حكم تنظيف عورة الطفل وأثره على الوضوء
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
قالت دار الإفتاء إن تَنظيفُ عورة الطفل الصغير لا ينقض الوضوء سواء كان هذا الطفل ذكرًا أو أنثى، وقامت الأم بذلك، أو قام به غيرها، مؤكدة أن الشرع بنيّ على رفع المشقة والحرج عن المكلفين.
بيان حدود عورة الطفل
ذهب الحَنفيَّةِ أنَّ الطفلَ الصغيرَ الذي سِنُّه ما دون الأربع سنوات لا عورةَ له، فيُبَاح النظر إلى بدنه ومَسُّه، فإذا ما بلغَ عمره أربع سنوات فأكثر فتكون عورته القُبُل والدُّبُر فقط، إلى أن يصل إلى سن عشر سنوات فتكون عورتُه القُبُل وما حوله والدُّبُر وما حوله، وبعد بلوغ العاشرة من عمره تكون عورته من السُّرَّة إلى الركبة، إذا كان ذكرًا، وإن كانت أنثى بالغةً فجسدها كله عورة إلا الوجه والكفين وباطن القدمين.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 407-408، ط. دار الفكر): [قوله: (لا عورة للصغير جدًّا) وكذا الصغيرة كما في "السراج"، فيباح النظر والمسُّ كما في "المعراج". قال ح: وفسره شيخنا بابن أربع فما دونها، ولم أدْرِ لِمَن عَزاه. أقول: قد يُؤْخَذُ ممَّا في "جنائز الشرنبلالية" ونصه: وإذا لم يبلغ الصغير والصغيرة حدَّ الشهوة يغسلهما الرجال والنساء، وقدره في الأصل بأن يكون قبل أن يتكلم، (قوله: ثم تَغْلُظ) قيل: المراد أنه يُعتبر الدبر وما حوله من الأليتين، والقُبُل وما حوله، يعني أنه يعتبر في عورته ما غَلُظ من الكبير، ويحتمل أنهما قبل ذلك من المخفف؛ فالنظر إليهما عند عدم الاشتهاء أخف إليهما من النظر بعد، وليحرر ط (قوله: ثم كبالغ) أي: عورته تكون بعد العشرة كعورة البالغين] اهـ.
مذاهب العلماء في نقض الوضوء بمس الفرج
ذهب بعض الأئمة كأبي حنيفة، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وسفيان الثوري، إلى أن مسَّ الذكر لا ينقض الوضوء مطلقًا سواء أكان ذكرَ الماسِّ أم ذكرَ غيره؛ وذلك لما رُوِي عن طلق رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَهَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ؟ أَوْ بِضْعَةٌ مِنْهُ؟»، وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: "وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ: أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوُا الوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الكُوفَةِ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَهَذَا الحَدِيثُ أَحَسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا البَابِ. أخرجه الترمذي.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (1/ 296-297، ط. دار الكتب العلمية): [مسُّ الذكر معابة لا ينقض الوضوء عندنا، وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن اليمان، وعمران بن الحصين، وأبي الدرداء، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم عند أهل الكوفة وأبي هريرة رضي الله عنه في رواية عنه، هكذا حكاه أبو عمر بن عبد البر، ومن التابعين الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وهو مذهب سفيان الثوري. وقال الطحاوي: لم يُعلم أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أفتى بالوضوء منه غير ابن عمر رضي الله عنهما، وقد خالفه في ذلك أكثر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ] اهـ.
لكن قال الحَنفيَّةُ باستحباب غسل اليد من مسّ الذكر، وفسروا بذلك معنى كلمة الوضوء الواردة في الأحاديث الأخرى؛ قال الإمام الحصكفي الحنفي في "الدر المختار"، ومعه حاشية ابن عابدين "رد المحتار" (1/ 99، ط. إحياء التراث): [(لا) يَنْقُضُهُ –يعني الوضوء- (مَسُّ ذَكَرٍ)، لَكِنْ يَغْسِلَ يَدَهُ نَدْبًا] اهـ.
قال العلامة ابن عابدين: [قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَغْسِلُ يَدَهُ نَدْبًا) لِحَدِيثِ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" أَيْ: لِيَغْسِلْ يَدَهُ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ هُوَ إلا بِضْعَةٌ مِنْك"، حِينَ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ ذَكَرَهُ بَعْدَمَا يَتَوَضَّأُ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّلاةِ.. وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنْتُ آخِذًا عَلَى أَبِي الْمُصْحَفَ فَاحْتَكَكْت فَأَصَبْت فَرْجِي فَقَالَ: أَصَبْتَ فَرْجَكَ؟ فَقُلْت: نَعَمْ، فَقَالَ: قُمْ فَاغْسِلْ يَدَك. وَقَدْ وَرَدَ تَفْسِيرُ الْوُضُوءِ بِمِثْلِهِ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَتَمَامُهُ فِي "الْحِلْيَةِ" وَ"الْبَحْرِ". أَقُولُ: وَمُفَادُهُ اسْتِحْبَابُ غَسْلِ الْيَدِ مُطْلَقًا] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء بوابة دار الإفتاء المصرية الوضوء رضی الله عنه ى الله
إقرأ أيضاً:
ماحكم الوضوء من الترع على حالها؟.. الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن يجوز الوضوء من الأنهار والقنوات الجارية، ولا كراهةَ في ذلكَ، لكون مائها جاريًا لا تَظْهَر فيه نجاسةٌ، ولا تتأثَّر أوصافُه الثلاثة.
وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما هو حكم الوضوء من الترع على حالها؟ أن الماء يتجدَّد بالجريان، فإن ظَهَرتْ أحد أوصافِ النجاسة عليه؛ فإنَّه لا يجوز الطهارة من هذا الحيز الذي ظَهَرت فيها أوصاف النجاسة خاصة.
وطالبت دار الإفتاء المصرية المواطنين بالحفاظ على مياه نهر النيل وقنواته المائية المختلفة؛ حمايةً له مِن أن يكون موطنًا للأمراضِ والأوبئة.
وذكرت دار الإفتاء أن الوضوء شرط صحة لكثيرٍ من العبادات؛ كالصلاة بجميع أنواعها -فرضًا أو سنةً أو نفلًا- وسجود التلاوة، والطواف بالبيت الحرام، ومسِّ المصحف ونحوه.
وتابعت دار الإفتاء: ومع كون ماء الترع بدرجاتها الأربعة الناقلة لمياه نهر النيل تعتبر ماءً جاريًا إلَّا أنَّ صلاحيتها للوضوء من عدمها في أيام مناوبات الري التي لا يتم إطلاق الماء خلالها: تتوقف على تغير هذه المياه بأحد أوصافها الثلاثة؛ فإذا ظهرت فيها آثار النجاسة من طَعْمٍ أو لونٍ أو رائحةٍ؛ كان الماء نجسًا بالإجماع لا يصلح للوضوء والطهارة، وإذا لم تظهر فيها آثار النجاسة، فهو طاهر يجوز الوضوء والطهارة منه؛ لما قررناه من أنَّ الماء الجاري والماء الذي بلغ قلتين (270 لترًا تقريبًا) إذا وقعت فيه نجاسة لم يكن نجسًا، ما لم يتغير طعمه أو لونه أو رائحته.
وأوضحت أنَّ عدم صلاحية ماء الترع والمساقي حالة تَغيُّر الماء عن حالته الأصلية، واختلاطه بالملوثات مقتصرٌ على الحيز الذي ظهرت فيه النجاسة، وأَثَّرت على طَعْم الماء أو لونِه أو رائحتِه.