شبكة اخبار العراق:
2025-04-17@12:40:04 GMT

مفهوم الفلسفة.. أفكارٌ واستعمالات

تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT

مفهوم الفلسفة.. أفكارٌ واستعمالات

آخر تحديث: 7 نونبر 2024 - 11:30 صحازم رعد حينما يطلق مفهوم الفلسفة من أي مفكر، أو قائل، أو حتى كاتب، فإن هناك على الأقل ثلاثة من الاستعمالات ينضوي عليها هذا المفهوم، بمعنى آخر أنه يمكن توظيف تلك الاستخدامات كمعبر وحكاية عن هذا المصطلح في الواقع من خلال تتبع دلالاته التي يمكن استشفافها منه. فالاستعمال الأول الذي ينضوي على مصطلح الفلسفة هو للتعبير عن تاريخ الفلسفة.

وفي تاريخها نبحث عن زمان نشأتها الأول والجغرافيا التي بدأت منها والمحركات “الدوافع” التي حفّزت إلى ظهور هكذا لون من الدراسات والمعرفة، وهل كانت الحاجة إلى خطاب ورؤية عن العالم، ما دفع إلى ذلك أم هو تداول الآراء بشأن النمو الاقتصادي والسياسي أو أن الحوار الإنساني هو الحافز لذلك، ومن ثم فإن محركات فعل التفلسف كثيرة، وكل واحدة منها ترتبط بوقائع معينة وبظروف محددة كانت بمثابة المقدمات التي هيأت هذا الحقل المعرفي الكبير الذي يكاد أن يقال عنه بأنّه يختزل تاريخ البشريّة بأسرها.
فتاريخ العالم هو تاريخ الفلسفة، وتاريخ الفلسفة من دون تفلسف لا يعدو كونه معرفة بماضي جثث الفلاسفة مثل “اسمائهم، بلدانهم، ألقابهم، حياتهم، وسيرتهم، وأفكارهم” غير أننا في تاريخ الفلسفة لن نتمكن من الكشف عن الواقع أو تحليل معطى من معطياته، ولا حتى يمكننا فهم الحاضر والوقوف على حقيقته، ولا نتمكن من أن نكوّن رؤية عامة عن الكون والحياة والعام. إنّنا في تاريخ الفلسفة نقتصر على تقليب سجل أحداث الماضي على الرغم من أهمية هذا التاريخ في تعزيز تجربتنا وخبرتنا المعرفيّة وفهمنا للمنهج الفلسفي العام الذي من خلاله تطال الأشياء، والكيفيّة التي بها نتوثب على تحليل مشكلة، كما أن هذا التاريخ ينمي لدينا الحس النقدي، فمطارحة الأفكار والمقارنة بينها تنمي هذه النزعة، وكذلك لغتنا الفلسفيّة.
أما الاستعمال الثاني، فهو التعبير عن عملية “التفلسف” أو كيفية التفكير التي يمارسها الإنسان، والتي تبرز من خلال احتكاكه بأعراض الواقع وأشيائه وأحداثه، وهذا بطبيعته يفرض على الإنسان مشكلات جديدة، وأوجه عمل مختلفة تدعوه للتفكير فيها والبحث المعمّق عن الأسباب والدوافع وإيجاد حلول لها.
هذا التفكير هو بطبيعته تفلسف، أو خلال نظره بالأشياء وإجراءات التأمل والتحليل والنقد والمراجعات، بمعنى أنّ هذا الاستخدام يجعل منها كيفية في التفكير وطريقة لفهم الواقع في مختلف مستوياته السياسية والاجتماعية والأخلاقية والرؤيوية، فالتفلسف فعل يمارس كلما دعت الحاجة، وكلما حصلت الدهشة، وكلما أثارت العقل حادثة أو واقعة أو حفّزته مشكلة لحلها. هذه الطريقة لها خصوصيات تميزها عن غيرها من حيث طرق التفكير، فهي عقلية ومجردة من المسبقات، ولا تكتفي بجواب واحد عن الاشكالات والتساؤلات، فهي دائمة البحث والفحص والتقصي طلباً للمزيد من الحلول والإجابات.
