واشنطن"د. ب. ا": يرى الكاتب جاكوب هيلبرون، رئيس تحرير مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أنه بعد فوز دونالد ترامب امس على كامالا هاريس، يمكن تشبيهه بجروفر كليفلاند، أول ديمقراطي يتم انتخابه بعد الحرب الأهلية والذي فاز بفترتين رئاسيتين غير متتاليتين، عامي"1884 - 1892 "ومع ذلك، يمكن أيضا تشبيه ترامب برئيس آخر، هو رونالد ريجان.

وعندما فاز ريجان عام 1980 على جيمي كارتر، أصيبت النخب الليبرالية بحالة من الذهول، فقد دخل ريجان واشنطن حاملا وعدا بقلب الديمقراطية واستعادة العظمة الأمريكية بعد فترة رئاسة كارتر الكئيبة، في رأيه. وكان ذلك يمثل رعدا بالنسبة لليمين.

ويضيف هيلبرون، وهو باحث بارز غير مقيم في مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي في تحليل نشرته المجلة، إن أوجه الشبه بين ترامب وريجان تنتهي عند هذا الحد، فقد أعاد ترامب صياغة صورة الحركة المحافظة وفقا لصورته القوية من خلال الابتعاد عن حقائق حقبة ريجان، وانتهت المؤسسة الجمهورية القديمة، ليحل محلها الشعبويون الشباب.

وفي ظل تواجد جي دي فانس نائبا للرئيس، من المرجح أن يستعين ترامب في إدارته بجيل جديد من المحافظين القادرين على تنفيذ وعوده بالإطاحة بالدولة العميقة في الداخل والتخندق في الخارج.

وشباب هذا الجيل لديهم خطة ورؤية. فعلى سبيل المثال، دعا الباحث الأمريكي سومانترا ميترا في مقال بمجلة فورين أفيرز، إلى"حلف ناتو خامد"، حيث تقوم أمريكا بسحب قواتها البرية من أوروبا من أجل أن يصبح عبء الدفاع عن القارة بعيدا عن واشنطن لكي تتولى حكومات المنطقة مسؤولية الدفاع عن نفسها.

وأكد البريدج كولبي، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع خلال ولاية ترامب الأولى، عقيدة ترامب التي تتمثل في التحول من التركيز على أوروبا إلى مواجهة مساعي الصين لفرض سيادتها على بحر الصين الحنوبي.

وبالنسبة لترامب نفسه، تمثل فترة الرئاسة الثانية فرصة لتحقيق حلمه القديم، الذي يتمثل في إنهاء تحالفات أمريكا. ولن تكون هناك سوى أصوات قليلة في مجلس الشيوخ يمكن أن تعارضه.

ومن الأمور التي تعزز قوة ترامب، حقيقة أنه تخلى عن فكرة آلة الحرب أثناء الحملة الانتخابية، التي لم يهتم خلالها أيضا بمحترفي الحزب المخضرمين الذين طالبوه بكتم تصريحاته الحادة، واعتمد على لجان العمل السياسي الخارجية لحشد مؤيديه. وسوف يكون لإيلون ماسك الذي دعم حملة ترامب بسخاء دور بارز في الإدارة الجديدة.

ويقول هيلبرون إن هناك جدلا حول أسباب خسارة كامالا هاريس. وأحد التفسيرات لذلك هو أن ترامب لم يفز بقدر ما خسرت هاريس. وذكر الكاتب جوناثان تشيت أن "الجمهور الأمريكي لم يحتضن ترامب. فقد أبدت الكتلة الحاسمة من الناخبين شكوكا عميقة حول شخصية ترامب وخطابه". ويؤكد شيت أن "ترامب لم يفز بجعل الناس يحبونه أو حتى يقبلونه، بل فاز لأن الناخبين رفضوا إدارة بايدن-هاريس." ويوضح هيلبرون أن هذا من شأنه أن يقلل من شأن الجاذبية المغناطيسية التي يبدو أن ترامب يمارسها بالنسبة لاتباعه ومؤيديه.

ومن ناحية أخرى، وصف دانيال مكارثي في صحيفة نيويورك تايمز انتخاب ترامب بأنه "تصويت عام على عدم الثقة في القادة والمؤسسات التي شكلت الحياة الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة قبل 35 عاما".

ويرى هيلبرون أن هذا حكم سلبي بحت، وأن السؤال المطروح بالنسبة لترامب، كما يقر مكارثي، هو ما إذا كان بإمكانه تحقيق ما هو أكثر من الدمار في واشنطن. وأعلن ترامب في خطابه في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا أنه سيدشن "عصرا ذهبيا جديدا لأمريكا." في هذه الاثناء، تعهّدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس امس انتقالا سلميا للسلطة إلى دونالد ترامب بعد الفوز الكبير الذي حقّقه المرشّح الجمهوري في السباق إلى البيت الأبيض والذي أحدث صدمة في الولايات المتحدة وسائر أنحاء العالم.

وقالت المرشحة الديموقراطية في خطاب الإقرار بالهزيمة "يجب علينا أن نتقبّل نتائج هذه الانتخابات. في وقت سابق اليوم، تحدّثت إلى الرئيس المنتخب ترامب وهنّأته بفوزه".

وأضافت في الخطاب الذي ألقته أمام حشد من أنصارها في جامعة هوارد التي تخرجت منها بواشنطن "لقد أبلغته أيضا أنّنا سنساعده وفريقه في المرحلة الانتقالية، وأنّنا سنشارك في انتقال سلمي للسلطة".

وارتدت عودة الملياردير الجمهوري البالغ 78 عاما إلى السلطة طابعا استثنائيا لأنّ حملته الانتخابية الثالثة تخللتها محاولتا اغتيال وأربع لوائح اتهام وإدانة جنائية.

وحقق ترامب انتصارا واضحا وكاسحا، إذ فاز في الولايات المتأرجحة من جورجيا إلى بنسلفانيا مرورا بويسكونسن ليقضي بذلك على آمال هاريس، قبل أن تعطيه ميشيغان، معقل الديموقراطيين السابق، الدفع النهائي.

من جهته، أشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن امس بنائبته كامالا هاريس عقب خسارتها في الانتخابات الرئاسية أمام الجمهوري دونالد ترامب.

وقال بايدن في بيان: "ستظل (هاريس) قائدة يتطلع إليها أبنائنا لأجيال قادمة وهي تضع بصمتها على مستقبل أمريكا".

وأضاف بايدن أن هاريس، التي حلت محل بايدن على رأس قائمة الحزب الديمقراطي في يوليو الماضي "كانت شريكا رائعا وموظفة عامة مفعمة بالنزاهة والشجاعة والشخصية".

وتابع: "في ظل ظروف استثنائية، تقدمت وقادت حملة تاريخية جسدت ما هو ممكن عندما تسترشد ببوصلة أخلاقية قوية ورؤية واضحة لأمة أكثر حرية وعدالة ومليئة بالمزيد من الفرص لجميع الأمريكيين".

وأضاف أن اختيار هاريس لمنصب نائب الرئيس كان أفضل قرار اتخذه بايدن.

وفي السياق ايضا، وبعد انتخاب الأمريكيين للرئيس السابق دونالد ترامب لفترة حكم ثانية تفصلها 4 سنوات عن الفترة الأولى، ستتسابق دول العالم على إعادة رسم علاقاتها معه وحساب الآثار المحتملة لوصوله إلى البيت الأبيض على أوضاعها وقضاياها الحيوية.

وفي تحليل نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) نقلت برونوين مادوكس الرئيس التنفيذي للمعهد عن مسؤول ياباني القول "إننا في العالم تعلمنا التعامل مع الرؤساء الأمريكيين الجدد كما نتعامل مع هدية عيد الميلاد، نفتحها ونقول هذه بالضبط هي ما كنا نريدها أيا كانت الهدية".

لكن الأمر قد يكون أكثر تعقيدا مع الرئيس المنتخب ترامب. ففي حين تبتهج روسيا وإسرائيل بفوزه، فإن الدول الأوروبية وبخاصة بريطانيا وحلفاء واشنطن في المحيطين الهادئ والهندي يواجهون موقفا أشد تعقيدا. وهذه الدول تحاول بلورة ردها في ضوء تصريحات ترامب، مع العلم بأن صعوبة التنبؤ بقراراته وتناقض مواقفه كانا من أهم سمات فترة رئاسته السابقة وربما تكون أيضا في فترة رئاسته الثانية.

والحقيقة أن أغلب دول العالم تترقب سياسات ترامب تجاه مجموعة كبيرة من الملفات الحيوية من التجارة إلى الصراعات الجيوسياسية ومن قضايا المناخ إلى العلاقات الأمريكية الأوروبية.

في خطاب النصر الذي ألقاه، كرر ترامب مقولة إنه في عهده لم تكن هناك "حروب جديدة". وإنه في حين يريد قوات مسلحة أمريكية قوية، فإنه يفضل عدم استخدامها، معربا عن رغبته في إنهاء الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط وتباهى بقدرته على عقد "صفقات" لتحقيق هذه الغاية.

من ناحية أخرى، يبدو أن ترامب يعني ما يقوله بشأن إنهاء الصراعات، حتى لو كان ذلك فقط من باب الاهتمام بالمصالح الأمريكية.

أخيرا فإن ترامب يتبنى رؤية مختلفة تماما لدور الولايات المتحدة. فهو يؤكد أن استمرار حماية الولايات المتحدة لأوروبا يتوقف على زيادة الإنفاق الأوروبي على الدفاع بما يجعل موقف الولايات المتحدة داخل حلف شمال الأطلسي"ناتو" مؤقتا. في الوقت نفسه سيكون لدى كوريا الجنوبية واليابان سببا وجيها للشك في إمكانية الاعتماد على مظلة الحماية الأمريكية في مواجهة تهديدات كوريا الشمالية والصين، وهو ما يمكن أن يدفعهما إلى زيادة الإنفاق العسكري.

معنى هذا أن السياسة الخارجية الأمريكية ستصبح أصعب في التنبؤ بها. وقد كان تطبيق ترامب لخططه في ولايته الأولى غير منظم ولا فعال بدرجة كبيرة. في الوقت نفسه فإن ترامب حريص على التحدث إلى القادة الذين يقفون حاليا ضد المصالح "الغربية"، بما في ذلك روسيا. لذلك يخشى حلفاء الولايات المتحدة التقليديون من أنه قد يضحي بالقيم الغربية ويدفع نحو نظام عالمي قائم على الصفقات وليس المبادئ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة دونالد ترامب کامالا هاریس

إقرأ أيضاً:

الصين:مستعدون للحوار مع الولايات المتحدة لدفع التجارة الثنائية للإمام

الصين والولايات المتحدة الأمريكية.. قال نائب وزير التجارة الصيني وانج شو وين اليوم الجمعة الموافق 22 نوفمبر، إن الصين مستعدة لإجراء حوار نشط مع الولايات المتحدة على أساس مبادئ الاحترام المتبادل وتعزيز تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية.
وقال وانج، ردا على سؤال حول تأثير الرسوم الجمركية المحتملة من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الممثل التجاري الدولي للصين، إن الصين ستكون قادرة على "حل ومقاومة" تأثير الصدمات الخارجية..بحسب ما نقلته رويترز.
وقال وانج في مؤتمر صحفي في بكين "نعتقد أن الصين والولايات المتحدة يمكنهما الحفاظ على اتجاه تنموي مستقر وصحي ومستدام في العلاقات الاقتصادية والتجارية"، مضيفاً أن الصين مستعدة أيضا "لتوسيع مجالات التعاون وإدارة الخلافات" مع الولايات المتحدة.


تجنباً لرسوم ترامب الجمركية الجديدة.. المصنعين الصينيين ينقلون المصانع لجنوب شرق آسيا 

ومع تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تتجاوز 60% على جميع السلع الصينية، وهو ما هز المصنعين الصينيين وعجل بنقل المصانع إلى جنوب شرق آسيا ومناطق أخرى، يستعد المصدرون الصينيون لأي اضطرابات تجارية.


الولايات المتحدة قد تفرض رسوما جمركية بنحو 40% على الواردات من الصين

ويعتقد خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوما جمركية بنحو 40% على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.
وكانت السلطات الصينية أعلنت أمس الخميس عن سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية، بما في ذلك التعهد بتعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.
كما ستؤثر الاضطرابات التجارية التي شهدتها رئاسة ترامب الأولى على اليوان الصيني، فقد ارتفع اليوان بنسبة 10% خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى قبل أن ينخفض بنحو 12% بسبب فرضه للرسوم الجمركية والوباء.
وقال ليو يي، أحد مسؤولي البنك المركزي الصيني، في المؤتمر الصحفي نفسه: "حكمنا الأساسي هو أن سعر صرف اليوان سيظل مستقرا بشكل أساسي عند مستوى معقول ومتوازن".
وأضافت أن البنك المركزي "سيحافظ على مرونة اليوان مع تعزيز التوجيهات بشأن التوقعات لمنع السوق من تشكيل توقعات أحادية الجانب".
الشركات الصينية تحدد أسعار العقود باليوان
وأضاف ليو أن البنك سيعمل أيضا على الحماية بشكل حازم ضد خطر تجاوز سعر الصرف والحفاظ على استقرار اليوان عند مستوى معقول ومتوازن.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء اليوم الجمعة أن الشركات الصينية تدخر المزيد من الدولارات، وتحدد أسعار العقود باليوان وتفتح خطوط استيراد للتخفيف من مخاطر العملة.

مقالات مشابهة

  • روته التقى ترامب في الولايات المتحدة
  • ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة الأمريكية
  • «بداية حرب عالمية ثالثة».. بايدن يورط الرئيس الأمريكي الجديد في مواجهة مع روسيا
  • الصين:مستعدون للحوار مع الولايات المتحدة لدفع التجارة الثنائية للإمام
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة
  • ترامب يكسر رقم بايدن القياسي بحلول2029.. هل يصبح الرئيس الأمريكي الأطول عمرا؟
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • عينه ترامب وفصله بايدن.. من هو أول مسلم في الإدارة الأمريكية الجديدة؟
  • الرئيس جو بايدن يسجل رقما قياسيا.. وترامب يستعد لكسره
  • “هدية” يبحث مع المسؤول الاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز التعاون بين البلدين