الشرق الأوسط يترقب أشهراً حاسمة بعد عودة ترامب
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
تناول سيث فرانتزمان، صحفي سياسي بارز وزميل مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، تداعيات فوز دونالد ترامب الانتخابي الأخير على الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على المشهد السياسي الإسرائيلي واستراتيجيتها العسكرية ضد حماس وحزب الله.
فوز ترامب يشير إلى تغييرات في السياسة الأمريكية
وقال فرانتزمان إن فوز ترامب يشير إلى تغييرات في السياسة الأمريكية، إذ أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هيكلة حكومته من خلال إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت.
كان غالانت، شخصية محورية في جهود الحرب الإسرائيلية، يؤيد نهجاً تكتيكياً يؤكد على صفقات الرهائن ودمج المزيد من الجماعات، مثل المتدينين المتشددين، في الجيش ــ وهي الأولويات التي تعارضت مع رؤية نتانياهو.
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" أن إقالة نتانياهو لغالانت تهدف إلى توفير قدر أعظم من الاستقلالية في اتخاذ القرارات العسكرية وسط تكثيف العمليات في غزة ولبنان.
تداعيات إقالة غالانت
واعتبر الكاتب رحيل غالانت تحولاً كبيراً في القيادة العسكرية الإسرائيلية، ويسلط الضوء على الأدوار المتطورة في استراتيجية إسرائيل ضد الخصوم الإقليميين.
منذ أكتوبر (تشرين الأول)، شنت قوات الدفاع الإسرائيلية هجوماً برياً ضد حماس في غزة وصعدت عملياتها ضد حزب الله في لبنان. وثبت أن القتال في غزة معقد للغاية، وخاصة في المناطق الحضرية مثل جباليا، حيث يتحصن المسلحون جيداً.
COLUMN | The opportunity of Trump’s victory
How Donald Trump’s victory and Israeli Defense Minister Gallant’s firing pave the way for a strategic realignment in the Middle East that will serve as the foundation of peace and stability.
By @carolineglickhttps://t.co/6ckUynJLRM
ويُظهِر استخدام إسرائيل للتكنولوجيات المتقدمة، بما في ذلك الطائرات دون طيار والمركبات غير المأهولة، نهجاً متطوراً ولكنه شاق.
ورغم جهود الجيش الإسرائيلي، فإن التخطيط الكثيف لغزة يعقد القضاء الكامل على وجود حماس. وواجهت القوات الإسرائيلية حزب الله في مناطق حدودية شديدة التحصين بلبنان، حيث استخدم حزب الله مخزوناً كبيراً من الأسلحة في هياكل مدنية لتعطيل تقدم الجيش الإسرائيلي.
وربط فرانتزمان هذه التطورات بتحولات أوسع في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل مع عودة ترامب.
بالنظر إلى الجذور التاريخية، كانت إدارة ترامب داعمة بشكل ملحوظ لإسرائيل، وعززت الاتفاقيات الإبراهيمية، وعززت الدعم الاستراتيجي الأمريكي.
ومع رحيل إدارة بايدن، ترى إسرائيل نافذة مهمة لاتخاذ إجراءات حاسمة. تراقب كل من الإدارة الأمريكية الحالية ولاعبين إقليميين مسألة عودة ترامب بتوقعات وآمال بتعزيز العلاقات الثنائية والضغوط المحتملة على نفوذ إيران.
وحسب الكاتب، فإن التعديل الوزاري لنتنياهو، الذي تزامن مع تغيير القيادة الأمريكية، يحمل تداعيات أوسع نطاقاً على استراتيجية إسرائيل في زمن الحرب.
*A Look at the New Israeli Cabinet Ministers Running the War*
Prime Minister @netanyahu’s dismissal of Defense Minister Yoav Gallant created a shift not just at Israel’s Defense Ministry but also at the Ministry of Foreign Affairs. https://t.co/Lzt7CuoSjv pic.twitter.com/4NDD7qtBFI
وأضاف الكاتب: تواجه إدارة نتنياهو المهمة الشاقة المتمثلة في دعم العمليات متعددة الجبهات في جميع أنحاء غزة ولبنان، الأمر الذي يتطلب التوازن بين الإجراءات المستهدفة والسياسات الأمنية الأوسع.
استهلك انخراط إسرائيل في لبنان وحده موارد واسعة النطاق، نظراً لتحصن حزب الله وحصوله على معدات عسكرية.
في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، على سبيل المثال، أطلق حزب الله أكثر من 120 صاروخاً على إسرائيل، مما يؤكد التهديد المستمر على بعد أميال فقط من حدود إسرائيل.
عودة ترامب وردع إيران
وسلط فرانتزمان الضوء على الكيفية التي شكلت بها سياسات إدارة ترامب السابقة الحسابات السياسية الحالية في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بإيران.
ففي عهد ترامب، كانت الإجراءات الحاسمة، مثل اغتيال قاسم سليماني في عام 2020، بمنزلة موقف مواجهة ضد النفوذ الإيراني، مما دفع القوى الإقليمية إلى إعادة معايرة استراتيجياتها.
وقد يتوقع حلفاء الميليشيات الإيرانية في العراق، الذين يدركون سياسات ترامب المتشددة، إجراءات مماثلة من الإدارة القادمة، مما قد يردع الصراع المتصاعد في هذه الأثناء.
وأوضح فرانتزمان أن العمليات الجارية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي تشكل جزءاً من إعادة معايرة استراتيجية أوسع نطاقاً، الأمر الذي يتطلب من إسرائيل تقييم استدامة نهجها العسكري مع الأخذ في الاعتبار التحولات في السياسة الخارجية الأمريكية.
ففي لبنان، أفادت التقارير أن وحدات الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك اللواء الثامن الإسرائيلي، نجحت في تحييد العديد من خلايا حزب الله والاستيلاء على ذخائر كبيرة. وتعكس هذه العملية المكثفة التزام إسرائيل بالدفاع عن حدودها ومواجهة هجمات حزب الله.
ومع ذلك، يتابع الكاتب، فإن هذا الالتزام يأتي بتكاليف لوجستية وبشرية، وخاصة بالنسبة للاحتياطيين الذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من هذه العمليات.
ولفت الكاتب النظر إلى أن عودة إدارة ترامب قد تشجع نهج إسرائيل تجاه خصومها. ونظراً لموقف ترامب القوي تاريخياً بشأن الأمن الإسرائيلي، فقد تكثف إسرائيل عملياتها في غزة ولبنان، ومن المرجح أن توفر أمريكا غطاءً دبلوماسياً قوياً.
ومع ذلك، يقول فرانتزمان، إن إيران قد تراهن على إطار زمني محدود لتصعيد الأعمال العدائية، في محاولة لتعزيز موقفها قبل تولي ترامب منصبه رسمياً.
ووفق الكاتب، تثير هذه الفترة غير المؤكدة تساؤلات استراتيجية حول قدرة إسرائيل على تحقيق الاستقرار الطويل الأجل، وخاصة مع إرهاق القوات الإسرائيلية بعد عام طويل من الحرب.
ويتوقع فرانتزمان أن تدخل إسرائيل والولايات المتحدة حقبة جديدة من التعاون في عهد ترامب.
وبينما تزن إسرائيل أعمالها العسكرية وتنتظر الدعم الأمريكي المتجدد، تبدو الأشهر القليلة المقبلة محورية لتشكيل نتائج الصراع الإسرائيلي ومكانته الإقليمية.
وأكد فرانتزمان أهمية التوازن الدقيق الذي يجب على إسرائيل الحفاظ عليه بين تدابير الدفاع الحازمة والتحالفات الدبلوماسية، بينما تلوح في الأفق سياسات ترامب المرتقبة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الجیش الإسرائیلی عودة ترامب حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
منذ العصور القديمة، كان الشرق الأوسط مركزًا دينيًا وثقافيًا شكّل هويته الفريدة.
ومع بداية الألفية الجديدة، بدأت القوى الغربية، التي تحركها الصهيونية العالمية، في تبني سياسات تهدف إلى إعادة رسم حدود المنطقة من خلال مخطط يسعى إلى طمس الهويات التاريخية العميقة التي تشكل نسيجها الثقافي والديني.
ومن بين هذه الهويات، تبرز الهوية المسيحية الشرقية، وفي قلب هذا الصراع، تقف الكنيسة المصرية كحجر عثرة أمام محاولات إعادة تشكيل مكونات الهوية الدينية والثقافية للمنطقة.
تبنت القوى الغربية المتحالفة مع الصهيونية سياسة "الفوضى الخلاقة" كوسيلة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، بهدف تفكيك الأنظمة السياسية وزرع الفوضى، مما أدى إلى تصاعد الجماعات الإرهابية، وانتشار النزاعات الطائفية، وتهجير المسيحيين من العديد من دول المنطقة. وكان لهذا التدمير الممنهج أثر بعيد المدى على هوية المنطقة، حيث سعت تلك القوى إلى فرض مشروع "مسار إبراهيم" كرمز ديني ثقافي يربط بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وتجسد ذلك في "بيت العائلة الإبراهيمي"، الذي رفضت الكنيسة المصرية الانضمام إليه، باعتباره محاولة لتكريس واقع جديد يخدم أهدافهم.
محاولة الترويج لمسار إبراهيم كمرجعية دينية وثقافية تجمع الديانات الثلاث ليست سوى وسيلة لتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى"، الممتد - وفقًا لتصورهم - من النيل إلى الفرات، مستندين إلى رحلة النبي إبراهيم التي شملت عدة دول في المنطقة وصولًا إلى مصر.
يهدف هذا المشروع إلى تحقيق حلم إقامة "مملكة داوود"، استنادًا إلى الإيمان اليهودي بقدوم "المسيح الملك الأرضي"، الذي سيقيم ملكوته على الأرض ويقود "مملكة داوود".
ويتماشى هذا التصور مع الفكر المسيحي المتصهين للكنيسة البروتستانتية، التي تؤمن بمفهوم "حكم الألفية"، أي نزول المسيح في آخر الزمان لحكم العالم لمدة ألف عام. وكليهما يتفقان على أن كرسي حكم هذا الملك هو هيكل سليمان، وهو ما يتناقض تمامًا مع العقيدة المسيحية الشرقية، خاصة الكنيسة القبطية المصرية، التي ترفض هذا الفكر.
المواجهة الحقيقية بين الكنيسة المصرية والمشروع المتفق عليه بين المسيحية المتصهينة والمعتقد اليهودي تتجلى في صراع المسارات، بين "مسار إبراهيم" و"مسار العائلة المقدسة".
فوفقًا للتاريخ المسيحي، هرب السيد المسيح وأمه العذراء إلى مصر هربًا من بطش هيرودس، وتوقفت العائلة المقدسة في عدة مناطق مصرية، مما يجعل مصر نقطة محورية في تاريخ المسيحية.
هذا الأمر يتناقض مع الفكر المسيحي المتصهين والمعتقد اليهودي، اللذين يسعيان إلى ترسيخ الاعتقاد بأن القدس وحدها هي المركز الديني الأوحد وكرسي حكم "مملكة داوود" من داخل هيكل سليمان، وتهيئة الأجواء لقدوم "المسيح الملك" عبر مسار إبراهيم.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم يتم حتى الآن تفعيل "مسار العائلة المقدسة" كحج مسيحي عالمي رغم أهميته في تاريخ المسيحية وذكره في الإنجيل المقدس؟ الإجابة تكمن في أن أصحاب مشروع "مملكة داوود" يسيطرون على شركات السياحة العالمية ويوجهونها بما يخدم مخططاتهم، كما أنهم نجحوا في اختراق عدد من المؤسسات الدينية في الغرب، مما جعل بعض الكنائس الغربية أداةً في خدمة هذا المشروع، متجاهلين الدور التاريخي لمصر في المسيحية.
الكنيسة القبطية لا تعترف بمفهوم "الملك الألفي" الذي تروج له المسيحية الصهيونية، حيث يتناقض مع الإيمان الأرثوذكسي بالمجيء الثاني للمسيح، وهو ما تم تأكيده في مجمع نيقية عام 325م ومجمع القسطنطينية عام 381م. حيث جاء في العقيدة المسيحية أن المسيح سيأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، وليس كملك أرضي يحكم العالم. كما أن الكنيسة القبطية تدحض المعتقد اليهودي الذي لا يعترف بالمسيح الذي جاء بالفعل، إذ لا يزال اليهود في انتظار "المسيح الملك الأرضي" القادم لإقامة مملكتهم.
كان للبابا شنودة الثالث بُعد نظر استراتيجي ورؤية واضحة حول المخطط الصهيوني، فاتخذ موقفًا حازمًا ضد أي تطبيع مع إسرائيل، وأصدر قرارًا تاريخيًا بمنع الأقباط من زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن "القدس لن يدخلها الأقباط إلا مع إخوانهم المسلمين". وقد جعل هذا الموقف الكنيسة القبطية في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تحقيق "مملكة داوود".
ومع تولي البابا تواضروس الثاني قيادة الكنيسة المصرية، استمرت هذه السياسة الوطنية، وبرز ذلك في مقولته الشهيرة: "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن"، وهي رسالة قوية تؤكد أن الكنيسة المصرية لا يمكن أن تكون جزءًا من مشروع يهدف إلى طمس الهوية الوطنية المصرية.
كما لعب البابا تواضروس دورًا مهمًا في تعزيز علاقات الكنيسة بالأقباط في الخارج، ودعم دورهم كصوت وطني مدافع عن مصر في مواجهة محاولات التشويه والتأثير الخارجي. لم تقتصر مواقف البابا تواضروس على الجاليات القبطية في الخارج فقط، بل عمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة حول أوضاع الأقباط في مصر، مؤكدًا أن ما يتم الترويج له بشأن "اضطهاد الأقباط" هو مجرد افتراءات تهدف إلى زعزعة استقرار الوطن.
وقد أظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي تقديره الكبير للكنيسة المصرية وللبابا تواضروس في عدة مناسبات، أبرزها حضوره احتفالات عيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية، مما يعكس العلاقة القوية بين الكنيسة والدولة في مواجهة المخططات الخارجية التي تستهدف مصر وهويتها الوطنية.