قدمت الكاتبة الإسرائيلية ميراف باتيتو، في صحيفة يديعوت أحرونوت، مقارنة لافتة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، متسائلة عن تداعيات تحالفهما السياسي وأثره المحتمل على إسرائيل ومستقبل الديمقراطية.

ووصفت الكاتبة الإسرائيلية نتنياهو وترامب بـ"المفترسَين الفائقَين" اللذين يتقنان فن تدمير المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الانقسامات في مجتمعاتهما، وربطت بين أساليبهما في استغلال السلطة وإثارة النزاعات لتعزيز سيطرتهما.

وبدأت باتيتو مقالها بملاحظة أن نتنياهو وترامب "على وشك مشاركة طاولة يُناقش حولها مصيرنا نحن الإسرائيليين". وأشارت إلى أنه إذا تمكن ترامب، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، من ثني نتنياهو عن "ميله للحرب إلى أجل غير مسمى"، فقد يتحقق للإسرائيليين بعض الاستقرار والسلام في ظل التحالف الجديد.

لكنها حذرت من العواقب المترتبة على سياسات الرجلين، واصفة إياهما بأنهما "زعيمان يتبنيان الأيديولوجيا الشعبوية نفسها، التي تتيح لهما تحريك الجماهير بطريقة تشجع على التعصب والانقسام".

وقالت باتيتو إن "ائتلاف نتنياهو أزال الشكوك حول العلاقة بين حدثين غير مسبوقين وقعا في كلا الركنين من العالم"، مضيفة أنه أصبح من الواضح أن إزاحة الديمقراطيين عن السلطة ليست مجرد هدف سياسي بل "صفقة مربحة"، خصوصا عندما "تكون بلطجيا سياسيا، مليئا بالغطرسة، ولديك سجلات جنائية، ويتعرض مكتبك لاتهامات بفضائح أمنية خطيرة في زمن الحرب" في إشارة منها إلى نتنياهو.

وأوضحت الكاتبة أن لدى نتنياهو وترامب أسلوبا مشتركا في مواجهة خصومهما السياسيين، فهما لا يتورعان عن استخدام أي وسيلة لتحقيق النصر، حتى وإن كانت على حساب الديمقراطية.

تراجع القيم الديمقراطية

وعلى الجانب الأميركي، ترى الكاتبة أن ترامب شخصية تعبر عن تراجع القيم الديمقراطية، إذ استطاع "تشجيع مجرميه على صعود الكابيتول هيل (مقر الكونغرس الأميركي)، وهو ما يمثل -حسب رأيها- تجسيدا واضحا "للمشاهد المروعة لتدمير الديمقراطية".

وأشارت باتيتو كذلك إلى الاتهامات المتكررة لترامب، بدءا من الاعتداءات الجنسية وصولا إلى تصريحه الشهير بأنه "حتى لو أطلق النار على شخص ما في الجادة الخامسة، فسيظلون يصوتون لي". وترى الكاتبة أن هذا السلوك الاستبدادي كان الأساس الذي دفعه للإعلان عن رفضه المحتمل لقبول نتائج الانتخابات إذا خسر، مما يعكس نفسية الزعيم الذي لا يقبل بالهزيمة مهما كلف الأمر.

في المقابل، سلطت باتيتو الضوء على الوضع في إسرائيل واعتبرت أن نتنياهو، مثل نظيره الأميركي، يتبع أسلوبا مشابها في قمع المعارضة وتعزيز الصراع الداخلي. ففي خضم الحرب، تقول باتيتو، "تم إلقاء الوزير الأكثر فعالية وضميرا في الحكومة، يوآف غالانت، على يد الرجل المتهم"، وأشارت إلى أن شركاء نتنياهو يخضعون للتحقيق بتهم تتعلق بـ"تسريب معلومات سرية"، وأن رئيس الوزراء نفسه "لا يخفي ولعه بحرب مستمرة من دون أهداف مثل إعادة الرهائن".

