هكذا ستحاول إسرائيل استغلال كل دقيقة من الـ 75 يومًا أميركيًا
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
من الآن وحتى 20 كانون الثاني من العام المقبل، موعد تسّلم دونالد ترامب مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، قد يعيش اللبنانيون أسوأ أيامهم. فالرئيس جو بايدن غير قادر في هذه الفترة الانتقالية على فرض ما لم يستطع أن يفرضه على رئيس حكومة الحرب في إسرائيل بنيامين نتنياهو على مدى أكثر من سنة، الذي أصمّ أذنيه عن سماع الصوت الخافت للإدارة الديمقراطية الأميركية، التي كانت تطالبه، وإن بخجل، بوقف حربيه على قطاع غزة ولبنان.
ولأن هذه المطالبة لم تقترن بأفعال الأمر والنهي لم تتوقف آلة الموت والدمار والتهجير والتشريد، وهي ستزداد حدّة وشراسة، كما يتوقع ذلك المراقبون الدوليون، في الفترة الفاصلة بين وهن آخر أيام الإدارة الأميركية الحالية وبين استلام ترامب مفاتيح البيت الأبيض، والبدء بتنفيذ وعوده بإنها الحروب وإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط من خلال الضغط على إسرائيل لوضع حدّ لما تقوم به من مجازر في لبنان وغزة.
لا يمرّ يوم إلا ويسقط عشرات الشهداء في لبنان جرّاء الغارات الإسرائيلية، التي تستهدف الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. وهذا العدد التراكمي في ما يخّلفه العدوان الإسرائيلي آيل إلى الارتفاع في الأيام المقبلة. فنتنياهو مصرّ على استغلال الوقت الضائع أميركيًا وصولًا إلى تحقيق أهدافه الحربية، التي يبدو أنها تتخطّى بأبعادها الاستراتيجية جغرافية غزة ولبنان. ويقابل هذا الإصرار التلمودي تصميم من قِبل "حزب الله" على مواصلة الجهاد حتى النفس الأخير. وهذا ما كان واضحًا في كلام أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في ذكرى أربعين السيد حسن نصرالله، والذي تحدّث بثقة الواثق عن أن النصر سيكون إلى جانب "المقاومة الإسلامية"، التي "لن تستجدي وقف النار، بل ستفرض على العدو استجداءه". وهذا يعني أن الإصرار الإسرائيلي على مواصلة دكّ لبنان بالحديد والنار مقابل تصميم "حزب الله" على الانتصار في حرب تبدو حتى الآن غير متكافئة، أقّله من حيث النتائج، سيجعلان الأيام الـ 75 الآتية من أصعب الأيام التي يمكن أن يعيشها اللبنانيون. والدليل على هذا الإصرار الإسرائيلي التدميري والتشريدي ما أقدم عليه نتنياهو عندما أقال وزير حربه يواف غالانت لأسباب لم تعد خافية على أحد، مع ما يترتب على هذا التبديل من نتائج متوقعة. أمّا لجهة تصميم "حزب الله" على مواصلة الجهاد فإن ما قاله المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد على خامنئي من أن "حزب الله" قوي ولا يمكن لإسرائيل أن تهزمه يؤكد ما قاله قاسم عن "جماجم المجاهدين الذين باعوها لله، وهم صابرون وصامدون في مواقعهم المتقدمة ولا يخشون الموت".
ما يمكن استخلاصه من كل ما تقدّم هو أن الألة الإسرائيلية مستمرّة في حصد المزيد من الشهداء والمزيد من الدمار. فأعداد الشهداء إلى تزايد يومًا بعد يوم، وقد تخطّى العدد التراكمي الثلاثة آلاف، مع ما يعانيه عشرات آلاف الجرحى، فضلًا عن تزايد عدد المنازل التي تُدّك على رؤوس أصحابها في أكثر من منطقة لبنانية، وقد تخطّى المئة وعشرين ألف وحدة سكنية بين تدمير كامل وتدمير جزئي.
وعليه، فإن اللبنانيين بكل فئاتهم الشعبية يترقّبون بحذر انعكاسات انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، والسياسة التي يعتمدها لحلّ أزمات المنطقة، وكيف سيترجم تعهداته بوقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط على أرض الواقع، مع اعتقادهم، وهم الخبراء في تعاطي الخارج مع أزماته، بأن أي حلّ لن يكون بـ "كبسة زرّ"، وهم الذين يعرفون أيضًا نوايا إسرائيل التاريخية تجاه لبنان.
وكما اعتاد اللبنانيون على الانتظار منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لحّل مستدام يبدأ بـ "حل الدولتين" في فلسطين المحتلة، وقد لا ينتهي بانتهاء الاعتداءات الإسرائيلية الآخذة في الاسراف باستهدافها البشر والحجر في لبنان، الذي تُستباح سيادته وينزف اقتصاده وتفتر مقومات عيش أبنائه.
