ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: العفة خلق إسلامي يحافظ على المجتمع ويحميه من الفساد
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر أولى ندوات البرنامج التاسع عشر الموجه للمرأة، تحت عنوان "العفة وطهارة المجتمع"، وقد حاضر في هذه الندوة كل من: الدكتورة أوصاف عبده، أستاذة ورئيسة قسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، والدكتورة هبة عوف عبد الرحمن، أستاذة مساعدة بقسم التفسير في نفس الكلية، وأدارت الندوة الدكتورة حياة العيسوي، باحثة في الجامع الأزهر الشريف.
وقالت الدكتورة أوصاف محمد عبده : إن العفة تُعتبر من صفات المؤمن الورع، إذ تحافظ على المجتمع وتحميه من الفساد، واستشهدت بنماذج من صور العفة في الإسلام، مثل غض البصر، مستندة إلى قوله تعالى﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾، وكذلك الحجاب الذي يمثل عفة وطهارة للمرأة، كما ورد في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ﴾، مشيرة إلى أن الزواج يُعد من صور العفة، مستشهدة بحديث رسول الله ﷺ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ".
وفي ذات السياق، ذكرت د. هبة عوف، أن الْعِفَّةُ خُلُق إيْمَاني رُفَيْع لِلْمُؤْمِن، وَثَمَرَة مِنْ ثِمَارِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ بُعْد عَنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ وَخَدش الْمُرُوءَةَ وَالْحَيَاءَ وَالْعِفَّة لَذَّة وَانْتِصَارٌ عَلَى النَّفْسِ وَالشَّهَوَات، وَغَرس لِلْفَضَائِل وَالْمَحَاسِن فِي الْمُجْتَمَعَات، فَالعَفَاف هُوَ أَنْ يضْبط الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ، وَيَقْصُرَهُا عَلَى مَا يُقِيمُ أَوْد الْجَسَد، وَيَحْفَظ صِحَّةَ الْجَسَدِ، وَالْعِفَّة خُلُق يَشْمَل جَانِبَيْنِ، جَانِبا مَادِّيّا: وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ السُّؤَالِ، حِفَاظًا عَلَى مَاءٍ الْوَجْهِ، قَالَ تَعَالَى: "وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ"، في حين أن الْجَانِب الآخر وهو الْمَعْنَوِيّ يكون بِكَفِ النَّفْسِ عَنْ الْحَرَامِ بِأَنْوَاعِه، وَضَبْط النَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَات.
وتابعت: لِلْعِفَّة ثَمَرَات كَثِيرَةٌ، مِنْهَا حِفْظُ جَوَارِح الْمُجْتَمَع كُلّه عَمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَمنْ ذَلِكَ قِصَّةُ عُبَيْد بْنِ عُمَيْرٍ الَّذِي كَانَ سَبَبًا فِي تَوْبَةِ امْرَأَة وَرُجُوعهَا إلَى رَبِّهَا، وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعِفَّةِ أَنْ تَنَالَ ثَنَاءَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَرِضَا اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ، وَلَيْسَ هَذَا فَقَطْ، بَلْ وَأَيْضًا هِيَ نَظَافَة وَتَطْهِير لِلْمُجْتَمَع، وَفي النِهَايَة هِي تَصِل بِالْإِنْسَانِ إِلَى أَعْلَى دَرَجَاتِ الْكَمَال، ويتمثل الطَّرِيقُ للْوُصُولِ إلَى الْعَفَافِ فِي تعهد النَّشء الصَّغِير، وَالتَّشْجِيع عَلَى الزَّوَاجِ، وَسَدّ الذَّرَائِعِ، وَوَضع حُدُود فِي كُلِّ شَيء، وَأَخِيرًا الدُّعَاء دَائِمًا بِالْعَفَاف.
من جانبها بينت د. حياة العيسوي، أن الإسلام حثّ على العفة ، قال الله عز وجل : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ ، أي: من كان في غُنْية عن مال اليتيم فَلْيستعففْ عنه، ولا يأكل منه شيئًا، وقال سبحانه: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم﴾ ، أي : يظن من لا يعرف حالهم أنهم أغنياء من كثرة تعففهم.
وأضافت: حجاب المسلمة عفة وطهارة ونقاء : فالآيات التي تدعو إلى الحجاب هي في الحقيقة تدعو إلى العفاف وتحض عليه ، قال الله تعالى : " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" ، وقال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ" ، وهكذا نجد أن حجاب المرأة المسلمة بالإضافة إلى كونه صيانة لها فهو وسيلة من وسائل إشاعة العفة والفضيلة في المجتمع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الازهر
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: الإيمان باسم الرقيب يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش
أكَّد فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال حديثه اليوم بالحلقة السابعة عشر من برنامج «الإمام الطيب»، أن اسم الله تعالى "الرقيب" من الأسماء الحسنى الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية.
واستشهد شيخ الأزهر، بقوله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) في سورة الأحزاب، وقوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) في سورة النساء، بالإضافة إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ضمّن الأسماء التسعة والتسعين المُجمع عليها بين المسلمين، موضحا أن هذا الاسم يُعدُّ دليلاً على سعة علم الله تعالى المُحيط بكل شيء، ورقابته الدائمة على خلقه.
وفي إجابة عن سؤال حول الميزان الصرفي لاسم "الرقيب"، أوضح شيخ الأزهر أن صيغة "فعيل" في اللغة العربية قد تأتي بمعنى "فاعل"، مثل "عليم" (عالم) و"سميع" (سامع)، لكنَّ اسم "الرقيب" خرج عن هذا السياق اللغوي لثبوته شرعاً، قائلا: "لو قِسنا على القاعدة اللغوية لكانت الصيغة «راقب»، لكن النصوص الشرعية جاءت بـ«رقيب»، فتمسكنا بها وغضينا الطرف عن القياس"، مبيناً أن الاسم تفرَّد بمعنى المراقبة الإلهية الشاملة التي لا تشبه رقابة البشر.
وأشار الإمام الطيب، إلى أن اسم "الرقيب" يجمع بين صفتي العلم المطلق والحفظ الرباني، موضحاً أن الله تعالى يعلم الأشياء في حال وجودها وعدمها، ولا يشغله شأن عن شأن، مستشهداً بقوله تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ) وقوله: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، مؤكداً أن العلم الإلهي لا حدود له، وأنه يُمثِّل ركيزةً لإيمان المسلم بأن الله مُطَّلع على كل صغيرة وكبيرة.
واختتم شيخ الأزهر حديثه بتوصية للمسلمين بالاستفادة من هذا الاسم الكريم في حياتهم العملية، داعياً إلى مراقبة الله في السر والعلن، ومحاسبة النفس التي تُعدُّ "أعدى الأعداء".
وقال: "الإنسان الذي يستشعر معنى الرقيب الإلهي لا يُقدم على ما يُغضب الله"، مُحذراً من وساوس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، مؤكداً أن الإيمان باسم "الرقيب" يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ).