حالة استنفار في قطاع السياحة بسبب التغير المناخي
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
مشهد من منتجع سياحي في رودوس اليونانية بعد الحرائق التي ضربت الجزيرة (26 يوليو 2023)
في توافق مع إرشادات الاتحاد الأوروبي ذات الصلة، تسعى عدد من دول القارة العجوز إلى تطوير سبل تخفيف أعباء السياحةالمفرطة ومواجهة التغيرات المناخية التي أدخلت القطاع في عدم اليقين. وفي ظل حرائق مدمرة، ودرجات حرارة تجاوزت الأربعين، يسعى السياح إلى تحاشي كوارث محتملة بالبقاء في منازلهم، حيث فرض سؤال نفسه على الجميع: هل يترك التغير المناخي أثاره على السياحة، خاصة في منطقة البحر المتوسط؟ وأظهرت خدمة التغير المناخي "كوبرنيكوس" التابعة للاتحاد الأوروبي أن شهر تموز/ يوليو الماضي كان أكثر الشهور حرارة على الإطلاق.
وتقول نائبة مدير كوبرنيكوس، سامانثا بورخيس، إن درجات الحرارة لم ترتفع إلى هذا المستوى منذ ما لا يقل عن 120 ألف عام، على الأقل، مشيرة في هذا الصدد إلى حسابات "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي". وكانت المناطق التي تستقبل الحصة الأكبر من السياح هي الأكثر تضررا من التغير المناخي. وجرى الشهر الماضي إجلاء آلاف السائحين من جزيرتي رودس وكورفو باليونان، بعدما اجتاحت الحرائق الجزيرتين، في طقس شديد الحرارة. كما عانت بقوة إيطاليا من موجات الحر، حيث تعرضت جزيرة سردينيا لدرجات حرارة وصلت إلى 48 درجة مئوية.
الشمال بات أكثر جاذبية؟
في ظل هذه الظروف، فإن السؤال المطروح هو: هل ينجذب المصطافون إلى السويد أو أيرلندا مستقبلا، عوضا عن منطقة البحر المتوسط ؟ و أشارت دراسة أعدتها "مفوضية السفر الأوروبية"، وهي مظلة تضم العديد من المجموعات والهيئات السياحية في أوروبا، إلى أولى هذه التحولات. ومع ذلك، وبحسب الدراسة، تظل إسبانيا مقصدا مفضلا لراغبي السفر خلال الفترة من حزيران / يونيو إلى تشرين الثاني / نوفمبر، كل عام. وتليها في ذلك فرنسا، وإيطاليا، واليونان، ثم كرواتيا.
هاواي تواجه عاصفة نارية بسبب التغير المناخي والإعصارومن ناحية أخرى، يقول رئيس رابطة السفر الألمانية "دي.آر.في:"، نوربرت فيبيغ، "ليس هناك أي تغير (حاليا) في الحجوزات بسبب موجة الحر الممتدة في جنوب أوروبا"، من ناحية أخرى، أظهرت نتائج استطلاع شمل أنحاء أوروبا، وشارك فيه ستة آلاف شخص، أن أقل بنحو 10% من المشاركين يعتزمون القيام برحلة إلى البحر المتوسط، مقارنة بالعام الماضي. وفي المقابل، زادت شهرة جمهورية التشيك وبلغاريا وأيرلندا والدنمارك. ويعزو ادواردو سانتاندير، الرئيس التنفيذي لـ "مفوضية السفر الأوروبية" ذلك، إلى السياح الذين يبحثون عن أماكن أقل ازدحاما، وأكثر اعتدالا في درجات الحرارة. ويقول سانتاندير "نتوقع أن تتأثر حركة السفر في أوروبا على نحو أكبر بالأحوال الجوية في المستقبل، والتي لا يمكن التنبؤ بها". ومن المرجح على نحو أكبر أن المسافرين سوف يتجنبون المقاصد الجنوبية أثناء موجات الحر. ويقول سانتاندير: "ربما يؤدي هذا إلى دفع مزيد من الأوروبيين إلى مقاصد وسط وشرق أوروبا بحثا عن درجات حرارة معتدلة خلال أشهر الصيف".
التحول الأخضر والرقمي
ولفت سانتاندير إلى أن وجهات جنوبي أوروبا قد تستقبل المزيد من السائحين خلال موسمي الربيع والخريف. وتكشف دراسة أجرتها المفوضية الأوروبية عن كيف يمكن أن تتغير سلوكيات السفر والسياحة. وتقول المفوضية في التقرير: "وجدنا نمطا واضحا لتغيرات الطلب على السياحة ما بين الشمال والجنوب، وتستفيد مناطق الشمال من التغير المناخي، في حين تواجه مناطق الجنوب تراجعا واسعا في الطلب على السياحة". الإمكانيات الخضراء (الصديقة للبيئة): تغيير المسار لتعزيز الجاذبية أدركت إسبانيا تفاقم هذه الحقيقة بسبب التغير المناخي، ولذلك تسعى إلى تعزيز تراثها من مظاهر الطبيعة، مثل الغابات ومحميات المحيط الحيوي، من أجل تغير صورتها النمطية.
