الاختبار الأول في أوكرانيا.. لقد ألمح  ترامب وزميله في الترشح، نائب الرئيس المنتخب جيمس ديفيد فانس، بانتظام إلى قطع عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الأمريكية، وأصر  ترامب على أنه لو كانت هناك صفقة فقط على الأرض، لما حدثت الحرب أبدا".

ويتوقع المسؤولون الأوكرانيون تماما أن يحاول ترامب فرض هذه الصفقة - ربما بإعلان أن بوتين يمكنه الاحتفاظ بنحو 20 بالمئة في من البلاد التي يحتلها بالفعل، وقد يجبر هذا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على التخلي عن الأراضي أو المخاطرة بقطع كامل للمساعدات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية.

وإذا كان الأمر كذلك، فسيرسل رسالة عبر أوروبا مفادها أن جميع الحدود الدولية قابلة للتفاوض، ولن يراقب أي زعيم أجنبي الأمر باهتمام أكبر من الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي قد يستنتج أن ما نجح مع بوتن في أوكرانيا قد ينجح معه في تايوان.

أيا كان ما يختاره، فسوف يكتشف ترامب أنه يعمل في عصر أكثر تعقيدا بكثير مما كان عليه قبل أربع سنوات. 
وخلال الحملة الإنتخابية، لم ينطق بكلمة واحدة عن أكبر تغيير جيوسياسي في السنوات القليلة الماضية: الشراكة المتنامية والمشؤومة في بعض الأحيان بين روسيا والصين.

وعندما يتحدث  ترامب عن البلدين، فإنه يكون تبسيطيا في كلامه. فهو يتحدث بحرارة عن علاقته ببوتين، الذي لم يتحدث معه  بايدن منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ويهدد الصين بفرض تعرفات جمركية معرقلة ويعلن أن  شي لن يأخذ تايوان لأنه "يحترمني ويعرف أنني مجنون"، مستخدما لفظة نابية للتأكيد.

وكيف سيتعامل  ترامب مع العلاقة بين الرجلين، اللذين أمضيا مئات الساعات معا في أكثر من 50 اجتماعا، يبقى لغزا. ولكن من الواضح أن كلا من بوتين وشي يعتقد أنهما قادران للتلاعب على غرور ترامب ــ بوتين من خلال الثناء على قوته، وشي من خلال التلويح بصفقات تجارية يعتقد أنها ستصرف انتباه ترامب عن نطاق الاستثمارات العسكرية والتكنولوجية الصينية.

وكتب بيتر فيفر، الأستاذ بجامعة ديوك والذي خدم في مجلس الأمن القومي أثناء إدارة بوش، في مجلة "فورين أفيرز" يوم الأربعاء: "إن جوهر نهج ترامب في السياسة الخارجية ــ المعاملاتية العارية ــ لا يزال دون تغيير. ولكن السياق الذي سيحاول فيه تنفيذ شكله الغريب من إبرام الصفقات تغير بشكل كبير: فالعالم اليوم مكان أكثر خطورة مما كان عليه خلال ولايته الأولى".

 ويشير إلى أن حملة ترامب كانت مليئة "بالواقعية السحرية: مجموعة من التفاخر الخيالي والوصفات السطحية التي لا تعكس أي فهم حقيقي للتهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة".

وفي مواجهة هذه القضايا، هناك أمر واحد واضح: لن يكون عام 2025 تكرارا لعام 2017. 


وجاء في المقال أنه "عندما وصل ترامب لأول مرة إلى البيت الأبيض، وهو غير متأكد من كيفية التعامل مع العالم من حوله، لجأ إلى رجال ــ كانوا جميعا رجالا تقريبا ــ قال إنهم بدوا وكأنهم خرجوا شكل مصبوب واحد".

وكان هناك ريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل، وجيمس ماتيس، الجنرال السابق الذي اجتذب ترامب لأن قواته أطلقت عليه لقب "الكلب المسعور" (كان ماتيس يكره هذا اللقب)، وكان هناك أربعة مستشارين للأمن القومي، أولهم استمر أقل من شهر، وكان معظم هؤلاء المستشارين يأملون في احتواء وتوجيه  ترامب وحاولوا تعديل دوافعه وتحويلها إلى سياسة متماسكة. 

فشل معظمهم، وتم فصل أغلبهم، وندد الكثير منهم به خلال الحملة الأخيرة باعتباره غير لائق للعودة إلى المنصب، (وكان الجنرال المتقاعد جون كيلي، الذي شغل منصب رئيس موظفي البيت الأبيض، الأكثر صراحة، قد خلص إلى أن  ترامب يفي بتعريف الفاشي، ولا يفهم الحدود التي يفرضها الدستور على الرئيس).

