ذا أتلانتيك: فوز ترامب يغيّر ملامح أمريكا.. ما الخطوة التالية؟
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
تناول تقرير لمجلة "ذا أتلانتيك" عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، وما التحولات التي قد تحدث نتيجةً لهذا الفوز، واحتمالية تعميق الانقسامات في المجتمع الأمريكي واحترام القيم الديمقراطية الأساسية.
وذكرت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أن من صوتوا لصالح دونالد ترامب، الذي سيصبح رئيسًا للمرة الثانية بعد فوزه في الانتخابات، سيحتفلون الآن بانتصارهم، أما البقية فعليهم أن يستعدوا للعيش في أمريكا مختلفة، حيث باتت بلدًا صوّت فيه الملايين من الأمريكان لرئيس يروّج عن علم للكراهية والانقسام، ويكذب بشكل فج وصارخ في كل مرة يظهر فيها في العلن.
وأضافت المجلة أنه على الأمريكان أن يتعلموا أن يعيشوا في أمريكا التي اختار فيها عدد كبير منهم رئيسًا يحتقر القيم والتقاليد الأساسية لديمقراطيتهم ودستورهم وحتى جيشهم. وعلى مدى العقد الماضي، أظهرت استطلاعات الرأي على مدى العقد الماضي تراجع ثقة الأمريكيين في مؤسساتهم، ولكن ما من استطلاع رأي يمكن أن يوضح هذا التحول في القيم أكثر من هذا التصويت. ونتيجة لهذه الانتخابات، ستصبح الولايات المتحدة دولة من نوع مختلف.
وبينت المجلة، أن الرئيس المنتخب تجاهل القوانين الأخلاقية والإرشادات الأمنية، عندما كان في البيت الأبيض آخر مرة، حيث أقال مفتشي العموم وغيرهم من مراقبي الحكومة، وسرب معلومات سرية، واستخدم وزارة الأمن الداخلي في صيف 2020 كما لو كانت وزارة داخلية لدولة استبدادية؛ فقد نشر "قوات" من الجمارك وحماية الحدود وخفر السواحل الأمريكية في المدن الأمريكية.
وشجع ترامب بنشاط تمردا في السادس من كانون الأول/ يناير 2021 في العاصمة. وعندما غادر البيت الأبيض، سرق مستندات سرية وأخفاها عن مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وأوضحت المجلة إلى أنه نظرًا لأن عددًا كبيرًا من الأمريكيين لا يهتم بتلك التجاوزات، التي كانت كفيلة بإنهاء مسيرة أي سياسي آخر، سيعمل ترامب ونائبه المنتخب جي. دي. فانس على تحويل الحكومة الفيدرالية إلى آلة ولاء تخدم مصالحهم. وهذا هو جوهر مشروع 2025 لمؤسسة هيرتاج، الذي سيعمل أنصاره على تحقيقه؛ حيث سيواصل ترامب محاولاته لتفكيك الخدمة المدنية الأمريكية، ويستبدل بالعلماء والمنظمين المؤهلين عملاء حزبيين.
كما سيبني وزارة العدل التي لا تخدم الدستور، بل ستعمل على ملاحقة أعدائه ومعاقبتهم، وسيعزز، كما صرح سابقًا، استخدام لجنة الاتصالات الفيدرالية وإدارة الإيرادات الداخلية لمعاقبة من يعارضه.
وأشارت المجلة إلى أن الخطر الأكبر ليس القمع السياسي بل الفساد. فقد اعتدى الشعبويون الاستبداديون في جميع أنحاء العالم، مثل المجر وفنزويلا، على المؤسسات التي تضمن الشفافية والمساءلة من أجل تحويل المال والنفوذ إلى أصدقائهم وعائلاتهم، وهذا قد يحدث في أمريكا أيضًا، فمع استحواذ الموالين ليس فقط على الوظائف السياسية بل أيضًا وظائف الخدمة المدنية السابقة، ستصبح الأجواء الأمريكية أكثر خطورة.
ونتيجة لذلك، ستزدهر الشركات المرتبطة بترامب بينما يصبح المجتمع الأمريكي أقل أمانًا للمستهلكين والعمال والأطفال.
وأفادت المجلة أن السياسة الخارجية الأمريكية ستعكس هذا التحول نحو الاستبداد المالي. خلال ولايته الأولى، أساء ترامب استخدام صلاحياته وأفسد السياسة الخارجية لمصلحته الشخصية، مثل الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق ضد منافسه، وتعديل السياسة تجاه تركيا وقطر بما يتناسب مع مصالحه التجارية، واستخدام الخدمة السرية لتحويل أموال الحكومة إلى ممتلكاته. وفي ولاية ثانية، سيكون لديه الحوافز للذهاب أبعد من ذلك بكثير، حيث يتوقع الكثير أن يستخدم السياسة الخارجية والقوة العسكرية لتعزيز أهدافه الشخصية والسياسية.
وقالت المجلة إن هناك العديد من الأشياء التي لا يستطيع الرئيس ترامب المعاد انتخابه القيام بها، ولكن هناك بعض الأشياء التي يمكنه فعلها، من بينها قطع المساعدات عن أوكرانيا، فأمام إدارة بايدن ثلاثة أشهر لوقف جميع الإجراءات الجزئية وتسريع إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا قبل أن يجبر ترامب أوكرانيا على الاستسلام لروسيا. وإذا كان هناك شيء في الترسانة الأمريكية قد تتمكن أوكرانيا من استخدامه بنجاح، باستثناء الأسلحة النووية، فيجب إرساله الآن قبل فوات الأوان.
وأوضحت المجلة، أن الشيء الآخر الذي يمكن لترامب أن يفعله هو فرض المزيد من الرسوم الجمركية وتصعيد حرب تجارية عالمية ضد الصين وأيضًا ضد أصدقائه وشركائه وحلفائه السابقين، وستصبح أمريكا أولاً هي أمريكا وحدها، ولم تعد "المدينة على التل" كما وصفها رونالد ريغان، بل مجرد قوة عظمى أخرى مدفوعة بالقومية الوحشية.
وبينت المجلة أن السياسيين غير الليبراليين سيحذون حذو أمريكا، مع تصاعد القمع ضد الصحافة والمعارضة في دول مثل المكسيك وتركيا. ويُتوقع انتشار التزوير الانتخابي المدعوم من روسيا في جورجيا ومولدوفا، وزيادة الخطاب العنيف في الديمقراطيات. فإذا أفلت الرئيس الأمريكي من العقاب، سيعتقد الآخرون أنهم يستطيعون ذلك أيضًا.
وفي الوقت نفسه، سيفرح الاستبداديون بفوز ترامب الذي يشاركهم ازدراءهم لسيادة القانون كما يُفترض أن ترامب وفانس لن يعززا حقوق الإنسان أو التحالفات الديمقراطية في أوروبا وآسيا، ولن يكترثا بالقانون الدولي.
وأضافت المجلة أن أكثر التغييرات صعوبة ستكون في عمق المجتمع الأمريكي. إن تطرف جزء من معسكر المناهضين لترامب هو أمر لا مفر منه، مع بدء الناس في إدراك أن القضايا الوجودية، مثل تغير المناخ والعنف المسلح، لن يتم التعامل معها. وفي المقابل، ستنشط الميليشيات اليمينية والمتطرفون البيض وأتباع "كيو أنون" بعد انتخاب ترامب، الذي أصبحوا يقلدون سلوكه. وستتعمق الفجوات داخل أمريكا، وتزداد السياسة غضبا، إذ سيستمر ترامب في تعزيز الانقسام والكراهية خلال فترة ولايته الثانية العاصفة.
وأوضحت المجلة أن الأجيال السابقة تربت على الاعتقاد بأن أمريكا يمكن الاعتماد عليها دائمًا لفعل الصواب، حتى لو كان ذلك متأخرا، بالإضافة إلى رفض الانعزالية التي كانت سائدة في أمريكا أولًا والانضمام إلى الحرب ضد النازية، وتمويل خطة مارشال لوقف الشيوعية، وتوسيع نطاق دعم الديمقراطية ليشمل الجميع، دون النظر إلى العرق أو الجنس. ولكن ربما كان هذا الاعتقاد صحيحًا فقط لفترة محددة، وقد نكون الآن في فترة تختلف فيها أمريكا عن ذلك.
ولفتت المجلة إلى أنه ربما تكون الحقيقة هي أن الديمقراطية دائمًا على المحك، وإذا كان الأمر كذلك، يجب علينا، كما تعلمت شعوب الديمقراطيات الفاشلة، أن نجد طرقًا جديدة لدعم المؤسسات والأفكار المهددة. بالنسبة لأنصار التجربة الأمريكية في الديمقراطية الليبرالية، فإن أملهم الوحيد هو التعليم والتنظيم وإنشاء تحالف من الناس المكرسين للدفاع عن روح الدستور ومُثُل المؤسسين وحلم الحرية. أملنا الوحيد هو التعليم والتنظيم، وتكوين تحالف للدفاع عن روح الدستور، ومبادئ الآباء المؤسسين.
واختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن الكثير من الذين أصابهم الإحباط جراء هذه النتيجة سيميلون إلى الانسحاب إلى السلبية، أو الانجذاب إلى الراديكالية الاستعراضية، ولكن يجب رفض كلا الخيارين، وبدلاً من ذلك، يجب أن نركز على كيفية استعادة عدد كافٍ من الأمريكيين الذين صوتوا لمرشح قام بالتحقير من مؤسسات هذا البلد ومثله العليا، وإعادتهم إلى صف الديمقراطية الليبرالية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب الولايات المتحدة الولايات المتحدة الإنتخابات الأمريكية ترامب هاريس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أمریکا المجلة أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
رأسمالية المحاسيب قادمة إلى أمريكا
دعونا نفترض أننا الآن في أواخر عام 2025 وأن ترامب فعل كل ما قال إنه سيفعله. أي فرض رسومًا جمركية (ضرائب) مرتفعة على السلع الواردة من الخارج ورسومًا بالغة الارتفاع على الواردات القادمة من الصين. هذه الرسوم ترتب عنها بالضبط نفس ذلك الأثر الذي توقعه العديد من الاقتصاديين على الرغم من إصرار ترامب على عكس ذلك. أي إنها رفعت الأسعار للمشترين الأمريكيين. ثم لنفترض إنك تدير نشاطًا اقتصاديًا يعتمد على مدخلات مستوردة ربما من الصين أو من المكسيك أو من أي بلد آخر. ماذا ستفعل؟ حسنًا، القانون التجاري للولايات المتحدة يمنح الجهاز التنفيذي سلطة تقديرية (حرية تصرف) واسعة في تحديد الرسوم التي ينبغي سدادها بما في ذلك القدرة على منح إعفاءات جمركية في حالات خاصة. لذلك أنت ستقدِّم طلبًا للحصول على أحد هذه الإعفاءات. هل سيُستجاب إلى طلبك؟ نظريًا يجب أن تعتمد الإجابة على ما إذا كان دفع هذه الرسوم الجمركية يفرض عَنَتا حقيقيا ويهدد الوظائف الأمريكية. وعمليًا يمكن أن تخمِّن وستكون على صواب بأن معايير أخرى ستلعب دورا في ذلك. إنها معايير من شاكلة ما حجم الأموال التي ساهمت بها للجمهوريين؟ وعندما تنظِّم فعاليات عمل لشركتك هل تفعل ذلك في ملاعب الجولف والمنتجعات التي يملكها ترامب؟ أنا لا أتحدث عن افتراضات لا معنى لها هنا. لقد فرض ترامب رسومًا جمركية خلال فترته الرئاسية الأولى وتقدمت شركات عديدة بطلبات إعفاء. من الذي حصل عليها؟ وجد تحليل إحصائي نشر مؤخرًا أن احتمال التصديق على طلبات الشركات التي لديها روابط بالجمهوريين قياسًا بمساهماتها في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016 كان أفضل بكثير مقارنة بطلبات الشركات المرتبطة بالديمقراطيين. لكن ذلك كان تمرينا بسيطا «بروفة صغيرة» لما يمكن أن يأتي. وفي حين لا نملك حتى الآن معلومات محددة، إلا أن مقترحات الرسوم الجمركية التي طرحها ترامب خلال الحملة الانتخابية كانت أوسع نطاقًا وإلى حد بعيد. وفي حالة الصين كانت معدلاتها أعلى من أي شيء شهدناه في المرة الأولى. لذلك هنالك مجال واسع جدًا للمحاباة السياسية. حسب فهمي، مصطلح «رأسمالية المحاسيب» تم اختراعه لوصف الكيفية التي كانت تحدث بها الأشياء في الفلبين تحت ديكتاتورية فرديناند ماركوس الذي حكم في الفترة من 1965 إلى 1986. إنه يصف اقتصادا يعتمد فيه نجاحُ الشركة على الإدارة الجيدة بقدر أقل من اعتماده على العلاقات الصحيحة (المناسبة) والتي كثيرا ما يتم شراؤها بتقديم خدمات سياسية أو مالية لمن هم في سدَّة الحكم. في المجر على سبيل المثال تقدر منظمة الشفافية العالمية أن ربع الاقتصاد تسيطر عليه شركات لديها روابط وثيقة مع الحزب الحاكم (حزب فيكتور أوربان). والآن من المرجح جدًا أن رأسمالية المحاسيب في طريقها إلى أمريكا. هنالك تحليلات عديدة حول الأثر المحتمل لرسوم ترامب على الاقتصاد الكُلِّي والتي إذا كانت معدلاتها قريبة من تلك التي اقترحها ستكون تضخمية جدا. ويمكن القول على أي حال إن تأثيرها المفسِد سيكون أكبر في الأجل الطويل. لماذا تُوجِد الرسوم الجمركية فرصة أكبر للمحسوبية من الضرائب الأخرى؟ لأن تفعيلها بموجب قوانيننا الأمريكية يتيح مساحة كبيرة لفرض التقديرات الذاتية. فوزير الخزانة لا يمكنه ببساطة إعفاء أصدقائه من ضرائب الدخل (على الرغم من أن الوزير أندرو ميلون قدَّم تخفيضات مطعونا في قانونيتها في عشرينيات القرن الماضي). على أي حال يمكن للرئيس إعفاء الحلفاء من الرسوم الجمركية. وهل يصدق أي أحد أن إدارة ترامب ستبالغ في التمسك بالضوابط الأخلاقية لكيلا تفعل ذلك؟ ترامب نفسه تباهى بقدرته على الاستفادة من الثغرات في النظام الضريبي. فقد تبجح بأن عدم دفعه حصته المستحقة من الضرائب يجعله ذكيا. (المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون اتهمت ترامب أثناء مناظرة انتخابية في عام 2016 بأنه لا يدفع ضرائب الدخل. رد ترامب عليها بقوله «ذلك يجعلني ذكيا» - المترجم). هل ستكون الرسوم الجمركية المحرِّك الرئيسي والوحيد المحتمل لرأسمالية المحاسيب في ظل الإدارة الأمريكية القادمة. من المشكوك فيه أن يكون ذلك كذلك. فخطط ترامب لترحيل المهاجرين ستتيح أيضا فرصا عديدة للمحاباة. يتخيل بعض مستشاري ترامب كما يبدو وخصوصا ستيفن ميلر (المتشدد ضد الهجرة) أن في مقدورهم تطهير أمريكا بسرعة من المهاجرين غير الشرعيين باعتقال الملايين من الناس ووضعهم في «مرافق احتجاز ضخمة». لكن حتى إذا وضعتَ جانبًا القضايا القانونية من المحتمل أن تكون هذه المهمة مستحيلة لوجستيا. وغالبا ما سنشهد سنوات من المحاولات العشوائية لتطبيق هذه السياسة بمداهمات لمختلف الشركات التي يُشَك في توظيفها لمهاجرين غير شرعيين. لكن ما هي المقاييس التي ستحدد الشركات التي سيتم استهدافها أولا بهذه المداهمات؟ وما هي تلك التي ستُترك وشأنها. بمعنى تلك التي سيتم إعفاؤها لسنوات؟ هنالك المزيد بالطبع. فمثلا أشار ترامب إلى استعداده لسحب رخص الشبكات التلفزيونية التي تقدم في رأيه تغطية غير مرغوبة. إذا كانت رأسمالية المحاسيب قادمة ما الذي ستفعله لأمريكا؟ من الواضح أنها ستكون مؤذية للديمقراطية بمساهمتها في تكريس ميزة مالية كبيرة للجمهوريين وضمان دعم قوي من الشركات لترامب مهما كان حجم الضرر الذي يمكن أن تسببه سياساته. وهي أيضا سَتُثري ترامب وأولئك الذين يحيطون به. بخلاف ذلك، النظام الذي يكافئ الشركات على أساس روابطها السياسية يبطئ نمو الاقتصاد. فمثلًا هنالك عدة محاولات لتفسير السِّجِل الاقتصادي المحزن لإيطاليا خلال العقود القليلة الماضية. تنسب هذه الدراسات الأداءَ الضعيف إلى أسباب من بينها تفشي المحسوبية. ووجدت دراسة حديثة أن الأنظمة الشعبوية سواء اليمينية أو اليسارية والتي هي في عمومها رأسمالية محاسيب غالبا ما تعاني أيضا تباطؤا في النمو الاقتصادي بحوالي1% في كل عام. ستخبرنا الأيام القادمة بما سيحدث. والأدلة تشير إلى أن القواعد التي تحكم كيفية النجاح في قطاع الأعمال الأمريكي على وشك أن تتغير. ولن يكون ذلك بطريقة حميدة. |