وأشارت هيئة تنشيط السياحة التابعة للحكومة مؤخرا إلى الحاجة لتحويل إسبانيا إلى "وجهة ذات منتجات متعددة"، إلى ما هو أكثر من الشمس والشواطئ. وترى هيئة تنشيط السياحة أنه يتعين أن تشمل هذه العملية تحولا في قطاع السياحة في إسبانيا - وهو هدف مدرج في أجندة الاتحاد الأوروبي السياحية حتى عام 2030 ، مما يؤكد على نحو خاص الحاجة إلى وضع التحول الأخضر والرقمي في القلب من النشاط السياحي للبلاد.
الشعاب المرجانية قبالة سواحل فلوريدا تحتضر والعلماء قلقونوفي الوقت نفسه، كثفت سلوفينيا جهود تعزيز السياحة في البلاد على مدار سنوات، انطلاقا من شعار "الوجهة الخضراء" لديها. وصارت سلوفينيا وجهة سياحية تتمتع بشهرة متنامية بفضل مناطق الغابات والمياه الوفيرة وفرص قضاء عطلات نشطة في أحضان الطبيعة، ولكن ليس للسياحة الجماعية وتشمل التحديات الرئيسية في هذا الشأن السياحة المستدامة، مع أقل قدر ممكن من الانبعاثات الكربونية، والتنقل المستدام، والمواد الغذائية المنتجة محليا، والموارد البشرية الملائمة. والأمل من وراء تبني ممارسات مستدامة، هو أن يتمكن السكان المحليون من تقبُل الضغوط التي تسببها السياحة، على نحو أكبر، فقد كانت تلك مشكلة في الوجهات السياحية الأكثر شهرة مثل بليد وبوينغ، على مدار السنوات الأخيرة.
رؤية البوسنة والهرسك
تأثير الظروف الإقليمية على نجاح السياحة تحظى جمهورية البوسنة والهرسك بإمكانيات سياحية وافرة، خاصة في مجال السياحة الجبلية والنهرية. وتقر المنظمات الدولية للتنمية بهذه الإمكانيات على نحو أكثر من المؤسسات المحلية. وتتبنى البوسنة الاتجاه العالمي المعني بتعزيز الاهتمام بالسياحة في المناطق الأكثر برودة. وتتسم المنطقة بأسعار ملائمة للغاية بالنسبة للجولات السياحية، وبجمال الطبيعة، ولكن هناك مشاكل تتعلق بالبنية التحتية الهشة في مجال النقل، وبالوضع السياسي الذي يعاني من عدم الاستقرار. ولم يتم عمل الكثير للترويج للإمكانات السياحية في البوسنة والهرسك في أنحاء العالم، وحتى القليل الذي تم، لم ينفذ بشكل منهجي.
وفي رومانيا، كان التأثير الإيجابي الوحيد، إلى حد ما، للتغير المناخي هو "إطالة أمد موسم الصيف"، حيث يتجه المزيد والمزيد من السائحين لقضاء عطلاتهم هناك خلال شهر حزيران/يونيو، وهو ما يخفض ضمنا الضغوط على ذروة الموسم، بحسب ما ذكره رئيس الجمعية الوطنية الرومانية لوكالات السياحة دوميترو لوكا. وأدى فصل الشتاء المعتدل على مدار السنوات الأخيرة إلى زيادة حركة السياحة في البلاد خلال الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر إلى آذار/مارس. ورغم ذلك، تعاني منتجعات التزلج على الجليد من مواسم شتاء دافئة.
تداعيات السياحة المفرطة
وأوضح لوكا أنه حتى في ظل وجود منشآت إنتاج الجليد الاصطناعي، على المنتجعات أن تتقبل الهزيمة في المعركة أمام درجات حرارة تتجاوز الصفر بشكل مستمر. حماية الوجهات المتميزة من "السياحة المفرطة" عادة ما تكتظ الممرات الضيقة في جزيرة "مون سان ميشيل" الإيقونية بفرنسا بالزائرين قبل موعد تناول الغداء مباشرة خلال فترة الذروة في موسم الصيف.
أما في الوقت المتأخر بعد الظهر، تكاد تكون نفس المسارات الصاعدة شبه مهجورة. وتواجه هذه المعضلة عشرات المواقع السياحية الأخرى الشهيرة في فرنسا، وبقاع أخرى من أوروبا، والتي تكتظ بالزائرين خلال نهار أيام الصيف، لكنها تخلو منهم في المساء، وفي المواسم الأخرى، وهو أمر غالبا ما يضر الاقتصاد المحلي. وفرضت جزيرة بريهات الفرنسية الصغيرة قيودا على عدد الزائرين خلال الصيف الحالي، بعدما وصل عدد من أقبل منهم على شواطئها الصخرية في يوم واحد، إلى 15 ضعف عدد سكانها. يشار إلى أن الجزيرة، التي يبلغ عدد سكانها الدائمين 377 فقط ، جزء من شبكة الحماية الخاصة بالاتحاد الأوروبي "نيتشر 2000"، والتي تسعى إلى تعزيز التنوع البيولوجي عبر حماية موائل الأنواع الأكثر عرضة للخطر.
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: التغير المناخي حرائق الغابات البندقية اليونان اسبانيا الاتحاد الأوروبي ألمانيا دويتشه فيله التغير المناخي حرائق الغابات البندقية اليونان اسبانيا الاتحاد الأوروبي ألمانيا دويتشه فيله التغیر المناخی درجات حرارة السیاحة فی على نحو
إقرأ أيضاً:
اتحاد الغرف السياحية: قرارات اللجنة الوزارية للسياحة تمثل تحويل مهمة لحل مشاكل السياحة
الاجتماع أكد المساندة الحكومية للقطاع وكشف قناعة الجميع أن السياحة قاطرة التنمية
نتائج مهمة للاجتماع تمهد لطفرة وانطلاقة سياحية ومنها :-
● توحيد جهات الرسوم والتفتيش بوزارة السياحة فقط
● استفادة السياحة بحوافز قانون الاستثمار
● عدم فرض أية رسوم علي السياحة إلا بعد موافقة اللجنة الوزارية
● منح الرخصة الذهبية للمشروعات الفندقية
أكد حسام الشاعر رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية أن إجتماع اللجنة الوزارية للسياحة الذي انعقد أمس الاثنين برئاسة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء والقرارات الصادرة عنه ، يعد نقطة تحول مهمة وفيصلية في حل مشاكل كثيرة تواجه القطاع السياحي وكانت مطالب ملحّة للقطاع منذ سنوات عديدة , وأضاف الشاعر أنه لمس خلال مشاركته بالاجتماع مدى الاهتمام الحكومي بتقديم الدعم والمساندة الحقيقية لصناعة السياحة سعيا لتحقيق أهداف الدولة منها ,
ووجه رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية الشكر الى السيد رئيس الوزراء وجميع الوزراء الذين شاركوا بالاجتماع والذين أبدوا جميعا دعمهم للقطاع السياحي , كما أكد الاجتماع ومداخلات السادة الوزراء خلاله أن هناك اقتناع تام لدى الجميع بأن صناعة السياحة هي قاطرة التنمية الحقيقية لمصر ويجب إزالة أية معوقات أمام انطلاقها
وأكد حسام الشاعر رئيس الاتحاد أن من أهم ما تضمنه الاجتماع إصدار رئيس الوزراء تعليمات صريحة وصارمة بتوحيد جهات تحصيل الرسوم من المشروعات السياحية وحصرها في وزارة السياحة والاثار فقط , ومطالبته بضرورة تدقيق ومراجعة تلك الرسوم وتحديدها على سبيل الحصر وإعلان كل ذلك للقطاع بشفافية ووضوح , بالإضافة إلى تعليمات السيد رئيس الوزراء بتوحيد جهات التفتيش جميعا من خلال وزارة السياحة والاثار فقط , وشدد الشاعر أن تلك النقطة تحديدا يطالب بها القطاع منذ عقود , ورغم أنها وردت في القانون رقم 8 الخاص بالمنشآت السياحية إلا أن بعض الجهات تتقاعس في تطبيقها حتى الآن , كما شدد السيد رئيس الوزراء على تطبيق القانون ٨ فيما يتعلق بعدم فرض أية رسوم على المشروعات السياحية بدون موافقة اللجنة الوزارية للسياحة ، وأعرب حسام الشاعر عن ثقته أن تعليمات رئيس الوزراء وقراراته تلك سيتم تطبيقها فورا
وأوضح الشاعر أن الاجتماع حمل كذك خبرا سارا ومهما للقطاع السياحي حيث أصدر رئيس الوزراء تعليماته بتطبيق كافة الحوافز الموجودة بقانون الاستثمار على قطاع السياحة والمشروعات السياحية وهو ما كان يسعى له القطاع بقوة السنوات الماضية حيث ان القانون يتضمن القطاع السياحي ضمن القطاعات المخاطبة به , بجانب تأكيد سيادته على أهمية حصول المشروعات الفندقية على الرخصة الذهبية من مجلس الوزراء والتزام كافة الجهات بمنح الموافقات المطلوبة في التوقيتات المحددة والسريعة
واختتم حسام الشاعر رئيس اتحاد الغرف السياحية تصريحاته الصحفية مؤكدا أن هذا العمل الجماعي والروح الإيجابية التي سادت اجتماع اللجنة لو استمر العمل بها من كافة الجهات سوف تحقق صناعة السياحة إنطلاقة كبيرة ونمو ودخل سياحي يلبي تطلعات الدولة ومستهدفاتها من القطاع السياحي