مفهوم الفلسفة.. أفكارٌ واستعمالات
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
آخر تحديث: 7 نونبر 2024 - 11:30 صحازم رعد حينما يطلق مفهوم الفلسفة من أي مفكر، أو قائل، أو حتى كاتب، فإن هناك على الأقل ثلاثة من الاستعمالات ينضوي عليها هذا المفهوم، بمعنى آخر أنه يمكن توظيف تلك الاستخدامات كمعبر وحكاية عن هذا المصطلح في الواقع من خلال تتبع دلالاته التي يمكن استشفافها منه. فالاستعمال الأول الذي ينضوي على مصطلح الفلسفة هو للتعبير عن تاريخ الفلسفة.
وفي تاريخها نبحث عن زمان نشأتها الأول والجغرافيا التي بدأت منها والمحركات “الدوافع” التي حفّزت إلى ظهور هكذا لون من الدراسات والمعرفة، وهل كانت الحاجة إلى خطاب ورؤية عن العالم، ما دفع إلى ذلك أم هو تداول الآراء بشأن النمو الاقتصادي والسياسي أو أن الحوار الإنساني هو الحافز لذلك، ومن ثم فإن محركات فعل التفلسف كثيرة، وكل واحدة منها ترتبط بوقائع معينة وبظروف محددة كانت بمثابة المقدمات التي هيأت هذا الحقل المعرفي الكبير الذي يكاد أن يقال عنه بأنّه يختزل تاريخ البشريّة بأسرها.
فتاريخ العالم هو تاريخ الفلسفة، وتاريخ الفلسفة من دون تفلسف لا يعدو كونه معرفة بماضي جثث الفلاسفة مثل “اسمائهم، بلدانهم، ألقابهم، حياتهم، وسيرتهم، وأفكارهم” غير أننا في تاريخ الفلسفة لن نتمكن من الكشف عن الواقع أو تحليل معطى من معطياته، ولا حتى يمكننا فهم الحاضر والوقوف على حقيقته، ولا نتمكن من أن نكوّن رؤية عامة عن الكون والحياة والعام. إنّنا في تاريخ الفلسفة نقتصر على تقليب سجل أحداث الماضي على الرغم من أهمية هذا التاريخ في تعزيز تجربتنا وخبرتنا المعرفيّة وفهمنا للمنهج الفلسفي العام الذي من خلاله تطال الأشياء، والكيفيّة التي بها نتوثب على تحليل مشكلة، كما أن هذا التاريخ ينمي لدينا الحس النقدي، فمطارحة الأفكار والمقارنة بينها تنمي هذه النزعة، وكذلك لغتنا الفلسفيّة.
أما الاستعمال الثاني، فهو التعبير عن عملية “التفلسف” أو كيفية التفكير التي يمارسها الإنسان، والتي تبرز من خلال احتكاكه بأعراض الواقع وأشيائه وأحداثه، وهذا بطبيعته يفرض على الإنسان مشكلات جديدة، وأوجه عمل مختلفة تدعوه للتفكير فيها والبحث المعمّق عن الأسباب والدوافع وإيجاد حلول لها.
هذا التفكير هو بطبيعته تفلسف، أو خلال نظره بالأشياء وإجراءات التأمل والتحليل والنقد والمراجعات، بمعنى أنّ هذا الاستخدام يجعل منها كيفية في التفكير وطريقة لفهم الواقع في مختلف مستوياته السياسية والاجتماعية والأخلاقية والرؤيوية، فالتفلسف فعل يمارس كلما دعت الحاجة، وكلما حصلت الدهشة، وكلما أثارت العقل حادثة أو واقعة أو حفّزته مشكلة لحلها. هذه الطريقة لها خصوصيات تميزها عن غيرها من حيث طرق التفكير، فهي عقلية ومجردة من المسبقات، ولا تكتفي بجواب واحد عن الاشكالات والتساؤلات، فهي دائمة البحث والفحص والتقصي طلباً للمزيد من الحلول والإجابات.