أما الاستعمال الثالث، فيعنى بقيم الفلسفة أو بمفاهيم ناتجة عنها، إن الفلسفة لا تقتصر على تاريخها “الذي هو مجموعة الأفكار والنظريات والتساؤلات التي طرأت في ظروفها الخاصة ووقتها في التاريخ الذي جاءت فيه، واستلزم من الفلاسفة ابتكار وإبداع تلك الأفكار والنظريات”. وهنا ينبغي القول إنّ لكل زمان فلسفته، وهي بالتأكيد ناتجة عن وعي ومشكلات وتساؤلات ذلك الزمن في راهنيته. فهذه الفلسفة في جانب كبير منها قيم ومبادئ وطرق تفكير وممارسة، لا سيما أن هناك قيماً كلية للفلسفة تشمل كل زمان ومكان. فهي مجاوزة للتاريخ من قبيل العقلانيّة والكيفيّة في التفكير “الاستقلالية والتجرّد” والاعتراف وقبول الآخر والتسامح وغيرها من مفاهيم تعبر عن نواتج وثمار للفلسفة، وهي قيم ومبادئ تسود في كل التاريخ من دون استثناء، لأنّها قوام التفكير الفلسفي الذي لا يخلو منها على الاطلاق.
ولكن غالباً ما يلاحظ على المهتمين أو المشتغلين في هذا الحقل المعرفي المهم أنّهم يتمسّكون بأولى تلك الجوانب، وهو تاريخ الفلسفة ويمعنون النظر فيها ويطالعونها معتقدين أنّها تفلسف أو أنهم فلاسفة أو متفلسفة أو حتى مشتغلين بالفلسفة، وبذلك يتناسون الجانبين الآخرين المهمين في الفلسفة، وهما “التفلسف – التفكير” وقيم ومفاهيم “نواتج الفلسفة”.
وجاء الاستعمال الرابع تعبيراً عن رؤية المجال العام من “الفعاليات السياسية والأنشطة الاجتماعية المختلفة” بوصفها فلسفة. إذ يتشكل على وفق مساحة حرة من الحوار والنقاش الحر والهادف والبناء الذي تتكافأ فيه فرص طرح الآراء وإبداء وجهات النظر بين الذوات المجتمعة في ذلك الفضاء كفلسفة، بل لعل مشغل الفلسفة الأول في التاريخ اليوناني كان وليد اللحظات النقاشية التي جرت في الساحات العامة “الاغورا”، وكانت تفضي إلى أفكار وآراء بخصوص اهتمامات متنوعة “سياسية واقتصادية وفكرية” قائمة على الاستدلال، حيث كان الأخير نتاج “العقل الحر” الذي يقدم إسهاماً نظرياً لتدبير وتنظيم الواقع.
وأنا ممن يرى إمكانية أن تعرف الفلسفة لا سيما في مرحلتنا الراهنة من التاريخ بأنها “التفكير في المجال العام”، أي النظر العقلي بتلك القيم والاعتبارات التي تمس حياة الذوات وتلتحم مع معيشهم المشترك نظير النشاطات السياسية والاحتجاجات وطلب الحقوق والمساواة فيها والاعتراف وغيرها من مفاهيم أخرى، وكل ذلك يندرج تحت استعمال الفلسفة، فيصح أن يقال إن التفكير داخل المجال العام هو فلسفة، لأنه يولد رؤية عن ذلك المجال، وأنه استعمال فلسفي بامتياز.
وهناك استعمال خامس لمفهوم “فلسفة” وهو استخدام أكاديمي، بمعنى أنه يستخدم كإطار مرجعي منهجي يزين شهادات التخصص التي تمنح لطلبة العلم من الذين اجتازوا مرحلة الدكتوراه، فتعد هذه المرحلة بأنها “فلسفة” في أي تخصص أو حقل معرفي سواء كان اجتماعيا أم تطبيقيا، نظراً لما تقتضيه تلكم المرحلة من تفكير مختلف عن السائد والمألوف، فهو تفكير أكثر عمقاً وبحثاً في جوانب دقيقة في التخصص.
وفي هذا الأمر دلالة على أن التفكير الفلسفي يختلف تمام الاختلاف عما سواه لشموليته وموضوعيته وعقلانيته، ولذا، يمكن اعتبار أن واحدة من أسباب منح “درجة الدكتوراه في هذا الشأن” هي من باب التيمُّن بكون الفلسفة أم العلوم. فالمتعارف عليه أن جميع العلوم والتخصصات العلمية والاجتماعية، خرجت من تحت عباءة الفلسفة، فحتى التاريخ الذي بدأت فيه العلوم بالانفصال عن أمها “الفلسفة” كانت الفلسفة قبل ذلك أماً للعلوم جميعاً. ولعل هناك استعمالات أخرى لهذا المفهوم، لأنه ينفتح على مجالات عديدة، وهذا يدل على تشعب المفهوم وتنوع دلالاته.. الأمر الذي يدفعنا للبحث بشكل أكثر دقة في تشعباته والوقوف على المزيد من فهمه وإدراك معانيه.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: تاریخ الفلسفة