وختم المقال "هذه المرة، أوضح ترامب أنه لا ينوي توظيف شخصيات من المؤسسة قد تجادله أو تبطئ من مطالبه، إنه يريد موالين يخدمون أجندته، وسيتعلمون كيفية التعامل مع رئيس يعتقد أن أعظم قوته تكمن في إقناع الحلفاء والخصوم على حد سواء بأنه قادر على الضرب في أي اتجاه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب الولايات المتحدة البيت الأبيض الولايات المتحدة البيت الأبيض الإنتخابات الأمريكية ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة ولایته الأولى إلى حد کبیر

إقرأ أيضاً:

في يومه العالمي.. التعليم باليمن يكابد أصعب حقبة في تاريخه

صنعاء- "نحاول قدر المستطاع تعليم الطلاب في ظل ظروف بالغة الصعوبة، بينها انعدام الكتاب المدرسي والرواتب الضئيلة لا تفي بأدنى متطلبات الحياة". بهذه الكلمات يصف عادل أحمد قائد -وكيل مدرسة الثورة- بريف محافظة تعز واقع التعليم في اليمن.

ويواجه هذا البلد حربا مستمرة بين القوات الحكومية والحوثيين منذ نحو 10 سنوات، أثّرت على مختلف جوانب الحياة ودفعت ملايين الأطفال إلى خارج المدارس.

ويعمل قائد في قطاع التعليم منذ 28 عاما، ويرى أن الواقع الحالي يقاسي تحديات كبيرة بينها انحسار الكادر التعليمي المؤهل، وغياب الكتاب المدرسي، وضآلة راتب المعلمين الذي لا يكفي حتى لشراء الدقيق، كما يقول.

وصادف الجمعة الموافق 24 يناير/كانون الثاني "اليوم العالمي للتعليم"، في وقت يواجه فيه هذا القطاع الحيوي باليمن أصعب حقبة في تاريخه.

ويضيف قائد (54 عاما) أن "التعليم في بلاده بات متدهورا جدا، وأصبح بعض الطلاب لا يستطيع حتى كتابة اسمه بالشكل الصحيح ولا يجيد القراءة، جراء ازدحام التلاميذ وضيق الفصول الدراسية، وعدم توفر الكتاب المدرسي".

يحرص المعلمون على استمرار التعليم رغم الظروف الصعبة المعقدة جراء تدهور وضعهم المعيشي (الجزيرة) احتجاجات

وخلال الفترة القليلة الماضية، شهد عدد من مدن اليمن احتجاجات على تدهور الوضع المعيشي للمعلمين والأكاديميين نتيجة تراجع قيمة رواتبهم بنحو 10 أضعاف جراء تدهور العملة.

إعلان

ولأول مرة منذ سنوات، تأخّر تسليم رواتب الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2024، مما أدى إلى إضراب في المدارس والجامعات الحكومية قبل أن يتم استئناف التعليم خلال الأيام الماضية بعد وعود من السلطات بتحسين أوضاع الكادر التعليمي.

وحسب رصد الجزيرة نت، تراجعت رواتب الأكاديميين إلى أقل من 120 دولارا بعد أن كانت بمعدل 1500 دولار مطلع العام 2015، بينما راتب المعلمين أصبح بالمتوسط نحو 40 دولارا هبوطا من قرابة 400 دولار قبل الحرب.

وفي سبتمبر/أيلول 2024، أعلن ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في اليمن، بيتر هوكينز، وجود 4.5 ملايين طفل خارج المدرسة في البلاد، معتبرا ذلك "قنبلة موقوتة".

وحذّر، في حوار صحفي نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، من أنه "ما بين خمس وعشر سنوات، ربما يكون الجيل القادم أميا، وربما لا يعرف الحساب، ولديه القليل جدا من المهارات الحياتية والتأسيس، وهذا سيكون أمرا إشكاليا أكثر وأكثر مع انتقال البلاد إلى المرحلة التالية مع جيل جديد".

ويوم الاثنين الماضي، عقد وزير التربية والتعليم اليمني طارق سالم العكبري، اجتماعا موسعا في مدينة عدن لبحث سير العملية التربوية والتعليمية في البلاد. وشدد في بيان لوزارته، على أهمية تضافر الجهود من الجميع لاستقرار العملية التربوية والتعليمية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بالبلاد".

وسبق أن شكَت الحكومة مرارا من صعوبات مالية كبيرة منعت من مواجهة متطلبات القطاع التعليمي، خصوصا تحسين أوضاع المعلمين والأكاديميين.

مستقبل كارثي

يقول المعلم الخمسيني عبده أحمد صالح، الذي يعمل  في مدرسة التصحيح بمنطقة بني بكاري التابعة لمديرية جبل حبشي غربي محافظة تعز، إن "استمرار تدهور التعليم في اليمن ينبئ بمستقبل كارثي للأجيال".

وفي حديثه للجزيرة نت يشكو من أن "المعلم اليمني أصبح غير قادر على توفير أدنى متطلبات الحياة لأفراد أسرته خاصة مع استمرار تدهور العملة".

إعلان

وأضاف أن وضع التعليم في بلاده أصبح مأساويا، وواقع المعلمين يتدهور باستمرار، مشيرا إلى أن راتبه لا يصل إلى 50 دولارا ولا يكفي لتوفير أدنى متطلبات الحياة لأسرته المكونة من 8 أفراد.

وتابع" بعض المعلمين اتجهوا إلى الإضراب بسبب عدم صرف رواتب أشهر سابقة، واستمرار غلاء المعيشة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية للكادر التعليمي، وهذا الأمر يؤثر على مستوى الطلاب".

التعليم في الخيام نتيجة قلة الفصول الدراسية في ريف اليمن (الجزيرة) العمل بدل المدرسة

بدوره، يعزو الناشط المجتمعي عبد الله البركاني تدهور التعليم إلى انهيار الأوضاع المعيشية للمعلمين والطلاب. وأضاف للجزيرة نت أن "ثمة معلمين يتسلمون راتبا شهريا لا يوازي 20 دولارا، وهو مبلغ ضئيل جدا، لا يمكن أن يوفر أدنى مقومات الحياة".

وتابع "العديد من المعلمين يذهبون إلى المدارس دون أن يتناولوا طعام الإفطار بسبب تدني مستوى دخلهم المعيشي، مما يؤثر على جودة التعليم".

ويلاحظ البركاني أيضا أن الكثير من الأسر أصبحت تُلقي بأطفالها إلى سوق العمل عوضا عن المدرسة، بهدف توفير متطلبات العيش جراء الفقر المدقع وتدهور الأوضاع.

وطالب الناشط اليمني الحكومة بصرف رواتب الكادر التعليمي بما يوازي قيمة رواتبهم مطلع 2015، حتى يتم الاهتمام بالتعليم بشكله المطلوب.

المرأة اليمنية حاضرة في التعليم الطوعي نتيجة قلة الكادر في العديد من المدارس (الجزيرة) من الرمضاء للنار

ودفع التدهور الكبير في التعليم بعض الأسر اليمنية إلى تسجيل أولادهم في مدارس خاصة رغم الكثير من التحديات.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول المواطن محمد إسماعيل، إنه سجّل أولاده الثلاثة في مدرسة خاصة بمدينة تعز، بعد أن شهد الإهمال الكبير في المدارس الحكومية. وأضاف "كنت أظن أن التعليم الخاص سيكون منقذا لأطفالي، لكن وضعي أصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار".

إعلان

وتابع "طرق التعليم أصبحت غير مجدية في المدارس كافة، فالوضع العام أثر على كل مناحي الحياة، ولولا حرصي الكبير على تعليم أطفالي في المنزل لما تعلموا حتى الإملاء".

وأردف "المدارس الخاصة تطلب مبالغ مالية كبيرة، لكن كفاءة المعلمين تتراجع نتيجة الرواتب الزهيدة التي تعرضها على الموظفين لديها، ما يجعل المخرجات غير جيدة".

ومضى قائلا "رغم كل هذه الصعوبات والتحديات لجأنا إلى التعليم الخاص كونه أفضل نسبيا إذا ما تمت مقارنته بالقطاع العام الذي يعاني من إضراب متكرر وتعليم جزئي لبعض الحصص فقط".

بعض الفصول الدراسية يتكدس فيها نحو 100 طالب مما يؤثر على طبيعة التعليم (الجزيرة) دمار واسع

في أكثر من بيان، سبق أن أعلنت الأمم المتحدة تدمير أو تضرر آلاف المدارس في اليمن جراء الحرب، وأن 8 ملايين طالب بحاجة ماسة إلى دعم تعليمي.

