الرسالة لأول مرة بإیطالیا.. فیلم یعید فهم الإسلام في زمن الیمین
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
تورینو- "في سابقة هي الأولى من نوعھا، یعرض الفیلم التاریخي ’الرسالة‘، للمخرج السوري مصطفى العقاد، في إیطالیا مترجما إلى الإیطالیة"، ھكذا علق لوكا باتریتسي، المؤرخ المختص في الإسلام، متحدثا قبل عرض الفیلم، المنظم من طرف المتحف الوطني للسینما، ومقره تورینو، بالتعاون مع جامعة تورینو.
كان الجمھور الإیطالي، من فئات مختلفة، على موعد مع النسخة العربیة لفیلم الرسالة (1976)، مرفقة بترجمة إلى الإیطالیة أنجزھا طلبة من جامعة تورینو.
ولأن ھذا الفیلم له خصوصیة تاریخیة من حیث مضمونه ومسار إنتاجه، فقد ارتأى المنظمون -على غیر العادة- تخصیص نقاش مستفیض قبل العرض، للإحاطة بسیرة المخرج وظروف ومراحل تصویر "الرسالة" بین المغرب ولیبیا.
ھكذا تمت تھیئة المشاھد الإیطالي، ووضعه في سیاق وحبكة فیلم دیني عن الإسلام، وإعداده لمشاھدته بقاعة ماسیمو الخاصة بالمتحف الوطني للسینما.
قصة إنتاج فیلم الرسالةیمثل فیلم الرسالة للمخرج مصطفى العقاد (ذي الأصول السورية) المحاولة الأولى لنقل حیاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وتاریخ أصول الإسلام إلى الشاشة الكبیرة، على حد وصف باتریتسي المؤرخ والأستاذ بجامعة تورینو في أثناء تقدیمھ الفیلم.
ونوه المتحدث بنبوغ العقاد، الذي أصبح معروفا في صناعة السینما الھولیودیة، وبشكل مثیر للفضول، بفضل دوره منتجا لسلسلة أفلام الرعب "ھالوین"، وھكذا فإنھ لیس غریبا أن یستحضر فیلم الرسالة أجواء الكلاسیكیات الدینیة، مثل "الوصایا العشر" (1956) والأفلام التي تدور أحداثھا في الصحراء، مثل "لورانس العرب" (1962).
كان الرھان الأكثر جرأة الذي حققه العقاد ھو اعتماده حیلة سینمائیة ذكیة لتجنب التمثیل المباشر للنبي وللشخصیات الرئیسیة في القصة الإسلامیة الأولى، من دون تعارض مع المبادئ الدینیة، حسب شرح باتریتسي.
وتطرق المتحدث نفسه إلى تحد آخر كبیر، واجهه مخرج الرسالة، كان یتمثل في التوفیق بین التیارات المختلفة داخل الإسلام، مما أدى إلى مواجھة مشاكل سیاسیة خطیرة أدت إلى تعلیق التمویل.
أسباب ترجمة الرسالةبعد الانتھاء من مشاھدة فیلم الرسالة، أكد لوكا باتریتسي، الأستاذ المختص في تاریخ الإسلام بجامعة تورینو للدراسات، في حدیث للجزیرة نت عن أسباب وملابسات ترجمة ھذا العمل السینمائي الشھیر، التي ترتبط في ببرنامج تدریس ماستر العلوم الدینیة والوساطة الثقافة، الذي تشرف علیھ كلیة الحقوق.
وأوضح أنه "بالإضافة إلى الدروس، توجد أیضا أنشطة موازیة مھاریة، حیث اقترحنا مع زملاء آخرین تنظیم سلسلة من عروض الأفلام الدینیة، حیث كنت من بین المنظمین ومن بین الأشخاص الذین قدموا أحد ھذه الأفلام. وبما أنني مختص في الإسلام، فھذا ربما ھو الفیلم الأھم والأشھر في السینما الدینیة الإسلامیة".
الفیلم المفقود في الغربویضیف لوكا باتریتسي بعد مشاھدته النسخة العربیة، "أرى أنھا لم تفقد شیئا من جودتھا، بینما النسخة الإنجلیزیة التي مثل فیھا أنتوني كوین قد أصبحت قدیمة بعض الشيء، في حین أن النسخة العربیة لا تزال محتفظة بجودتھا تماما. ومن الناحیة السینمائیة، أجد أنه فیلم مذھل حقا ولم يحصل على التقدير الكافي في تاریخ السینما".
