قد نرى بأعيننا يوميا مواد بلاستيكية في كل مكان تقريبا، ولكن هل خطر بأذهاننا من قبل أن هناك جسيمات صغيرة وغير مرئية من ضمن مكونات هذه المواد البلاستيكية تحمل في الهواء ونستنشقها كل يوم ولها أضرار بالغة؟

توضح دراسة حديثة نشرت في أكتوبر/تشرين الأول في مجلة إنفيرومينتال ريسيرش كيف تعرض سكان جنوب كاليفورنيا بشكل مزمن لمواد سامة محمولة في الجو تسمى الملدنات، وهي عبارة عن مركبات كيميائية بلاستيكية تجعل المواد أكثر مرونة.

تستخدم الملدنات في منتجات عبوات الطعام البلاستيكية وستائر الاستحمام وخراطيم الحدائق والمفروشات ومنتجات التجميل مثل طلاء الأظافر، وبشكل عام تدخل الملدنات في تركيب المنتجات المحتوية على كلوريد البولي فينيل.

وتتسرب هذه المواد من المنتجات البلاستيكية وتنتشر في الطعام والماء والهواء، وبعضها يمكن امتصاصه عن طريق الجلد بعد وضع مستحضرات التجميل.

لا أحد يستطيع تجنب التعرض لهذه الملدنات فهي موجودة في كل مكان وتضاف لمواد التجميل وحتى للعلب البلاستيكية (بيكسلز) اختراق جدار الخلية

إلا أن الدراسة الجديدة كما يبدو تسببت في صدمة للباحثين بسبب مستويات الملدنات المرتفعة جدا في الهواء، الأمر الذي جعلهم يدقون ناقوس الخطر لتنبيه الناس لخطورة هذه المواد.

وفي تصريح للجزيرة نت يقول الدكتور عمرو السيد الأستاذ بقسم التكنولوجيا الحيوية في كلية الدراسات العليا بجامعة بني سويف: "يمكن مباشرة أن تصنف أي مادة كيميائية قادرة على اختراق جدار الخلية على أنها مسرطنة"، ويضيف أن الملدنات، ما دامت قد امتلكت القدرة على اختراق جدار الخلية فنحن لا ندري كيف ستتفاعل مع الحمض النووي في خلايا أجسامنا، أو كيف ستتفاعل مع الإنزيمات.

وحتى لو افترضنا أن هذه الملدنات ستتعامل مع الحمض النووي بشكل آمن، فنحن لا نضمن ما المواد الكيميائية الأخرى المحملة على هذه الملدنات والمرتبطة معها، بحسب السيد.

ويضيف السيد: "رغم أن الباحثين يقولون إن التعرض لهذه الملدنات يزيد من خطورة حدوث السرطان، فإننا في مجال البيولوجيا الجزيئية لا نتعامل بهذه الطريقة، فما دامت قد اخترقت الخلية فنحن نعتبرها مسرطنة، ولذلك لا بد أن نؤمّن أنفسنا ومن حولنا".

الاستخدام المتزايد للمواد البلاستيكية يفتح الباب لانتشار الملدنات (بيكسابي) تركيزات خطيرة

في هذه الدراسة ارتدت مجموعتان من طلاب جامعة كاليفورنيا ريفرسايد أساور سيلكون مصممة لالتقاط المواد الكيميائية في الهواء.

وكان الطلاب يرتدون الأساور بشكل مستمر طوال اليوم وأثناء القيام بأنشطتهم المختلفة. بالإضافة إلى أنهم كان يعيشون في أماكن متفرقة من جنوب كاليفورنيا. وبعد 5 أيام قطّع الباحثون الأساور إلى قطع، ثم حللوا المواد الكيميائية التي تحتوي عليها.

بالنسبة لكل غرام من سوار المعصم المقطع، وجد الفريق البحثي ما بين 100 ألف ومليون نانوغرام من 3 أنواع من الفثالات (أحد أنواع الملدنات)، ورغم أنه كان يوجد بالأسورة 10 مواد ملدنة تم قياسها، إلا أن مستويات هذه المواد الثلاث كانت بارزة حيث مثلت ما يقرب من 94 إلى 97% من الكتلة الإجمالية للفثالات العشر.

وتوضح هذه الدراسة أن مستوى تعرضنا اليومي لهذه المواد الكيميائية الملدنة مرتفع جدا فهي موجودة في كل مكان، وهذا يدعو إلى إيجاد بدائل للبلاستيك الذي ينتج عند تحلله هذه المركبات وغيرها والتي تضر بالبيئة وبصحة الإنسان والحيوان. كما أن تقليل إنتاج واستهلاك المواد المحتوية على الملدنات هو الطريقة الوحيدة لتقليل تركيزها في الهواء.

هل يمكن تجنب خطر هذه الملدنات؟

وحول إمكانية تجنب التعرض لهذه الملدنات يقول السيد "لا أحد يستطيع تجنب التعرض لهذه الملدنات فهي موجودة في كل مكان وتضاف لمواد التجميل وحتى للعلب البلاستيكية الشفافة التي تحفظ فيها الفواكه الطازجة".

ويضيف: "قد لا تتفاعل الفاكهة الطازجة معها سريعا، إلا أن الفاكهة التي تعرضت لتلف جزئي بسبب البكتيريا والفطريات ينتج عنها مواد كيميائية قد تتفاعل مع هذه الملدنات وينتج عن ذلك مركبات سامة. لذا من الأفضل تفريغ العبوات البلاستيكية من الفاكهة فور شرائها، أو حفظ وتغليف الفاكهة باستخدام الورق كما كان يحدث قديما، فالورق أفضل وسائل الحفظ على الإطلاق".

ويضيف السيد أن الباحثين في بيئة المعامل يتعرضون أيضا لخطر هذه الملدنات ويمكن تقليل ذلك بتشغيل شفاطات الهواء والتخلص من المستهلكات سريعا وارتداء الواقي والنظارات وتجنب شم المواد الكيميائية ذات الرائحة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المواد الکیمیائیة هذه المواد فی کل مکان فی الهواء

إقرأ أيضاً:

خبراء يحذرون: تيك توك سبب زيادة تشخيص اضطراب فرط الحركة

حذّرت دراسةٌ بريطانية جديدة من أن التطبيقات العصرية والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي قد أدّت إلى ارتفاعٍ كبير في تشخيصات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ووجد الخبراء أن وصفات الأدوية لعلاج هذه الحالة قد قفزت بما يقارب الخُمس على أساسٍ سنوي منذ الجائحة.

ووجد العلماء أن منصات مثل تيك توك وإنستغرام تروج لمعلومات مضللة عن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، ما يشجع الناس على طلب التشخيص دون أسس طبية دقيقة، وفقاً لـ"دايلي ميل".

ودعا الخبراء المستخدمين إلى التعامل بحذر مع المحتوى، خاصة مع تزايد مشاركة المشاهير لتجاربهم مع هذا الاضطراب.

زيادة مقلقة في التشخيصات والوصفات الطبية

ووفق دراسة من جامعتي أستون وهدرسفيلد، ارتفعت الوصفات الطبية لعلاج ADHD في إنجلترا من 25.17 لكل 1000 شخص في 2019/2020 إلى 41.55 في 2023/2024، بزيادة سنوية قدرها 18%، بلغت 51% في برمنغهام وسوليهل. وتركزت الزيادة بشكل ملحوظ بين البالغين، خاصة النساء.
حللت الدراسة بيانات وصف الأدوية الخمسة المرخصة لعلاج ADHD، منها ثلاثة منبهات مثل ميثيلفينيديت (ريتالين وكونسيرتا)، وديكسامفيتامين وليسديكسامفيتامين، بالإضافة إلى أتوموكسيتين وغوانفاسين من غير المنبهات.
وجد الباحثون أن ميثيلفينيديت ظل الدواء الأكثر وصفًا، بمعدل 19 دواءً لكل 1000 شخص، ولكن سُجلت أعلى زيادة بين ليسديكسامفيتامين، حيث زادت الوصفات الطبية بنسبة 55% على أساس سنوي، وقال العلماء إن وسائل التواصل الاجتماعي كانت على الأرجح وراء هذا الارتفاع الكبير.



 تأثير الجائحة على الصحة النفسية

يُرجح أن التغييرات الجذرية التي فرضتها جائحة كوفيد-19، مثل العمل والتعليم عن بعد وزيادة التوتر، ساهمت في تفاقم أعراض ADHD لدى البعض، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات التشخيص والعلاج.


دعوة لمزيد من الحذر والبحث

أكد الباحثون ضرورة التحقق من دقة المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بإيجاد آليات فعالة لمراقبة المحتوى الطبي لضمان عدم نشر مفاهيم خاطئة تؤدي إلى تشخيص وعلاج غير دقيقين.

مقالات مشابهة

  • مفتي عام المملكة: تصوير وبثّ الصلوات على الهواء مباشرة مسألة خطيرة
  • إحالة لجنة فحص المواد الكيميائية للتحقيق ويوجه بحصر وفحص الأحماض بالمعامل في أسيوط
  • مفتي عام المملكة: تصوير وبثّ الصلوات على الهواء مباشرة مسألة خطيرة قد تنافي الإخلاص الذي يعد شرطًا أساسيًّا لقبول العمل
  • كارثة.. تحذير من شرب المياه في الزجاجات البلاستيكية
  • عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائية
  • خبراء يحذرون: تيك توك سبب زيادة تشخيص اضطراب فرط الحركة
  • مادة مخاطية على المواد البلاستيكية الدقيقة تُسهم بتكاثر بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية
  • شهادة معاملة أطفال الحلقة 13.. محمد هنيدي يهدد صبري فواز بعدم التعرض لنهى عابدين
  • العلماء يحذرون من خطر يهدد مصر من بوابة الإسكندرية.. ما القصة؟
  • خبراء السيارات يحذرون من شراء تسلا: فكروا مرتين