وفي السياق، يقول أمين عام نقابة المعلمين بمحافظة تعز عبد الرحمن المقطري إن الحرب تسببت بدمار أكثر من 10 آلاف مدرسة على مستوى اليمن، مع نهب العديد من المؤسسات التعليمية ومعامل المعاهد التطبيقية والتقنية والعلوم، فضلا عن وقف طباعة الكتب وتسرب أكثر من 2.5 مليون طالب وطالبة من التعليم، وتضرر آلاف المعلمين، مما خلق مأساة كبيرة في الجانب التعليمي.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن عدد المعلمين الرسميين في مديرية واحدة كبيرة بمحافظة تعز هي "صالة" 2500 معلم، لكن إجمالي المعلمين مع المتطوعين الموجودين حاليا لا يتجاوز ألفا، مشيرا إلى أن الطلاب قبل الحرب في المديرية ذاتها كان عددهم 88 ألف طالب وطالبة، وحاليا لا يصل عددهم إلى النصف.

ولفت النقابي اليمني إلى تدهور الاقتصاد وتراجع الريال اليمني بشكل كبير، خاصة مع شح الموارد، والإنتاج المحلي، ما تسبب بتفاقم الأوضاع المعيشية لدى المعلم  والطالب.

وأوضح أن "المعلم أصبح يذهب إلى المدرسة حافي القدمين، وشارد الذهن، ومهموما بحال أسرته، ولا يستطيع تقديم التعليم الجيد للطلاب، مما يسبب كارثة للتعليم في المستقبل".

إعلان

وحول الحلول لهذا الوضع يقترح المقطري أنه "يجب على أفراد المجتمع خصوصا الآباء والمجالس المحلية وبعض التجار الميسورين الاتفاق مع المعلمين وتقديم رواتب شهرية، لهم بحدود 50 ألف ريال (24 دولارا)، وتوفير بعض الحصص الغذائية لهم كما جرى في بعض المناطق، كحل مؤقت حتى تنتهي الأزمة".

وشدد على ضرورة أن "تتخذ الدولة كل الوسائل من أجل حل هذه القضية من خلال التعاون مع الأشقاء والمنظمات الدولية لحل معاناة التعليم".

معاناة التعليم الجامعي

ألقت تداعيات الحرب بثقلها على التعليم الجامعي في اليمن الذي بات يعاني واقعا مزريا، بينما تم إغلاق بعض الأقسام نتيجة عدم الإقبال عليها وهجرة العديد من الأكاديميين بحثا عن معيشة أفضل.

يقول رئيس قسم الإعلام وعلوم الاتصال بجامعة تعز الدكتور منير التبعي، إن "وضع الأكاديميين اليمنيين بات مزريا وكارثيا للغاية، مشيرا إلى أن الأستاذ الجامعي اليوم لا يستطع أن يفي بأبسط احتياجاته الضرورية للحياة خاصة أن راتبه لا يساوي إيجار شقة، فضلا عن احتياجاته الأخرى من غذاء ودواء".

وأضاف للجزيرة نت أن "راتب الأستاذ الجامعي كان قبل عشر سنوات ما يعادل 1500دولار، واليوم لا يساوي 120 دولارا، ومع ذلك يستمر الأكاديميون في التدريس من منطلق الواجب الوطني والإنساني".

وأردف التبعي "قبل 10 سنوات كان الأستاذ يطالب بتحسين مستحقاته المالية، أما الآن لم يعد يطالب بأكثر من أن يعود إليه الراتب السابق، خاصة مع استمرار العملة المحلية في التراجع وغلاء الأسعار".

وشدد التبعي على ضرورة  تحسين مستوى الراتب ورفعه بما يساوي قيمته قبل اندلاع الحرب، وإيقاف الانهيار المتسارع للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية والارتفاع الجنوني للأسعار ومحاسبة المتلاعبين بها.

وشدد قائلا "إذا تحققت هذه الحلول سوف يعود الأستاذ الجامعي إلى عمله وهو قادر على دفع الإيجار والاهتمام بأولاده، وتعليم طلابه، بالإضافة إلى عودة  كرامته وقيمته ومكانته في هذا المجتمع".

إعلان

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: الاحتلال الصهيوني خلّف دمارًا بغزة لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية
  • الأمم المتحدة : العدو الصهيوني خلف دمارًا بغزة لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية
  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا بغزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • الأمم المتحدة : العدو الصهيوني خلف دمارًا في غزة لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية
  • ترجيحات إسرائيلية باقتراب نهاية الحرب في غزة.. ترامب يلعب ورقته القوية
  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا في القطاع لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية
  • الصحة العالمية تكشف تداعيات قرار ترامب بانسحاب أمريكا: سنُقلص الإنفاق
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • التعليم باليمن يكابد أصعب حقبة في تاريخه
  • في يومه العالمي.. التعليم باليمن يكابد أصعب حقبة في تاريخه