وبیّن المتحدث أن ترجمة الفیلم إلى الإیطالیة مع عرض النسخة العربیة للرسالة كان بتأطیر منه لطلابه بغرض تعلیمي كتمرین "أردنا عرض النسخة العربیة، لأنني اعتقدت أن ھناك بعض الطلاب الذین یدرسون العربیة، سیأتون للتدريب على الاستماع إلى اللغة العربیة المنطوقة في الفیلم".
الرسالة في زمن الیمینوجوابا عن سؤال عرض فیلم الرسالة في زمن حكومة الیمین، إن كان قد لقي تحفظا من جھة ما، قال لوكا باتریتس "إنه مجرد فیلم، لا یمكن أن یكون ھناك أمر ضد عرض الفیلم"، وأشار إلى أن ھذه نقطة إیجابیة.
وفي معرض تعليقه بشأن توقيت عرض الفيلم في ظل مرحلة تشهد "الصراع الثقافي" بين بعض الشعوب والجاليات في الغرب، قال إن "الصراع موجود دائمًا منذ العصور الوسطى وبين مختلف العوالم، فهذه ليست مسألة جديدة. بالطبع، نحن نعيش في زمن أكثر تعقيدا من الناحية السياسية، لكننا نسعى لبناء جسور التواصل بين الثقافات، وهذا هو ما نقوم به بشكل مستمر في الجامعة".
التفاعل الإيطالي مع الفيلممن ناحية أخرى، صرحت كلوديا ماريا تريسو، أستاذة اللغة والأدب العربي في جامعة تورينو، خلال حديثها مع الجزيرة نت بعد مشاهدتها للفيلم، "كنت على علم بوجود هذا الفيلم وأرى أنه من المهم جدا نشره، خاصة باللغة العربية. هناك شخصيات عظيمة ساهمت في إلهام ديانات كبيرة، ومن بينها قصة النبي محمد، وهي للأسف ليست معروفة بشكل كافٍ في إيطاليا. لذلك أعتقد أن الفيلم مثير للاهتمام ويمكن أن يكون مفيدًا لكل من يملك عقلًا منفتحًا ويرغب في التعرف على الآخر. كما يقدم محتوى عميقًا عن جوهر الرسالة الإسلامية".
وشهد عرض الفيلم حضورا طلابيا لافتا، من بينهم الطالب ليوناردو دوفيديو، الذي قال للجزيرة نت: "أعجبني الفيلم كثيرا. شخصيا، بالنسبة لعمل سينمائي مدته 3 ساعات، كنت أظن أنه سيكون ثقيلا، لكنه جذبني بشدة، خاصة مع تعلم بعض الكلمات العربية".
الطالبة إيما جارديني أبدت هي الأخرى إعجابها بالفيلم قائلة: "وجدت الفيلم مثيرا للغاية من حيث الموضوع والجانب اللغوي، كما أشار زميلي ليوناردو. حاولت فهم بعض الكلمات بالعربية بينما كنت أركز على الترجمة. أعتبر هذا العمل السينمائي، رغم طوله، عميقًا ومثيرًا للاهتمام بشكل كبير".
أما أنطونيلا كامبيا، وهي إحدى المواطنات الإيطاليات اللاتي شاهدن الفيلم وأدلين بشهادتهن للجزيرة نت، فقد عبرت عن إعجابها بقولها: "أحببت الفيلم كثيرا، وأرى أنه يتمتع بجودة رائعة، على الرغم من كونه فيلما قديما. بل أعتقد أن قيمته تتضاعف في هذا الوقت التاريخي، إذ يتيح لنا رؤية أصول الإسلام الحقيقي، غير الملوثة بالتشويهات التي حدثت لاحقًا للأسف".
وأضافت أنطونيلا أن مشاهدة الفيلم باللغة الأصلية تُعد فرصة فريدة وأكثر جاذبية مقارنة بالنسخة الإنجليزية. وقالت إن "الفيلم يعيد لنا معنى الإسلام الحقيقي. إنه عمل رائع أيضا من الناحية الجمالية للصور، وهذا أمر معروف، كما أن التأثيرات التي يتيحها تجعله من الأفلام التي تتركك في حالة من الذهول الحقيقي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما النسخة العربیة فیلم الرسالة الفیلم ا فی زمن
إقرأ أيضاً:
ترامب يفاوض إيران عبر الإمارات
16 مارس، 2025
بغداد/المسلة:
ترامب يفاوض إيران عبر الإمارات.. من يُبدّد “الشروط المسبقة”؟
محمد صالح صدقيان
أعادت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى القيادة الإيرانية والتي حملها المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الامارات أنور قرقاش إلى طهران، فتح صفحة جديدة من التفاوض الإيراني الأمريكي بشأن البرنامج النووي الإيراني وبقية القضايا العالقة بين البلدين.
حتى الآن لا توجد معلومات دقيقة عن مضمون الرسالة الأمريكية التي تسلمتها إيران يوم الأربعاء الماضي، لكن المصادر الإيرانية تتحدث عن لغة مختلفة للسلام في منطقة الشرق الأوسط استخدمتها الرسالة وإن كانت هذه المصادر تتحدث عن “شروط مسبقة للحوار” تضمنتها رسالة ترامب!
وتشي الأجواء الإيرانية بالارتياح لما تُسميها طهران “الخطوة الأميركية الأولی” في مسار المفاوضات، وبالتالي قرّرت إيران الرد علی رسالة ترامب “وهذه نقطة ايجابية، لأن أجواء طهران لا تشي بوجود إجماع على الرد والتعامل إيجاباً مع الرسالة الأميركية”، وتعتبر المصادر أن تصريحات المرشد الإيراني الأعلی الإمام علي خامنئي الأخيرة “كافية للرد علی أي رسالة تحمل شروطاً مسبقة، وهو الأمر الذي يُعارضه الإيرانيون الذين يطالبون بمفاوضات من دون شروط مسبقة لتحقيق الأهداف التي يتطلع إليها الجانبان”.
رسالة الرئيس ترامب خضعت للدراسة والبحث من قبل ثلاث لجان تابعة لمجلس الأمن القومي الأعلی؛ الأولی، لجنة خبراء؛ الثانية، لجنة اقتراح مضمون الرد؛ الثالثة، لجنة اتخاذ القرار النهائي قبل رفعه إلى مجلس الأمن القومي الأعلی الذي يرأسه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
وحسب مناخات طهران، ثمة اتجاهان في تقييم رسالة ترامب التي تزامنت مع فرض عقوبات أمريكية جديدة شملت هذه المرة وزير النفظ الإيراني محسن باكنجاد.
الاتجاه الأول يعتبر أن الرسالة الأميركية “تفتقد للجدية كونها تحتوي شروطاً مسبقة للدخول في المفاوضات وتصريحات المرشد الأعلی الأخيرة التي تزامنت مع وصول الرسالة كانت كافية لا بل حدّدت الموقف الإيراني بشكل كامل حيال المفاوضات التي يدعو إليها ترامب”.
أما الاتجاه الثاني فيعتبر أن الرسالة وإن كانت تتضمن شروطاً مسبقة “إلا أنها تضمنت لغة جديدة التزم بها الرئيس ترامب حيال السلام في منطقة الشرق الأوسط”، وتضيف المصادر أن هذه الشروط المسبقة التي تحدثت عنها الرسالة “يُمكن توضيحها في رد إيراني سيتم تضمينه روحية التعاطي الإيجابي مع الرسالة الأميركية وذلك بهدف رمي الكرة في ملعب ترامب، وفي هذه الحالة فإن واشنطن لها الخيار في قبول وجهة النظر الإيرانية أو رفضها”.
ما هي طبيعة “الشروط المسبقة” التي تضمنتها رسالة ترامب؟ تدعو واشنطن الإيرانيين إلى إعادة صياغة علاقاتهم مع حلفائهم في كل من لبنان والعراق واليمن، وهذه الدول (مع سوريا التي سقط نظامها السابق) تعتبرها طهران جزءاً من جبهة مواجهة موحدة مع الكيان الإسرائيلي؛ وجرت العادة أن يُردّد الإيرانيون أنهم رسموا خطوطاً حمراء للتعامل مع حلفائهم، بحيث لا أحد يُصادّر قرارهم أو يتحدث أحد بالنيابة عنهم أو يفاوض باسمهم، وهذا الأمر لمسه القريب والبعيد في التعامل الإيراني مع العديد من الملفات في المرحلة السابقة.
هذا الموقف المبدئي لا يمنع من القول إن طهران لم تحدد آلية واضحة حتى الآن في التعامل مع الشروط الأمريكية، فضلاً عن عدم وجود معلومات دقيقة حول المضمون النهائي للرد الإيراني لكن الأكيد أن طهران قرّرت الرد وإن كان المرشد قد صرّح أن ترامب لا يريد حل المسألة الإيرانية بقدر ما هو يريد تشديد العقوبات عليها.
وفي مسار مواز، احتضن قصر “دياويوتاي” غرب العاصمة الصينية بكين، اجتماعاً ثلاثياً صينياً إيرانياً روسياً علی مستوی معاوني وزراء خارجية الدول الثلاث وهم الروسي سيرغي ريابكوف؛ الصيني ما تشاو شو؛ الإيراني كاظم غريب آبادي، وذلك بهدف اتخاذ موقف موحد حيال العقوبات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة علی إيران. نتائج الاجتماع الذي عقد أمس الأول (الجمعة) في بكين، “كانت مهمة جداً لإيران خصوصاً ما يتعلق بإدانة العقوبات الأمريكية والمطالبة برفعها؛ والتأكيد علی القرار الأممي رقم 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي؛ ودعم حق إيران بامتلاك الدورة الكاملة للتقنية النووية في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي الموقعة من قبل إيران.
هذا الموقف الثلاثي هدفه إقامة حائط صد بوجه موقف دول الترويكا الأوروبية التي دعت مجلس الأمن الدولي لمناقشة البرنامج النووي الإيراني في جلسة عقدت الخميس الفائت، برغم معارضة إيران التي انتقدت قرار عقد الجلسة واعتبرته “سابقة في تاريخ مجلس الأمن”..
واللافت للإنتباه أن كل هذه التطورات في الملف الإيراني حدثت خلال الأسبوع المنصرم، ما يؤشر علی حراك إيراني وإقليمي ودولي يتصل بإدارة المرحلة الانتقالية المقبلة مع الأخذ في الاعتبار الأحداث التي شهدتها ساحات كل من لبنان وفلسطين وسوريا.
تبقی الإشارة إلى أن تطوع دولة الإمارات للعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران وضعه مصدر إماراتي رفيع المستوی في “في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين ووقوف الإمارات بجانب إيران الجارة؛ والعمل معاً علی التهدئة وتجاوز المرحلة الصعبة جداً علی الجميع”.
ويبدو أن الخيار وقع علی دولة الإمارات بعدما تطوّعت عدد من الدول للدخول علی خط الوساطة مثل روسيا والسعودية وقطر والمنصة التقليدية لهذا العمل سلطنة عُمان. وهذا ما دفع دولة الإمارات إلی اختيار أنور قرقاش الذي يُمثّل رئيس الدولة محمد بن زايد لنقل رسالة ترامب. ومن المتوقع أن يقوم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بحمل الرسالة الأخيرة للقيادة الإيرانية، إذا نجح الجانبان في تحريك المياه الراكدة بينهما، وذلك بما يُهيء الأرضية لاستئناف المفاوضات بين طهران وواشنطن في حال تطور مسار تبادل الرسائل بشكل ايجابي ولا سيما إذا نجح ترامب في ترميم حاجز عدم الثقة الكبير الموجود حالياً بينه وبين القيادة الإيرانية علی خلفية انسحابه من الاتفاق النووي في العام 2015 وفرض المزيد من العقوبات علی إيران كان آخرها في الأسبوع الماضي.
وحسب المصادر الإيرانية، “يجب أن يُدرك ترامب أن القيادة الإيرانية ليست الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي ولا أي رئيس أو زعيم آخر؛ إنها تختلف في المضمون وفي الشكل وفي التاريخ وفي الجغرافية؛ وما يستخدمه الرئيس ترامب من سلوك مع الآخرين لا يمكنه استخدامه مع القيادة الإيرانية. فلكل مقام مقال ولكل حادث حديث؛ والحكيم الذي ينجح في وضع الشيء في محله”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts