سواحل أفريقيا.. الثروات الغذائية في خدمة أوروبا
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
أفريقيا- يُعد الساحل الأفريقي شريطا جغرافيا ذا أهمية إستراتيجية بالغة، يجمع بين الموقع الحيوي وثراء الموارد وتنوع النظم البيئية، ويعتبر من أبرز مسارات التجارة العالمية، كما يكتنز ثروات طبيعية هائلة.
فعلى امتداد الشواطئ الأفريقية، تزخر المياه الإقليمية لدول القارة بثروة سمكية تشكل عمودا فقريا للاقتصادات المحلية، وسندا في تحقيق الأمن الغذائي.
ووفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تمثل الأسماك "مصدرا غذائيا قيّما للفقراء" وركيزة أساسية للأمن الغذائي في أفريقيا. وتساهم في تلبية نحو 22% من احتياجات سكان جنوب الصحراء من البروتين الغذائي، مما يجعلها دعامة أساسية لمستقبل غذائي مستدام بالمنطقة.
الشواطئ الأفريقية تزخر بثروة بحرية متنوعة (رويترز) اتفاقيات الصيدتساهم أفريقيا بنحو 7% من الإنتاج العالمي للأحياء البحرية وللعديد من دول القارة، لا سيما ذات الدخل المنخفض، التي لا تستغل كامل إمكاناتها في هذا المجال، بحسب الفاو. وبلغ إنتاجها العام الماضي قرابة 14.4 مليون طن، وفقا لتقديرات المنظمة، ويضاف إليها نحو 1.8 مليون طن تنتجها أفريقيا من خلال الاستزراع المائي.
ويشكل الصيد التقليدي العمود الفقري لهذا القطاع بالقارة سواء في المياه البحرية أو العذبة، ويعد مصدر رزق ملايين الأفراد، ويقدر بأنه يوفر نحو 10% من الوظائف في أفريقيا.
وترتبط دول أفريقية بنحو 12 اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، ويفترض بها أن تنظم عمليات الصيد عبر نوعين من الاتفاقيات، أولى لصيد أسماك التونة، وأخرى للصيد المختلط أي الذي يشمل عدة أنواع من الأسماك.
وتتيح اتفاقيات صيد التونة لسفن الاتحاد الأوروبي صيد هذا النوع أثناء هجرة وتحرك أسرابها على طول شواطئ أفريقيا. أما اتفاقيات الصيد المختلط، فتمكن سفنه من الوصول إلى مجموعة واسعة من مخزونات الأسماك بالمناطق الاقتصادية الخالصة للدولة الساحلية.
وفي حالة كل من كاب فيردي، وكوت ديفوار، وساو تومي، وبرينسيبي، والغابون، وسيشل، وموريشيوس، ومدغشقر، والسنغال، وغامبيا، تختص هذه الاتفاقيات بالسماح بصيد أسماك التونة. وتتوسع مع كل من موريتانيا وغينيا بيساو لتسمح بصيد أنواع أخرى من الأحياء البحرية، أو الاتفاقيات المختلطة.
صفقات غير عادلةتختلف فترات الاتفاقيات بحسب كل دولة، لكنها تنتهي -غالبيتها- بين العامين 2026 و2029، باستثناء السنغال التي تراجع حاليا اتفاقية جديدة محتملة مع قرب انتهاء الأولى سارية المفعول، بينما أتمت غينيا بيساو إعادة التفاوض.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي، جددت غينيا بيساو الاتفاقية في مجال الصيد مع الاتحاد الأوروبي، والتي تسمح بموجبها لسفن من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا واليونان وفرنسا، بالصيد في مياهها لمدة 5 سنوات. وتنال وفق ذلك نحو 85 مليون يورو عن كامل مدة الاتفاقية، ويرتفع المبلغ ليصل إلى 100 مليون بعد إضافة رسوم يدفعها أصحاب السفن لقاء تراخيص الصيد.
ويرى الأستاذ بجامعة كولومبيا رشيد سوميلا أن الدول الأفريقية تحصل على "صفقات غير عادلة" بموجب هذه الاتفاقيات، حيث تتلقى عوائد زهيدة مقارنة بالقيمة الحقيقية لمواردها البحرية.
ويضيف أن مجتمعات الصيد غرب أفريقيا تفقد ثروتها السمكية دون الاستفادة من العائدات في مشاريع تنموية حقيقية "مما يتركها بلا سمك وبلا دولارات".
وعند مراجعة عائدات دولة مثل السنغال من هذه الاتفاقيات، نجد أنها جنت خلال الفترة من عام 2000 إلى 2010 ما مجموعه 11.9 مليون دولار، بينما وصلت قيمة الأسماك التي تم اصطيادها لنحو 19.2 مليونا.
استنزاف المواردوتواجه الدول الأفريقية تحديات إضافية بسبب اتفاقيات الصيد، من بينها استنزاف موارد القارة البحرية وتدهور المخزون السمكي. ويتحول هذا الاستنزاف إلى تهديد فعلي لسبل الرزق للمجتمعات المحلية حيث تتناقص الكميات المتاحة من الأسماك، مما يعوق قدرة الصيادين المحليين على تحقيق دخل مستدام.
ويرى عليوا با مدير حملة المحيطات بمنظمة "غرينبيس" أن التهديد الرئيسي للمحيط والمجتمعات بالقارة يتمثل في الاستغلال غير المستدام للموارد البحرية من خلال الاتفاقيات "غير العادلة". ويضيف أن أنماط الاستغلال هذه تؤدي لتفاقم التفاوت الاجتماعي والاقتصادي، مما يدفع العديد من الناس إلى اليأس والهجرة.
وتواجه أفريقيا مشكلة إضافية تتمثل بالصيد غير القانوني بواسطة سفن صيد تجارية تخترق المياه الإقليمية الخالصة للدول والصيد فيها دون الحصول على تراخيص مسبقة.
الصيد غير القانوني يهدد رزق نحو 5.2 ملايين شخص يعملون بمصائد الأسماك الصغيرة بأفريقيا (رويترز)ويقدر تقرير لـ"تحالف الشفافية المالية" أن أفريقيا تخسر نحو 11.5 مليار دولار سنويا بسبب الصيد غير القانوني وغير المنظم، مما يجعلها المنطقة الأكثر تضررا على مستوى العالم من هذه الممارسات. ويؤدي هذا الصيد إلى استنزاف مخزون بعض الأنواع السمكية وتهديد سبل عيش قرابة 5.2 ملايين شخص يعملون في مصائد الأسماك الصغيرة بالقارة.
ويحذّر التقرير من "عواقب اجتماعية واقتصادية كبيرة نتيجة الاستنزاف المتمثل بالصيد غير النظامي من قبل السفن الصناعية" حيث تعتمد منطقة غرب أفريقيا بشكل كبير على الصيد كمصدر للدخل.
ويوفر القطاع، وفق المصدر ذاته، نحو ربع الوظائف المرتبطة به. في حين يقدر البنك الدولي أن الصيد غير القانوني وأنشطة الصيد غير المنظمة يكلفان أفريقيا خسائر تتجاوز 1.3 مليار دولار سنويا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصید غیر القانونی
إقرأ أيضاً:
الصيد في ماءٍ عكر.. الجماعات المسلحة في سوريا تستغل "الفراغ" لتنفيذ مخططات "هدوم الدولة الوطنية"
◄ محللون: المعارضة السورية استغلت الفراغ الذي تركه "حزب الله"
◄ "وول ستريت جورنال": تأثر القوة القتالية لـ"حزب الله" تسبب في خسارة الجيش السوري لحلب
◄ "حزب الله" أعاد انتشار قواته مع بدء الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي
◄ انشغلا روسيا في حرب أوكرانيا أثر على دعم الأسد
◄ بشار الأسد يتعهد بـ" استخدام القوة للقضاء على الإرهاب"
الرؤية- غرفة الأخبار
تواصل فصائل المعارضة السورية المسلحة تقدمها في عدد من البلدات والقرى جنوبي مدينة حلب، إذ تمكنت من السيطرة على بلدة خناصر في محاولة لقطع طريق الإمدادات الرئيسي للجيش السوري إلى المدينة.
وكانت هذه الفصائل المسلحة التي تقودها "هيئة تحرير الشام" أطلقت، الأربعاء، عملية أسمتها "ردع العدوان"، وسيطرت على مساحات واسعة في شمال غرب سوريا، بما في ذلك مُعظم مدينة حلب.
ويرى محللون أن الفصائل السورية المسلحة سعت لاستغلال الفراغ الذي تركه حزب الله في سوريا، لإحراز تقدم عسكري واستعادة مناطق فقدت السيطرة عليها عام 2016 بعد هجوم للقوات الحكومية السورية بدعم من حليفتها روسيا.
ومنذ بدء عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، تصاعدت الغارات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق على الأراضي السورية، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله.
وقال أحد كبار المحللين المختصين بالشأن السوري، ننار حواش، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إن "الفصائل المسلحة ترى فرصة لاختبار الخطوط الأمامية مع إضعاف حزب الله، وضغوط على إيران، وانشغال روسيا بأوكرانيا، وفوجئوا بالنجاح الذي حققوه، وفاق ما كانوا يتوقعونه، ليبدأوا بعدها بالضغط بقوة".
وأوضح حواش أن الفصائل المسلحة أقدمت على ذلك بعد أن رأت "تحولاً ملحوظاً بميزان القوى".
وسلط تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" الضوء على الأسباب التي جعلت المعارضة السورية المسلحة تحقيق تقدم كبير ومفاجئ أمام الجيش السوري.
وأشار التقرير إلى أن حالة الضعف التي يُعاني منها حزب الله اللبناني والذي كان يعد القوة القتالية الأكثر فاعلية لدعم نظام الأسد، لعبت دورا كبيرا في خسارة النظام لحلب، حيث أعاد الحزب انتشار قواته في حربه ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول التقرير إنَّ هذه المواجهة مع إسرائيل تركت فراغا عسكريا في سوريا، وكشف عن أن قوات الأسد تفتقر إلى التدريب والانضباط لمواجهة قوى المعارضة، مما أدى بالنتيجة إلى انسحاب فوضوي من حلب.
كما لفت إلى تأثر قدرة روسيا على دعم نظام الأسد بصورة كبيرة بسبب حرب أوكرانيا، إذ أثّرت الحرب الطويلة على روسيا عسكرياً واقتصادياً، مما جعل ضرباتها الجوية في سوريا قليلة التأثير في تقدم المعارضة.
وفي المقابل، شدد الرئيس السوري بشار الأسد، الأحد، على أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة"، في الوقت الذي يشهد فيه شمال بلاده قصفاً مكثفاً لصد هجوم الفصائل المسلحة.
وشدَّد في اتصال هاتفي مع بادرا غومبا القائم بصلاحيات الرئيس في جمهورية أبخازيا، على أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أيا كان داعموه ورعاته.. كما أن الإرهابيين لا يمثلون لا شعباً ولا مؤسسات يمثلون فقط الأجهزة التي تشغلهم وتدعمهم".