خبراء روس وأوكرانيون يقيّمون عودة ترامب للبيت الأبيض
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
موسكو/كييف- حظيت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية باهتمام بالغ وغير مسبوق من روسيا وأوكرانيا، وسط توقعات بأن يؤدي فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى تأثيرات على المقاربة الأميركية للحرب الدائرة بين موسكو وكييف وعلى العلاقات مع كل منهما.
ومع تباينات طفيفة بينها، تميزت قراءة أغلب المراقبين الروس بالتفاؤل الحذر مع التأكيد أن الحكم على العهد الرئاسي الجديد في الولايات المتحدة سيكون من خلال الأفعال وليس الأقوال.
وقال محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف إنه على الرغم من أن ترامب لم يقدم سياسة محددة تجاه روسيا، فإن الكرملين يعتبره مفاوضا مناسبا له.
وأضاف بيرسانوف -للجزيرة نت- أن ترامب اتخذ في فترة ولايته السابقة نهجا أكثر واقعية في السياسة الخارجية، وغالبا ما كان يحدّ من مشاركة واشنطن في الصراعات الدولية ويفضل التركيز على المصالح الداخلية للبلاد.
تخفيف جزئيوحسب رأي المحلل الروسي، من الممكن أن يساعد مثل هذا النهج في تقليل التوترات بين موسكو وواشنطن مما يسمح لهما بالتركيز على التفاعلات العملية. ونظرا للوضع السياسي الداخلي الصعب في الولايات المتحدة، لا يمكن للمرء أن يتوقع في المنظور القريب تطبيعا كاملا للعلاقات.
وتابع أن ترامب أعرب مرارا وتكرارا عن شكوكه بشأن العقوبات خاصة إذا كانت تضرّ الشركات الأميركية. وتوقع تخفيفا جزئيا للقيود المفروضة على موسكو ستخلق فرصا لاستئناف علاقات اقتصادية أكثر نشاطا تتيح للشركات الروسية الوصول إلى السوق الأميركية وتسهل جذب الاستثمار.
لكنه استدرك أن من غير المرجح رفع العقوبات بالكامل، لأن سياسة العقوبات منصوص عليها على مستوى الكونغرس وتعمل بغض النظر عن قرارات الرئيس.
من جانبه، أعرب الكاتب المختص في الشؤون الأميركية يفغيني ماركوف عن ثقته بأن ترامب سيفي بوعده الذي قدمه خلال الحملة الانتخابية بالاتصال بموسكو وكييف. ووفقا له، يقوم رئيسا روسيا وأوكرانيا فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي بإعداد الرد على المقترحات المحتملة للرئيس الأميركي الجديد.
وبرأيه، فإن ما يعزز هذا الاعتقاد هو أن الجمهوريين باتوا يتمتعون الآن بالسلطة الكاملة التشريعية والمالية والرئاسية، وتقريبا المحكمة العليا بأكملها التي عينها ترامب ذات يوم، وذلك مما يعزز هامش المناورة لوضع سياسة خارجية أكثر مرونة وبراغماتية.
ومن الجوانب المهمة الأخرى لانتصار ترامب، بحسب الكاتب ماركوف، هو التخفيض المحتمل لنشاط حلف شمال الأطلسي (الناتو) قرب الحدود الروسية، فقد أظهر في ولايته الأخيرة اهتماما محدودا بتعزيز الحلف وانتقد الدول الأوروبية بسبب نقص تمويله.
وقد يؤدي هذا -حسب ماركوف- إلى تقليل الضغط العسكري على روسيا في أوروبا الشرقية، مما يسمح لها بتخفيض الإنفاق الدفاعي والتركيز على التنمية الاقتصادية.
نظرة سلبيةوفي أوكرانيا التي سارع رئيسها زيلينسكي إلى تهنئة ترامب، لا يمكن تجاهل حالة "الصدمة والتوجس" إن صح التعبير؛ فلطالما لمح مسؤولوها والمحللون إلى أن فوز الديمقراطية كامالا هاريس أفضل، لأنه -برأيهم- سيضمن استقرار الدعم المالي والعسكري لكييف، بينما سيضع فوز ترامب كل ذلك أمام مصير مجهول في خضم الحرب المستمرة مع روسيا.
وبسلبية مطلقة، ينظر كثيرون بالفعل إلى سياسة ترامب تجاه أوكرانيا التي انتقدها وانتقد رئيسها مرارا خلال حملته الانتخابية، وكذلك إلى وعده بنهاية سريعة جدا لحرب تقترب من ختام ثالث سنواتها.
ففي حديث مع الجزيرة نت، قال فولوديمير فيسينكو رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية (بنتا) إن ثمة احتمالا كبيرا أن تتوقف المساعدات المالية الأميركية خاصة تلك التي تضخ في ميزانية الدولة الأوكرانية، لأن هذا "ركن من أركان حملة ترامب وموقف يتبناه كثير من الجمهوريين".
وأضاف "هذه كارثة على الاقتصاد، ترامب يحسب المال جيدا وسيوقف المساعدات المجانية. أعتقد أن الدعم العسكري سيستمر لكنه سيتحول إلى قروض ضخمة تتحملها الحكومة. هذه أمور سوف يبتّ فيها الكونغرس الجديد والمرجح أن يكون بيد الجمهوريين".
فرصة جديدةلفت الخبير فيسينكو إلى سيناريو أسوأ قد ينتظر أوكرانيا بعد فوز ترامب، موضحا أنه إذا تمكن الجمهوريون من الهيمنة -بعد البيت الأبيض– على مجلسي النواب والشيوخ، فإن كل السلطة ستكون -بحكم الأمر الواقع- في يد شخص واحد هو دونالد ترامب، و"هذا أمر مقلق لكييف في ظل غياب أي أفق واضح لسياسته أو ضمانات".
ولكن الأسوأ سيحدث -وفقا له- إذا أغرقت الولايات المتحدة نفسها في أزمة سياسية بعد الانتخابات، حيث سيشكل هذا خطرا كبيرا على أوكرانيا والعالم بأسره، وفرصة أمام بوتين والصين وإيران وكوريا الشمالية، "عندئذ سنفقد المساعدات الأميركية إلى أجل غير مسمى".
لكن آخرين، على قلتهم، يرون أن فرصة جديدة تتشكل أمام أوكرانيا وأن رئيسها "زيلينسكي قادر على كسب ترامب إلى صفه بقوة".
يقول الكاتب والمحلل السياسي أوليكساندر بالي للجزيرة نت "يجب أن نفرق بين ترامب المرشح وترامب الرئيس، بعد إعادة انتخابه واطلاعه على الوثائق والمعلومات السرية. دعونا لا ننسى أن ترامب الذي تعهد بوقف الحرب خلال 24 ساعة اعتبر أثناء مناظرته مع الرئيس جو بايدن أن شروط بوتين للسلام غير مقبولة، ثم هدد بضرب موسكو إذا لم تنسحب".
وأضاف بالي أن ترامب كان أول رئيس أميركي يتخذ قرارا ببيع أسلحة فتاكة لكييف في 2017، وقالها صراحة في 2018 "أعطيت أوكرانيا أسلحة، وأعطاها باراك أوباما الوسائد والبطانيات". لذلك، يعتقد المحلل أنه "ما من داع لأي ذعر ولا بد من الانتظار بهدوء ومتابعة خطوات ترامب المستقبلية بعناية".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خريطة توضح مدى قدرة الصواريخ الأمريكية على دعم أوكرانيا في استهداف روسيا
(CNN)-- أنهت الخطوة الأحادية الجانب التي اتخذها المستشار الألماني أولاف شولتز الجمعة للاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يقرب من عامين من عزلة قادة الناتو الرئيسيين لرئيس الكرملين.
لقد كانت هذه أخبارًا سيئة تمامًا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال فترة 72 ساعة تميزت بموافقة البيت الأبيض أخيرًا على طلبه بالتمكن من إطلاق أسلحة أمريكية بعيدة المدى من طراز ATACM على روسيا. وغضب زيلينسكي من أن المكالمة فتحت "صندوق باندورا". وقال: "من المهم للغاية بالنسبة لبوتين أن يضعف عزلته".
وبعد ساعات، بدا أن زيلينسكي يعترف بوجود زخم نحو المحادثات، قائلا إنه عندما يتولى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب السلطة فإن "الحرب ستنتهي عاجلا"، لأن هذا هو الوعد الذي قطعه ترامب لناخبيه.
وقال شولتز إن مكالمته مع بوتين كشفت أن المواقف المتشددة للرئيس الروسي بشأن أوكرانيا لم تتغير، لكنه أضاف أنه من المهم لأوروبا أن تتحدث مع بوتين، إذا كان ترامب على وشك أن يفعل الشيء نفسه.
كانت المحادثة التي استمرت ساعة بمثابة إشارة إلى عودة الدبلوماسية إلى الصراع المستمر منذ عقد من الزمن.
قد يكون قرار إدارة بايدن بالسماح بإطلاق صواريخ ATACM على الأراضي الروسية انعكاسًا للشعور المتزايد بالتصعيد في الحرب، حتى مع ظهور محادثات سلام محتملة في الأفق، حيث تسعى جميع الأطراف إلى تحسين موقفها قبل رئاسة ترامب.
ووصف دبلوماسي مطلع على المزاج السائد داخل مقر حلف شمال الأطلسي حالة عدم اليقين في الحلف بشأن موقف ترامب من استمرار الدعم ومفاوضات السلام، ووصف الأشهر القليلة المقبلة بأنها حاسمة في ساحة المعركة في أوكرانيا.
وقد ردد مسؤول كبير في المخابرات الأوكرانية حالة عدم اليقين، حيث قال لشبكة CNN: "من الخطير جدًا إصدار تنبؤات الآن. نأمل بحدوث الأفضل!".
ويتكهن معظم المحللين بأن أي اتفاق سيتضمن تجميدًا تقريبيًا للخطوط الأمامية، مع قيام موسكو وكييف بتقديم أو تلقي ضمانات أمنية لمنع تجدد الصراع. وتستمر روسيا في تحقيق مكاسب صغيرة ولكن متسقة على خط الجبهة الشرقي، وسوف تبتلع حوالي خمس أوكرانيا إذا تم التفاوض على الخطوط الأمامية لإنشاء حدود دائمة جديدة. ويحذر منتقدو الكرملين أيضًا من تاريخه في استخدام الدبلوماسية كتوقف أو إحباط لتحقيق أهدافه العسكرية.