المصدر: خاص لبنان
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
هل تريد إسرائيل فعلًا التوصل إلى تسوية مع لبنان؟
لم يكن اللبنانيون، إلى أي فئة انتموا، يحتاجون إلى الكثير من المعلومات لكي يعرفوا مسبقًا ما سيكون عليه ردّ الرئيس بري، بصفته "الأخ الأكبر" لـ "حزب الله"، على الورقة الأميركية للحّل. فهو في النهاية يريد أن يأكل عنبًا، بالتزامن مع سعيه من خلال تنسيقه مع "حزب الله" إلى إبعاد "الناطور" عن الحديقة الخلفية للبنان، وذلك من خلال رفضه ما تضمّنته الورقة الأميركية للحّل من نقاط من شأنها إطلاق يد إسرائيل جوًّا وبرًّا وبحرًا. وهذا ما لا يقبله أي لبناني عاقل. فالقبول بما يمكن أن يطمئن إسرائيل غير وارد، لأن ما يطمئن إسرائيل يتعارض مع السيادة اللبنانية، وهذا ما كانت عليه طبيعة الردّ اللبناني. فالرئيس بري على تنسيق تام مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يصرّ على تطبيق القرار 1701 بكل بنوده، بعد وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وإعطاء الجيش الدور الأكبر في المحافظة على الاستقرار في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوات "اليونيفيل"، من دون توسيع لصلاحياتها الأساسية، مع رفض مطلق لما تحاول إسرائيل فرضه بقوة النار، أي أن تمتلك "حق العمل العسكري" متى شاءت. وهذا يعني التنازل عن مبدأ السيادة، وبالتالي التسليم باستباحة مناطق البيئة الحاضنة لـ "المقاومة الإسلامية"، بحيث يصبح العيش فيها شبه مستحيل. أمّا ما يتعلق بتوسيع اللجنة الدولية لمراقبة تنفيذ القرار 1701 فإن الرئيس بري، ومعه الرئيس ميقاتي، لا يريان أي فائدة في انضمام كل من المانيا وبريطانيا إلى هذه اللجنة الدولية، التي يرأسها جنرال أميركي وآخر فرنسي. ويرى الجانب اللبناني تفعيل عمل اللجنة القديمة بدلًا من توسيعها. وهو لزوم ما لا يلزم. لأن أي زيادة على عمل اللجنة القديمة يعني زيادة على ما نصّ عليه القرار 1701، أي أن يكون مذّيلًا بعلامة +. وهذا ما يرفضه لبنان كأساس صالح لمفاوضات يُعتقد أنها ستكون طويلة وشاقة، مع إصرار على ألا تبدأ هذه المفاوضات إلاّ بعد وقف شامل للنار، إذ من غير المنطقي أن يقبل لبنان بالسير بهذه المفاوضات على وقع الغارات الإسرائيلية، التي تدّك المناطق المستهدفة يوميًا، والتي ينتج عنها المزيد من الضحايا والدمار والخراب. لذلك فإن الاولوية اليوم هي للتفاوض على وقف الحرب، أما ما بعدها فمتروك لنجاح التسوية، ولكن على عكس ما يروج له البعض من أن التسويات تأتي دائمًا على حساب لبنان، الذي دفع أثمانًا باهظة نتيجة عدم وضوح في الرؤية وفي التقدير وبعد النظر. ويرى مراقبون حياديون أن مستقبل المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، والتي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية، مرهون بمدى جدّية استعداد تل أبيب لوقف شامل للنار، وهي التي تؤكد على لسان قادتها والمسؤولين فيها أن الحرب الشاملة والواسعة، التي شنتّها على لبنان منذ شهرين تقريبًا لم تحقّق أهدافها بعد. وهذا يعني أن لا نية لدى حكومة الحرب الإسرائيلية بوقف مسلسل اعتداءاتها قبل أن تضمن عدم تكرار عملية "طوفان الأقصى" بنسخته اللبنانية". ويقابل إصرار تل أبيب على مواصلة اعتداءاتها تمسّك "حزب الله" بخطابه الجماهيري، الذي يرفض التسليم بالأمر الواقع، من خلال ابرازه ما حقّقه من إنجازات ميدانية، حتى أن بعض نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" يذهبون بعيدًا في مسألة إبراز هذه الإنجازات، التي يعتبرون أنها ستفضي عاجلًا أم آجلًا، إلى تراجع تل أبيب عن شروطها التعجيزية، ومن ضمنها بالتأكيد إبقاء الجنوب ولبنان كله تحت العين الإسرائيلية، مع الإصرار على أن تطورات الميدان الجنوبي لا تسمح لإسرائيل بأن تدّعي النصر وفرض شروطها التي تتناقض مع السيادة. من هنا، فإن "حزب الله"، الذي سلم ملاحظاته للرئيس بري، يحاول أن يرسّخ معادلة جديدة تقوم على التناغم بين الميدان والمسار الديبلوماسي، مع ما يمكن أن يترتب عن هذه المعادلة المعقدة والمكلفة في آن. وهذا ما تفعله أيضًا إسرائيل، التي تسابق دباباتها في الجنوب المسار التفاوضي. المصدر: خاص "لبنان 24"