إسقاط عضوية وملاحقة قضائية..ما وراء تركيز النظام السوري على البرلمان؟
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
تصدرت أخبار "مجلس الشعب" المشهد السياسي السوري مؤخراُ، بسبب إسقاط النظام السوري العضوية عن 3 من نوابه، وملاحقة أعضاء آخرين قضائياً.
وفي التفاصيل، سمح برلمان النظام السوري بالملاحقة القضائية بحق اثنين من أعضائه، وهما مدلول عبد العزيز، وأيهم جريكوس، بتهم تتعلق بالفساد والتهريب وهدر المال العام، وقبل ذلك، كان النظام قد أسقط العضوية عن ثلاثة أعضاء على خلفية ازدواج الجنسية.
ومدلول عبد العزيز، بحسب موقع "مع العدالة"، هو أحد قادة تنظيم "جبهة النصرة" في ديرالزور، وبعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى ديرالزور، هرب مدلول العزيز إلى دمشق وأجرى مصالحة مع المخابرات الجوية، وقام بتأسيس ميليشيا لصالح المخابرات الجوية.
أما أيهم جريكوس فهو طبيب من مدينة اللاذقية مسقط رأس النظام، ودخل مجلس الشعب عن طريق ترشيح حزب "البعث"، ووفق مصادر النظام، فإن أسباب إسقاط الجنسية عنه، يعود لشبه فساد واختلاس المال العام.
إلى ذلك، ذكرت مصادر النظام، أنه جرى إسقاط العضوية عن النائب أنس محمد الخطيب عن دائرة محافظة دمشق، بسبب حمله الجنسية الأردنية، ليكون الخطيب العضو الثالث الذي يتم إسقاط عضويته في مدة لا تتجاوز الشهر، حيث سبق وأن أُسقطت عضوية النائب محمد حمشو عن دمشق، والنائب شادي دبسي عن حلب، بسبب حصولهما على الجنسية التركية.
وبحسب مصادر "عربي21"، يحمل أنس الخطيب درجة الدكتوراه في مجال العلوم السياسية والاجتماعية، وعمل في مجالات أكاديمية أو بحثية قبل دخوله العمل السياسي، ومن غير المعروف متى حاز على الجنسية الأردنية.
أما محمد حمشو، الحاصل على الشهادة الجامعية في الهندسة الإلكترونية، فهو مؤسس شركة "سورية الدولية للإنتاج الفني" وموقع "شام برس" الإخباري، وشارك في تأسيس "تلفزيون الدنيا".
وأسس "مجموعة حمشو الدولية" التي تضم نحو 20 شركة تعمل في المقاولات والتعهدات الحكومية والسكنية، وتقلد مناصب مثل أمين سر "غرفة تجارة دمشق" و"اتحاد غرف التجارة السورية"، ورئيس "مجلس المعادن والصهر"، وأدرج تحت طائلة العقوبات الأوروبية والأمريكية.
ويشاع على نطاق واسع أن لحمشو علاقات قوية مع ماهر الأسد شقيق بشار الأسد، وطهران، وما يمكن الجزم به أن حمشو حصل على الجنسية التركية بسبب الاستثمارات، أو التملك العقاري.
أما شادي دبسي فهو طبيب مختص بالتجميل ويمتلك عيادة خاصة في مدينة حلب، وحصل العام الماضي على الجنسية التركية، من دون توفر معلومات أكثر.
وأثار كل ما سبق تساؤلات حول تفسيرات تركيز النظام السوري على "مجلس الشعب"، في وقت تشهد فيه المنطقة حالة تصعيد غير مسبوقة.
عضو "مجلس الشعب" السابق، علي البش، أشار إلى النظام الداخلي للمجلس الذي يسمح بإسقاط العضوية والحصانة، مبيناً أن "النظام الداخلي لا يسمح بترشيح العضو الذي يحمل جنسية أجنبية إلى جانب الجنسية السورية".
غير أن النواب حصلوا في الغالب على الجنسيات الأجنبية قبل نجاحهم في الولاية الأخيرة، وعن ذلك يقول البش لـ"عربي21": "الملفت أن محمد حمشو هو من أذرع النظام الاقتصادية، وإسقاط العضوية عنه وعن الآخرين قد لا يكون مؤثراً، ومن الوارد أن يكون كل ذلك جرى بالاتفاق مع هؤلاء الأعضاء"، لافتاً إلى مواقف كل من تركيا والأردن الداعمة في فترة ما للثورة السورية.
تحذير بقية الأعضاء
أما بخصوص ملاحقة النائبين قضائياً، قال عضو مجلس الشعب السابق: "يريد النظام تحذير بقية الأعضاء ليكونوا أكثر التزاماً، عبر التأكيد بأنه لا أحد في مأمن".
ويرجح البش أن يكون الغرض من هذه التحركات هو إشغال الشارع السوري الذي يعيش تحت ضغط اقتصادي هائل، ويقول: "النظام يريد إشعار الرأي العام أنه يتحرك لتحسين الوضع الاقتصادي وإصلاح الجانب السياسي، علماً أن كل هذه القرارات ثانوية".
صراع أجنحة
من جهته، يتحدث الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي عن أكثر من دلالة للخطوات على صعيد مجلس الشعب، منها صراع الأجنحة بين النظام، مدللاً على ذلك باستهداف واجهات اقتصادية مهمة ومعاقبة، مثل محمد حمشو.
وربط في حديثه لـ"عربي21" بين توقيت قرارات النظام وبين الحرب التي يشنها الاحتلال ضد لبنان وغزة، وقال: "في ذروة التهديدات واحتمال وصول الحرب إلى سوريا، يركز النظام اهتمامه على شأن داخلي، ليقول إنه غير مرتبط بالحرب".
وفي الاتجاه ذاته، يرى المعراوي أن الخطوات التي تخص مجلس الشعب أي إسقاط العضوية وملاحقة نواب قضائياً، تؤشر إلى "قوة السلطة" من منظور النظام، وعلق بقوله: "من الواضح أن النظام يريد إظهار فائض القوة لديه على الصعيد الداخلي".
قطع الطريق على المعارضة
في المقابل، يضع الباحث في الشأن الأمني عبد الله نجار، في حديثه لـ"عربي21" خص إسقاط العضوية بالجنسية المزدوجة التركية والأردنية، في إطار التمهيد لاستبعاد كل السوريين المنتمين للثورة عن أي استحقاقات وطنية قادمة، بحجة حيازتهم على جنسيات أخرى او إقامتهم أكثر من عقد خارج البلاد، خاصة أن حوالي 15 مليون سوري يقيمون فعلياً خارج سوريا، في إشارة إلى المطالب الخارجية من النظام بإشراك المعارضة السورية في الحكم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية النظام الأسد سوريا سوريا الأسد النظام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری على الجنسیة العضویة عن مجلس الشعب
إقرأ أيضاً:
تحديات عاجلة تواجه سورية الجديدة
كان متوقعا وطبيعيا أن تواجه الدولة السورية الجديدة اعتداءات مسلحة داخلية وتحركات عدائية أخرى خارجية ترمي إلى إسقاطها، من خلال زرع الفتن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية؛ لإدخال البلاد نحو الفوضى وبالتالي تهديد السلم الأهلي، ولكن من غير الطبيعي وغير المتوقع أن تكون هذه الاعتداءات وهذه التحركات بهذا التناغم وبهذه السرعة والقوة والاتساع والدعم العلني الإقليمي لهذه التحركات.
لقد راعهم انتصار ثورة شعبية على أعتى الأنظمة الغاشمة الديكتاتورية المتأصلة منذ عقود، وراعهم خسارة نفوذهم واستباحتهم للأرض السورية ومقدراتها، فعملوا على إجهاضها بشتى الوسائل ومن مختلف الأطراف، بيد أن هؤلاء افتقدوا الرؤية الصحيحة لواقع الأمر في سوريا، ولم يدركوا معنى التضحيات التي بذلها الشعب السوري ثمنا لحريته وكرامته، وماهية احتضانه لهذه الثورة، ودفاعه المستميت عنها.
راعهم انتصار ثورة شعبية على أعتى الأنظمة الغاشمة الديكتاتورية المتأصلة منذ عقود، وراعهم خسارة نفوذهم واستباحتهم للأرض السورية ومقدراتها، فعملوا على إجهاضها بشتى الوسائل ومن مختلف الأطراف، بيد أن هؤلاء افتقدوا الرؤية الصحيحة لواقع الأمر في سوريا، ولم يدركوا معنى التضحيات التي بذلها الشعب السوري ثمنا لحريته وكرامته، وماهية احتضانه لهذه الثورة، ودفاعه المستميت عنها
وكان أبرز ما واجهته القيادة السورية الجديدة من تحديات: التوغل الإسرائيلي لمناطق وبلدات الجنوب السوري، تحت حججٍ وذرائع واهية هدفها تهديد الدولة، وفرض واقع جيوسياسي تمهيدا لفرض شروط سياسية جديدة غير تلك التي وقعها النظام السابق في اتفاقية فصل القوات عام 1974، وتجسيدا للعقيدة الصهيونية القائمة على التوسع والعدوان، ولإحراج النظام الجديد وطنيا أمام شعبه ومؤيديه؛ مما أعطى الفرصة للمناوئين، وشجع مجموعات أخرى للتحرك ضد هذه الدولة الفتية، ورفض مبدأ احتكار السلاح بيد الدولة، وخاصة ما حدث في الجنوب السوري تحديدا في الصنمين والسويداء وفي بلدة جرمانا بريف دمشق. ويأتي في هذا الإطار أيضا رفض "قوات قسد" الانضواء تحت راية النظام الجديد، ونبذ النزعة الانقسامية والانفصالية. لكن أخطر هذه التحديات كان استغلال فلول النظام المخلوع في الساحل كل ما سبق، وإعلان تحركهم بتشكيل مجلسٍ عسكري يضم رموز الإجرام في النظام البائد، أبرزهم رئيس المخابرات الجوية السابق اللواء إبراهيم حويجة، والعميد سهيل الحسن (النمر) المدعوم روسيا والعميد غياث دلّا وآخرون قاموا باستهداف المشافي والمباني الحكومية، ومهاجمة الكلية البحرية في اللاذقية، والاستيلاء على الكلية الحربية في جبلة، ونصب الكمائن في ريفي اللاذقية وطرطوس، وأسر نحو 50 من رجال الأمن العام، والسيطرة على بعض المناطق والشوارع؛ مستغلين وعورة التضاريس في المناطق الجبلية والأحراش ووجود حاضنة طائفية لهم كما يزعمون.
ولقد كان لعدم قدرة قوات وزارة الدفاع السورية والأمن العام في بسط سيطرتهم على كامل الأرض السورية نتيجة لهشاشة الوضع الأمني، وانشغال الدولة بالحصول على الشرعية الإقليمية والدولية تمهيدا لرفع العقوبات عن الشعب السوري، وانهماكها أيضا بتحقيق الاستقرار الداخلي وإنهاء الفوضى، وإنجاز التسويات لمنتسبي النظام السابق؛ دور في هذه الفجوة الأمنية الكبيرة.
إن الإرث الثقيل من الفساد والتدمير الكبير للبنى التحتية والخدمية، وضعف المعالجة الحقيقية للحاجات اليومية للمواطن السوري، والبطء في محاسبة مجرمي النظام المخلوع، وبقاء الكثير من مكونات الشعب السوري والقوى السياسية خارج إطار العملية السياسية في البلاد، وعدم إشراكها في قيادة الدولة، كل ذلك يضاف إلى الأسباب، والعوامل السابقة. وهناك ثمة عاملٌ آخر هو التربص الإقليمي لبعض الأطراف للعمل على إخفاق وإفشال هذه الثورة التي قضت على نفوذ هذه الأطراف والأحزاب المليشياوية، وعطلت مشاريعها القائمة على حساب الدم السوري، ووقف نهب مقدرات الشعب السوري.
