سياسي: حمدوك فشل سياسيا في السودان وعودته للمشهد غريبة
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
قال المحلل السياسي المهتم بالشأن السوداني محمد بابكير الشيخ علي: إن اسم رئيس الوزراء الأسبق في الحكومة الانتقالية عبدلله حمدوك يتردد كثيرا في وسائل الإعلام العربية والسودانية، ويعود اسمه ليتصدر الواجهة عند كل استحقاق يمر به السودان إن كان أمنياً أو عسكرياً أو سياسياً.
وأضاف أنه يبقى التساؤل الأبرز في ذهن الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوداني هو من أين أتى حمدوك وما هي خلفياته السياسية وما هو الدور الأساسي له ولماذا يحظى بدعم واشنطن والدول الغربية بشدّة، مؤكدا أن واشنطن والقوى الغربية وجدت في تعطش الشعب السوداني للتغيير والوصول لحكم مدني، فرصة مواتية للتسلل إلى السودان والتحكم بمجريات الأمور فيه، وذلك عبر تقديم حمدوك على أنه المخلص للبلاد الذي سيحقق طموحات الشعب السوداني، خاصة وأنه تخرج من جامعات المملكة المتحدة وعاش فيها وفي الولايات المتحدة الأمريكية لفترة طويلة، وتمّت تهيئته وتدريبه بشكل جيد من قبل المخابرات الغربية لأداء المهمة المستقبلية.
وتابع المحلل السياسي، أنه تم تقديم حمدوك، على أنه الوجه المدني الذي سيلبي تطلعات الشعب السوداني، وحظي بدعم أمريكي وغربي منقطع النظير عند تسلمه منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية في أغسطس 2019، علما بأن حكومته حققت إنجازات اقتصادية ضعيفة، ولكنها فشلت بتحقيق أي إنجاز سياسي، كما أن حمدوك لعب خلال فترة حكمه دوراً سلبيا ساهم بشكل كبير بتعميق الخلاف بين المكونين المدني والعسكري ولم يساهم بتحقيق أي تقدم في العملية السياسية، وهذا ما أكده كل المنشقين عن حزبه والأحزاب الموالية له، مما أدى في نهاية المطاف إلى إعلان استقالته في أكتوبر 2021 وفشل العملية السياسية ومغادرته البلاد إلى الإمارات العربية المتحدة التي لايزال يقيم فيها حتى اليوم.
وأشار إلى أنه أحاطت بحمدوك كثير من إشارات الاستفهام، عند وصوله للسلطة كونه قضى فترة طويلة من حياته ودراسته في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة لعمله مع عدد من المنظمات الدولية المدعومة غربياً، مثل (UNECA) و(IDEA) ، لتظهر لاحقاً بعض المعلومات التي تقدم إجابات منطقية إلى حد كبير، عن دور هذا الرجل في مستقبل السودان.
وفي هذا السياق أكد الباحث والخبير بالشأن السوداني عبدلله سمير أكرم، بأن المهمة الأساسية التي وصل بسببها حمدوك للسلطة بعد أن تمت مباركته من قبل بريطانيا هي العمل على زيادة الخلافات بين قوات الجيش، والدعم السريع، وأيضاً بين المكونين العسكري والمدني وبين القوى السياسية السودانية عامتاً مستغلاً صلاته بالقوى المدنية والعسكرية في البلاد، حتى وصلت الأمور إلى صدام عسكري دمر البلاد، وصعّب الوصول لأي حل، تماشياً مع المصالح الغربية (الأمريكية-الغربية-الإماراتية) لإثارة الفوضى وتسهيل استنزاف ثروات البلاد.
وبحسب أكرم، فإن دور حمدوك بالأساس هو دور تحريضي ومهمته تقوم على تعقيد الحل حتى عودته هو للسلطة كممثل للمصالح الغربية ومصالح واشنطن في السودان، أو استمرار حالة الفوضى والحرب في البلاد.
وأضاف أنه بعد وصول حمدوك إلى الإمارات، تابع مهمته التي كان قد بدأها وهو على رأس عمله، حيث استمر بالعمل على زيادة الخلافات بين القوى المدنية والعسكرية في السودان،
أما على الأرض، فقد تابعت الإمارات خطتها، بدعم قوات الدعم السريع مالياً وعسكرياً، واستقبلت قائدها محمد حمدان دقلوا الملقب بـ "حميدتي" وسمحت له بحفظ أمواله في بنوكها، ليحقق مصالحها أيضاً ومصالح القوى الغربية في البلاد.
وأشار إلى أن تلك الدولة أيقنت بأنه لا يمكن الاعتماد على "حميدتي" فقط في السيطرة على البلاد، وخاصة ان قوات "الدعم السريع" لا تحظى بقبول دولي وإقليمي، ومن الضروري أن يكون هناك شخص أخر في السلطة مستقبلًا لكي يتم الاعتراف به، هنا ظهرت ثنائية "حمدوك في السياسة وحميدتي في الميدان" المعادلة الأنسب لتحقيق مصالح الإمارات ومن ورائها القوى الغربية، التي بدأت بدعم حمدوك من وراء الكواليس.
وأضاف أنه إلى جانب ذلك، يمثل عبدالله حمدوك، الخيار الأمريكي والأوروبي الأول للسودان، كونه مدني ويحظى ببعض التأييد الشعبي للحكم المدني، ما جعله نقطة تقاطع رئيسية لمصالح مشتركة معالولايات المتحدة الأمريكية والغرب، كممثل لهم لحل الأزمة في السودان، ووسيلة لتمكين سيطرتهم على السودان في الوقت نفسه.
وأكد أن حمدوك ساهم بشكل كبير بتعميق الخلافات الداخلية بين الفرقاء السودانيين كما أنه عقّد الحل السياسي ولعب دوراً سلبياً في الأزمة، وما يفسر ذلك هو تبعيته لقوى خارجية وتمثيله لمصالحها وبعده عن تمثيل مصالح الشعب السوداني كما يدعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشعب السودانی فی السودان
إقرأ أيضاً:
الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
فقط الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو ؛ و هو يمثل سودان ٥٦ ليس بأجندته العلمانية أو شعار الهامش الذي يرفعه ؛ بل الحركة العنصرية التي كانت تبحث عن النقاء العرقي و دولة “العطاوة” كانت لتهتم بالتكوين القبلي للحلو أكثر من “المنفستو” الذي يحمله.
فالحلو المولود لأب من المساليت و أم من النوبة يمثل كل شيء حاربته حركة النقاء العروبي في السودان. فبينما أذاقت مليشيا الدعم السريع كل قبائل السودان و مكوّناته الألم و الإذلال ؛ احتفظت لقبيلتيْ النوبة و المساليت بجحيم خاص في حربها. في بداية تمردها ضد الدولة و بينما كانت تحاصر القيادة العامة و تتوقع إسقاطها ؛ لم تصبر على قبيلة المساليت و ارتكبت فيهم أسوأ المجازر و لم يفهم الناس حينها لماذا تتمرد على الجيش لكنها تقتل المساليت بهذه الوحشية من دون الناس.
عرب العطاوة الذين أحضرتهم المليشيا شرسون جدا ضد النوبة. و هما يطلقون كلمة “أنباي” لكل ذي بشرة داكنة في السودان. و عند دخولها لمدينة الفولة مثلا، و رغم أنها لم تكن في مزاج الإنتهاكات لإعتقادها أن إقتحام المدينة كان بهدف تأديب بسيط لأبناء العمومة الضالين و الذين لا يوافقونها على مشروعها ، إلا أنها
أخرجت من بين صفوف المواطنين عشراتٍ من المنتمين للنوبة و قتلتهم رمياً بالرصاص فقط لأنهم من النوبة. و لذا إنضم المئات من جنود و ضباط جيش الحلو نفسه من إلى أبناء عمومتهم داخل مناطق الجيش السوداني لإدراكهم بطبيعة هذه الحرب التي يريد الحلو إنكار عدواتها للنوبة بعد عامين من العداء المطلق و العلني و المفضوح و هو يستوطن بلاد النوبة و يثري من رفع ظلاماتهم.
آل دقلو المهزومين عسكرياً استدعوا الحلو ليعلمهم فضيلة “التمرد لأجل التمرد” دون مشروع أو مطالب محددة. الحلو هو ملك الخندقة. و هو أولى من يعلمهم كيف لهم أن يتراجعوا إلى ركنٍ قصيٍّ من البلاد للعق جراحهم و الإكنفاء على أنفسهم دون محاولة السيطرة على الثور الهائج في الخرطوم . الحلو هو أنسب من يعزي آل دقلو عن مصابهم و يكشف عنه الندوب و الحروق في جسد الذين حاربوا سلطة الخرطوم و يقص على مسامعهم حكاوي شهداء التمرد من المغامرين الذين إغتالتهم ٥٦ أو شردتهم طوال عمرهم لمحاولة السيطرة عليها بالقوة ؛ قرنق و يوسف كوة و بولاد و القائمة تطول.
لم يكن متوقعاً من دقلو صاحب مشروع النقاء العروبي أن يسعى للقاء الحلو لولا فشل مشروعه . دقلو الجريح يقلّب الآن في دفاتر مليشيات السودان القديمة عن شركاء في الهزيمة و النواح ؛ و عن مشروع يتيم كي يتبناه. دقلو يحاول إقامة مشروع مزدحم يقيه غضب ٥٦ و صيادها المترصد و الغاضب . يحاول خلط الأوراق مخافة الإستفراد به بينما ٥٦ في أفضل أحوالها عسكرياً بعد أن أخذ هو “عرضته” الراقصة ثم وهن و انكسر و تراجع.
ظهور عبد الرحيم دقلو بالبدلة خارج السودان بينما ما زال العطا و كباشي مثلاً لا يظهران بغير الكاكي ، و بينما يصفي الجيش ما تبقى من مغامرات دقلو العسكرية بالخرطوم و كردفان يكشف هو أولوياته الجديدة. إنتهت عنتريات القائد الميداني إلى فضاء المعارض السياسي صاحب المشروع. لا خطة للإنسحاب تشغل باله و لا توجيه بإنقاذ جنوده المحاصرين و إستبقاء حياتهم. بل غسل اليد من دمائهم و الإبتعاد مسافة حتى لا يسمع آلة الجيش الهائلة تطحن أجسادهم إلى العظم. إنهم بعض الماهرية “الشهداء” و كثير من الحبش و الجنوبيين الذين لا بواكي لهم و يستحقون أي مجازفة لإنقاذهم.
عمار عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب