كيف يستشرف خبراء سياسة ترامب بالشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
الخرطوم/ بغداد/أنقرة/ صنعاء- بعد 4 سنوات من مغادرته البيت الأبيض وسط عاصفة سياسية، يعود الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في دورة جديدة.
ويتوقع مراقبون ألا تشهد سياسته تجاه منطقة الشرق الأوسط تحولا جذريا، لكنه سيكون براغماتيا وأقل ميلا للمواجهات الخارجية وأكثر انكفاء للداخل. ويعتقدون أنه من الصعب التكهن بتوجهاته الحقيقية، لأنه لا يسير في مسارات متماسكة وقد يتخذ خطوات غير متوقعة.
وأبدى هؤلاء تفاؤلا حذرا من أن ترامب -ونظرا لأسلوبه وطموحه الشخصي- سيسعى لوقف الحروب في المنطقة وعقد صفقات وتسويات تجنب بلاده الاستنزاف المالي والتورط في رهانات خاسرة.
آمال سودانيةفي السودان، تقدم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" عبد الله حمدوك بالتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب، وأعربوا عن استعدادهم للتعاون معه لتحقيق السلام.
وقال مالك عقار نائب رئيس المجلس إن الديمقراطيين والجمهوريين في أميركا "وجهان لعملة واحدة ومتفقان في الهدف والإستراتيجية ومختلفان في التكتيك ووسائل التنفيذ". واعتبر -في تصريح- أن فوز ترامب أو كامالا هاريس "سيان" فيما يخص الأزمة السودانية، وقال "لا أحد يستطيع أن يقرأ عقل الشيطان، واشنطن في نظرهم أولا ونحن نؤمن بذلك".
وشهدت الفترة الرئاسية السابقة لترامب رفع العقوبات على السودان، وشطب اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب بعد أكثر من عقدين من الزمان، كما حمل الخرطوم على بدء خطوات للتطبيع مع إسرائيل، ووقع معها اتفاق أبراهام.
من جانبه، يرى المحلل والمتحدث السابق باسم الخارجية السودانية العبيد أحمد مروح أنه رغم أن التوجهات الخارجية للسياسة الأميركية لا تتأثر كثيرا بفوز الجمهوريين أو الديمقراطيين، فإن وجود ترامب في البيت الأبيض يمكن أن يشكل فرصة لتحسين علاقات واشنطن مع السودان مثلما حدثت في آخر عهدته السابقة.
وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد مروح أن ترامب سيكون متحررا إلى حد كبير من قيود النظرة البيروقراطية، مما يشكل فرصة سيستفيد منها السودان للوصول إلى تفاهمات مع إدارته القادمة، ولو من باب خفض التوتر في علاقات البلدين.
مخاوف عراقيةمن جانب آخر، تواجه العلاقات العراقية الأميركية تحديات متجددة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، خصوصا بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري.
ويرى الأكاديمي والباحث السياسي حيدر حميد أن الحكومة العراقية ستتعامل مع أي إدارة أميركية جديدة وفقا لمصلحتها الوطنية. ويقول للجزيرة نت إن أهم ما يهم بغداد هو التزام الولايات المتحدة باتفاقية الإطار الإستراتيجي والانتقال بالعلاقة بين البلدين إلى مرحلة تنفيذ بنود الاتفاقية كافة، لا سيما المتعلقة بخروج القوات الأميركية من العراق.
ويستبعد المتحدث تغيرا جذريا في السياسة الأميركية تجاه العراق مع تولي إدارة جديدة المنصب مع حرص واشنطن على الاحتفاظ بعلاقتها مع بغداد وتطويرها، وتوقع مواصلتها سياسة الاشتباك مع الفصائل العراقية، بمعنى أن القوات الأميركية لن ترد على أي استفزازات ما دامت حالة الهدوء قائمة.
ولا تزال المخاوف قائمة بشأن احتمال توسع نطاق الصراعات في المنطقة، لا سيما في ظل استمرار الحرب في غزة وجنوب لبنان. وقد يصبح العراق جزءا من هذه الصراعات "رغما عن إرادته" خاصة إذا عادت إدارة ترامب إلى تبني سياستها السابقة والتي تقوم على فرض عقوبات قصوى على إيران، وفقا للباحث العراقي.
وأعرب حميد عن قلقه من أن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، خاصة إذا ما تنصلت الإدارة الأميركية من التزامها بخروج قواتها من البلاد بحلول سبتمبر/أيلول 2026.
توازن المصالحفي ملف آخر، واجهت العلاقات التركية الأميركية خلال ولاية ترامب الأولى تحديات كبيرة، لكنها تميزت بحالة من البراغماتية في قضايا عدة، كما يوجد تفاهم وتعاون بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلافا لعلاقته مع الرئيس جو بايدن.