إن محاولة هؤلاء ضرب السلم الأهلي وإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والعرقية يهدف إلى إفشال الدولة وإسقاط الثورة، ويهدف أيضا إلى البحث عن نفوذ جديد يعيد لهم ما خسروه، وإعادة تواجدهم في الساحة السورية لإعادة إنتاج نظامٍ جديدٍ موالٍ لهم كون هذه الفئات لا خيار لها سوى الدفاع عن وجودها وحياتها، لأن ما تواجهه إما الوقوع بقبضة العدالة أو الموت في ساحة المواجهة. من جانب آخر، إن استخدام فلول النظام السابق من أسلحة حديثة نوعية متوسطة وثقيلة لم تكن موجودة سابقا ضمن تسليح الجيش السوري إبان النظام المخلوع؛ هو إشارة أكيدة على تلقي هذه المجموعات دعما وتدريبا وتسليحا إقليميا خاصة من إيران، كما أشار إلى ذلك مسؤولو الإدارة السورية الجديدة، وكما وصفت إيران تحرك هذه الفلول تحت مسمى "قوات المقاومة الشعبية"، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية.
ما حدث من تطورات في الآونة الأخيرة، أظهر التفاف الجماهير السورية حول الدولة السورية الجديدة وحمايتها وأعطت قيادتها الشرعية الحقيقية في مواجهة كل دعوات التقسيم والانقسام والانفصال والفدرلة، وذلك من خلال التظاهرات التي اجتاحت الساحات الرئيسة للمدن السورية في دمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، واندفاع هذه الجماهير لمناطق الاشتباكات للمشاركة في مواجهة فلول النظام البائد
إن النجاح في مواجهة هذه التحديات يتطلب من الإدارة السورية الجديدة القيام بأمورٍ عديدة منها: تفعيل الحوار الأهلي والمجتمعي مع المكونات المختلفة للشعب السوري، ونبذ خطاب الكراهية والتحريض على الانتقام والثأر وصيانة وحدة النسيج السوري، خاصة في الساحل والجنوب السوري؛ لتفويت الفرصة على مثيري الفتن المذهبية والطائفية، والإسراع في وضع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري موضع التنفيذ، وكذلك إعادة تقييم التعامل مع "قوات قسد الديمقراطية" واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من كونها جسرا لإمداد المجموعات الخارجة عن القانون بالعتاد والسلاح الإيراني، أيضا الإسراع في عملية محاسبة مجرمي النظام الساقط وتقديمهم إلى العدالة انتصارا للآلاف من ضحايا القتل والقمع، وإعادة النظر بطريقة المعالجة الأمنية والعسكرية المتّبعة مع تزايد خطر الكمائن من قبل المجموعات الخارجة عن القانون وتأمين المدنيين؛ وهذا بدوره يتطلب إحكام السيطرة على المناطق الجبلية والأحراش التي يتمركز فيها أزلام ورموز النظام السابق وملاحقتهم، وبسط سلطة الدولة على كافة أجزاء سوريا، وحصر استخدام وامتلاك السلاح بيد الدولة، وإخضاع كافة المجموعات المسلحة لدولة القانون لتجنب التدخلات الإقليمية وتهديد سلطة الدولة، وأخيرا، العمل على التوصّل إلى تفاهماتٍ واضحة دقيقة لإنهاء القواعد العسكرية الأجنبية خاصة الروسية منها، ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي السورية وسيادة الدولة.
إن ما حدث من تطورات في الآونة الأخيرة، أظهر التفاف الجماهير السورية حول الدولة السورية الجديدة وحمايتها وأعطت قيادتها الشرعية الحقيقية في مواجهة كل دعوات التقسيم والانقسام والانفصال والفدرلة، وذلك من خلال التظاهرات التي اجتاحت الساحات الرئيسة للمدن السورية في دمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، واندفاع هذه الجماهير لمناطق الاشتباكات للمشاركة في مواجهة فلول النظام البائد؛ مما شكل عنصرا قويا لتثبيت دعائم الدولة الجديدة وتجديد انتصار ثورة الحرية والكرامة السورية.
لذلك كما قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: "إن ما جرى لا يمكن أن ينجح في دولة جيشها هو الشعب ذاته".
[email protected]