ثم تعود الكاتبة لتؤكد أن "الأشرار قد فازوا بهذه اللعبة"، وكيف أن تحالف اليمين الإسرائيلي لا يتردد في الاحتفال بمكاسبه السياسية، حتى وسط معاناة الإسرائيليين بسبب النزاعات الداخلية والخارجية.

وانتقدت بشدة الاحتفاء المفتوح من قبل حلفاء نتنياهو بالنجاحات السياسية لترامب، رغم ما يحدث في إسرائيل من تحديات، مشيرة إلى أنه "في اليوم التالي، بينما كنا نركض إلى الملاجئ ونحصي الاعتراضات في السماء، افتتح تحالف الأشخاص المحرجين كشكا لتوزيع تذكارات من يوم ترامب الكبير"!

تحالف ترامب ونتنياهو

وشددت الكاتبة الإسرائيلية على أن هذا التحالف بين اليمين الإسرائيلي واليمين الأميركي قد يأتي بتداعيات سلبية على المنطقة. فبينما يزداد التوتر في قطاع غزة وشمال إسرائيل، ويتعرض "الجنود الإسرائيليون للمخاطر"، تواصل القيادة السياسية الإسرائيلية احتفالاتها بالانتصارات المتحققة في أماكن أخرى، وهو ما تعتبره الكاتبة انفصالا عن الواقع.

وحذرت باتيتو من أن التحالف بين ترامب ونتنياهو يمثل خطرا على إسرائيل والديمقراطية، مشيرة إلى أن ترامب ونتنياهو على وشك مشاركة طاولة يُناقش حولها مصير الإسرائيليين.

لكنها في الوقت ذاته لفتت إلى أن ترامب، الذي لا يتوانى عن إهانة نتنياهو علنا عند الحاجة، لا يزال حليفا مهما له، ويمكن أن يكون هذا التحالف بينهما مدمرا إذا لم تتم مواجهته بحزم من القوى الديمقراطية.

واختتمت الكاتبة مقالها بتأكيدها أن هذه "السياسات الاستبدادية" التي يتبعها ترامب ونتنياهو تمثل تهديدا لاستقرار المنطقة وللديمقراطية، وأنه يجب على الإسرائيليين التفكير جيدا قبل الانخراط في هذا "التحالف المشبوه"، وعدم الانجرار خلف زعماء لا يترددون في التضحية بالقيم الديمقراطية من أجل طموحاتهم السياسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترامب ونتنیاهو إلى أن

إقرأ أيضاً:

توماس فريدمان: ترامب ونتنياهو يدفعان نحو عالم فظيع

يرى الكاتب الأميركي توماس فريدمان أن الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كليهما يريدان أن يكونا مستبدين، ويعملان على تقويض سيادة القانون وما يسمى بالنخب في بلديهما، ويسعيان إلى القضاء على ما يسميه كل منهما "الدولة العميقة".

وكتب في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز أن المشاعر التي انتابته عندما رأى صورة ترامب ونتنياهو في المكتب البيضاوي يوم الاثنين، كانت مزيجا من الاشمئزاز والاكتئاب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: الألغام والذخائر غير المنفجرة كابوس المدنيين في سورياlist 2 of 2تايمز: إيران تتحدى ترامب وتسلح قواتها في العراق قبيل المفاوضاتend of list

والمقال في مجمله ينضح بنقد لاذع للرئيس الأميركي وضيفه الإسرائيلي. ويعتقد فريدمان أن كليهما يقود بلده بعيدا عن طموحها لأن تكون نبراسا للأمم، "نحو قومية عرقية ضيقة متوحشة".

وأشار إلى أن الرجلين يتعاملان مع مناوئيهم السياسيين على أنهم أعداء من الداخل، وليسوا معارضة شرعية، وأن كلاً منهما عيّن أشخاصا غير أكفاء في حكومته.

وأضاف أنهما يغضان الطرف عن حلفائهما التقليديين الديمقراطيين، ويؤمن كل منهما بأن ضم مزيد من الأراضي حق إلهي "من خليج أميركا إلى غرينلاند"، في حالة ترامب، و"من الضفة الغربية إلى غزة"، في حالة نتنياهو.

ولفت إلى أن الإعلامي والمؤلف الأميركي فريد زكريا كان قد نشر في عام 2008 مؤلفا بعنوان "عالم ما بعد أميركا" يستشرف فيه المستقبل، متوقعا أن تتقلص الهيمنة النسبية للولايات المتحدة على العالم مع وصول حقبة الحرب الباردة إلى نهايتها.

إعلان

واستلهم فريدمان من كتاب زكريا أن ترامب ونتنياهو يعكفان، كل في بلده، على استحداث "عالم ما بعد أميركا" و"ما بعد إسرائيل". وأوضح أنه يعني بعبارة "ما بعد أميركا" الولايات المتحدة التي تتخلى عمدا، وفي أفضل أيامها، عن هويتها الأساسية كدولة ملتزمة بسيادة القانون في الداخل وتحسين أوضاع البشرية جمعاء في الخارج.

وتابع أنه يقصد بـ"ما بعد إسرائيل" إسرائيل التي تتخلى عمدا عن هويتها الأساسية "كدولة ديمقراطية قائمة على سيادة القانون في منطقة يحكمها طغاة".

وفي أسلوب أدبي، واصل فريدمان حديثه قائلا إن أميركا كانت منارة أخلاقية وسياسية، مثل "مدينة شامخة مبنية على صخور أقوى من المحيطات، تعصف بها الرياح، ويباركها الله، وتعج بالناس من جميع المشارب يعيشون في أرجائها في وئام وسلام؛ مدينة ذات موانئ حرة تضج بالتجارة والإبداع. وإذا كان لا بد من وجود أسوار للمدينة، فللأسوار أبواب، والأبواب مفتوحة لكل من لديه الإرادة والقلب للوصول إلى هنا".

لكنه يعود مستدركا أن ترامب ونائبه جيه دي فانس يريدان تحويلها إلى دولة تعامل حلفاءها من البلدان الديمقراطية بازدراء، ولا تكترث على الإطلاق بالحفاظ على قوتها الناعمة التي يحتقرانها رغم أنها "الميزة الوحيدة التي لطالما تفوقت بها على روسيا والصين".

وفي مقارنة لافتة، أشار الكاتب إلى أن ترامب أطاح بمدير مكتب التحقيقات الفدرالي بحجة عدم إبداء الولاء الكافي له، في حين بدا أن نتنياهو على وشك أن يفعل الشيء نفسه مع رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك)، رونين بار الذي يحقق مع بعض كبار مساعدي رئيس الوزراء.

وأسف فريدمان لاستغلال كلا الزعيمين للانقسامات واستخدامهما لمعاداة السامية لخدمة أجنداتهما السياسية، مما يُهدد بتقويض نسيج المجتمع، وأكد الكاتب أهمية مقاومة هذه التوجهات، مُقارنًا النضال لمنع تدهور هذه الدول بالنضال الحاسم من أجل الديمقراطية والحرية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • محللون: الضغط الأميركي سيجبر نتنياهو على إنهاء الحرب
  • نتنياهو يهدد بـفصل العسكريين المطالبين بوقف الحرب واستعادة الأسرى
  • تحالف الأحزاب يعرب عن تمسكه بنظام القائمة المغلقة.. ويشكل لجنة لإدارة العملية الانتخابية
  • عاجل | يديعوت أحرونوت: المبعوث الأمريكي ويتكوف يقول لعائلات رهائن بغزة إنه يجري بلورة صفقة جدية وإن الأمر مسألة أيام
  • يديعوت أحرونوت: ترامب يمنح نتنياهو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لإنهاء العدوان على غزة
  • يديعوت أحرونوت: ترامب قد يطلب من نتنياهو إنهاء الحرب بغزة قريبا
  • ترامب ونتنياهو يمضيان بنا إلى عالم قبيح
  • زعيم حزب شاس يهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو.. لهذا السبب
  • بلبلة في برجا.. تحالف انتخابيّ رباعيّ يفتح حرب تواطؤ
  • توماس فريدمان: ترامب ونتنياهو يدفعان نحو عالم فظيع