عربي21:
2025-05-01@15:17:50 GMT

عودة ترامب وحضور غزة

تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT

انتهت الانتخابات الأمريكية، والتي أعلن فيها فوز دونالد ترامب، بعد جولات انتخابية وحملات امتد فيها السجال، وصال كل طرف وجال بما لديه، وكان جل العرب في العالم العربي مجرد مشاهدين، فقد اتفق العرب والغرب ألا تكون هناك صناديق تقدر نتيجتها وتحترم، سوى في بلاد الغرب، أما في بلاد العرب فلا يحترم فيها سوى صندوق الذخيرة والدبابة التي تأتي لهم بحكامهم وساستهم.



ومنذ سنوات بدأ العرب الذين يحملون الجنسية الأمريكية والأوروبية ينتبهون لأهمية أصواتهم وقيمتها، فهي تغير وترجح في بلدان وولايات، وهو ما بدا في الانتخابات الأمريكية في ولاية ميتشجن مثلا وغيرها، والتي اتخذ المسلمون فيها قرارا حيال هاريس لمواقفها المعلنة والمعادية لهم.

لم يكن مستغربا في هذه الجولة من الانتخابات الأمريكية حضور القضايا العربية في الجولات والدعاية والمواقف، وفي قلب قضية العرب، أهم قضاياها: قضية فلسطين، والتي تمثلها حاليا: غزة، فلم يخل حوار ولا نقاش، ولا دعاية ولا مناظرة انتخابية من الحديث عن مجريات الأحداث في غزة، سواء من حيث المغازلة للكيان الصهيوني، والموقف من تسليحه، والوقوف إلى جانبه مهما كانت التجاوزات، وهي سياسة أمريكية متبعة منذ زرع هذا الكيان السرطاني في جسد الأمة.وبغض النظر عن الفرق بين المرشحين ترامب وهاريس، فإن الدرس الأهم والأبلغ ليس في من اختار العرب ورشحوا، حيث إن المقارنة والخيار كانت بين طرفين من حيث موقفهم من العرب لا يختلفان كثيرا، وهي معادلة تضع على عاتق الكتلة التصويتية للمسلمين عبئا مهما وثقيلا، يحتاج إلى مؤسسات قوية وذات حضور في أمريكا.

حضور من حيث التخطيط والعمل والعطاء، ومن حيث دراسة الواقع المعيش، الدراسة المبنية على الحقائق، والمواقف المبنية على التصورات الصحيحة، وهي معادلة كما ذكرنا صعبة، لكنها ليست مستحيلة، لمن أخذ بأسبابها، وهي ما ألمح إليه ابن تيمية رحمه الله في عبارته الشهيرة: (ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، ولكن العاقل من يعرف خير الخيرين، وشر الشرين).

ولذا لم يكن مستغربا في هذه الجولة من الانتخابات الأمريكية حضور القضايا العربية في الجولات والدعاية والمواقف، وفي قلب قضية العرب، أهم قضاياها: قضية فلسطين، والتي تمثلها حاليا: غزة، فلم يخل حوار ولا نقاش، ولا دعاية ولا مناظرة انتخابية من الحديث عن مجريات الأحداث في غزة، سواء من حيث المغازلة للكيان الصهيوني، والموقف من تسليحه، والوقوف إلى جانبه مهما كانت التجاوزات، وهي سياسة أمريكية متبعة منذ زرع هذا الكيان السرطاني في جسد الأمة.

لكن الجولة الأخيرة كانت في ظل أحداث ملتهبة، وفي ظل كسر كبرياء الكيان، بطوفان الأقصى، وما تلاه من أحداث، رغم إمداد أمريكا للكيان بكل ما لديها من قوة صلبة وناعمة، بالسلاح والسياسة والمال والفيتو، وقد كانت من قبل كل حروب الكيان مع غزة، لا تمثل ضغطا ولا عبئا عليه، فقد كان الإيلام من طرف واحد، هو طرفه.

عادت قضية فلسطين، وعادت قضية غزة، لتكون مفروضة على أجندة كل مرشح للرئاسة الأمريكية، ولم تكن مجرد ملف للاجئين، أو أشخاص يرزحون تحت الاحتلال الصهيوني، يكونون فيه رهن ما يسمح به، وما لا يسمح به، وهو ما لا يجوز إهماله، أو غض الطرف عنه، بل التفكير في تعظيم هذا الدور، وهذا الحضور.لكن هذه المرة، هناك حضور قوي، وملح، سواء على المجتمع الإسرائيلي أو الساسة الأمريكان، وهو: أسرى الكيان، والذي لم يكن لبايدن الرئيس الأمريكي، والمرشحين الأبرزين: ترامب وهاريس، سوى الحديث عن أسرى الكيان، ولا حديث عن أهل غزة، في إثبات لما لدى الغرب المتصهين ونظرته للإنسان وحقوقه، فلا يؤمن بإنسان له حقوق سوى المصطف معه، ومع منظومته للأسف.

