ما المراد بالهدى المذكور فى البقرة وآل عمران؟.. عالم أزهري يوضح
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
أجاب الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين فرع أسيوط، عن سؤال ورد اليه وذلك عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، مضمونة:" ما المراد بالهدى فى قوله تعالى فى سورة البقرة ( ﻗﻞ ﺇﻥ ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ اﻟﻬﺪﻯ ) ﻭﻓﻰ ﺁﻝ ﻋﻤﺮاﻥ: ( ﺇﻥ اﻟﻬﺪﻯ ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ ) ؟ .
ليرد موضحًا: أن المحققون أجابوا من أهل العلم بما يلي: اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺮﺓ: ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ، ﻷﻥ اﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻴﻪ، ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ ﺁﻝ ﻋﻤﺮاﻥ: اﻟﺪﻳﻦ ﻟﺘﻘﺪﻡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (ﻟﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﺩﻳﻨﻜﻢ ) ، ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ: ﺃﻥ ﺩﻳﻦ اﻟﻠﻪ اﻹﺳﻼﻡ .
وقال الكرماني عند آية أل عمران 62 - ﻗﻮﻟﻪ {ﻗﻞ ﺇﻥ الهدى ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ} ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻭﻓﻲ اﻟﺒﻘﺮﺓ {ﻗﻞ ﺇﻥ ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ الهدى} ﻷﻥ اﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻫﻮ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ {ﻟﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﺩﻳﻨﻜﻢ} ﻭﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ اﻹﺳﻼﻡ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ {ﻭﻻ ﺗﺆﻣﻨﻮا ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﺩﻳﻨﻜﻢ}، ﻗﻞ ﺇﻥ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ اﻹﺳﻼﻡ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻭاﻟﺬﻱ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺮﺓ ﻣﻌﻨﺎﻩ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻷﻥ اﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻗﻞ ﺇﻥ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻠﻪ ﻫﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ.
قل إن هدى الله هو الهدى
فيما جاء في تفسير ابن كثير، قول ابن جرير : يعني بقوله جل ثناؤه : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق. وقوله تعالى : (قل إن هدى الله هو الهدى ) أي : قل يا محمد : إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى، يعني : هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل.
قال قتادة في قوله : (قل إن هدى الله هو الهدى) قال: خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يخاصمون بها أهل الضلالة. قال قتادة : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله " . قلت : هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو .
(ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ) فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته .
[وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: ( حتى تتبع ملتهم) حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى : ( لكم دينكم ولي دين) [ الكافرون : 6 ] ، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا ; لأنهم كلهم ملة واحدة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه. وقال في الرواية الأخرى كقول مالك : إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى، كما جاء في الحديث .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة آل عمران سورة البقرة
إقرأ أيضاً:
التخلية قبل التحلية| كيف نستقبل رمضان بقلوب نقية .. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه ينبغي أن تتخذ قرار بينك وبين نفسك بالتخلِّي عن القبيح؛ تهيئة قلبك لملئه بالصحيح. فالتخلية والتحلية ينبغي أن نستقبل بهما رمضان.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن أول ما ينبغي أن نخلي قلوبنا عنه، حتى تخلو تصرفاتنا وسلوكنا منه هو الظلم، الذي قال فيه رسول الله ﷺ: (الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ) والذي شاع فيما بيننا.
إذا ظلم الإنسان نفسه، يتصاعد الظلم من ظلم النفس إلى ظلم الأشخاص، ومن ظلم الأشخاص إلى ظلم القضايا الكبرى. وحينئذ يُحشر الظالم عند الله في العذاب الأليم {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هذا عنوان وتحذير من رب العالمين.
وفى الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي. وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا. فَلاَ تَظَالَمُوا). والتظالُم هو أن يقع عليك الظلم فتبحث عن كيفية الانتقام والغضب ممن ظلمك، فتوقع به ظلمًا أشد، فيشيع في الناس قسوة القلب وعدم الالتفات إلى أوامر الله - سبحانه وتعالى -. وهذا هو أغلب حالنا اليوم؛ نظلم ونتظالم، وهذا حال لا يرضى الله عنه، وهو موجب للعقوبة في الدنيا والآخرة. والله يحذرنا ورسوله ﷺ يبين لنا فيقول: (اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ، فإِنَّه ليس بينَهُ وبينَ اللّهِ حِجابٌ).
يؤكد على هذا المعنى، فيجعل للظلم مجالًا في نفسه ينبغي أن يبعد عنه، ويجعل العدل قيمة في نفسه ينبغي أن نتحلى بها. فيخبر أن دعوة المظلوم تستجاب ولو من كافر؛ فليس الأمر هنا إيمان وكفر، بل الأمر يتمثل في أن: (الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ).
الظلم شاع فيما بيننا، ونخاف أن نمدَّ أيدينا إلى السماء: يا رب يا رب؛ فلا يستجاب لنا. إذ إن الظلم مانع من موانع استجابة الدعاء من رب العالمين، والخروج منه يسير على من يسره الله عليه، وعسير على من عسره الله عليه .
إن الخروج من ظلم النفس يتمُّ بالتوبة، وترك الكبر والتعالي على الناس. وترك الأنانية التي تجعل أحدنا ينظر نفسه دون سواه. والتحلي بالرحمة والكرم والحب والعطاء. ومقاومة النفس بالصيام وذكر الله - جل جلاله -، والإكثار من الصلاة، وإيتاء الزكاة. والعودة إلى سيدنا رسول الله حسًّا ومعنى : {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ}؛ مجيئًا حسيًّا عند قبره المشرف لمن استطاع؛ يقف عنده ويستغفر الله. وهو ﷺ يقول: (حياتي خير لكم؛ تحدِثون ويُحدَث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم؛ فما كان من حسن حمدت الله عليه، وما كان من سيئ استغفرت الله لكم).
أما ظلم العباد، فيجب عليك أن تردَّ عليهم ما ظلمتهم فيه، وأنت خصيم نفسك أمام ربك؛ فإن (العاقل خصيم نفسه). ابحث وفتش وتوجه بقلبك إلى أن تخرج كليًّا من الظلم بكل الوسائل، ورُدَّ المظالم إلى أهلها... حتى يقبلك الله - سبحانه وتعالى -