تناول تقرير لمجلة "ذا أتلانتيك" عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، وما التحولات التي قد تحدث نتيجةً لهذا الفوز، واحتمالية تعميق الانقسامات في المجتمع الأمريكي واحترام القيم الديمقراطية الأساسية. 

وذكرت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أن من صوتوا لصالح دونالد ترامب، الذي سيصبح رئيسًا للمرة الثانية بعد فوزه في الانتخابات، سيحتفلون الآن بانتصارهم، أما البقية فعليهم أن يستعدوا للعيش في أمريكا مختلفة، حيث باتت بلدًا صوّت فيه الملايين من الأمريكان لرئيس يروّج عن علم للكراهية والانقسام، ويكذب، بشكل فج وصارخ، في كل مرة يظهر فيها في العلن.



وأضافت المجلة أنه على الأمريكان أن يتعلموا أن يعيشوا في أمريكا التي اختار فيها عدد كبير منهم رئيسًا يحتقر القيم والتقاليد الأساسية لديمقراطيتهم ودستورهم وحتى جيشهم. وعلى مدى العقد الماضي، أظهرت استطلاعات الرأي على مدى العقد الماضي تراجع ثقة الأمريكيين في مؤسساتهم، ولكن ما من استطلاع رأي يمكن أن يوضح هذا التحول في القيم أكثر من هذا التصويت. ونتيجة لهذه الانتخابات، ستصبح الولايات المتحدة دولة من نوع مختلف.



وبينت المجلة، أن الرئيس المنتخب تجاهل القوانين الأخلاقية والإرشادات الأمنية، عندما كان في البيت الأبيض آخر مرة، حيث أقال مفتشي العموم وغيرهم من مراقبي الحكومة، وسرب معلومات سرية، واستخدم وزارة الأمن الداخلي في صيف 2020 كما لو كانت وزارة داخلية لدولة استبدادية؛ فقد نشر "قوات" من الجمارك وحماية الحدود وخفر السواحل الأمريكية في المدن الأمريكية.

وشجع ترامب بنشاط تمرد في السادس من كانون الأول/ يناير 2021 في العاصمة. وعندما غادر البيت الأبيض، سرق مستندات سرية وأخفاها عن مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وأوضحت المجلة إلى أنه نظرًا لأن عددًا كبيرًا من الأمريكيين لا يهتم بتلك التجاوزات، التي كانت كفيلة بإنهاء مسيرة أي سياسي آخر، سيعمل ترامب ونائبه المنتخب جي. دي. فانس على تحويل الحكومة الفيدرالية إلى آلة ولاء تخدم مصالحهم. وهذا هو جوهر مشروع 2025 لمؤسسة هيرتاج، الذي سيعمل أنصاره على تحقيقه؛ حيث سيواصل ترامب محاولاته لتفكيك الخدمة المدنية الأمريكية، ويستبدل العلماء والمنظمين المؤهلين بالعملاء الحزبيين.

كما سيبني وزارة العدل التي لا تخدم الدستور، بل ستعمل على ملاحقة أعدائه ومعاقبتهم، وسيعزز، كما صرح سابقًا، استخدام لجنة الاتصالات الفيدرالية وإدارة الإيرادات الداخلية لمعاقبة من يعارضه.

وأشارت المجلة إلى أن الخطر الأكبر ليس القمع السياسي بل الفساد. فقد اعتدى الشعبويون الاستبداديون في جميع أنحاء العالم، مثل المجر وفنزويلا، على المؤسسات التي تضمن الشفافية والمساءلة من أجل تحويل المال والنفوذ إلى أصدقائهم وعائلاتهم، وهذا قد يحدث في أمريكا أيضًا، فمع استحواذ الموالين ليس فقط على الوظائف السياسية بل أيضًا وظائف الخدمة المدنية السابقة، ستصبح الأجواء الأمريكية أكثر خطورة.

ونتيجة لذلك، ستزدهر الشركات المرتبطة بترامب بينما يصبح المجتمع الأمريكي أقل أمانًا للمستهلكين والعمال والأطفال.

وأفادت المجلة أن السياسة الخارجية الأمريكية ستعكس هذا التحول نحو الاستبداد المالي. خلال ولايته الأولى، أساء ترامب استخدام صلاحياته وأفسد السياسة الخارجية لمصلحته الشخصية، مثل الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق ضد منافسه، وتعديل السياسة تجاه تركيا وقطر بما يتناسب مع مصالحه التجارية، واستخدام الخدمة السرية لتحويل أموال الحكومة إلى ممتلكاته. وفي ولاية ثانية، سيكون لديه الحوافز للذهاب أبعد من ذلك بكثير، حيث يتوقع الكثير أن يستخدم السياسة الخارجية والقوة العسكرية لتعزيز أهدافه الشخصية والسياسية.

وقالت المجلة إن هناك العديد من الأشياء التي لا يستطيع الرئيس ترامب المعاد انتخابه القيام بها، ولكن هناك بعض الأشياء التي يمكنه فعلها، من بينها قطع المساعدات عن أوكرانيا، فأمام إدارة بايدن ثلاثة أشهر لوقف جميع الإجراءات الجزئية وتسريع إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا قبل أن يجبر ترامب أوكرانيا على الاستسلام لروسيا. وإذا كان هناك شيء في الترسانة الأمريكية قد تتمكن أوكرانيا من استخدامه بنجاح، باستثناء الأسلحة النووية، فيجب إرساله الآن قبل فوات الأوان.

وأوضحت المجلة، أن الشيء الآخر الذي يمكن لترامب أن يفعله هو فرض المزيد من الرسوم الجمركية وتصعيد حرب تجارية عالمية ضد الصين وأيضًا ضد أصدقائه وشركائه وحلفائه السابقين، وستصبح أمريكا أولاً هي أمريكا وحدها، ولم تعد "المدينة على التل" كما وصفها رونالد ريغان، بل مجرد قوة عظمى أخرى مدفوعة بالقومية الوحشية.

وبينت المجلة أن السياسيين غير الليبراليين سيحذون حذو أمريكا، مع تصاعد القمع ضد الصحافة والمعارضة في دول مثل المكسيك وتركيا. ويُتوقع انتشار التزوير الانتخابي المدعوم من روسيا في جورجيا ومولدوفا، وزيادة الخطاب العنيف في الديمقراطيات. فإذا أفلت الرئيس الأمريكي من العقاب، سيعتقد الآخرون أنهم يستطيعون ذلك أيضًا.

وفي الوقت نفسه، سيفرح الاستبداديون بفوز ترامب الذي يشاركهم ازدراءهم لسيادة القانون كما يُفترض أن ترامب وفانس لن يعززا حقوق الإنسان أو التحالفات الديمقراطية في أوروبا وآسيا، ولن يكترثا بالقانون الدولي.

وأضافت المجلة أن أكثر التغييرات صعوبة ستكون في عمق المجتمع الأمريكي. إن تطرف جزء من معسكر المناهضين لترامب هو أمر لا مفر منه، مع بدء الناس في إدراك أن القضايا الوجودية، مثل تغير المناخ والعنف المسلح، لن يتم التعامل معها. وفي المقابل، ستنشط الميليشيات اليمينية والمتطرفون البيض وأتباع "كيو أنون" بعد انتخاب ترامب، الذي أصبحوا يقلدون سلوكه. وستتعمق الفجوات داخل أمريكا، وتزداد السياسة غضبا، إذ سيستمر ترامب في تعزيز الانقسام والكراهية خلال فترة ولايته الثانية العاصفة.



وأوضحت المجلة أن الأجيال السابقة تربت على الاعتقاد بأن أمريكا يمكن الاعتماد عليها دائمًا لفعل الصواب، حتى لو كان ذلك متأخرا، بالإضافة إلى رفض الانعزالية التي كانت سائدة في أمريكا أولًا والانضمام إلى الحرب ضد النازية، وتمويل خطة مارشال لوقف الشيوعية، وتوسيع نطاق دعم الديمقراطية ليشمل الجميع، دون النظر إلى العرق أو الجنس. ولكن ربما كان هذا الاعتقاد صحيحًا فقط لفترة محددة، وقد نكون الآن في فترة تختلف فيها أمريكا عن ذلك.

ولفتت المجلة إلى أنه ربما تكون الحقيقة هي أن الديمقراطية دائمًا على المحك، وإذا كان الأمر كذلك، يجب علينا، كما تعلمت شعوب الديمقراطيات الفاشلة، أن نجد طرقًا جديدة لدعم المؤسسات والأفكار المهددة. بالنسبة لأنصار التجربة الأمريكية في الديمقراطية الليبرالية، فإن أملهم الوحيد هو التعليم والتنظيم وإنشاء تحالف من الناس المكرسين للدفاع عن روح الدستور ومُثُل المؤسسين وحلم الحرية. أملنا الوحيد هو التعليم والتنظيم، وتكوين تحالف للدفاع عن روح الدستور، ومبادئ الآباء المؤسسين. 

واختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن الكثير من الذين أصابهم الإحباط جراء هذه النتيجة سيميلون إلى الانسحاب إلى السلبية، أو الانجذاب إلى الراديكالية الاستعراضية، ولكن يجب رفض كلا الخيارين، وبدلاً من ذلك، يجب أن نركز على كيفية استعادة عدد كافٍ من الأمريكيين الذين صوتوا لمرشح قام بالتحقير من مؤسسات هذا البلد ومثله العليا، وإعادتهم إلى صف الديمقراطية الليبرالية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب الولايات المتحدة الولايات المتحدة الإنتخابات الأمريكية ترامب هاريس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أمریکا المجلة أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

هاريس والرجال الخمسة.. كيف خسرت المرشحة الديمقراطية أمام ترامب في الانتخابات الأمريكية؟

هزمت كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية في الانتخابات الأمريكية، أمام دونالد ترامب الرئيس السابق والمرشح الجمهوري بعدما حصل الأخير على 277 صوتا.

وتعددت أسباب هزيمة هاريس أمام ترامب، ونشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا في هذا السياق أوردت فيه قائمة بخمسة أشخاص اعتبرتهم أنهم سبب هزيمة المرشحة الديمقراطية أمام الرئيس الأمريكي السابق.

وقالت ليبراسيون إن على رأس قائمة الخمسة هو الميلياردير الأمريكي إيلون ماسك مالك منصة "إكس"، والذي كان أكبر الداعمين لدونالد ترامب في الوقت الذي حاول فيه تشويه صورة منافسته كامالا هاريس.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن مالك منصة "إكس" استخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هدفه، بما في ذلك الترويج لأفكار مؤامرة، واستغلال أساليب عنصرية وذكورية، بالإضافة إلى إنفاق مبالغ كبيرة من المال في سبيل ذلك.

بايدن

الشخصة الثانية التي جاءت في قائمة من تسببوا بهزيمة هاريس، هو الرئيس الحالي جو بايدن، الذي انسحب بهدوء من السباق الرئاسي في 21 يوليو 2024، بهدف تحسين فرص الحزب الديمقراطي، لكن هذا القرار جاء متأخرًا، حسب آراء العديد من القادة الديمقراطيين.

نوهت ليبارسيون إلى أن بعض الناخبين اعتبروا أن المشكلة الرئيسية مع بايدن تكمن في الاقتصاد الأمريكي، الذي كان محور انتقادات ترامب خلال الحملة، مشيرة إلى أن التضخم أثر بشكل كبير على المتقاعدين في عهد بايدن، بينما واجه الشباب صعوبات ناتجة عن تباطؤ النمو.

وفيما يتعلق بتأخر انسحاب بايدن ودخول هاريس السباق الانتخابي، قالت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية إن كامالا هاريس لم تحظ بفرصة كافية لعرض خياراتها، مقارنة بمقترحات ترامب المبسطة مثل الحماية التجارية، وتخفيض الضرائب، ووقف الهجرة غير المنظمة.

آندي مونتجمري

وكان تصويت السكان السود لترامب من أبرز العوامل التي أدت لانتصاره على هاريس، وهنا يأتي دور آندي مونتجمري، الشاب الأسود من ولاية كارولينا الشمالية، الذي أوفى بوعده وصوّت لدونالد ترامب، ولم يكن الوحيد في ذلك، فقد حصل المرشح الجمهوري رغم تصريحاته العنصرية، بحسب الصحيفة الفرنسية، على دعم كبير فاق التوقعات في الولايات التي تضم نسبة كبيرة من السكان السود واللاتينيين.

وتكشف استطلاعات الرأي، عن الدعم الذي حصل عليه المرشح الجمهوري بين الرجال السود، خاصة من فئة الشباب.

فولوديمير زيلينسكي

وكانت الحرب الأوكرانية أحد التاثيرات المباشرة في توجيه الناخبين الأمريكان، حيث أعرب نصف الأمريكيين تقريبًا عشية الانتخابات، عن اعتقادهم بأن بلادهم "تنفق الكثير من الأموال لدعم دول في حالة حرب"، موجهين انتقاداتهم بشكل خاص إلى إسرائيل وأوكرانيا.

وكان موقف ترامب من الحرب الأوكرانية واضح جدا على مدار الشهور الماضية، حيث بدا ترامب أكثر حزمًا، وتمكنت رسالته من تحقيق صدى واسع مقارنةً برسالة كامالا هاريس، إذ يرى الأوكرانيون في ولاية بنسلفانيا أنه الشخص القوي القادر على مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

بنيامين نتنياهو

وجاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، في ذيل قائمة من تسببوا في هزيمة هاريس أمام ترامب، حيث تسبب العدوان الذي يشنه على قطاع غزة، إلى تعميق الانقسام داخل الحزب الديمقراطي، إذ أعرب العديد من الناخبين من المجتمعات الإسلامية عن نيتهم مقاطعة التصويت احتجاجًا على دعم جو بايدن القوي لإسرائيل.

مقالات مشابهة

  • ذا أتلانتيك: فوز ترامب يغيّر ملامح أمريكا.. ما الخطوة التالية؟
  • هاريس والرجال الخمسة.. كيف خسرت المرشحة الديمقراطية أمام ترامب في الانتخابات الأمريكية؟
  • «القاهرة الإخبارية»: ملامح عهد جديد تتشكل بعد فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية
  • الهجرة إلى أميركا في عهد ترامب.. ما الذي سيتغير؟
  • عودة ترامب إلى البيت الأبيض تختبر المؤسسات الديمقراطية الأمريكية
  • سيدة أمريكا الأولى لفترتين.. من هي ميلانيا زوجة ترامب التي قبلها على الهواء؟
  • عاجل- ترامب ينتصر في الانتخابات الرئاسية.. ما الذي ينتظر أمريكا والعالم؟ ( هنا التفاصيل)
  • استطلاعات للرأي: 75% من الناخبين يرون الديمقراطية الأمريكية في خطر
  • إلهان عمر: إذا فاز ترامب فستكون الديمقراطية الأمريكية على المحك