إقرأ أيضاً:

«شجرة الحياة».. تبرز رحلة الإنسان من الطفولة إلى الشيخوخة

هدى الطنيجي (أبوظبي)

استعرضت المنصات المشاركة ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025، المقامة في مركز أدنيك أبوظبي، عدداً من التقنيات الحديثة والمبادرات الصحية المتعلقة بشعار النسخة الثانية نحو حياة مديدة «مفهوم جديد للصحة والعافية»، حيث سعت الجهات إلى ترسيخ مفهوم الصحة والعافية في مختلف فعاليات وأنشطتها التي انطلقت على هامش الحدث العالمي الذي من المتوقع أن يستقبل أكثر من 15 ألف زائر و1900 وفد و200 متحدث من 90 دولة و150 جهة عارضة. 
وقامت الجهات العارضة إلى تعريف الزائرين للحدث العالمي بأهم خدماتها الصحية وتقنياتها العلاجية وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الابتكارات والذكاء الاصطناعي وغيرها التي تعزز من مفهوم شعار الحدث الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام عبر مجسمات وتقنيات لاقت إقبالاً لافتاً لدى القطاع الصحي.

منصة عالمية
قال الدكتور راشد السويدي مدير عام مركز أبوظبي للصحة العامة في أبوظبي: إن فعاليات أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025 الذي انطلقت فعالياته بالأمس تحت شعار «نحو حياة مديدة: مفهوم جديد للصحة والعافية» لا يعد فعالية سنوية فقط بل هو منصة عالمية يجتمع خلالها أبرز قادة القطاع الصحي والخبراء وصناع القرار لتشكيل مستقبل الصحة والرعاية عبر الحوار والشركات والابتكارات، حيث تسعى الجهات المشاركة من خلاله إلى تقديم المبادرات المعنية بالقطاع الطبي المستمرة التي تدعم التحول نحو أنظمة صحية أكثر استدامة والابتكار على الصعيد المحلي والعالمي، ومؤكداً أن الحدث يعزز من مكانة أبوظبي كمركز عالمي للرعاية الصحية.

