العديد من الدراسات تناولت الحروب النفسية ومدى تأثيرها، وبحسب دراسة منشورة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد وصف الباحثون «الحرب النفسية» بأنّها أداة منظمة للتأثير على الخصم بوسائل غير عسكرية، مثل الدعاية والتهديدات النفسية، إذ تستهدف التأثير في عقول وسلوكيات العدو دون اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة.

العلوم السياسية

وأوضح إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنَّ الحروب النفسية هي أحد أنماط الحروب الحديثة التي لا تعتمد على المواجهة المسلحة التقليدية بين القوات النظامية، بل على أساليب غير تقليدية أقل تكلفة وقد تكون أكثر تأثيرًا، فهي تعتمد على نشر الإشاعات والأخبار المغلوطة، والتشكيك في المؤسسات، والعمل على إحداث الفرقة بين أفراد الشعب، وبين مختلف فئات المجتمع وقطاعات الدولة، ولهذا يُعد هذا النمط مستحدثًا؛ فهو حرب بالمعنى الفعلي، وإن كانت أقل تكلفة، إلا أنّها قد تكون أشد حدة وخطورة.

أضاف «بدر الدين» لـ«الوطن»: «يمكن مواجهة هذا النمط من الحروب من خلال مجموعة من الوسائل، إذ يُعَدُّ مستوى الوعي لدى المواطنين خط الدفاع الأول، بحيث تكون لديهم القدرة على تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار المغلوطة، ويمكن رفع هذا الوعي من خلال أساليب المكاشفة والمصارحة، فعند ظهور أي شائعة يجب توضيح حقيقتها وأبعادها أمام المواطنين لتوعيتهم بالحقيقة ومواجهة تلك الأكاذيب والشائعات».

الحروب النفسية

وأشار إلى أنَّ مواجهة الحروب النفسية تتطلب دورًا فاعلًا من الأحزاب السياسية، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب وسائل الإعلام المختلفة، التي تُعد عنصرًا مهمًا، لكن لا ينبغي أن تكون هذه الجهود فردية، بل من الضروري أن تعمل كل هذه الأدوات بتنسيق وتكامل.

واقترح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ضرورة وجود هيئة تنسيقية، مثل «مجلس أعلى للوعي» أو «مجلس أعلى للتثقيف السياسي»، تكون مهمتها تنسيق العمل بين الجهات والمؤسسات المختلفة لمواجهة تلك الحروب التي تسعى دائمًا لإحداث الفرقة داخل المجتمع، وخلق انقسامات وتشكيك متبادل بين مختلف فئات المجتمع وقطاعاته، وبين المواطنين ومؤسسات الدولة.

وبحسب الدراسة، فإنّ حملات التأثير الاجتماعي التي تستغل الفضاء الإلكتروني تسعى إلى نشر الانقسام الداخلي وإثارة الفتنة بين أفراد المجتمع، ويعتمد ذلك على التأثير في مواقف الأفراد ومعتقداتهم بوسائل تتراوح بين الإقناع والامتثال لضغوط خارجية، ويزداد التأثير كلما كانت لدى الأفراد معرفة أوسع بالموضوع أو صلة أقوى به.

تشير الدراسة إلى أنَّ أبرز التطورات في الحرب النفسية المعاصرة هو تخصيص الرسائل للفرد المستهدف، بدلاً من الاعتماد على رسائل شاملة للجماهير، مما يزيد من فاعلية التأثير، فعلى عكس الإعلام التقليدي الذي كانت تتحكم فيه الدول، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تُدار من قبل شركات خاصة تعمل عبر الحدود ويصعب السيطرة عليها.

وفي دراسة بحثية أعدها الدكتور معتز عبدالله عميد كلية الآداب الأسبق وأستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، أكّدت أنَّ التضليل الإعلامي لأعداء الوطن عبر معلومات مختلطة ومتداخلة ومغلوطة يستهدف بث المشاعر السلبية نحو الوطن وترسيخ الاتجاهات السلبية لزيادة حالة الشك لدى المواطن، وتزييف الوعي تحت ستار الموضوعية، لترسيخ فكرة أنَّ الانقسام ما زال موجودًا بين أبناء الشعب المصري.

وأوضحت الدراسة أنَّ الشائعات تنتشر وتزدهر في ظل غياب المعايير المؤكّدة للصدق، مع إمكانية ترويجها من خلال عدة وسائل، مشيرة إلى وجود فروق فردية في نشر الشائعات بين الشائعات المقصودة والعفوية، والتي تُعد الأخطر لأنّها تنطوي على حسن النية وينتج عنها التجاوب معها دون وعي أو دراية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الجماعات الإرهابية الحروب النفسية الشائعات الإخوان الحروب النفسیة التی ت

إقرأ أيضاً:

 استراتيجية لمواجهة التنمّر!

 استراتيجية لمواجهة التنمّر!

د. #ذوقان_عبيدات

ليس من الحكمة التركيز على ما حدث. تحدَّثنا طويلًا، وتبارَزنا في تشخيص الواقع، وقال بعضُنا: إهمال، وهو ليس كذلك. وقال بعضُنا الآخر: ضعف التعليم بكل عناصره، وهو ليس كذلك، وقيل: غياب الإدارة، وهو ليس صحيحًا. وقيل: سوء حظّ الوزير، وهذا ليس صحيحًا. قد يكون كل تفسير صحيحًا جزئيّا، وقد تكون جميع التفسيرات ضرورية لفهم المشكلة. وحتى لا تضيع القضية سُدًى، وننساها بعد أسبوع، فلا بدّ من دراسةٍ أكثرَ عمقًا. فنحن بحاجة إلى حلول أكثر من حاجتنا لتشخيصات! وأعلن في البداية أن حادثة الحرق ليست مسؤولية لأحد معين، فهي تراكمات وأمراض سادت نظامنا التعليمي منذ زمن طويل!

(01)
مبادئ عامّة

مقالات ذات صلة الإيمان والإستقامة 2025/03/09

تستند الاستراتيجية المقترحة إلى المبادئ الآتية:

1- ضرورة فهم حادثة الحَرْق، وتوصيفها على أنها خلل في مختلف جوانب #النظام_التعليمي.

2- ضرورة فهم أن البيئة المدرسية، أو التعليمية هي جزء من البيئة المجتمعية: أسرةً، ومجتمعًا، ومؤسساتٍ متنوعةً. تتأثر وتؤثر فيها.

3- ضرورة فهم أن البيئة المدرسية أكثر نقاءً، وضبطًا، وانضباطًا من البيئة المجتمعية.
حيث يمكن التحكم بضبطها.

4- ضرورة معرفة أن العِقاب القانوني ليس حلّا تربويّا يقود لإنهاء المشكلة. فجذور المشكلة تربوية، وحلّها كذلك.

5- ضرورة معرفة أن القضية تربوية خالصة، وما يُحكى عن القانون، وحبس المخالفين لا علاقة له بما يحدث تربويّا.

6- إن معاقبة المسؤولين محليّا، وتحميلهم كامل المسؤولية ليس عدلًا. فالقضية ليست محليّة المنشأ.

7- يجب على أحدٍ ما، أو آحادٍ ما، أن يتحمل المسؤولية الأدبية عن الحادث، حتى لو كان هذا غير عادل. فتحمّل المسؤولية هو جزء من الحل.

8- إن تنفيذ الحلول لمشكلة التنمّر، يجب أن لا يتمّ على يد مسؤولين مرعوبين إعلاميّا، وربما رسميّا. فالخائف لا يستطيع البحث عن حلول. فالحلول والإصلاحات تتطلبان شجاعة وجرأة.

9- إن معاقبة المسؤولين الكبار، بحكم مناصبهم، يجب أن لا يؤدي إلى العزوف عن تحمل المسؤولية.

10- يجب وقف ثقافة الصمت والخوف، وثقافة التهديد، و(ثقافة فخّار يكسّر بعضه).

11- ضرورة تقبّل النقد بوصفه عاملًا مهمًا في الرقابة والتصويب.

(02)
أسبقيات، أم سوابق؟

حين استقالت وزيرة إعلام سابقة، سنة 1984، لم يُعَدْ تدويرُها خلافًا لِما حدث لاحقًا مع آخرين. فحين استقال وزير تربية سابق، أعيد لاحقًا لموقعه نفسه، وكذلك حدَثُ مع وزيرة سياحة سابقة على خلفية أحداث البحر الميت. وحين استقال وزير صحّة سابق، تمّت إعادته بمنتَج جديد، وموقع جديد مختلف.

لا أتحدث عن نجاح، وفشل للأشخاص المدوَّرين، بل عن طريقة الإصرار على إعادتهم بشكل قد يراه بعضُ المواطنين مستفزّا. لكن هذا يعني بأن الدولة تحترم الاستقالة الأدبية، ولم تعدّها نهاية لمستقبل من يستقيل. ومع ذلك، لم تنجح الدولة في حفز سيّئي الحظ على الاستقالة الأدبية، ولم تؤسّس لمبدأ: تحمل المسؤولية. وهذا سلوك مكلف ماديّا وأخلاقيا لدى أصحاب القرار. فالمطلوب حماية المبادئ، لا الأشخاص.

(03)
خطوات التنفيذ

انطلاقًا مما سبق، فإن الخطوات الآتية يمكن تطبيقها لحل مشكلة التنمّر، وذلك بإجراء إصلاحات تشمل ما يأتي:

١-التأكيد في فلسفة التربية على ما يأتي:

حل المشكلات بطريقة رابح – رابح. تأكيد أهمية سيادة القانون في حل المشكلات، كون القوانين المدرسية تكفل حقوق جميع الطلبة. ضرورة أن تقدّم المدرسة بمعلّميها، ومديرها، والعاملين فيها نماذج إيجابية للسلوك. وهذا يتطلب وضع ميثاق أخلاقي لممارسة التعليم.

٢-وفي إطار المناهج، تركّز على قيم الفلسفة التربوية المذكورة أعلاه، حيث تكون قيم تقبّل الآخر والحوار، ونبذ العنف، وعمل الفريق والاحترام، وسيادة القانون أساسًا في جميع المواد المدرسية، إضافة لذلك، التوجه نحو إعلاء قيَم التفكير الناقد بشكل أساسي.

٣-وفي إطار المدرسة، يتم التركيز على ما يأتي:

إعلان مدرسيّ يشير إلى ثقافة المدرسة القائمة على الحب، واحترام الآخر، وإقامة العلاقات ⁠الإيجابية بين الطلبة، والمعلمين، والطلبة، وبين المدرسة، والطلبة، والمعلمين. ⁠ إيجاد برنامج مدرسيّ لحل المشكلات بين الطلبة يُسمّى “التوسّط بين الرفاق ⁠Peer Mediation” . نشر ثقافة المدرسة الجديدة بين الأهالي.

(04)
هل هذا كافٍ؟

بالتأكيد، كما قلت: إن للمشكلات المدرسية جذورها المجتمعية، والأسريّة، لكن ليس لدينا سوى طريق العمل التربوي على المدى البعيد؛ لتطوير حياة الأفراد، والمجتمع، والأسرة. وإن تنفيذ برنامج للتنمّر لا يمكن أن يتم بمعزِل عن إصلاح تربوي شامل، يمكن تطبيقه خلال سنتين إن عرفنا كيف نختار أجهزة التربية وقياداتها.

فهمت عليّ جنابك؟!!

مقالات مشابهة

  •  استراتيجية لمواجهة التنمّر!
  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • العربي للدراسات السياسية: ما يحدث في الضفة الغربية أكثر خطورة من غزة
  • الثامن من مارس: والجالسات على أرصفة العدالة في السودان
  • الرئيس السيسي: مصر خيارها السلام.. والأموال التي تنفق في الحروب يجب أن تنفق فى التعمير والتنمية
  • الثامن من مارس: و الجالسات على أرصفة العدالة في السودان
  • شرطة أبوظبي توضح خطورة التوقف وسط الطريق
  • دراسات حديثة تربط الكافايين بالجينات العقلية
  • شاهد | العدو الإسرائيلي يتمدد في الجنوب السوري.. المسلحون يمددون المعارك في الداخل
  • نصر عبده: الدول الكبرى تعتمد على علم المستقبليات في إعداد سيناريوهات حروبها