أما الاستعمال الثالث، فيعنى بقيم الفلسفة أو بمفاهيم ناتجة عنها، إن الفلسفة لا تقتصر على تاريخها “الذي هو مجموعة الأفكار والنظريات والتساؤلات التي طرأت في ظروفها الخاصة ووقتها في التاريخ الذي جاءت فيه، واستلزم من الفلاسفة ابتكار وإبداع تلك الأفكار والنظريات”. وهنا ينبغي القول إنّ لكل زمان فلسفته، وهي بالتأكيد ناتجة عن وعي ومشكلات وتساؤلات ذلك الزمن في راهنيته. فهذه الفلسفة في جانب كبير منها قيم ومبادئ وطرق تفكير وممارسة، لا سيما أن هناك قيماً كلية للفلسفة تشمل كل زمان ومكان. فهي مجاوزة للتاريخ من قبيل العقلانيّة والكيفيّة في التفكير “الاستقلالية والتجرّد” والاعتراف وقبول الآخر والتسامح وغيرها من مفاهيم تعبر عن نواتج وثمار للفلسفة، وهي قيم ومبادئ تسود في كل التاريخ من دون استثناء، لأنّها قوام التفكير الفلسفي الذي لا يخلو منها على الاطلاق.
ولكن غالباً ما يلاحظ على المهتمين أو المشتغلين في هذا الحقل المعرفي المهم أنّهم يتمسّكون بأولى تلك الجوانب، وهو تاريخ الفلسفة ويمعنون النظر فيها ويطالعونها معتقدين أنّها تفلسف أو أنهم فلاسفة أو متفلسفة أو حتى مشتغلين بالفلسفة، وبذلك يتناسون الجانبين الآخرين المهمين في الفلسفة، وهما “التفلسف – التفكير” وقيم ومفاهيم “نواتج الفلسفة”.
وجاء الاستعمال الرابع تعبيراً عن رؤية المجال العام من “الفعاليات السياسية والأنشطة الاجتماعية المختلفة” بوصفها فلسفة. إذ يتشكل على وفق مساحة حرة من الحوار والنقاش الحر والهادف والبناء الذي تتكافأ فيه فرص طرح الآراء وإبداء وجهات النظر بين الذوات المجتمعة في ذلك الفضاء كفلسفة، بل لعل مشغل الفلسفة الأول في التاريخ اليوناني كان وليد اللحظات النقاشية التي جرت في الساحات العامة “الاغورا”، وكانت تفضي إلى أفكار وآراء بخصوص اهتمامات متنوعة “سياسية واقتصادية وفكرية” قائمة على الاستدلال، حيث كان الأخير نتاج “العقل الحر” الذي يقدم إسهاماً نظرياً لتدبير وتنظيم الواقع.
وأنا ممن يرى إمكانية أن تعرف الفلسفة لا سيما في مرحلتنا الراهنة من التاريخ بأنها “التفكير في المجال العام”، أي النظر العقلي بتلك القيم والاعتبارات التي تمس حياة الذوات وتلتحم مع معيشهم المشترك نظير النشاطات السياسية والاحتجاجات وطلب الحقوق والمساواة فيها والاعتراف وغيرها من مفاهيم أخرى، وكل ذلك يندرج تحت استعمال الفلسفة، فيصح أن يقال إن التفكير داخل المجال العام هو فلسفة، لأنه يولد رؤية عن ذلك المجال، وأنه استعمال فلسفي بامتياز.
وهناك استعمال خامس لمفهوم “فلسفة” وهو استخدام أكاديمي، بمعنى أنه يستخدم كإطار مرجعي منهجي يزين شهادات التخصص التي تمنح لطلبة العلم من الذين اجتازوا مرحلة الدكتوراه، فتعد هذه المرحلة بأنها “فلسفة” في أي تخصص أو حقل معرفي سواء كان اجتماعيا أم تطبيقيا، نظراً لما تقتضيه تلكم المرحلة من تفكير مختلف عن السائد والمألوف، فهو تفكير أكثر عمقاً وبحثاً في جوانب دقيقة في التخصص.
وفي هذا الأمر دلالة على أن التفكير الفلسفي يختلف تمام الاختلاف عما سواه لشموليته وموضوعيته وعقلانيته، ولذا، يمكن اعتبار أن واحدة من أسباب منح “درجة الدكتوراه في هذا الشأن” هي من باب التيمُّن بكون الفلسفة أم العلوم. فالمتعارف عليه أن جميع العلوم والتخصصات العلمية والاجتماعية، خرجت من تحت عباءة الفلسفة، فحتى التاريخ الذي بدأت فيه العلوم بالانفصال عن أمها “الفلسفة” كانت الفلسفة قبل ذلك أماً للعلوم جميعاً. ولعل هناك استعمالات أخرى لهذا المفهوم، لأنه ينفتح على مجالات عديدة، وهذا يدل على تشعب المفهوم وتنوع دلالاته.. الأمر الذي يدفعنا للبحث بشكل أكثر دقة في تشعباته والوقوف على المزيد من فهمه وإدراك معانيه.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: تاریخ الفلسفة
إقرأ أيضاً:
أفكار هدايا يوم التاسيس السعودي
يتحضر الشعب السعودي للاحتفال بـ يوم التأسيس السعودي وذلك إحياءً لذكرى تأسيس الدولة السعودية الرابعة على يد الإمام محمد بن سعود الحكم في منتصف عام 1139هـ - 1727م وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
اقرأ ايضاًوقرر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إعلان يوم 22 فبراير من كل عام عطلة رسمية لجميع القطاعات الحكومية والشبه حكومية والخاصة لإظهار ملامح الفخر والقوة والاعتزاز بتراث السعودية الغني بالتضحيات التي بذلت في سبيل إقامة الدولة السعودية الأولى، وفيما يلي نستذكر لكم أجمل أفكار هدايا لتعكس اعتزازك وحبك بالمناسبة وايضاً تحمل طابعاً خاصاً يجسد تاريخ المملكة وشعبها:
أفكار هدايا يوم التاسيس السعودييوم التاسيس السعودي هو يوم مهم يحتفل به في المملكة العربية السعودية، وعن طريق تزيين الشوارع بالأعلام وإقامة البرامج والفعاليات والأنشطة، وتقديم الهدايا وفيما يلي بعض الأفكار عن الهدايا مستوحاة من هذا اليوم المميز:
العطور التقليدية والسعودية المصنوعة من الورود والمسك والعنبر لأنها تعتبر جزءاً من ثقافة المملكة.منتجات تراثية مستوحاة من السعودية مثل الفخار، السجاد اليدوي، أو الحرف اليدوية التقليدية مثل الطين المزخرف.لوحات أو صور تحتوي على معالم عريقة وشهيرة مثل برج المملكة وقلعة المصمك.من أجمل توزيعات يوم التأسيس السعودي مشروبات محلية في عبوات مخصصة مثل القهوة العربية أو الشاي بالنعناع داخل عبوات تحمل تصاميم مستوحاة من التراث السعودي.إكسسوارات مثل الأساور أو القلائد المصممة على شكل خريطة السعودية أو تحمل شعار المملكة أو تصاميم تحمل صورة الملك المؤسس عبد العزيز.تقديم كتب تتحدث عن تاريخ المملكة العربية السعودية.من التوزيعات المفضلة للنساء تقديم أدوات منزلية بتصميمات مستوحاة من التراث السعودي.تقديم كتب شعرية تتحدث عن الاعتزاز بالوطن.تيشيرتات أو قبعات أو كوفيات مميزة تحمل صور أو شعارات خاصة بيوم التأسيس السعودي.تقديم هدايا غذائية مثل أطعمة سعودية تقليدية كالتمر، القهوة العربية، أو المعمول أو البقلاوة.هدايا اليوم الوطني للاطفالمستلزمات مدرسية مخصصة للأطفال مثل الألوان المائية أو الأقلام أو الممحايات التي تحمل شعار يوم التأسيس.توزيع كتب مصورة تحتوي على قصص تاريخية.بوكس فيه شوكولاتة أو تمر محشو.ألبومات صور صغيرة تعتبر هدية مميزة للأطفال. كلمات دالة:أفكار هدايا يوم التاسيس السعودييوم التاسيس السعوديسعودية تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضمّتْ إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" عام 2013 كمُحررة قي قسم صحة وجمال بعدَ أن عَملت مُسبقًا كمحُررة في "شركة مكتوب - ياهو". وكان لطاقتها الإيجابية الأثر الأكبر في إثراء الموقع بمحتوى هادف يخدم أسلوب الحياة المتطورة في كل المجالات التي تخص العائلة بشكلٍ عام، والمرأة بشكل خاص، وتعكس مقالاتها نمطاً صحياً من نوع آخر وحياة أكثر إيجابية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن