سودانايل:
2025-02-16@12:24:35 GMT
الحزب الشيوعي رغم العداء تحالف مع اليمين (2 – 15)
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
حددت مقدمة هذه المقالات بانها جهد يتركز في عرض ومناقشة التجارب التي خاضها الحزب الشيوعي في العمل الجبهوي مع الأحزاب الأخرى. ونري في هذه التجارب ان الحزب الشيوعي، رغم اختلافاته مع بقية القوى السياسية الا انه تحالف معها في لحظة تاريخية معينة. سأركز على التحالفات، التي تمت، في ظل خلاف أو خصومة، مع القوى الأخرى، ولن اناقش التحالفات التي تمت بدون خلافات أو صراعات تسبقها.
كتب عبد الخالق محجوب، في كتابه لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي، عن الأحزاب الرأسمالية بما يلي:
" بعد النضال الجماهيري المجيد الذي بذل في سبيله الحزب الشيوعي السوداني ووهب له دم عضوه الشهيد قرشي الطيب العامل المناضل بعطبرة خرجت الجمعية هزيلة ومعزولة. ولكن رغم هذا الضعف وتلك العزلة تراجعت الأحزاب الرأسمالية وبقيت دون نشاط في النضال الجماهيري في مطلع عام 1949 وكأنها تنتظر الفرج. لم تكن لتلك الأحزاب خطة لما بعد الجمعية التشريعية غير الاكتفاء بالمعارضة الشكلية واللجوء الي اعتاب الأقطاعة المصرية طلبا لوحدة وادي النيل تحت التاج المصري وإثارة قضية السودان بين الرأي العام العالمي. لكن الحزب الشيوعي السوداني داعي الجماهير لتنظيم صفوفها في جبهة متحدة لمواصلة النضال ضد الاستعمار بما في ذلك النضال المسلح"
وأضاف بان الحركة السودانية للتحرر الوطني وبالاستعانة بالنظرية الماركسية اللينينية: " استطاعت ان تضع أساسا لمستقبل البلاد فوضعت شعار النضال ضد الاستعمار بوصفه قضية البلاد وأوضحت ان المشكلة ليست هي بين الدعوة لوحدة وادي النيل تحت التاج المصري ودعوة الانفصال من مصر، بل هي مشكلة التخلص من الاستعمار الأجنبي نفسه."
وأضاف: " كان على الطبقة الوسطى، وهي تتصدر لقيادة الشعب ان تنظم صفوف الجماهير تنظيما حديثا، ولكنها اعتمدت اعتمادا تاما على اشكال التنظيم الطائفي. ام اقساما من الجماهير اختلطت امامها القضية فلم تعد تنظر اليها بوصفها نضالا ضد المستعمرين ومن اجل الاستقلال الوطني، بل كتجمع طائفي وولاء ديني."
واصلت جريدة اللواء الأحمر، الناطقة باسم الجبهة المعادية للاستعمار (الحزب الشيوعي لاحقا) الهجوم على الأحزاب الأخرى. وقادت حملة شعواء تركزت على عبد الرحمن المهدي، ووصفته بأشنع الاوصاف. ورغم ذلك الهجوم والعداء الصارخ، وعندما استدعت القضية الوطنية التحالف مع حزب الامة تم التحالف في الجبهة الاستقلالية.
جاء في كتاب جهاد من أجل الاستقلال ما يلي:
" كان هذا العام عام عمل مضن وكبير بالنسبة للمعارضة الاستقلالية، وكان السعي لاكتساب الأحزاب والهيئات الوطنية الى جانب المعارضة ومع فكرة الاستقلال هدفا رئيسيا وغاية كبري. وفي يوم من أيام شهر أكتوبر من عام 1954 زار السيد الامام في سراياه زعماء الجبهة المعادية للاستعمار وهم شبان يساريون لم يتعاونوا مع السيد او حزبه، من قبل لاعتقادهم باختلاف مذهبي كبير بين الحزبين. لقد رحب الامام بزعماء الجبهة المعادية للاستعمار وأثنى عليهم ثم قال: ان الخلاف المذهبي لا يعني شيئا في هذا الطور من حياتنا السياسية فنحن تواجهنا مشكلة الاستقلال نفسه فلنعمل سويا لتحقيقه ثم نفترق بعد الاستقلال إذا رأينا ذلك من مصلحة السودان"
وجاء في كتاب عبد الرحمن على طه ص 145 ما يلي:
" اجتمع يوم الاثنين 29 يناير 1955 مندوبون من أحزاب عن أحزاب الامة والجمهوري الاشتراكي والجبهة المعادية للاستعمار وشخصيات مستقلة وشخصيات عمالية وقد وافقوا بالإجماع على الخطاب التالي الذي عرض على الاجتماع:
نجتمع الان عقب الدعوة التي وجهها السيد محمد احمد محجوب في الليلة السياسية التي أقيمت بدار الجبهة المعادية للاستعمار بأمدرمان واهاب فيها بالأحزاب والشخصيات ان تتكتل حول شعار الاستقلال على الأسس التي قدمها اتحاد كلية الخرطوم الجامعية وهي:
(!) الاستقلال التام.
(2) كفالة الحريات.
(3) عدم ربط بلادنا بالأحلاف العسكرية ومعونات الدول التي تؤثر على سيادتنا.
ان هذه النقاط في الواقع تمثل أسس الالتقاء بين جميع السودانيين الذين يريدون حقا تحرير بلادهم تحريرا يحفظ لها عزتها وتقدمها. ونحن الان نرتبط بهذه الاسس للعمل المشترك من اجل حرية بلادنا: على هذه الأسس القويمة تم تكوين الجبهة الاستقلالية وانضوت فيها الأحزاب الاتية:
• حزب الأمة.
• الحزب الجمهوري الاشتراكي
• الحزب الجمهوري
• الجبهة المعادية للاستعمار."
قراءة هذا المثال بتمعن تفيدنا كثيرا في ضرورة فهم ان قضايا الوطن الكبرى تعلو على الخلافات بين القوى السياسية مهما كان عمق وحدة تلك الخلافات أو شدة الحملات الدعائية المتبادلة.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی
إقرأ أيضاً:
نقابة المحامين - بيروت تقيم حفل قسم اليمين للمنتسبين الجُدد
نظمت نقابة المحامين في بيروت حفل قسم اليمين للمنتسبين الجدد (دورة 2024) في قصر العدل في بيروت بحضور شخصيات رسمية وقضائية ودبلوماسية ونقابية واكاديمية واهالي المنتسبين ومدرجيهم واعضاء اللجان الفاحصة.استهل الاحتفال بالنشيدين الوطني والنقابي ثم بكلمة رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله. بعدها، ألقت طليعة الدورة تمارا السمرا كلمة بإسم المنتسبين الجدد تلاها كل من مقرري التدرج عضوي مجلس النقابة ميسم يونس ولبيب حرفوش. وبعد أداء القسم، القى نقيب المحامين فادي مصري خطاباً موجهاً الى الزملاء الجدد تضمن توجيهات مهنية ونقابية وتأكيداً على الثوابت الوطنية ورؤية النقابة للأصلاح والانقاذ في مطلع العهد الرئاسي الواعد. وفي كلمته، قال المصري: "في هذا اليوم الكبير من الحياة النقابية وفي المسيرة الشخصية للمنتسبين الجدد إلى نقابة المحامين، يشرفني ان أقف اليوم أمام هذا الحفل الكريم المؤلف من المحامين الجدد وزملائهم الأقدم عهداً وأهلهم ومدرجيهم والمرجعيات الرسمية والوزارية والنيابية والقضائية والدبلوماسية والنقابية والأكاديمية، وقد تكون هذه المرة الأولى في تاريخ نقابة المحامين التي تحمل فيها هذه المناسبة هالة وطنية وطابعاً جامعاً". أضاف: "إنني انتهز المناسبة لأعرب، أولاً، لأعضاءِ لجنة الإمتحانات والمصححين عن إمتنان النقابة لتفانيهم في أَداء المهمة الموكلة إليهم ومقدِراً في الوقت عينه إشراف أمينة سر مجلس النقابة الزميلة الأستاذة مايا شهاب والمتابعة الحثيثة لمقرّريْ التدرّج الزميلين ميسم يونس ولبيب حرفوش ورئيس الديوان السيد جوزف شاوول وموظفي النقابة، علماً أن هذا العمل المشترك قد نتجت عنه، كما يعلم الجميع، إختبارات شفافة ونتائج تعكس من جهة أولى الطابع الأكاديمي لأي امتحان ومن جهة ثانية الوجهة المهنية العملية التي تتطلبها معايير التأهيل الموضوعة من النقابة للإنتساب إليها ومن جهة ثالثة مهابة الإنتماء الى المؤّسسة العريقة". وأكمل: "في هذا اليوم المبارك، أحرص على توجيه كلمة من القلب ولكن أيضاً من العقل- الذي يبقى هو الأساس- إلى الزملاء الجدد أشدد فيها على ركائز جوهرية اطلب منهم أن يضعوها نصب أعينهم على عتبة مسيرتهم المهنية:
أولاً: على الصعيد الشخصي السيرة التي توحي الثقة والإحترام التي ينص عليها القسم يجب ان تنعكس على حياتكم اليومية وعلى تصرفاتكم كافة، فهي ليست شأناً مهنياً فقط بل نهج حياة وإنني أتمنى ان يعرف الناس أنكم محامون من خلال أَدائِكم اليومي في المجتمع وحياتكم الشخصية.
ثانياً: على الصعيد المهني والنقابي على المنتسبين الجدد واجب استكمال دراستهم أثناء فترة تدرّجهم – وهذه ايضاً مسؤولية مدرّجيهم ومسؤولية النقابة- من خلال الإنكباب على دراسة الملفات وملاحقة المعاملات وصياغة اللوائح وتنظيم العقود والمحاضر ولكن ايضاً عبر الإطلاع على التقنيات الجديدة والإنفتاح على العالم واكتساب المعرفة بكامل أوجهها وتثقيف الذات من خلال القراءة اولاً واخيراً.
أما في النقابة، فلا بدّ لكم ان تعوا ان كل واحد منكم حلقة في سلسلة عمرُها 106 أعوام لا يجب ان تنكسر وكل واحد منكم مسؤول عن ديمومتها وعصرنتها- ولا سيما من خلال إنجاح المشاريع التي نعمل على تحقيقها- ونقل الأمانة إلى الأجيال القادمة. تشربوا تاريخ نقابتنا وأحبوه وكونوا فخورين بتاريخنا وتقاليدنا وتراثنا، حافظوا على هذا التاريخ وعلى هذه التقاليد في مئوية النقابة الثانية بالتزامن مع الإنفتاح على العالم وتحضير المهنة لمواجهة المستقبل، وهذا هو التحدي الكبير.
ثالثاً: على الصعيد الوطني نحن أبناء حضارة إنسانية عمرها 6000 سنة وهذه الحضارة لم يكن قوامُها التجارة كما روّج لذلك البعض بل كانت غنية، لا بل رائدة، بمقومات عديدة دينية وثقافية وفلسفية وفنية وأدبية وأخيراً وليس آخراً حقوقية، إذ اننا اليوم الورثة الطبيعيون لمدرسة الحقوق الرومانية في بيروت أم الشرائع - أعظم كلية حقوق في العالم القديم- قبل ان يُدَمِرَها الزلزال الكبير مع سائر مدن الساحل الفينيقي سنة 551 ميلادية.
وبهذه الصفة، علينا واجب كحقوقيين مؤتمنين على تراث حقوقي وإنساني عريق ان نحافظ على لبنان منارةَ علمٍ وانفتاحٍ ومساحةَ لقاءٍ وحوارٍ لكي يحقّق رسالَته الإنسانية في هذا العالم ويصبحَ بحق كما أراده الآباء المؤسسون وطناً للحرية والإنسان"ز
وأكمل: "ليس من باب الصدفة أن تتزامن إنطلاقة مسيرَتِكم المهنية والنقابية مع بزوع فجر لبناني جديد بدأ بإنتخاب رئيس للجمهورية بعد نفق التعطيل والشغور واستُكمِل بتشكيل سريع للحكومة خلافاً لما درجت عليه العادة في العهود الأخيرة. وإن دور نقابة المحامين في بداية مسيرة الإصلاح والإنقاذ يلخص كما يلي: 1) احترام الدستور نصاً وروحاً ولاسيما الإستحقاقات الدستورية في مواعيدها. 2) وضع الحريات العامة والفردية فوق كل اعتبار. 3) فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها وحماية حدودها وانسحاب الجيش الإسرائيلي المحتل بشكل كامل وتام وتصدي القوى الشرعية لأي اعتداء على السيادة اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة. 4) تحقيق الإستقلالية الحقيقية للسلطة القضائية من خلال تأمين الظروف المادية لتمكينها من ممارسة دورِها وإصدار القانون الخاص بإستقلالية القضاء علماً ان مناعة القاضي وقراره الذاتي المحكوم بالعلم والضمير يبقيان الضمانة الأولى لقضاء حرّ وفاعل. 5) إجراء التشكيلات القضائية وملء المراكز الشاغرة وإعادة هيكلة الإدارة العامة وتنقيتها وعصرنتها. 6) إعادة الإنتظام المالي العام وضمان حماية الودائع المصرفية ورفع اليد عنها لبدء مسيرة إعادة الثقة بلبنان وتفعيل الدورة الإقتصادية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي من أجل إستعادة دور لبنان الريادي كمركز إقتصادي ومالي إقليمي. 7) الدفع بإتجاه كسر الجمود المتصل بملف تفجير مرفأ بيروت لإعادته إلى مساره القضائي الطبيعي واستكمال التحقيقات حتى جلاء الحقيقة ومعاقبة المرتكبين بما يقضي نهائياً على ثقافة عدم المحاسبة والإفلات من العقاب. 8) إتخاذ قرار سيادي بعودة النازحين السوريين إلى ديارهم وتثبيت الحدود البرّية بين البلدين وإعادة تنظيم العلاقات اللبنانية- السورية على أسس ثابتة تتسم بالندية وتحفظ سيادة كل من البلدين واستقلالهما. 9) كشف مصير المواطنين اللبنانيين المخفيين قسراً والمعتقلين في السجون السورية. 10) التصدي الجدي والعميق للقضايا الوطنية المصيرية الكيانية والإقتصادية والإنمائية".
وأضاف: "ن معالجة المشاكل العضوية والبنيوية المزمنة التي يعاني منها لبنان تتطلب وعياً وحكمةً ونزاهةً معنويةً وتجرداً وتخلياً عن روح التفرقة والتمييز والطائفية والمذهبية والمحاصصة والمحسوبية والزبائنية. وهذه مسؤولية مشتركة فردية وجماعية، نقابية ووطنية. ومن أجدر من رجال القانون، والمحامين تحديداً، للعب دور قادة فكر ورأي لتولي نهضة لبنانية تقود وطنَنا الفريد من نوعه في العالم إلى مصاف الأوطان العظيمة بحيث نفتخر به مجدداً بين الأمم وطناً رائداً صاحب رسالة إنسانية جامعة، وطناً حديثاً متطوراً جذوره عميقة في التاريخ وطموحه خارق لتحديات المستقبل".
وختم: "هذا هو إلتزامنا تجاه نقابتنا، هذا هو معنى القسم الذي تؤدونه اليوم، كونوا أوفياء له ومن خلاله لمهنة المحاماة السامية ولنقابتكم العريقة وأمينين على تحقيق رسالة العدالة، وفوق كل شيء اعرفوا الحق والحق يحرركم على الدوام".