واشنطن- قبل 4 أعوام، جمع الناخبون الأميركيون من العرب والمسلمين قوتهم الانتخابية وراء المرشح الديمقراطي جو بايدن نكاية بالجمهوري دونالد ترامب الذي تبنى سياسات معادية للمهاجرين والمسافرين من عدة دول مسلمة.

وساهموا في هزيمة ترامب بعد تصويتهم بنسبة 65% لصالح خصمه آنذاك بايدن، مما ضمن له الفوز بولايات متأرجحة منها ميشيغان وجورجيا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: 5 رجال بسببهم خسرت هاريسlist 2 of 2ماذا يعني فوز ترامب للاقتصاد؟end of list

وجاءت انتخابات 2024 باختبار قاس لأكثر من 6 ملايين مسلم أميركي بسبب دعم إدارة بايدن غير المشروط للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلّف أكثر من 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف مصاب، ودمر بنية القطاع التحتية والحياتية.

وأصبح الناخبون المسلمون في مواجهة صعبة بين التصويت لبايدن وخليفته كامالا هاريس، أو لترامب، أو اللجوء لمرشحي الأحزاب الأخرى وهو ما يهدر قيمة تصويتهم.

شعور بالذنب

وعقب ظهور النتائج، قال ناخب عربي يقطن في ولاية فرجينيا -فضل عدم الكشف عن اسمه- للجزيرة نت "أشعر ببعض الذنب للمساهمة في فوز ترامب رغم معرفتي الجيدة به ومواقفه السابقة تجاه المسلمين وفلسطين وإسرائيل. لكن ليس من العدل أن تربح هاريس بعد كل ما قامت به وما لم تفعل تجاه سكان غزة".

في الوقت الذي يتنافس فيه الحزبان الجمهوري والديمقراطي على نيل رضا الناخبين اليهود الأميركيين، عرف عرب ومسلمو أميركا خبرات انتخابية أليمة، من أهمها التقليل من شأنهم من كلا الحزبين، ويرجع البعض ذلك لدور اللوبي اليهودي، في حين يرجعه آخرون لانقسام كتلتهم التصويتية وغياب قيمتها الانتخابية.

وفي انتخابات 1984، أعاد المرشح الديمقراطي والتر مونديل تبرعات مالية ساهم بها أميركيون عرب في حملته ضد منافسه الجمهوري رونالد ريغان، وفي انتخابات 1988 رفض الديمقراطي مايكل دوكاكيس -للمرة الثانية- تأييد مجموعة عربية أميركية.

وشهدت انتخابات 2000 تعهدا من قادة مسلمي أميركا بدعم الجمهوري جورج بوش الابن الذي فاز فيها بفارق أكثر من 500 صوت في ولاية فلوريدا المتأرجحة، وتصور الكثيرون بدء مرحلة جديدة من علاقتهم بالانتخابات وبساكن البيت الأبيض، واعتبرهم الجمهوريون فئة محافظة يمكن الفوز بها انتخابيا.

ولكن ومنذ وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، ومراقبة العرب والمسلمين، والحروب في العراق وأفغانستان، ومبادرات الجمهوريين المعادية للأجانب والإسلاموفوبيا، تحرك العرب بثبات نحو الحزب الديمقراطي.

أدرك الناخبون المسلمون عمق تمسك بايدن بدعمه غير المشروط للعدوان الإسرائيلي على غزة رغم ضخامة الخسائر البشرية والمادية. وأظهروا رفضا قاطعا لدعمه وصوت أكثر من 100 ألف منهم بـ"عدم الالتزام" في ولايات متأرجحة أهمها ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا.

إضاعة الفرصة

وعندما انسحب الرئيس بايدن وأصبحت نائبته هاريس مرشحة الحزب، كان لدى الديمقراطيين فرصة لإعادة ضبط البوصلة تجاه العدوان الإسرائيلي بما يأخذ في الحسبان مشاعر وخسائر مسلمي أميركا، إلا أن هاريس وحملتها تجاهلوهم في مناسبات عدة.

ورفضت هاريس أن يلقي أي عربي أو مسلم كلمة من على منصة المؤتمر العام للحزب في أغسطس/آب الماضي رغم تكرار مناشدات الجالية المسلمة، وسمحت بحديث أهل بعض المحتجزين الإسرائيليين.

وردت المرشّحة بكل تعال على المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في الفعالية قائلة "أنا أتحدث، هل تعرفون؟ إذا كنتم تريدون أن يفوز ترامب، فاستمروا في الاحتجاج". وبعدما تدخل ترامب متوددا الجالية المسلمة، حاولت هاريس تغيير لهجتها تجاه أزمة غزة.

وقال الناخب العربي نفسه "خيبت هاريس آمالي، كنت أتطلع إلى أن تقول ما يرضيني لأصوت لها، إلا إنها أضاعت كل فرصة توفرت لها. لقد حاولت أن تنأى بنفسها عن بايدن ومواقفه وأن تدعي أنها لن تكون مثله تجاه غزة، بينما لم تتناول أي طريقة لوقف العدوان أو عقاب إسرائيل، وكررت دائما أن الجريمة الكبرى هي التي وقعت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".

