موقع 24:
2025-04-17@11:01:51 GMT

تكْلفة الانتخابات.. والنموذج الأمريكي

تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT

تكْلفة الانتخابات.. والنموذج الأمريكي

مليار دور أمريكي ـ للمرشحيْن معاً ـ في الأسبوع الأخير وحده



تتّجهُ دول العالم منذ سنوات ـ من خلال نُخبها السياسيّة والثقافيّة، ومنظمات المجتمع المدني ــ إلى المطالبة بالنظر في تكاليف الحملات الانتخابية للمرشحين، لعاملين أساسيين، الأول: يخص الممولين ومصادر الأموال، والمبالغ الكبيرة التي تدفع من أجل الحملات الانتخابية، والثاني: التأثير على صناعة القرار، خاصة في المجالين الاقتصادي والسياسي، بعد فوز المرشح المدعوم.


وعلى خلفيّة ذلك يدعو كثير من المراقبين في خطاب ـ إعلامي وسياسي تتسع دوائره حسب متطلبات كل مرحلة من تاريخ هذا الشعب أو ذاك ـ إلى تقْوِيم العلاقة بين الداعمين والمرشحين، خاصة بعد أن بلغ الانفاق على الحملات والدعاية الانتخابية المليارات، والمثال الواضح هنا ما أنفقه المرشحان الأمريكيان ـ دونالد ترامب وكمالا هاريس ـ في الأسبوع الأخير من حملتهما للانتخابات الرئاسية، حيث تذكر التقارير الإخبارية أنه بلغ مليار دور أمريكي ـ للمرشحيْن معاً ـ في الأسبوع الأخير وحده.
ونأتي على ذكر الانتخابات الأمريكية هنا كونها تعدُّ من بين الأغلى والأطول في العالم، ذلك أن الانفاق فيها يزيد كثيرًا عما يتم إنفاقه في معظم الدول، كما أن جهود الحملات الانتخابية تستمر طويلاً بداية من الترشيحات، مرورا بالمسار الانتخابي، إلى التصويت، ثم التنصيب، وكل هذا يتمّ في فترة تصل إلى عامين تقريبًا.
وبذهب المراقبون إلى أنه من المتوقع أن تصبح الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تشير التقديرات إلى أن الحملتين الرئيسيتين ولجان العمل السياسي ذات الصلة والمجموعات الأخرى المتحالفة أنفقت أكثر من 15.9 مليار دولار على مدار دورة الانتخابات متجاوزة المستوى القياسي السابق المسجل في 2020م، البالغ 15.1 مليار دولار.
وبالرغم من أن المراقبين أرجعوا التطور في الانفاق على الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية إلى التضخم، الذي تشهده البلاد، إلى أن الارتفاع لا يخص هذه الانتخابات، بل هو في تطور مضاعف منذ انتخابات 1998، حيث كانت وقتها 1,618 مليار دولار، ما يعني وصولها إلى عشر أضعاف تقريباً في الوقت الراهن.
قد يبدو الانفاق ــ كما هو على النحو الحالي ــ عادياً في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي معظم الدول الغربية الأخرى، ذات التقاليد العريقة في العملية الديمقراطية، وذلك لوجود منظومة قانونية يتم الاستناد عليها للقيام بذلك، وكون أن التمويل تُسهم فيه الشركات الخاصة، وتكون النتيجة سيطرة رأسمال على صناعة القرار السياسي، لكن بالنسبة للدول ذات الأنظمة الشمولية، والمتخلفة، فإن الوضع مختلف، لأنها تمويلها في معظمه يأتي من خزينة الدولة، حتى لو كانت غالبية المرشحين من المعارضة، ومع ذلك فإن عملية نقد تمويل الانتخابات أصبح ظاهرة عامة، وإن اختلف من دولة إلى أخرى؟
والحديث ـ أو الشكوى ــ من زيادة تكاليف الحملات الانتخابية هو اليوم أكثر تداولاً بين شعوب ونخب دول العالم الثالث مقارنة بمثيلاتها في دول المجتمعات المتقدمة، لأنها لا تجني ـ في الغالب ـ من دعمها للمرشحين أي فائدة تذكر، ولا حتى وفاء بعهود سبق لهم أن رفعوا شعاراتها أثناء الحملة الانتخابية، وقد يكون بعضهم في حلٍّ من المسؤولية لأن الأنظمة القائمة، والدولة العميقة لا تسمحان له بتحقيق برنامجه الانتخابي.
مهما تكن النظرة لتكاليف الانتخابات على المستوى العالمي، وربطها بالأوضاع الاقتصادية، فإن كل المؤشرات تَشي بتغير في الموقف من الانتخابات بشكل عام، الأمر الذي سينتهي إلى تقييم لنوعية السلطة وطبيعة الحكم، حيث تطرح اليوم آراء متباينة في ساحات متعددة، قائمة على فكرة مفادها: ضرورة إعادة النظر في" الديمقراطية فكرة ومنهجا"، وبالتالي عدم الاكتفاء بفلسفتها التي هي جزء من التراث الإنساني، وتلك تكلفة أكبر بكثير من التكلفة المادية للانتخابات.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية الحملات الانتخابیة

إقرأ أيضاً:

الدب الأمريكي الذي قد يقتل صاحبه!

يتحدث التراث الإنساني عن «الدبة التي قتلت صاحبها»، و«الرواية التي قتلت صاحبها»، و«القصيدة التي قتلت صاحبها»، وكلها تعبيرات تؤكد أن الغباء يقود أحيانًا صاحبه المغرور إلى اتخاذ قرارات متهورة تؤدي إلى إلحاق الأذى به، وبمن يحبه ويدافع عنه، وقد يصل الأمر إلى حد القضاء عليه.

الآن يمكن أن نسحب هذه الأمثال والعبارات على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وعد عند أداء اليمين الدستورية أمام الكونجرس بإعادة أمريكا -التي يحبها بالتأكيد- عظيمة مجددًا، ثم ما لبث أن أصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية التي يؤكد مراقبون كثر أنها قد تؤدى في النهاية إلى تفكك الولايات المتحدة وغروب شمس الإمبراطورية الأمريكية.

من الوعود الكثيرة التي قطعها ترامب على نفسه، وتهمنا في هذا المقال، وعده بأن يجعل بلاده «عاصمة العالم» للذكاء الاصطناعي. ثم سرعان ما تحول إلى دب هائج ضرب هذه الصناعة في مقتل ومنح منافسيه من دول العالم الأخرى خاصة الصين فرصة للتفوق عليه، عندما رفع بشكل تعسفي، يبدو غير مدروس، التعريفات الجمركية على كل دول العالم تقريبا.

الأمر المؤكد بعد أن بدأ ترامب حربه التجارية مع العالم، أن هذه الحرب ستكون الولايات المتحدة أكثر المتضررين منها، خاصة على صعيد صناعة الذكاء الاصطناعي التي سيكون عليها من الآن فصاعدًا مواجهة منافسة شرسة مع مثيلتها في الصين ودول أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا على كل المهتمين بتطوير برامج الذكاء الاصطناعي هو: كيف ستؤثر التعريفات الجمركية «الترامبية» على هذه البرامج التي ما زالت في طور الحضانة التكنولوجية، إذا أخذنا في الاعتبار أنها بدأت في الظهور منذ 3 أعوام فقط وتحديدا في عام 2022 عندما أطلقت شركة «اوبن آي» برنامج «شات جي بي تي» الذي فتح الباب أمام منافسين كثر في جميع أنحاء العالم لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي التي حققت زيادة هائلة في الانتشار والاستخدام العالمي من جانب الشركات والمستخدمين الأفراد. وهنا تشير التقديرات إلى أن عدد مستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي حول العالم قد تجاوز 314 مليون مستخدم في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 378 مليون مستخدم هذا العام. وحسب أحدث التقارير، تجاوز عدد مستخدمي تطبيقات شات جي بي تي النشطين أسبوعيًا 400 مليون مستخدم في فبراير الماضي.

ورغم تراجع ترامب المفاجئ كالعادة وإصداره أمرًا جديدًا الأسبوع الماضي بإلغاء الرسوم الجمركية التي كان قد فرضها على أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف الذكية، وشاشات العرض المسطحة، ومحركات الأقراص، وأشباه الموصلات القوية المعروفة باسم وحدات معالجة الرسومات، والتي تعد من العناصر الضرورية لمشروعات الذكاء الاصطناعي، ورغم ترحيب شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، مثل آبل وديل، بهذا القرار؛ نظرًا لاعتمادها الكبير على المكونات المستوردة من الصين ودول أخرى، فإن قرارات ترامب التي عرفت بقرارات يوم الجمعة تم التراجع عنها بعد يوم واحد، بإعلان وزير التجارة «هوارد لوتنيك» أمس الأول «أن الرسوم الأمريكية على رقائق أشباه الموصلات والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والتي أعفاها البيت الأبيض في وقت متأخر من يوم الجمعة، ما زالت قيد التنفيذ، وسيتم تحديدها في غضون شهر أو شهرين».

يتجاهل ترامب وإدارته الجمهورية حقيقة قد تعصف بصناعة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وهي أن الرسوم الجمركية الجديدة ستؤدي دون شك إلى زيادة كلفة إنشاء مراكز البيانات والمعلومات التي تشكل حجر الزاوية في تطوير ونشر برامج الذكاء الاصطناعي، وذلك بسبب أن المواد المطلوبة لتأسيس هذه المراكز مثل مواد البناء ومولدات الطاقة الاحتياطية ومعدات تبريد الخوادم الضخمة ما زالت تخضع للرسوم التي فرضها ترامب على الواردات الصينية.

من التناقضات الملفتة للنظر في سياسة ترامب نحو الذكاء الاصطناعي أنها تريد أن تحافظ على مكانة الولايات المتحدة «كعاصمة للذكاء الاصطناعي في العالم». ووفقًا لأقوال ترامب، فإن «على الولايات المتحدة أن تبقى في الصدارة للحفاظ على اقتصادها وأمنها القومي»، في الوقت نفسه سارع ترامب فور توليه منصبه إلى تقليص قواعد الذكاء الاصطناعي التي كان قد أصدرها الرئيس السابق جو بايدن، بأمر تنفيذي في أكتوبر 2023 لتنظيم مجال الذكاء الاصطناعي، وتحقيق التوازن بين الابتكار وحماية الأمن القومي ومصالح المستهلكين، وضمان استخدام مسؤول للتكنولوجيا مع حماية الحقوق المدنية ومنع إساءة الاستخدام، مثل الاستخدامات التي قد تنتهك الحقوق الدستورية أو تسهم في نشر الأسلحة النووية. وقد ألزم هذا الأمر الشركات العاملة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية، خاصةً عند تطوير تقنيات قد تشكل تهديدًا للأمن القومي أو الصحة العامة أو الاقتصاد. وتضمن هذا الأمر تقديم نتائج اختبارات الأمان وتفاصيل حول آليات تطبيقها، بالإضافة إلى توجيه الوكالات الفيدرالية لوضع معايير تنظيمية للمخاطر المرتبطة بهذه التقنيات.

جاء ترامب وألغى في فبراير الماضي بجرة قلم كل ذلك بزعم أن الخطوات التنظيمية التي وضعتها إدارة بايدن تعيق تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتضع عوائق أمام الشركات الأمريكية، وتجعلها في موقع تنافسي ضعيف مقارنةً بالدول الأخرى، ليعود بنفسه إلى سياسة وضع عوائق أشد.

من الواضح أن الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها ترامب على الصين، التي بلغت حتى الآن 145%، قد تصب في صالح الصين، وتضعف صناعة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وتساعد التنين الصيني في نهاية المطاف على منافسة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة وأن الصين تعد موردًا رئيسيًا لمكونات مراكز البيانات، التي لم يلغ ترامب الرسوم المفروضة عليها.

لقد استبق ترامب الأحداث وتدخل بعنف في مسيرة صناعة وليدة ما زالت في بداياتها، ولم تُحقق بعد أرباحًا كبيرة. صحيح أن شركات التقنية العملاقة ضخت استثمارات مليارية في برامج طويلة المدى لتطوير وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي وبناء مراكز البيانات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولكنها تبقى استثمارات بدون عوائد سريعة. ويكفي أن نشير هنا إلى أن «جوجل» أعلنت عن خطط لاستثمار 75 مليار دولار، وأعلنت شركة «مايكروسوفت» عزمها إنفاق 80 مليار دولار هذا العام، بالإضافة الى إعلان شركة «اوبن آي» و«شركة أوراكل»، استثمار ما يصل إلى 500 مليار دولار، في بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي خلال فترة ولاية ترامب. هذه الأموال الطائلة والاستثمارات الهائلة تحتاج إلى تبني سياسة الانفتاح على العالم وليس سياسة ترامب التي تغلق الباب أمام الشركات الأمريكية للحصول على ما تريده من العالم، ويتحول ترامب الى دب يقتل صناعة الذكاء الاصطناعي. إذا أردت أن تصبح بلادك عظيمة مرة أخرى يجب أن تحترم العالم المحيط بك أولا، وألا تشن حروبا من المؤكد أنك سوف تخسرها في مواجهة الجميع، وإذا أردت أن تطاع، يا عزيزي ترامب، فإن عليك كما يقول العرب «أن تأمر بالمستطاع».

مقالات مشابهة

  • صحيفة: ترامب يخطط لاقتطاع 40 مليار دولار من ميزانية الصحة الأمريكية
  • مفوضية الانتخابات تعلن قرب إصدارها نظاما لتحديد سقف الإنفاق الانتخابي
  • إعلام: الرسوم الأمريكية قد تكلف ألمانيا نحو 290 مليار يورو بحلول عام 2028
  • الدب الأمريكي الذي قد يقتل صاحبه!
  • التجمع لـصدى البلد: نطالب بمد الإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية 10 سنوات
  • الإطار الإيراني: مكونات الإطار ستحافظ على تحالفاتها الانتخابية حسب توجيه الإمام خامنئي
  • مجلس التعاون: التجارة الخليجية - الأمريكية تجاوزت 90 مليار دولار
  • ٩٠٠ مليار دينار للانتخابات بين إقرار الصرف وفرصة البناء المهدورة
  • مفوضية الانتخابات: الانتخابات المقبلة ستكون “نزيهة بنسبة 100%”!
  • أي الملوك دام؟!.. المصير الأمريكي (1)