أخبار ذات صلة «صحة - أبوظبي»: شراكة استراتيجية واسعة لتطوير الطب الدقيق في الإمارة سلطان بن أحمد يشهد توقيع اتفاقية تعاون بين «التنمية الاقتصادية» و«الشارقة للإعلام»

«شجرة الحياة» 
استعرضت مجموعة بيور هيلث في جناحها المشارك ضمن الحدث العالمي «شجرة الحياة» التي تمثل طول عمر الإنسان والمجتمع والحماية وتعكس جوانب مختلفة من الصحة والرفاهية، والعناصر المحيطة بالشجرة تبرز رحلة الحياة بدءاً من الحمض النووي على اعتباره المخطط الأساسي وصولاً إلى الجراحة الروبوتية التي تجسد الابتكار الطبي، كما تصور مراحل الحياة المختلفة من الطفولة إلى الشيخوخة مما يبرز النمو والفضول والتقدم التكنولوجي، وكذلك جذور الشجرة التي تحتوي على مفهوم «دائرة الحياة» الذي يذكرنا بأن خيارات اليوم تشكل المستقبل.

«الفلج»
استعرضت قمة الشفاء للطب التكاملي خلال مشاركتها في الفعالية «الفلج» وهي طريقة السقي التقليدية المتعارف عليها في دولة الإمارات، والتي تضمنت عرض مختلف أنواع النباتات والأعشاب المستخدمة في العلاجات الطبية التقليدية منها «الجعدة» و«الظفر» المستخدمة في علاج الحمى والالتهابات و «رمرام» المعروف باستخدامه الموضعي لعلاج حساسية الجلد واللدغات و«الصبرة».
واستعرضت قمة الشفاء مهنة الطبيب الإماراتي وأهم المعالجين في مجال الطب الشعبي والمجتمع.

إبر هيدروليكية 
قال الدكتور ياسر حاج المؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة «أبولونيا» القابضة: إن مشاركتهم في أسبوع أبوظبي العالمي يتمثل في عرض مراكزهم المتخصصة في طب الأسنان لفئة الأطفال من الولادة ولغاية عمر 18 عاماً، حيث تتخصص المجموعة في تقديم بيئة صديقة للطفل تعتمد على تصاميم تحاكي القصص الكرتونية المحببة لدى الأطفال فضلاً عن عدم استخدام التخدير العام في العلاج المتعلق بالأسنان ولكن من خلال استحداث تقنيات حديثة على سبيل المثال الإبر الهيدروليكية التي تسهم في تقديم العلاجات المناسبة للحالات التي تستقبلها المراكز من أجل تقديم أفضل رعاية طبية لهذه الفئة من أفراد المجتمع.
وأكد أن صحة الفم والأسنان جزء مهم من الصحة العامة وتعمل المجموعة على دعم المبادرات ونشر الوعي المجتمعي والوقاية المبكرة وتمكين الأجيال القادمة من تتبع نمط حياة صحي والمساهمة في التعليم الطبي والبحث العلمي.

مقالات مشابهة

  • تعرف على أهم الأطعمة التي تمدك بالماغنسيوم
  • فيه شيء مش مفهوم.. أول تعليق من بلبن على تشميع 12 فرعًا
  • ذكرى ميلاد أمينة رزق.. “راهبة الفن” التي كتبت تاريخ الأمومة على المسرح والسينما (بروفايل)
  • «شجرة الحياة».. تبرز رحلة الإنسان من الطفولة إلى الشيخوخة
  • مجرد التفكير في جعل الجنجويد يقاتلون بشرف يبدو وكأنه حلم
  • مفهوم التجديد بين التقليد والتبديد.. مشاتل التغيير (14)
  • نقابة الأطباء: سداد فاتورة التعليم للحد من الهجرة أفكار حمقاء
  • بسعر معقول.. أفضل سماعات لاسلكية يمكنك التفكير في شرائها
  • مخرج فيلم "علكة": ربما أجعل شخصا يعيد التفكير في نظرته لمتلازمة داون
  • محافظ أسيوط يوجه مديري المدارس: طبقوا أفكارًا مبتكرة لجذب الطلاب وتحسين التعليم