حضرت غزة في المجال العام الأمريكي، سواء على مستوى الجامعات وطلابها، وكشفت عن العوار الذي أصاب السياسة، والحضارة الغربية التي كثيرا ما تغنى أصحابها والمفتونون من مفكرينا بها، وبينت مدى توحشها، ومدى تناقضها، فرأينا موظفا في كبرى الشركات الأمريكية يفصل من عمله، لتضامنه مع غزة، وموظفا آخر بنفس الشركة، وقد ذهب للمشاركة العسكرية في غزة، في العدوان على الأبرياء، وقد التقط صورا يحمل الأسلحة مشاركته مع جيش الاحتلال أثناء عدوانه، ولم تقم الشركة حياله بأي إجراء!

وحضرت غزة في التصويب الانتخابي، وبخاصة في الأمريكان من أصل عربي، أو من المسلمين، فكان توجه الغالبية العظمى للترجيح بين مواقف المرشحين من حيث موقفه من غزة والحرب عليها، ومن يتجه بحملته نحو إيقاف العدوان، رغم قوة اللوبي الصهيوني، وكثرة تحركه، وخوف المرشحين من التصريح بما يغضبه، ولذا لم يكن غريبا أن يكون حضور غزة على مستوى المرشحين، بل وبعد إعلان النتيجة بفوز ترامب، فالحديث الآن ليس متجها فقط إلى رؤية ترامب المستقبلية، بقدر ما ينتظر الجميع رؤيته وقراراته تجاه الحرب في غزة.

الملمح المهم في حضور غزة هنا، ليس لعدوان الكيان عليها فقط، بل لما مثلته المقاومة من صلابتها وثباتها، لفرض رؤيتها وقضيتها، وهو ما يعد ردا مهما على كل من يعيد ويزيد في قضية خطأ قرار المقاومة بخوض طوفان الأقصى، فقد عادت قضية فلسطين، وعادت قضية غزة، لتكون مفروضة على أجندة كل مرشح للرئاسة الأمريكية، ولم تكن مجرد ملف للاجئين، أو أشخاص يرزحون تحت الاحتلال الصهيوني، يكونون فيه رهن ما يسمح به، وما لا يسمح به، وهو ما لا يجوز إهماله، أو غض الطرف عنه، بل التفكير في تعظيم هذا الدور، وهذا الحضور.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات حضور فلسطين امريكا فلسطين انتخابات حضور مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة عالم الفن سياسة سياسة رياضة رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الأمریکیة قضیة فلسطین وهو ما لم یکن فی غزة من حیث

إقرأ أيضاً:

قناة السويس وطريق الحرير والهيمنة الأمريكية

صرّح الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، مؤخرًا بأن السفن الأمريكية، سواء التجارية أو العسكرية، يجب أن تمر مجانًا من قناة السويس وقناة بنما. هذا التصريح لا ينبغي قراءته كتهديد مباشر لمصر أو انتهاك فوري للقانون الدولي، بل يعكس رؤية استراتيجية أعمق ضمن صراع عالمي محتدم على الممرات الحيوية. إنه دليل على اضطراب في موازين القوى الاقتصادية ومحاولة أمريكية للتمسك بمفاتيح النفوذ، في مواجهة صعود قوى أخرى.

قناة السويس، منذ افتتاحها منتصف القرن التاسع عشر، تُعدّ أحد أهم الشرايين التجارية التي تربط آسيا بأوروبا. وقد نصّت اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 على بقاء القناة مفتوحة للجميع دون تمييز، مع تأكيد سيادة مصر الكاملة عليها، وفقًا للقانون الدولي.

التصريح الأمريكي جاء متزامنًا مع تعاظم النفوذ الصيني من خلال مشروع «الحزام والطريق»، الذي يهدف لربط الصين بالعالم عبر مسارات برية وبحرية. وتُعدّ قناة السويس نقطة ارتكاز مركزية في المسار البحري لهذا المشروع، حيث تختصر آلاف الكيلومترات من طرق الشحن، ما يجعلها لا غنى عنها لنجاح المبادرة الصينية. ولهذا ضخّت بكين استثمارات كبرى في المنطقة الاقتصادية المحيطة بالقناة، لضمان نفوذ دائم وفعّال.

في ذات الاتجاه، أعلنت إيطاليا مؤخرًا عن مبادرة «طريق القطن» الأوروبية، التي تسعى للربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا خارج النفوذ الصيني، وقد اعتبرت مصر محورًا لا يمكن تجاوزه في هذه الخطة. وهو ما يعكس حجم التنافس الدولي على الموقع الجغرافي المصري، واعتراف الغرب بأهمية القاهرة في صياغة خريطة التجارة العالمية الجديدة.

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن ترامب طلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي السماح بمرور السفن الأمريكية مجانًا من قناة السويس دعمًا للعمليات العسكرية في البحر الأحمر، لكن مصر رفضت الطلب، مؤكدة أن أي تحرك يبدأ بوقف الحرب على غزة لا بتجاوز السيادة المصرية. هذا الموقف يعكس صلابة الدولة المصرية وقدرتها على حماية مصالحها دون الدخول في مواجهة مباشرة.

وفي سياق آخر، دعمت الولايات المتحدة وإسرائيل مشروع «قناة بن غوريون» عبر قطاع غزة، الذي سعى لخلق بديل استراتيجي لقناة السويس. المشروع بُني على مخطط لتهجير سكان القطاع قسرًا لشق ممر مائي من البحر الأحمر إلى المتوسط، يُمكّن تل أبيب من التحكم في ممر تجاري عالمي. إلا أن صمود الدولة المصرية أفشل هذا المخطط، وحافظ على مكانة قناة السويس كمسار لا بديل عنه في حركة التجارة بين الشرق والغرب.

اليوم، تفرض الجغرافيا من جديد كلمتها: لا ممر تجاري آمن ومستدام بين آسيا وأوروبا دون قناة السويس. سواء عبر مشروع الحزام والطريق الصيني أو طريق القطن الأوروبي، ظلت القناة نقطة الربط الحاسمة، وهو ما أعاد لمصر زخمها الدولي ورسّخ دورها كقوة جيوسياسية فاعلة.

القوانين الدولية تكفل لمصر إدارة القناة بسيادتها، مع التزامها بحرية الملاحة. كما تؤكد اجتهادات محكمة العدل الدولية أن السيادة على الممرات الدولية تُمارس وفقًا لمبادئ العدل والإنصاف.

وما صرّح به ترامب قد يدخل ضمن مظاهر اليأس الأمريكي، بعد أن استطاعت مصر، بحكمة وهدوء، حصار وتركيع قلب مشروع الشرق الأوسط الجديد دون صدام مباشر. وها هي، رويدًا رويدًا، تكشف عن قوتها الحقيقية، وخصوصًا العسكرية، التي أربكت واضعي المخطط وأدخلتهم في ارتباك جنوني أمام صعود مصري متزن يعيد رسم معادلات النفوذ في المنطقة.

اقرأ أيضاً«وكيل دفاع النواب»: تصريحات ترامب حول قناة السويس عدوان على السيادة المصرية

بكري: قناة السويس ليست إرثا لأجداد ترامب.. ومصر دولة عفية لا تفرط في سيادتها

خبيرا قانون: مطالب ترامب عودة للعقلية الاستعمارية.. والسيادة المصرية على قناة السويس لا تقبل المساومة

مقالات مشابهة

  • خلال ساعات.. ترامب في مواجهة المحاكم الأمريكية بثلاث تحديات قانونية
  • "رويترز": الأردن نجح في الحفاظ على المساعدات الأمريكية
  • قناة السويس وطريق الحرير والهيمنة الأمريكية
  • ترامب: العالم يتهافت على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إبرام اتفاقات اقتصادية
  • ترامب : فزت بالانتخابات الرئاسية الأمريكية رغم «التزوير الديمقراطي»
  • الخارجية الأمريكية: حققنا رؤية ترامب خلال أول 100 يوم
  • 100 يوم على عودة ترامب.. كيف أثرت سياساته على الأسواق الأميركية والعالمية؟
  • العفو الدولية: الهجمات على القانون الدولي وحقوق الإنسان تسارعت منذ عودة ترامب
  • 100 يوم على عودة ترامب.. هل حقق وعوده بالسلام؟
  • الغموض يكتنف مصير قائد القيادة المركزية الأمريكية بعد هجوم يمني على حاملة طائراته