مرة أخرى فشلت استطلاعات الرأي في التنبؤ بنتائج انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة بعد الفوز اللافت الذي حققه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الثلاثاء، على حساب منافسته الديموقراطية كامالا هاريس.

حتى يوم الاقتراع، كانت الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي تتحدث عن منافسة متقاربة للغاية، وبعضها منح الأفضلية لهاريس في العديد من الولايات المتأرجحة في تكرار لسيناريو عام 2016 عندما توقع الجميع فوز مرشحة الحزب الديموقراطي في حينه هيلاري كلينتون على حساب ترامب.

جاءت نتائج، الثلاثاء، مخالفة لجميع التوقعات، ليس على مستوى الرئاسة فحسب، حيث انتزع ترامب أفضلية صريحة في أصوات المجمع الانتخابي والاقتراع الشعبي، بل كذلك على مستوى انتخابات الكونغرس بشقيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

حصد ترامب ما لا يقل عن خمس ولايات متأرجحة ليتجاوز عدد أصوات المجمع الانتخابي البالغ 270 اللازمة للفوز بالرئاسة. ويتجه على ما يبدو إلى الفوز في ولايتي أريزونا ونيفادا المتبقيتين حيث لا تزال عملية إحصاء الأصوات جارية.

على سبيل المثال، في ولاية نورث كارولاينا المتأرجحة، توقعت الاستطلاعات فوز ترامب بفارق ضئيل يصل لـ1.3 نقطة، لكنها تجاوز هذا التوقع بثلاث نقاط.

وفي بنسلفانيا، أظهرت الاستطلاعات أنه متقدم بفارق 0.2 نقطة فقط، لكن فاز بفارق يقارب النقطتين مع فرز 98 في المئة من الأصوات.

وفي ويسكونسن وميشيغان، كانت التوقعات تشير إلى خسارة ترامب أمام هاريس، لكنه خالف كل التوقعات وفاز بكليتهما، وكذلك يتجه للفوز بنيفيادا وأريزونا.

ذهبت بعض الاستطلاعات أبعد من ذلك عندما أظهرت تقدم هاريس في ولاية آيوا، التي عادة ما تصوت للجمهوريين، بفارق أربع نقاط، لكن ترامب فاز في النهاية بفارق يصل لنحو 20 نقطة.

تسببت هذه النتائج في حرج كبير لمنظمي استطلاعات الرأي والمراقبين الذين توقعوا فوز هاريس وسط تساؤلات بشأن مدى الموثوقية التي ستتحلى بها هذه المؤسسات مستقبلا.

يشرح أستاذ العلوم السياسية في بوسطن كوليدج بيتر سكيري أسباب هذا التباين الكبير بين استطلاعات الرأي والنتائج على الأرض، حيث يشير إلى أن جزءا كبيرا منها يعود لوجود عدد كبير من الأشخاص الساخطين في الولايات المتحدة على الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد.

يقول سكيري، وهو أيضا زميل في معهد بروكنغز للأبحاث، إن هؤلاء الأشخاص "عادة ما يرفضون المشاركة في استطلاعات الرأي عندما يجري الاتصال بهم من قبل مستطلعي الآراء، لأنهم لايثقون بالنخب وينظرون لهم بعين الشك".

يرفض سكيري فكرة أن الاستطلاعات كانت خاطئة فقط عندما يتعلق الأمر بترامب، إذ يرى أنها واجهت مشاكل متزايدة على مر السنين بسبب رفض الناس للإجابة وعدم الرد على الهواتف أو إغلاق الخط في وجه المستطلعين.

ويبين سكيري أن "الناس أصبحوا أكثر حذرا بشأن خصوصايتهم، بالإضافة إلى موضوع انعدام الثقة".

قبيل انتخابات عام 2016 كانت معظم الترجيحات، إن لم تكن جميعها تتحدث عن فوز مريح لهيلاري كلينتون، لكن ترامب فاجأ الجميع وقتها، وفاز بمقعد البيت الأبيض.

كانت العديد من استطلاعات الرأي غير دقيقة خلال الانتخابات في الأعوام الأخيرة، وهي إما بالغت في إظهار قوة الديمقراطيين، في السباقين الرئاسيين لعامي 2016 و2020، أو في تضخيم قوة الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس، عام 2022.

على سبيل المثال، في يوم الانتخابات عام 2016، خلص استطلاع أجراه موقع هافينغتون بوست إلى أن كلينتون لديها فرصة 98 في المئة للفوز على ترامب، لكن ترامب فاز في النهاية.

ورغم أن معظم الاستطلاعات طوال دورة انتخابات 2020 تنبأت بشكل صحيح بفوز جو بايدن على ترامب، كانت هذه الاستطلاعات "هي الأقل دقة منذ 40 عاما"، وفقا للجمعية الأميركية لأبحاث الرأي العام.

يقول جيمس جونسون، المؤسس المشارك لشركة استطلاعات الرأي "JL Partners"، وهي واحدة من القلائل الذين توقعوا بفوز ترامب في الاقتراع الشعبي، إن الكثير من مؤسسات الاستطلاع وقعت في نفس الأخطاء التي حصلت في عام 2016.

ويضيف جونسون لمجلة "نيوزويك" أن هذه المؤسسات استهانت بأصوات ناخبي ترامب الذين عادة لا يحبذون الانخراط في السياسة والأهم من ذلك أنهم يكونون منشغلين بوظائفهم ولا يرغبون ببالتحدث لمنظمي الاستطلاعات لنحو 20 دقيقة عبر الهاتف".

ويتابع جونسون أن "هؤلاء الأشخاص عادة ما يعملون في وظائف عادية جدا أو، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الناخبين من أصل إسباني، يعملون في وظيفتين أو ثلاث وظائف في وقت واحد، وبالتالي ليس لديهم الوقت الكافي للحديث".
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: استطلاعات الرأی عام 2016

إقرأ أيضاً:

لماذا يهتم فانس وترامب بمسيحيي وأقليات سوريا؟

واشنطن ـ فاجأت تصريحات جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول أوضاع مسيحيي سوريا والخوف على مصيرهم في ظل التغيرات الواسعة التي تشهدها البلاد، الخبراء الأميركيين الذين شككوا في اكتراث إدارة ترامب بالشأن السوري الذي لم يلق اهتماما من البيت الأبيض منذ البداية الثانية لحكم ترامب.

قال فانس لشبكة فوكس الإخبارية إن الأحداث الأخيرة في سوريا تبدو سيئة للغاية، مشيرا إلى أن بلاده تحاول تحديد مدى سوء ذلك بالضبط، "سواء كان حادثا معزولا أو ما إذا كنا نتحدث عن إبادة جماعية"، مؤكدا أن "هناك الكثير مما يمكننا فعله دبلوماسيا واقتصاديا لحماية بعض هذه المجتمعات"، وأن بلاده لا تريد "رؤية مجتمع مسيحي آخر يمحى عن وجه الأرض".

وكانت إدارة ترامب قد أدانت قيام من وصفتهم بالإرهابيين الإسلاميين، بمن فيهم جهاديون أجانب، بعمليات قتل في الغرب السوري، وأعلنت وقوفها إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية.

سوريا تعود لدائرة اهتمام واشنطن

بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أرسلت إدارة الرئيس السابق جو بايدن وفدا دبلوماسيا لمقابلة حكام سوريا الجدد للتعرف على طبيعة النظام الجديد، ولم تواصل إدارة ترامب النهج نفسه، وركزت على قضايا أخرى على رأسها العدوان على غزة وحرب أوكرانيا.

إعلان

وفي حوار مع الجزيرة نت، قال البروفيسور ستيفن هايدمان، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة سميث بولاية ماساشوستس الأميركية والخبير غير المقيم بمركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز بواشنطن، "حتى الآن، كان نهج إدارة ترامب هو الحفاظ على سياسات إدارة بايدن، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت ستستمر في القيام بذلك".

ويضيف أن فريق الأمن القومي التابع لترامب يركز على قضايا أخرى في الوقت الحالي ولا يزال يقيم سياسته تجاه سوريا، بالإضافة إلى ذلك، لم يتم بعد شغل المناصب العليا في إدارة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، ونتيجة لذلك استمرت السياسة السابقة في هذه الأشهر الأولى من الإدارة.

ومن جانبه، قال أول مبعوث أميركي لسوريا بعد الثورة عام 2011 السفير فريدريك هوف للجزيرة نت إنه "لا وجود لتمثيل دبلوماسي أميركي على الأرض في سوريا منذ بداية إدارة ترامب، وبدون هذا الوجود من الصعب التأثير على تصرفات القادة السوريين الجدد. وقد يعكس هذا ميل إدارة ترامب للسماح لقوى أخرى -وخاصة إسرائيل وتركيا- بأخذ زمام المبادرة في التعامل مع سوريا ما بعد الأسد".

في حين اعتبر هايدمان أنه "على الرغم من الوعد بسحب القوات الأميركية من سوريا، فإن ترامب لم يفعل ذلك حتى الآن، ومع أن هذه الخطوة لا تزال مرجحة، فإن البيت الأبيض في عهد ترامب لم يتخذ أي خطوات إضافية فيما يتعلق بتخفيف العقوبات، كما أنه لم يعالج مسألة التصنيفات الإرهابية".

فانس والمسيحيون السوريون

وقال بعض الخبراء الأميركيين إن الإعلان الدستوري السوري المؤقت الجديد يركز السلطة في يد الرئيس المؤقت أحمد الشرع، ولا يتضمن حماية كافية للأقليات، ويعتري واشنطن بعض القلق على حليفها الكردي في شمالي شرقي سوريا، وعلى الأقليات المسيحية كذاك.

وفي بيان صدر عن وزارة الخارجية الأميركية، رحبت إدارة ترامب بالاتفاق الذي أعلن عنه مؤخرا بين السلطات السورية المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية لدمج شمالي شرقي البلاد ضمن سوريا الموحدة، وعبر البيان عن تأكيد واشنطن "دعمها لعملية انتقال سياسي تبين أن الحكم الموثوق وغير الطائفي هو أفضل سبيل لتجنب المزيد من الصراعات".

إعلان

في حين اعتبر ستيفن هايدمان في حديثه أن "تصريحات جي دي فانس نائب الرئيس عن المسيحيين والأقليات الأخرى في سوريا ما هو إلا تعبير عن مخاوفه بشأن مصير المسيحيين هناك، ويلعب فانس على القاعدة الشعبية الجمهورية، وهي إنجيلية بشدة، وتاريخيا استخدمت القوى الإمبريالية حماية الأقليات الطائفية على نطاق واسع في الماضي مبررا للتدخل في الشرق الأوسط".

واستبعد هايدمان أي تدخل آخر من قبل الولايات المتحدة في سوريا لكن يمكن استخدام لغة فانس لتبرير الإبقاء على تصنيفات إرهابية لهيئة تحرير الشام والشخصيات الرئيسية في الحكومة المؤقتة.

من جانبه، أشار السفير هوف إلى أنه "لا شك أن فانس نائب الرئيس صادق في اهتمامه بمصير المسيحيين السوريين والأقليات الأخرى، ولا شك أنه يريد من سلطات دمشق ممارسة سيطرة كبرى على الجماعات المسلحة التي تبدو مكرسة للانتقام".

مستقبل القوات الأميركية في سوريا

وعن مستقبل بقاء أكثر من ألفي جندي أميركي داخل قواعد عسكرية في الأراضي السورية، قال الخبير هايدمان إن "ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية مرارا وتكرارا بأن انسحاب القوات الأميركية من سوريا سيكون أولوية قصوى، ولم ينفذ ترامب هذا الوعد حتى الآن، لكن مصير وجود القوات الأميركية لا يزال غير مؤكد".

وأشار هايدمان إلى أنه على ما يبدو "أن الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة المؤقتة يجعل الانسحاب أكثر احتمالا، إلا أن العراق يطلب من الولايات المتحدة تأجيل انسحاب القوات الأميركية حيث من المتوقع أن يستغل تنظيم الدولة الإسلامية الظروف الحالية لتصعيد عملياته في حال انسحاب القوات الأميركية".

واعتبر هوف أنه "من المرجح أن يخضع أي سحب القوات الأميركية لقرار إدارة ترامب بأن الحرب على تنظيم الدولة يمكن شنها بشكل فعال دون وجود جنود ومشاة البحرية الأميركيين على الأرض داخل سوريا".

مقالات مشابهة

  • لماذا ذهب نتنياهو مجددا للحرب؟ وما مصير مفاوضات الدوحة؟
  • حبارات: الوضع الاقتصادي لليبيا يقف على حافة الانهيار
  • الحوثيون يستهدفون حاملة الطائرات ترومان مجددا وزعيم الجماعة يتوعد بردود أكثر إيلاما
  • لماذا يهتم فانس وترامب بمسيحيي وأقليات سوريا؟
  • استطلاعات: ترامب يتقدم والديمقراطيون في تراجع تاريخي
  • ترامب ..ثور الرأسمالية الهائج..!!
  • رئيس المركز الأوروبي لقياس الرأي: الضربات الأمريكية رسالة سياسية قوية لطهران
  • لقاء بوهلر مع حماس يقرع أجراس الإنذار في تل أبيب.. لماذا؟
  • لماذا فشلت خطة ترامب؟
  • بعد الضربات الأميركية.. الحوثيون يكشفون حجم خسائرهم