اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم قيام شركة بضمان منتجات شركات أخرى لمدة معينة ضد العيوب الصناعة؟ فقد اشتريتُ سلعةً عن طريق موقع من المواقع الإلكترونية، ويوجد في سياسة الضمان من خلال هذا الموقع ما يسمى بخطط الضمان الممتد، ويُقصد بها قيام شركة ما بضمان المنتج ضد العيوب غير المتوقعة التي تطرأ عليه بعد انتهاء ضمان الشركة المصنِّعةِ، وذلك مقابل دفع العميل مبلغًا ماليًّا دفعة واحدةً أو على أقساط.

فما حكم شرائي خطة الضمان الممتد هذه؟". 

لترد دار الغفتاء المصرية، أنه لا مانع شرعًا من تعاقُد السائل مع جهة لضمان بعض المنتجات التي اشتراها ضد العيوب غير المتوقعة التي تطرأ عليها بعد انتهاء ضمان الشركة المصنِّعةِ مقابل دفعه مبلغ ماليًّا دفعة واحدة أو على أقساط -جائز شرعًا ولا حرج فيه؛ لأنَّ ذلك يندرج تحت مفهوم التأمين الجائز شرعًا؛ إذ إن عقد التأمين في حقيقته قائمٌ على التكافل الاجتماعي والتعاون على البِرِّ، مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلا بِطِيبِ نَفْسِهِ» أخرجه أبو يَعْلَى في "مسنده"، مع ضرورة مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه 

التعاملات.بيان ماهية شراء خطة الضمان الممتد وحكمه
المعاملة المسؤول عنها من شراء خطة الضمان الممتد، بحيث تضمن الشركة المنتجَ ضد العيوب غير المتوقعة التي تطرأ عليه بعد انتهاء ضمان الشركة المصنِّعةِ، وذلك مقابل دفع العميل مبلغًا ماليًّا دفعةً واحدة أو على أقساط -هي في حقيقتها نوع من أنواع التأمين، حيث تلتزم الشركة بموجب هذا الاتفاق والتعاقد بتعويض العميل عند ظهور عيب غير متوقع في المنتج في مدة محددة، إما بالصيانة أو الاستبدال أو غير ذلك مما يتفقان عليه، وذلك مقابل التزام العميل بدفع مبلغٍ مالي مقطوع به دفعةً واحدةً أو على دفعات، وهذا يتوافق مع طبيعة التأمين، إذ هو عبارة عن: "عقد يلتزم المؤمِّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمَّن له، أو إلى المستفيد الذي اشتُرط التأمين لصالحه مبلغًا من المال، أو إيرادًا مرتبًا، أو أي عِوَضٍ ماليٍّ آخر، في حالة وقوع الحادث أو تحقُّق الخطر المُبَيَّن بالعقد، وذلك في نظير قسطٍ أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمِّن"، كما عَرَّفَتْهُ المادة (747) من القانون المدني المصري.

والذي عليه الفتوى أنَّ التأمين بأنواعه المتعددة جائز شرعًا؛ إذ إنه عقدٌ قائمٌ على التكافل الاجتماعي والتعاون على البِرِّ، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلا بِطِيبِ نَفْسِهِ» أخرجه أبو يَعْلَى في "مسنده"، والدَّارَقُطْنِي في "السنن"، والبَيْهَقِي في "السنن الكبرى".

وهذا يتوافق مع ما عليه التحقيق والعمل من جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغَرَر والضَّرَر، ولم تخالف نصًّا، مع تحقيقها لمصلحة المتعاقدين، وعدم الإضرار أو الإخلال بواقع واتزان السوق، وهي التي تندرج غالبًا تحت ما عبَّر عنها حجة الإسلام الغزالي بـ"مفسدات المعاملة"، و"مفسدات العقود"، و"أسباب الفساد"، و"مثارات الفساد"، كما في كتاب "آداب الكسب والمعاش" المضمَّن في كتابه "إحياء علوم الدِّين" (2/ 64-69، ط. دار المعرفة)، وعبَّر عنها الإمام ابن رُشْد الحفيد بـ"أصول الفساد" وحصرها في أربعة: تحريم عين المبيع، والرِّبَا، والغَرَر، والشروط التي تؤول إلى أحد هذين أو لمجموعهما، كما في "بداية المجتهد" (3/ 145، ط. دار الحديث).

بيان أنَّ جميع المعاملات المالية قائمةً على مبدأ الرضا المتمثل في الإيجاب والقبول
إنَّ المتأمل في منظومة العقود المسمَّاة في الفقه الموروث وما تم بحيالها من شروطٍ وضوابطَ يجد أنها جاءت لضبط مبدأ الرضا في العقود، بحيث لا تدور حركة المال ولا تنتقل الأملاك من يدٍ إلى يدٍ إلا برضًا تامٍّ بين أطرافها، وذلك لأنَّ العقودَ في الحقيقة بُنيت على رضا المتعاقدين، كما نبَّه عليه قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].

فالأصل الذي تُبنَى عليه العقود المالية من المعاملات الجارية بين العباد اتباع التراضي المدلول عليه في الآية الكربمة، غير أنَّ حقيقة الرضا لمَّا كانت أمرًا خفيًّا وضميرًا قلبيًّا اقتضت الحكمة رد الخَلْق إلى مَردٍّ كُلِّي وضابطٍ جَلِيٍّ يُستدل به عليه، وهو الإيجاب والقبول الدالَّان على رضا العاقدين، كما أفاده الإمام شهاب الدِّين الزَّنْجَاني في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة)، والإمام صَفِيُّ الدِّين الهندي في "نهاية الوصول في دراية الأصول" (2/ 314-315، ط. المكتبة التجارية).

ولا يَمنع من صحة المعاملة المسؤول عنها الجهالة الحاصلة في العيوب التي هي محل الضمان من حيث احتمال وجودها بعدُ أو لا؛ وذلك لأنها لا تُفضي إلى النزاع أو الخصومة والاعتراض، لما تقرر من أنَّ الجهالة التي تمنع صحة العقد هي تلك المُفضِية إلى النزاع أو الخصومة والاعتراض؛ لأنَّها حينئذ تمنع مِن التسليم والتسلُّم فلا يحصل المقصود مِن العقد، قال الإمام الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 179-180، ط. دار الكتب العلمية) عند بيان أثر الجهالة في العقود: [وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فضروب، منها: أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلومًا علمًا يمنع من المنازعة، فإن كان مجهولًا ينظر: إن كانت تلك الجهالة مفضية إلى المنازعة تمنع صحةَ العقد، وإلا فلا؛ لأن الجهالة المفضية إلى المنازعة تمنع من التسليم والتسلم فلا يحصل المقصود من العقد فكان العقد عبثًا لخلوه عن العاقبة الحميدة، وإذا لم تكن مفضيةً إلى المنازعة يوجد التسليم والتسلم فيحصل المقصود] اهـ.

بيان أدلة إلزام كلا طرفي العقد بالوفاء بما اتفقا عليه، وموقف القانون من هذا
المعاملة المسؤول عنها قائمةً على الرضا بين أطرافها ومحقِّقة لمصالحهم، وهي بذلك تكون قد ابتعدت كثيرًا عن دائرة المعاملات المحرمَّة التي توقع النزاع والخصومة بين أطرافها غالبًا، واندرجت تحت المعاملات المستحدثة الجائزة شرعًا، والتي لا يوجد في الشرع الشريف ما يمنعها.

وإذا جازت هذه المعاملة وصحت، فإنَّ كلا الطرفين مُلَزمٌ بما تضمنه العقد من اتفاقات والتزامات، وليس لأحدهما أن يرجع فيه أو أن يعدله من تلقاء نفسه، ويدل على ذلك الالتزام أمور منها:

- الأمر المطلق بالوفاء بالعقود في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، ومن الوفاء بالعقد والعهد الوفاء بما اتفق عليه الطرفان من شروط.

قال الإمام الجَصَّاص في "أحكام القرآن" (3/ 286، ط. دار إحياء التراث العربي): [واقتضى أيضا الوفاء بعقود البياعات والإجارات والنكاحات، وجميع ما يتناوله اسم العقود، فمتى اختلفنا في جواز عقدٍ أو فساده، وفي صحة نذر ولزومه، صح الاحتجاج بقوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾؛ لاقتضاء عمومه جواز جميعها من الكفالات والإجارات والبيوع وغيرها] اهـ.

- ومنها: عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه التِّرْمِذِي في "سننه"، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

قال العلامة الخَطَّابي في "معالم السُّنن" (3/ 142، ط. المطبعة العلمية): [جماع هذا الباب أنْ يُنظر، فكلُّ شرط كان من مصلحة العَقد أو مِن مقتضاه فهو جائز] اهـ.

وهذا يتفق مع ما نص عليه القانون المصري من أنَّ العقد شريعة المتعاقدين، وأنَّه يلزم الوفاء بما اتفق المتعاقدان عليه، فجاء في القانون المدني الصادر برقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨م، في الفقرةِ الأولى مِن المادة رقم (147) أنَّ: [العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نَقْضُه ولا تعديلُه إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقرِّرها القانون] اهـ.

وفي المادة رقم (148) في فقرتيها الأولى والثانية أنَّه: [(١) يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقةٍ تتفق مع ما يوجبه حسن النية.

(٢) ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضًا ما هو من مستلزماته، وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فتعاقُدُ السائل مع جهة لضمان بعض المنتجات التي اشتراها ضد العيوب غير المتوقعة التي تطرأ عليها بعد انتهاء ضمان الشركة المصنِّعةِ مقابل دفعه مبلغ ماليًّا دفعة واحدة أو على أقساط -جائز شرعًا ولا حرج فيه، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه التعاملات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: منتجات دار الإفتاء المصرية جائز شرع ا ه علیه ا دفعة

إقرأ أيضاً:

قيام إمبراطورية روسيا الإفريقية

في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس دونالد ترامب إلى تحقيق فتح مع بوتين في ما يتعلق بأوكرانيا، نرى الكرملين لا يتحرك، مكتفيا بتحقيق مكاسب على أصعدة أخرى. وفي حين تبقى واشنطن مستنزفة في أوروبا الشرقية، توسع موسكو نطاق نفوذها في إفريقيا متقدمة باطراد إلى ساحل الأطلنطي. وفيما تعمل في الخفاء، تقيم روسيا مواقع عسكرية، وتؤمِّن اتفاقيات دفاع، وتحول توازن القوى الإقليمي من البحر الأحمر إلى غرب إفريقيا.

وفي حال عجز إدارة ترامب عن الاستجابة، فإن الكرملين سوف يقيم معقلا استراتيجيا آخر على حد الناتو الجنوبي. ولن يكون وحده في ذلك: فروسيا تعمق التنسيق مع الصين وإيران، مشكلة محورا معاديا عازما على تحدي السيادة الغربية في مسارح عديدة: أرضية وبحرية وجوية، وأثيرية.

يمثل انسحاب الولايات المتحدة من النيجر ـ في أعقاب طرد فرنسا من السنغال ومالي وبوركينا فاسو ـ انهيارا للمعاقل الغربية في منطقة الساحل. ومع انسحاب الغرب، تسارع روسيا إلى ملء الفراغ، غارسة نفسها في البنى الأمنية وموسِّعة نفوذها خارج حدودها. وما هو بالنفوذ السياسي وحسب، فروسيا هي مورِّد الأسلحة الأكبر لإفريقيا، حيث تمثل نحو 40 % من واردات القارة من الأسلحة.

وليست هذه انتهازية محضة، إنما هي تفعيل لنهج الحرب غير المتكافئة الذي يتبعه بوتين. فبتسليح مجالس الحكم العسكرية، واستغلال الفوضى، تستولي موسكو على فراغات السلطة الناجمة بسبب الغرب. وفي قمة سوتشي في نوفمبرالماضي تعهد بوتين قائلا «إن بلدنا سوف يستمر في توفير الدعم الكامل لأصدقائنا الأفارقة».

يشير تنامي نفوذ موسكو في بوركينا فاسو ومالي والنيجر ـ أي تحالف دول الساحل (AES) حديث التكوين ـ إلى مسار واضح. ففي ما بين عامي 2020 و2023، استولت مجالس عسكرية على الحكم في تلك البلاد من خلال انقلابات مدعومة من روسيا، وأنهت العلاقات العسكرية والدبلوماسية مع حلفاء إقليميين ومع فرنسا والولايات المتحدة. وهي الآن تعمق التعاون الأمني بإرشاد من موسكو. فسوف تنتشر قوة أمنية مشتركة قوامها خمسة آلاف فرد من النيجر وبوركينا فاسو ومالي في وسط الساحل، مرسخة النفوذ الروسي مع تهميش البنى الأمنية المدعومة من الغرب.

ولكن روسيا لا تكتفي بدعم هذه الأنظمة الحاكمة، وإنما تعيد تشكيل بنية الأمن في إفريقيا من خلال شركة المرتزقة الغامضة التابعة لها أي شركة فاجنر [Wagner PMC]. وشركة فاجنر أكبر من محض جماعة شبه عسكرية، فهي سلاح استراتيجي للاندماج في قوات الأمن وإعادة صياغة توازن القوى في المنطقة. وبتوفير الدعم العسكري والغطاء الدبلوماسي، تجعل موسكو من نفسها العمود الفقري لبقاء هذه الأنظمة الحاكمة ضامنة السيطرة بعيدة المدى على مستقبل المنطقة.

توسع موسكو حاليا استراتيجيتها متجاوزة منطقة الساحل إلى الساحل الأطلنطي. ففي موريتانيا كانت زيارة وزير الخارجية سيرجي لافروف في عام 2023 جزءا من توجه دبلوماسي روسي أعم. وفي الوقت الذي جددت فيه حكومة موريتانيا التزامها بالقانون الدولي، عبرت أيضا عن «تفهمها» لمخاوف روسيا الأمنية، في دليل على أن السردية الموسكوفية تكتسب زخما.

وفي غينيا الاستوائية، تبنت روسيا نهجا أكثر مباشرة. إذ أشارت تقارير ترجع إلى نوفمبر 2024 إلى قيام موسكو بنشر قوة من مائتي فرد من أجل حماية نظام الرئيس تيودورو أوبيانج نجيما مباسوجو. ويستقيم هذا مع أسلوب روسيا المعتاد: وهو توفير الحماية لنظام حاكم في مقابل الحصول على نفوذ في المدى البعيد. وتوفر غينيا الاستوائية بما لديها من ثروة نفطية وموقع استراتيجي على خليج غينيا لروسيا معقلا في منطقة خضعت تاريخيا للقوة الغربية.

تستفيد روسيا من هذه التحولات في ثلاثة أوجه. أولا، أنها ترغم الدول المجاورة من قبيل تشاد وبنين وغانا وكوتدفوار ـ التي كانت ذات يوم من شركاء الغرب المضمونين ـ على التعاون مع موسكو، شاءت ذلك أم أبت. وفي ضوء أن مالي وبوركينا فاسو والنيجر تشكل منطقة عازلة متحالفة مع روسيا، تقوم القوات المدعومة من روسيا بالعمل في دول الساحل، فتواجه حكومات المنطقة أحد خيارين، إما تغيير شراكاتها الأمنية أو المخاطرة باللجوء إلى المناورة في بيئة خاضعة لهيمنة موسكو.

ثانيا، يتجاوز تحالف دول الساحل (AES) كلا من الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا [ECOWAS] بما يضعف من المؤسستين اللتين كانتا ذات يوم تنسقان الأمن الإقليمي. وبتآكل هذه الأطر تضمن موسكو أن تصاغ أي استجابة لعدم الاستقرار بحسب شروطها. وليس من قبيل المصادفة أن تسعى توجو ـ وقد رأت هذا التحول في ديناميات القوة ـ إلى الانضمام لتحالف دول الساحل (AES).

ثالثا، تعوق هذه الاستراتيجية العمليات الأمنية المدعومة من الولايات المتحدة والناتو. فمع انقطاع الصلة بين القوات الغربية والمراكز الأساسية في منطقة الساحل، تنزاح جهود مكافحة الإرهاب بعيدا في الجنوب إلى الدول الساحلية الهشة. ويؤدي هذا التمزق إلى تعطيل تبادل المعلومات ويرغم القوى الغربية على اتخاذ وضع رد الفعل على نحو متزايد. ويكون هذا هو الميدان الحربي الذي تزدهر فيه روسيا، حيث تتسم التدخلات الغربية بالبطء، بينما تطرح موسكو نفسها بوصفها الضامن الجديد للأمن.

لكن طموحات موسكو في إفريقيا تتجاوز القارة كثيرا، فهي تنظر إليها بوصفها خطوة حاسمة في بنية نفوذ عالمية جديدة. وبحلول عام 2026، تخطط موسكو لافتتاح سفارات في جامبيا وليبريا وجزر القمر والنيجر وسيراليون وتوجو وجنوب السودان مرسخة نفوذها في مناطق يتلاشى فيها النفوذ الغربي.

يعزز هذا التحول كتلة روسيا الاستراتيجية، إذ حصلت إيران على اليورانيوم من النيجر بعد انقلاب مدعوم من الكرملين، في حين توسع الصين سيطرتها في الوقت الذي تنال فيه موسكو من النفوذ الغربي. وتصوغ موسكو وطهران وبكين معا محورا يتحدى مصالح الولايات المتحدة في العالم كله تحديا مباشرا.والآن، تتركز أنظار موسكو على الأطلنطي. ففي حين لم يتم الإعلان عن قاعدة بحرية في ساحل غرب إفريقيا، فليس ذلك إلا مسألة وقت في ضوء تعميق الروابط مع غينيا وموريتانيا وغينيا الاستوائية. وما يبدأ في حدود مركز لوجيستي اليوم قد يصبح في غد موقعا عسكريا، يتيح لموسكو موطئ قدم استراتيجيا لتحدي هيمنة الناتو وربما لقطع خطوط الإمداد الغربية.

وقبل أن تستجيب واشنطن، لا بد أن تدرك نطاق الطموحات الروسية. فإفريقيا لم تعد منطقة هامشية، إنما هي تتحول إلى منصة مركزية بالنسبة لاستراتيجية موسكو العالمية. وفي حال استمراركم في التغافل عنها، فإن روسيا وإيران والصين سوف تصوغ المنطقة دونما أن تصادف أي صعوبات. ومع تأمين موسكو ممرات أساسية وصياغتها ترتيبات أمنية جديدة، قد تتصدع سلاسل التوريد الغربية، وقد يتفكك الردع، وقد تجد أوروبا نفسها مكشوفة. وبحلول الوقت الذي يتخذ فيه الغرب رد فعل، سيكون توازن القوى قد تشكل وانتهى الأمر.

زينب ريبوا زميلة باحثة ومديرة برامج في مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط بمعهد هدسون. وهي متخصصة في التدخل الصيني والروسي بالشرق الأوسط، ومنطقة الساحل، وشمال إفريقيا، وتنافس القوى العظمى في المنطقة، والعلاقات العربية الإسرائيلية. قبل انضمامها إلى معهد هدسون، عملت مساعدة باحثة في مركز الحضارة اليهودية بجامعة جورج تاون. نشرت مقالاتها وتعليقاتها في صحف وول ستريت جورنال، وفورين بوليسي، وناشيونال إنترست، وجيروزاليم بوست، وتابلت، وغيرها.

عن ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • لجنة من وزارة الصناعة تتفقد مصانع شركة بلبن لمنتجات الألبان
  • وزارة الزراعة التركية تفضح شركات غذائية كبرى.. تفاصيل صادمة عن غش المواطنين
  • لا اتفاق بين العهد والحزب على آلية زمنية لإطلاق الحوار بشأن السلاح
  • شركة نجم لخدمات التأمين تطرح وظائف شاغرة
  • الرقابة المالية: 4.8 مليارات جنيه تعويضات لعملاء شركات التأمين خلال فبراير الماضي
  • صناعة النواب تناقش طلب إحاطة بشأن عدم الشفافية مع مساهمي شركة الحديد والصلب
  • اتحاد شركات التأمين يستعرض جوانب الاقتصاد التشاركي
  • شركة المناصب للتجارة المحدودة تدشن (إسمنت دار اليمن)
  • قيام إمبراطورية روسيا الإفريقية
  • قرقاش: الكرامة لا تكرس بالشعارات.. بل بضمان مستقبل أفضل للأفراد والمجتمعات