واستغل ترامب الشرخ الذي حدث بين الديمقراطيين والناخبين العرب والمسلمين. وعين صهره اللبناني مسعد بولس منسقا عاما في حملته للتواصل مع هؤلاء الناخبين. وتعهد بوقف الحرب في غزة، كما غرد أنه "سيوقف المعاناة والدمار في لبنان".

وخاطب ترامب الناخبين اللبنانيين الأميركيين قائلا "يستحق أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان العيش في سلام وازدهار ووئام مع جيرانهم". كما أشاد بتأييد عامر غالب عمدة هامترامك بولاية ميشيغان له، وهي مدينة ذات أغلبية مسلمة خارج ديترويت، وعقد عدة اجتماعات وأخذ صورا مع عدد من قادة الجالية المسلمة.

أربكت تحركات ترامب الكثير من أبناء الجالية المسلمة ممن أكدوا أنهم لا يستطيعون التصويت لمرشح مثله. وكان سجله تجاه الفلسطينيين شديد السوء. فهو نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس "مما جعل الولايات المتحدة تعترف رسميا بالمدينة عاصمة لإسرائيل" رغم حقيقة أن القدس الشرقية لا تزال أرضا فلسطينية محتلة، وأعلنت وزارة الخارجية في عهده أنها لن تعتبر المستوطنات في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي.

غضب كبير

ويرى عدد من الناخبين العرب أن التصويت لهاريس كان سيكون تصويتا للإبادة الجماعية، في حين تمسك البعض بالتصويت لها كونها "أفضل السيئين" وقد عانوا من قرارهم، لأنها كانت جزءا من الإدارة التي مولت حرب إسرائيل. وقال ناخب عربي للجزيرة نت، إنه "اضطر للتصويت لها حيث لم يطاوعه ضميره على التصويت لترامب". بينما دعا آخرون لإعطائه فرصة، لأن ترامب 2024 -برأيهم- يختلف عنه في 2016.

غير أن عددا كبيرا من الناخبين المسلمين اعتبروا أن التصويت لمرشحي الأحزاب الأخرى مثل كرونيل ويست أو جيل ستاين، من شأنه أن يحل هذه العقدة بين بديلي هاريس وترامب، وأن اختيار المقاطعة أو التصويت لطرف ثالث هو وسيلة لتذكير الأحزاب الرئيسية بأنها لا تفعل ما يكفي لدعمها.

وكشف إعلان فوز ترامب وظفره بولاية ميشيغان عن حجم الغضب من الحرب في غزة ولبنان. وكرر عربها قول عبارة "لقد حذرناك" لهاريس التي خسرتها لصالح منافسها بأكثر من 2600 صوت، وسبق أن فاز فيها بايدن بأكثر من 17 ألف صوت عام 2020.

أما ستاين -التي ركزت على معارضة العدوان الإسرائيلي- فقد حققت قفزة من 207 أصوات في 2020 إلى أكثر من 7600 هذا العام.

تقول بهية صلاح الدين، الناخبة المسلمة بولاية فرجينيا، للجزيرة نت "وصلت إلى مكتبي ورأيت كل الناس مكفهرة الوجه، والنساء أعينهن حمراء من كثرة البكاء، وأخفيت سعادتي بفوز ترامب. هم يعتقدون أن خسارة هاريس كارثية على حياتهم ومستقبل أولادهم، في حين لم يكترثوا لحياة ومستقبل أطفال غزة".

وأضافت، "أعرف بعض الأصدقاء العرب ممن يشعرون بالذنب لأنهم صوتوا لترامب، لكن أقول لهم إذا لم تكن غزة خطهم الأحمر، فماذا سيكون؟".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجالیة المسلمة أکثر من

إقرأ أيضاً:

رأي.. تيم سباستيان ورنا الصباغ يكتبان عن سياسات ترامب: ما الذي حدث للتو؟

هذا المقال بقلم تيم سباستيان، صحفي بريطاني ومحاور تلفزيوني ومؤلف كتب، ورنا الصباع صحفية ومحررة استقصائية عربية. يتشارك الاثنان في منصة مستقلة على وسائل التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على قضايا الساعة الإشكالية.

لم يستغرق الأمر أكثر من شهرين ليبان الحجم الكامل لطموحات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.

تحول إلى قوة هدم في المشهد المحلي. أقال الآلاف، وضغط على المحاكم والجامعات، واختطف الناس من الشوارع، وطالب بتعهدات "ولاء شخصي" من موظفي الحكومة الفيدرالية.

لكي يحقق مسعاه، ملأ البيت الأبيض بمتُنفذين متغطرسين يُمطرون أمريكا – والآن العالم – بوابل من المحاضرات حول ما يجب عليهم فعله وكيف يفعلونه.

هؤلاء شخصيات لم تكن شيئا بالأمس – لم يُرفعوا أو يصلوا تلك المناصب بسبب علمهم أو حكمتهم – بل هم مجرد رجال ونساء تنفيذيين، متعطشون لممارسة السلطة الجديدة التي انتزعوها من النظام الديمقراطي، بعد تمزيق وتجاهل العديد من الضوابط والتوازنات التي كانت تحكم وتضبط البلاد.

يا له من إنجاز مذهل في سرعته وحجمه، ولكنه أيضًا مفعم بالحقد، وبممارسات تعظيم الذات على مستوى عالمي.

الولايات المتحدة لم تعد هي نفس البلد التي كانت عليها قبل شهرين.

في بعض النواحي، بالكاد يمكن التعرف عليها.

فرض الرسوم الجمركية هو حتى الآن أكثر أعمال ترامب جدية في ممارسة الإكراه السياسي الدولي – تأتي بمثابة صدمة ضخمة للاقتصاد العالمي وتحمل رسالة واحدة فوق كل اعتبار: أمريكا يمكنها أن تصنعك أو تدمرك – لذا إما أن تفعل الأمور على طريقتي أو تتحمل العواقب.

وهذه العواقب واضحة جدًا في الخسائر التريليونية التي تم ويتم تسجيلها في أسواق المال العالمية.

بعض الدول ستنحني وتسجد أمام ترامب مع أن من تتعامل معه، ليس شخصًا يمكنك الوثوق به.

هذا هو الرجل نفسه الذي أرسل يومًا ما صواريخ “جافلين” إلى أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد روسيا – وهو الآن يحاول ابتزاز كييف المُنهكة من الحرب، والمكافحة من أجل البقاء، لتتخلى عن معظم حقوقها السيادية في المعادن النادرة الموجودة على أراضيها.

ترامب هو الرجل نفسه الذي وصف غزو بوتين بـ”العبقري”، وفي نفس الوقت كان يفرض رسومًا عقابية على أقرب حلفائه – قام بهدوء برفع العقوبات عن زوجة الأوليغارش الروسي بوريس روتنبرغ، الذي يُصادف أنه صديق مقرب لبوتين.

ومن المثير للسخرية أن هذا لم يُذكر في بيان البيت الأبيض الرسمي الذي أعلن عن رفع العقوبات.

ففي صف من يقف ترامب حقًا؟

الجواب: لا أحد سوى نفسه.

ترامب مصمم على استخدام القوة الهائلة لمنصبه لتوسيع نفوذه الأيديولوجي، بإملاء قواعد العمل على الشركات والدول – وتهديدهم بفقدان رضاه وأعماله إن لم يطيعوه.

بالنسبة لترامب هذا ليس أقل من محاولة فريدة تحدث مرة في العمر لإعادة تشكيل أجزاء واسعة من العالم وفقًا لهواه، وضمان خضوعها لنفوذه.

وفي نفس الوقت الذي كانت فيه إعلانات التعرفة الجمركية تمزق توقعات الأسواق العالمية، كان وزير خارجيته مارك روبيو – رجلٌ كان قد تحداه سابقًا على ترشيح الحزب الجمهوري وسُخر منه بلا رحمة – يُطالب دول الناتو برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي.. وكأن الامر ممكن أصلًا.

ربما كان ذلك ممكنًا.. لبعض الدول في الأسبوع الماضي.

لكن الشهر المقبل.. وبفضل الحرب التجارية الجديدة – فالأمر مستحيل.

إذاً – رسائل متضاربة تصدر عن ترامب.

أولاً الضربة المالية.

ثم عندما يتم إنهاك الضحية، يُعرض عليه اتفاق لم يكن ليوقعه قبل أن يتلقى الضربة.

بعض الدول ستتعامل مع ترامب وتقدم له تنازلات تجارية ومحفزات لأنها لا تملك خيارًا آخر.

لكن الضغط لن يتوقف.

وعلى عكس ما يدّعي ترامب بأن أمريكا باتت ضحية عالمية – لا تزال البلاد تملك أقوى اقتصاد في العالم.

ويريدك أن تتذكر ذلك.

لأنه يدرك أن أنتم، أي معظمكم، ببساطة لا تستطيعون تحمل عواقب إغضابه.

أمريكادونالد ترامبرأينشر الأربعاء، 09 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • رأي.. تيم سباستيان ورنا الصباغ يكتبان عن سياسات ترامب: ما الذي حدث للتو؟
  • الدكتور محمد بشاري يفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب
  • البنتاجون يدرس سحب 10 آلاف جندي أميركي من أوروبا
  • صفقة ترامب – إيران: فرصة أم فخ؟
  • كاتب أميركي: الرسوم الجمركية هدية دونالد ترامب للصين
  • ترامب يكسر قيود بايدن على الذكاء الاصطناعي ويأمر بالتوسع في استخدامه
  • هل ينجو العرب من الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي؟
  • كاتب أميركي: يبدو أن الدولة الفلسطينية أصبحت حلما بعيد المنال
  • نساء غزة يعانين مرارة الإعاقة وقسوة النزوح
  • بقيمة أكثر من 8 ملايين دولار.. القوات المشتركة تصادر شحنة مخدرات في بحر العرب