وعدّ المحلل السياسي التركي أحمد أوزغور فوز ترامب بولاية ثانية فرصة لإعادة تفعيل العلاقات بين أنقرة وواشنطن، لكنه يرى أنها ستظل محكومة بتوازن بين التعاون والتوتر.
وبحسب حديثه للجزيرة نت، فإن عودة ترامب للبيت الأبيض قد تعني تخفيف حدة التوتر في بعض الملفات خاصة أنه ينظر للشراكة مع تركيا من زاوية براغماتية، ويرى فيها شريكا إقليميا لا يمكن تجاهله.
وبرأيه، فإن موقف ترامب تجاه روسيا كان دائما أقل عدوانية مما سيساعد تركيا في الحفاظ على توازنها بين واشنطن وموسكو، خصوصا في ملفي صواريخ إس 400 وطائرات "إف 35" حيث يمكن التوصل إلى تفاهمات جزئية تضمن مصالح الجانبين.
أما في الملف الاقتصادي، يقول المحلل أوزغور إن أنقرة قد تستفيد من سياسات ترامب التي تعزز التعاون التجاري الثنائي على حساب الالتزامات الدولية، ويمكن أن تجد خطتها الاقتصادية الجديدة أرضية مشتركة مع سياساته الداعمة للتجارة الحرة في ظل الزيارات المتبادلة بين رجال الأعمال الأتراك والأميركيين.
وعن الأوضاع في سوريا، قد تفتح عودة ترامب باب الحوار بشأن ملف وحدات حماية الشعب الكردية، والذي يُعد من أكثر الملفات الشائكة بين أنقرة وواشنطن، وسيكون الرئيس الفائز أكثر استعدادا لتقديم تنازلات تتعلق بدعم الأكراد في شمال سوريا خاصة إذا استطاعت تركيا تقديم بدائل تساهم في حفظ استقرار المنطقة دون الإضرار بمصالحها الأمنية، وفقا لأوزغور.
(تحديث)
موقفنا المساند لغزة ثابت ومتعاظم وسيستمر حتى تصلنا برقية من فلسطين بتوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها
بالنسبة لقضيتنا نحن وأمريكا هناك فاتورة طويلة
تنتظرها ودعما لخيار السلام يجب أن يكون ترامب مستعداً لدفع التعويضات عن كل ضربة استهدفت اليمن وعن كل ضربة دفاعية قمنا بها pic.twitter.com/b3y8LAtMyY
— حسين العزي (@hussinalezzi5) November 6, 2024
مطالب يمنيةإلى اليمن وفي أول رد فعل من جماعة أنصار الله (الحوثيين) تجاه فوز ترامب، قال القيادي الحوثي حسين العزي إن "موقفنا المساند لغزة ثابت ومتعاظم وسيستمر حتى تصلنا برقية من فلسطين بتوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها".
وفي تغريدة على منصة إكس، رأى العزي أن قضيتهم مع أميركا بعد فوز ترامب "تنتظرها فاتورة طويلة ودعم لخيار السلام"، وقال القيادي الحوثي "يجب أن يكون ترامب مستعدا لدفع التعويضات عن كل ضربة استهدفت اليمن وعن كل ضربة دفاعية قمنا بها".
وكانت محكمة يمنية تخضع لسيطرة الحوثيين قد أصدرت في أكتوبر/تشرين الأول 2020 حكما غيابيا "بإعدام ترامب وقادة دول أخرى بعد إدانتهم بارتكاب مجازر ضد المدنيين اليمنيين" وتغريمهم مبلغ 10 مليارات دولار تُدفع لأولياء الضحايا في اليمن.
ويتوقع الباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي أن يتأثر موقف ترامب من اليمن بتطورات الحرب في غزة، رغم أنه وعد بإنهاء الحروب في العالم وخاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ويقول الباحث -للجزيرة نت- إن موقف ترامب من الحوثيين كان متشددا بعدما أدرجهم في قائمة الجماعات الإرهابية في نهاية ولايته الأولى في يناير/كانون الثاني 2020.
ويرجح التميمي أن يغير الرئيس الجديد من التعاطي العسكري الحالي الذي تشرف عليه إدارة بايدن الديمقراطية. ويرى أن جماعة الحوثي "ليست في حالة مواجهة ضد المصالح الأميركية في البحر الأحمر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت عن کل ضربة فوز ترامب
إقرأ أيضاً:
مدير مركز أبحاث: انتخاب رئيس أمريكي جديد سيؤثر على أجندة واشنطن بالشرق الأوسط
أكدت الدكتورة عزة هاشم مدير مركز "الحبتور" للأبحاث أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية تعد واحدة من أهم الانتخابات في التاريخ الأمريكي الحديث، وذلك لعدة أسباب تتعلق بالتحديات غير المسبوقة على المستويين المحلي والدولي.
وقالت الدكتورة عزة هاشم، في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم "الأربعاء"، إن انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية يحمل دلالات كبرى ستؤثر على الأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط، والعلاقات مع الصين، وموقفها من الحرب الروسية الأوكرانية.
وشددت على أن الانتخابات الأمريكية تأتي في وقت حاسم، حيث تتسم منطقة الشرق الأوسط بتعقيدات جيوسياسية وصراعات متشابكة، حيث الحرب الجارية في الإقليم تكاد تعصف بالمنطقة، ورُبما تؤدي إلى حرب شاملة في حال استمرارها لفترات أطول، بحيث تجذب مزيدًا من الأطراف إليها، خصوصًا إذا استمرت الضربات المُباشرة بين إيران وإسرائيل، وبالتالي فإن للرئيس الأمريكي القادم دورا محوريا في كبح جماح الصراع الجاري والسيطرة عليه وإعادة الاستقرار للمنطقة.
وأوضحت هاشم أن الانتخابات الأمريكية تعتبر مواجهة بين رؤيتين متناقضتين حول مستقبل البلاد، إذ تتصدر قضايا محورية المشهد، مثل التفاوت الاقتصادي حيث يُعاني الكثير من الأمريكيين من تراجع مستويات الدخل أمام التضخم، وازدياد كلفة المعيشة، خصوصًا نفقات الإسكان والرعاية الصحية.
وأضافت أن استطلاعات الرأي تظهر أن الناخبين منقسمون حول أفضل السبل لإدارة هذه التحديات، ما بين سياسات تركز على الضرائب التقدمية وزيادة الإنفاق الحكومي لدعم الفئات المتوسطة والفقيرة، وسياسات تفضل التخفيف من تدخل الحكومة في السوق وتحفيز الاقتصاد من خلال ضرائب مخفضة على الشركات.
وأشارت إلى أن هناك أيضا تحديات تتعلق بالسياسة الاجتماعية، مثل قضايا الإجهاض، وحقوق التصويت، والهجرة، فبينما يرغب جانب من الناخبين في فرض قيود أكثر صرامة على الهجرة وتعزيز الإجراءات الأمنية الحدودية، يرى آخرون أن الحاجة مُلحة لتبني نظام هجرة أكثر إنسانية وتنظيميا.
وأضافت :"بالتالي يُبرز هذا الانقسام التحدي الأساسي في أمريكا اليوم، وهو الاستقطاب السياسي، الذي أدى إلى تراجع في الثقة بالمؤسسات الديمقراطية وتنامي النزعات المتطرفة من اليمين واليسار على حد سواء، ولذلك فإنه من المتوقع أن تؤثر نتائج الانتخابات على تماسك النظام السياسي، ما قد يؤدي إلى أزمات دستورية أو اضطرابات مدنية إذا لم تُحسم القضايا الخلافية بطرق سلمية".
وفيما يتعلق بالقضايا الدولية ، قالت الدكتورة عزة هاشم إن العالم يعتمد على القيادة الأمريكية في قضايا حيوية كالتغير المناخي، والتجارة الدولية، والأمن.
وتابعت: فيما يتعلق بالتغيُر المُناخي، تُعتبر الولايات المتحدة من بين أكبر منتجي الكربون، وسياسات الرئيس القادم ستؤثر بشكل كبير على الجهود العالمية لخفض الانبعاثات.. وفي حال فوز مرشح يؤمن بتعزيز الاستثمارات في الطاقات النظيفة وتعزيز اتفاقات المناخ، ستُساهم أمريكا بشكل كبير في الحد من التغير المناخي، بينما إذا كان الفائز أقل اهتمامًا بالبيئة، فقد يعيق الجهود الدولية، بما يؤثر بشكل مباشر على البلدان النامية، التي تعتمد على التمويل والمساعدات لمواجهة تأثيرات التغير المناخي.
ومن ناحية السياسة الاقتصادية، تقول الدكتورة عزة هاشم إن الاقتصاد العالمي شديد الارتباط بسياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المركزي)، وأي تغييرات في السياسة التجارية أو النقدية الأمريكية يكون لها تأثيرات واسعة النطاق، ومن المتوقع أن تحدد نتيجة الانتخابات اتجاه السياسة الأمريكية نحو دول مثل الصين، بخصوص الاقتصاد والسباق التكنولوجي الحالي، وإذا كانت الإدارة القادمة تتبنى سياسة متشددة تجاه الصين، فإننا قد نشهد تصاعدًا في الحرب التجارية، مما سيؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، وتباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي.